طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.
(Talal Seif)
الحوار المتمدن-العدد: 6712 - 2020 / 10 / 23 - 17:40
المحور:
كتابات ساخرة
رأيتني فى براح متسع من السواد والنفايات والعناكب، وإذا بي فى مدرسة على عروشها خاوية. رحت أنادي: يا عمال هذا المكان أغيثونا. نظفونا. طهرونا. إني أختنق. فإذ فجأة يظهر شيخ وقور. بعمامته البياض وبلحيته البيضاء. متكئ على الزمن وما فات. أخذتني رعشة الخوف، فأحنى رأسه طمأنينة
قال : يا ولدي لا تجزع ولا تحمل نفسك ما لا تطيق. ليس هنا للنظافة عمال. ثم غاب الرجل عن ناظري، وإذ فجأة أسمع
صفير وأزيز وصيحات وحراس يمرون بين النفايات ورجل له وجاهة الملوك. يقف قبالتي ويصرخ: هل أنت مدير هذا المكان؟
قلت: نعم سيدي
قال: ولما لا تنظفه
أجبت: ليس لدي عمال وأنت تعلم سيدي ومن فوقك يعلم ومن فوقه يعلم أنه ليس لدي عمال للنظافة. ظننته للوهلة الأولى سيحني رأسه خجلا وسيكافئني. أقصد سيكافئ نفسه. أقصد سيكافئ البلدة. أقصد سيكافئ التاريخ. رحت أقصد وأقصد وأقصد حتى أخرجني عن مقصدي صراخه فى وجهي: أنت فاشل. أنت مطرود من عملك.
كثيرا ارتبكت حتى كدت أن اذهب للعدم خوفا. لكن العجوز الأبيض ظهر فجأة وهو يصرخ فى وجه معنفي: هات أمك تنضفها. فى تلك اللحظة رأيت آلاف الأطفال يدخلون من باب النفايات ناحية النفايات ويزفون الوجيه والحراسة: هات أمك تنضفها. هات أمك تنضفها وصدى الصوت يبعثر الحروف. ه ا ت أ م ك تنضفها يا فا ش ل
#طلال_سيف (هاشتاغ)
Talal_Seif#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟