أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - الكادر الوطني … ! ( قصة قصيرة )















المزيد.....

الكادر الوطني … ! ( قصة قصيرة )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 6715 - 2020 / 10 / 26 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


جاء المدير العام المعين حديثا من قبل وزارة النفط يملأه الحماس ، والثقة كاي مدير جديد في بداية عمله يريد اثبات نفسه ، وبعد البحث مع معاونية اكتشف ثغرة في المديرية ، والتي ترهق ميزانية الوزارة والدولة … وهي وجود الخبراء الاجانب حتى على ابسط الاجهزة ، وبرواتب عالية جدا ، وبالعملة الصعبة … ففكر المدير ان يعتمد على العقول العراقية المحلية المبدعة ، وقال متفاخرا بان العراقيين اذكياء بطبعهم ، ويقرأون الممحي ، ولا ينقصهم شئ !
وكانت البداية بارسال اثنين من الموظفين الى المانيا للتخصص بتشغيل ، وصيانة جهاز جديد استوردته المديرية حديثا لاختبار جودة البنزين ، وبدلا من الطلب من الجهة الموردة ان تبعث خبيرا اجنبيا ، وبراتب عالي ، وبالعملة الصعبة … لم لا يتم الاعتماد على الكادر الوطني ؟
والموظفون الذين تم اختيارهم : الاول سمير ، وهو سكير … ومن النادر جدا ان تجده في كامل وعيه بالرغم من التماسك الذي يبدو عليه لان جلده قد تدبغ بالكحول ، ومع هذا يقوم بواجبه كالروبوت دون وعي ، ولا تركيز … والثاني ماهر من النوع الذي يعشق السياحة ، والمتاحف ، والاثار ، وغيرها من المواقع ، وولعه بها لا يوصف !
وتحدد الايفاد باسبوعين … !
وقبل السفر اجتمع المدير مع الاثنين ، وبعد ان القى بهم كلمة تضمنت الكثير من الوطنية … غمزهم بحاجته الى بعض الامور الشخصية التي يحتاجها لسيارته الخاصة من نوع مرسيدس بنز ، وكم قنينة من العطر الخاص لزوجته ، وابنته ثم صافحهم ، وتمنى لهم حظا سعيد في مهمتهم الوطنية !
سافر الاثنان بعد ان أمتلأت جيوبهم بالاوراق من الزوجات ، والابناء ، والبنات ، وحتى الاقارب بالاحتياجات التي عليهم ان يجلبوها معهم من المانيا .
وقبل ان يصل الاثنان الى برلين ، وهم لا يزالون في الطائرة قرر سمير ان يغسل معدته كما قال من العرق المحلي المغشوش ، فاوصى على قنينة وسكي نوع بلاك ليبل ، وبدء يشرب ، ويمزمز ، وهو مبسوط غاية الانبساط … وهكذا اخذ الوسكي يزغرد بلسانه الناري في معدته … وقبل ان تصل الطائرة الى وجهتها إلا ، وصاحبنا كان قد اجهز تماما على القنينة حتى عندما اراد الخروج من الطائرة دخل الى التواليت متصورا انه باب الخروج … اما ماهر فلم يترك شئ في الطائرة إلا وصوره ، وهو يتقافز هنا ، وهناك كقرد في سيرك حتى ضاقت به المضيفات ذرعا !
ثم استراحة في الفندق قضاها صاحبنا سمير نائما نوم الهنا ، وماهر متسكعا في ارجاء الفندق … وفي اليوم التالي ، وقبل الالتحاق بالدورة تسلل سمير الى اقرب بار ، وأطفأ ضمئه بما نسميها في العراق بكسر خمارية اي حتى يكون السكر متواصلا … وماهر انشغل بتحديد المواقع السياحية في المدينة التي عليه ان لا يضيع فرصة زيارتها .
وباشر الاثنان حضور الدورة ، ولكن بايام متقطعة لان سمير قد يفوت يوم او اكثر ، وهو نائم على منضدة احد البارات او في الفندق ، وفراشه الوفير ، وماهر يهيم في برلين التي لا يستطيع المرء ان يعثر فيها حتى على نفسه !
اما حظورهم الدورة فيتم بعقل مغيب من سمير ، وعقل مشغول من ماهر ، ويعطون نفسهم بين يوم ، واخر ما كانوا يسمونها براحة ، واستجمام ، وانتهت الدورة ، والاخوان لم يفهموا شيئاً منها ، وضيعوا المشيتين !
عاد الاثنان الى ربوع الوطن المسكين … محملين بما اوصوهم به من هدايا وخاصة هدايا المدير … وبعد استراحة لثلاثة ايام تبرع بها المدير مكافأةً لهم … التحق الاثنان … استقبلوهم استقبال الابطال في احتفالية صغيرة تسلم الكل هداياهم بها .
ثم استدعى المدير سمير بعد الانتهاء من ماهر ، واوقفه امام الجهاز ، وهو ينظر اليه بعين ونص … نظرة شك ، وريبة … اشار المدير الى الجهاز ، وهو يتصبب عرقا من الانفعال ثم سلَّك صوته … وقال مخاطبا سمير بسخرية : حمد الله على السلامة ! انبسطتوا تمام … حلوة المانيا ها … سياحة جميلة ، تمام ها ؟ بالعافية … تفضل شغل الجهاز !
نظر سمير الى الجهاز ، وكأنه يشاهد منظرا لا دور له فيه … وقال بسرعة دون وعي ، وبمنتهى الدهشة : ما هذا ؟
تمالك المدير نفسه بالعافية ، وهو يكاد ينفجر … وقال بعصبية ، وهو يكرر ما قاله سمير : ما هذا … ؟ الا تعرف ما هذا ، يا كادر يا وطني ؟ ما شايفة من قبل … ما تعرفت عليه بمكان منا منا من الاماكن السياحية الجميلة … بار … مرقص … ملهى ؟ محاولا السيطرة على نفسه ثم قال :
اقول لك ما هذا يا استاذ سمير يا جهبذ المديرية … هذا هو الجهاز الذي ابتعثناكم انت ، والغبي ماهر الى المانيا حتى تتعلموا كيفية تشغيله … تتذكر ام طارت حتى البعثة من راسك … ؟ وصرفنا عليكم دم قلب المديرية …
ثم محاولا اعطائه فرصة اخيرة … المهم تفضل ، وشغل الجهاز ، وهذه فرصتك الاخيرة … وعفى الله عما سلف !
تلون صوت سمير وتلعثم … ثم قال بسرعة : ماهر يعرف طريقة تشغيلة احسن مني اليس هو مسؤولي هنا ، وفي المانيا ؟
يجيب المدير من بين اسنانه ، وكانه يكلم نفسه :
اقول له ثور يقول احلبوه … وهو يشير الى سمير عندما نطق بكلمة ثور ثم يكمل :
انظر هناك … ؟ وهو يشير الى ركن من الغرفة … التفت سمير الى حيث يشير المدير ، واذا به يرى ماهر ، واقف في ركن مظلم من الغرفة ، وهو مطرق الرأس ، وكأنه تلميذ معاقب بسبب خيبته في الاجابة على أسئلة المعلم ! بلع ريقه … ولا يدري لماذا شعر برغبة قوية بالضحك … ثم تمالك نفسه … فمناخ الجلسة ينضح بالجدية ولا يسمح بذلك ثم تنحنح ليطرد شبهة الضحك التي قد تبدو على وجهه … !
يكمل المدير ، وهو بحالة يرثى لها : خلينا من هذا الحيوان ماهر … ثم ساخرا : والمصيبة مسمينه ماهر … هم زين ما سموه عبقري … ثم مخاطبا سمير : نريدك انت يا جهبذ تشغل الجهاز …
يبلع سمير ريقه ثانيةً ، ولا يجد ما يقوله ، ولا يدري ماذا يفعل ، وهو لم يرى الجهاز في حياته او ربما رئآه ، ولكن لا يدري اين … قد يكون في حلم من احلامه اللذيذة ، وهو نائم في احد البارات او المراقص الكثيرة التي ارتادها ، وهو سكران … او في بقايا شهواة الليل في المواخير ، ومع من يصطادهن من الفاتنات عند اشتداد ازماته الجنسية … فهو لم يكن في وعيه !
بقي واقفا امام المدير كالابله … صمٌ بكمٌ لا يتكلمُ !
طرد المدير سمير بعد ان اصابه اليأس ، واشار الى ماهر ان يلحقه … وعندما خرج سمير شعر ، وكأنه خارج من تابوت … ثم اخذ شهيق قوي ، واطلق زفير مصحوب بضحكة قوية مكبوته … وانفجرت !
فاسرع المدير الى التلفون ، وهو يكلم نفسه : ليس مطلوبا مني ان احمي الغباء ، والاغبياء … !
ثم بلغ السكرتارية ، وكأنه تذكر امرا بان يخاطبوا الشركة الالمانية ان تبعث خبيرا المانيا ، وبالراتب الذي يحدده … ولم ينسى ان يتصل بالحسابات ، ويبلغهم بقطع كل تكاليف البعثة من رواتب الاغبياء الاثنين لحد الفلس ، وبالادارة باصدار امر بنقلهما الى الارشيف خارج بناية الدائرة … ولعن الكادر الوطني ، وابو الخلفوا الكادر الوطني … !



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزمن لا يرحم احد … ! ( قصة قصيرة )
- كيف تنبثق الازهار من غياهب البوص … ؟!
- مُعارض بطبعه … ! ( قصة قصيرة )
- تعليق … على حادث اللا أم التي القت بطفليها في نهر دجلة !
- تعليق على قطع رأس المدرس الفرنسي … !
- آلام غسان … ! ( قصة قصيرة )
- الاعلام المصري .vs الاعلام الاخواني … !
- اشجان الماضي … ! ( قصة قصيرة )
- الرسالة المجهولة … ! ( قصة قصيرة )
- الصعود الى الجنة … ! ( قصة قصيرة )
- السكران لا يكذب ابدا … ! ( قصة قصيرة )
- قادتنا … هم من ضيعونا !
- ويعود الحب الى وصاله … ! ( قصة قصيرة )
- قف ايها الزمن ، ما اتعسك … !! ( قصة قصيرة )
- هل يمكن ان يدخل حصان طروادة الاخواني الى مصر عن طريق المصالح ...
- حسن الختام … !! ( قصة قصيرة )
- الحاجة سندس … ! ( قصة قصيرة )
- ومن الجمال ما قتل … ! ( قصة قصيرة )
- الاخوان … وبداية الانهيار !
- حسون … ! ( قصة قصيرة )


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - الكادر الوطني … ! ( قصة قصيرة )