أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - روح المواطنة في مواجهة الغزاة رواية (أضلاع الصحراء)















المزيد.....

روح المواطنة في مواجهة الغزاة رواية (أضلاع الصحراء)


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 6710 - 2020 / 10 / 21 - 02:46
المحور: الادب والفن
    


يوم أدرت حديثا نقديا عن رواية (العطر) لباتريك زوسكيند، تساءلت ما أكثر ما قرأ هذا الروائي في التاريخ الفرنسي القديم والحديث، ولاسيما تاريخ فرنسة في القرن الثامن عشر، حيث تجري وقائع روايته، لابل ما أكثر ما قرأ في جغرافيتها الطبيعية وقتذاك؟ فضلا عن قراءات عميقة في العطور، لا الحديث منها فقط، بل القديم وتحديداً عطور ذلك الزمن.
تبادر إلى ذهني هذا التساؤل، وأنا أقرأ الرواية التاريخية ( أضلاع الصحراء)التي أبدعها الروائي المصري أدوار الخراط ( توفي في ٢٠١٥)هذه الرواية الناهلة عميقا من التاريخ المصري أيام الدولة الأيوبية، وبالحري أواخر أيامها، وتحديدا العام الأخير من حكم الملك الصالح؛ نجم الدين أيوب، الذي شهد الغزوة الصليبية السابعة التي قادها الملك الفرنسي لويس التاسع عام ٦٤٧للهجرة، ونزولهم في أرض دمياط، ومن ثم توغلهم في الأراضي المصرية يريدون القاهرة، وانطلاق المقاومة الباسلة للمصريين ضد الغزاة الفرنجة، وضرب خطوطهم الخلفية، ومراكز التموين والتسليح، وما كانت هذه المقاومة خالصة للمسلمين فقط ،بل شارك فيها المسيحيون المصريون، وما هذا بجديد على المسيحيين العرب، فلقد سبق أن شاركوا في بلاد الشام في مقاتلة الفرنجة، بقيادة التنوخيين.
ادوار الخراط، الذي قرأ كثيرا في التاريخ، يستلهم الصور الجميلة لعلاقة المواطنة، ورابطة الإخاء الإسلامي المسيحي دفاعا عن الوطن.
في أثناء النزوح من دمياط التي نزل فيها الغزاة الفرنجة، يلتقي مصادفة الشيخ عبد الله، بجبرة؛ جبرة بن توفليس الصباغ.. الصباغين، الجار القديم، الذي مضت نحو ثلاثة عقود منذ أن افترقا.
- أتذكر يا عبد الله؟ كنا أولادا في العاشرة، عندما خرجتم من دمياط إلى الإسكندرية.. أيام.. أيام لن تعود.. ألا تذكر؟ عرفتك أنا من وجهك وقامتك (..) أرأيت يا عبد الله؟ ها نحن مهاجرون أيضاً من وجه الغزاة كما فعلتم أنتم منذ ثلاثين سنة.. ما كان لنا عيش في البلد بعد أن خرج أهلها جميعاً. أننسى نحن ما لقينا منهم المرة الفائتة؟ كسرهم الله بحق الصليب. تنظر ص١١٠ص١١١
ويتوج هذا اللقاء الإسلامي المسيحي، بضرورة مقاومة الغزاة، وتكون ضمانته قطعة خبز مغمسة بالملح، أكلوا منها في رصانة وصمت، متوجهين إلى دمياط، جاعلين من اللباس الكه‍نوتي الأسود، والزنار المتدلي من أوساطهم، فضلا عن الصليب المعلق في الرقاب متدليا على الصدور، ووشم الصليب على أجزاء من أجسامهم، جاعلين من هذا كله درءا وتمويها كي يجتازوا نقاط المراقبة والتفتيش التي بثها الجيش الفرنسي الغازي، وكي يتولوا من ثم ضربه في أماكن انتشاره.
الروائي المصري الراحل أدوار الخراط، الذي قرأ كثيرا في التاريخ المصري، يسردعلينا صورا من حياة الملك الصالح، الذي ضربه المرض في نقطة حساسة من جسده؛ عند خصيتيه، وانتشر الورم الوبيل إلى مأبضه؛ أي إلى باطن ركبته، قراءاته في الطب القديم، جعلته يطلعنا على كيف يتولى الطبيب أبو حليقة تطبيب الملك الصالح، ووصف الدواء، وحالة المرض أو الأمراض التي المت به، وشفاء وبرء بعضها، فضلا عن استفحال علة بعضها الآخر، وكيفية فصد دم الملك، كما أنه اطلع على عوالم الأبراج وألم بها، وهو علم عصي على الافهام، نستنتج ذلك من سرده للوقت الملائم للفصد أو الحجامة.
الملك وهو في اوجاعه القاتلة يسأل طبيبه:
- أحجامة اليوم أيضاً؟
فمد الطبيب يده يجس نبض سيده، ثم قال بعد لحظة تأمل:
- بإذن الله يا مولانا.
- ولكننا لسنا في وسط الشهر ياشيخنا، نحن في عشرين خلت من صفر،وقد تناقص النور في جرم القمر، وعادت أخلاط الجسم إلى الاستقرار بعد هياج، فما تنفع الحجامة.
-زادك الله علما وفقها بأمور دينك ودنياك يا مولاي. حق ما تقول، وإنما يتبقى على ذلك، أن نخلص الأخلاط من الدم الفاسد الذي ينفثه الطبع في السعال، فالحجامة نافعة، وهي تنفع أيضاً في جراحات الساق. وعن اشياخنا أنها يتطبب بها من وجع الصدر. إلا أن الازياج تنبىء بطابع يسر وبركة في الطب. نحن في برج الجوزاء، وقد اقترنت الزهراء بالمشتري. وسوف تصبح عليك الجمعة في خير، بإذن الله.
وهو يخرج مبضعه، ويتلمس عرق الصافن في الساق اليابسة، وما يكاد يمسه مسا رقيقا حاذقا حتى يتسرب منه دم أسود بطيىء الرشح.تراجع ص٣٩
وإذ يدال بلويس التاسع، بعد الهزيمة النكراء لجيشه فيأمر بقاياه بالانسحاب، ومن ثم يطالب بوقف الحرب وطلب الأمان، فإن البعض من الجند المصريين يرفض منحه الأمان ولعساكره المهزومين، مطالبين بجز رأسه واكابر قومه، وارسال هذه الرؤوس المجزوزة مرفوعة على الحراب إلى العاصمة القاهرة، دلالة على هزيمة الجيش الغازي، لكن الشيخ عبدالله الذي جعله إدوار الخراط، يمثل الفعل الإيجابي في هذا المعترك، يطلق قولته:
-معاذ الله يارجل..ماداموا طلبوا الأمان.. والله ما ننقض عهدا اخذناه، ولا نكسر أمانا.. حرام عليك يا رجل.تنظر ص٢٦٥
ادوار الخراط كي يخرج علينا بمدونته هذه؛ روايته ما اكتفى بقراءة التاريخ المصري لتلك المدة، بل قرأ في التاريخ الموازي؛ التاريخ الفرنسي، فهو يذكر قادة الجيش الفرنسي الغازي، واعضاء مجلس الحرب الذي كان يدرس وقائع المعارك ومجرياتها، فضلا عن اشقاء الملك لويس الثلاثة ومقتل أحدهم ووقوع الإثنين الآخرين في الأسر مع شقيقهم الملك، لكن المصريين على الرغم من جرائم الجيش الغازي، احترموا قواعد الحرب وردوهم إلى بلادهم" بعد أيام أقلعت بهم السفينة إلى الشمال، وعرف الأسرى أن الإتفاق قد انعقد (..) على توثيق العهد الذي كان لويس التاسع قد قطعه على نفسه بدفع فدية قدرها خمس مئة ألف جنيه والجلاء عن دمياط" ص٢٧٨
ليسجل التاريخ وليدون الروائي المصري الكبير إدوار الخراط، الذي نعاه من إذاعة مونت كارلو الروائي والقاص العراقي المقيم في تونس عبد الرحمن مجيد الربيعي صبيحة يوم الأربعاء ٢٠ من صفر ١٤٣٧٢ من كانون الأول ٢٠١٥، أقول وليدون لنا إدوار الخراط نهاية الغزوة السابعة التي قادها الملك لويس التاسع عام ٦٤٧ للهجرة.



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أستاذي الدكتور كمال نشأت
- نساء رائعات.. كامي شلفون أرملة ألبير أديب
- كأن لم يسمر بمكة سامر.. رحل أنور الغساني من غير أن يذكره ذاك ...
- عزيز السيد جاسم وتطابق المَظْهَر مع المَخْبر
- أما آن لهذه المرأة أن تصمت؟
- محمود درويش وسليم بركات
- القهوة مكانا أليفا.. القهوة شرابا أنيقا
- رواية (بير الشوم) لفيصل الحوراني... تدوين لسنة حاسمة فى الشأ ...
- جمال عبد الناصر من حصار الفالوجة حتى الإستقالة المستحيلة
- التأريخ الهجري جزء من منظومتنا الثقافية والقومية
- أحمد زكي الخياط.. قبس من أخلاقه ونزاهته
- كانا يغيّران في قصيدهما أبو عبادة البحتري ونظيره أبو فرات ال ...
- حين يمسي المفكر التنويري عنصريا إطلال على بعض آراء إسماعيل م ...
- عزوّ أقوال إلى قائليها
- (لماذا تكرهين ريمارك؟) لمحمد علوان جبر نص روائي مثقف تناوب ع ...
- في رحيل الشاعر والمفكر اللبناني صلاح ستيتية.. خافوا التاريخ
- في الحديث عن القومي العروبي الماركسي محسن إبراهيم
- تاييس رواية الحب العذري العفيف.. الوصايا تتحول وبالاً على مط ...
- مَنْ يتذكر محمد حسيب القاضي. شاعر الثورة الفلسطينية؟
- محمد عوض محمد نقلها عن الألمانية - (فاوست) ونزغات الشر في ال ...


المزيد.....




- واخيرا.. موعد إعلان مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 الموسم السا ...
- الحلقة الاولى مترجمة : متي يعرض مسلسل عثمان الجزء السادس الح ...
- مهرجان أفينيون المسرحي: اللغة العربية ضيفة الشرف في نسخة الع ...
- أصيلة تناقش دور الخبرة في التمييز بين الأصلي والمزيف في سوق ...
- محاولة اغتيال ترامب، مسرحية ام واقع؟ مواقع التواصل تحكم..
- الجليلة وأنّتها الشعرية!
- نزل اغنية البندورة الحمرا.. تردد قناة طيور الجنه الجديد 2024 ...
- الشاب المصفوع من -محمد رمضان- يعلق على اعتذار الفنان له (فيد ...
- رأي.. سامية عايش تكتب لـCNN: فيلم -نورة- مقاربة بين البداوة ...
- ماذا نريد.. الحضارة أم منتجاتها؟


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - روح المواطنة في مواجهة الغزاة رواية (أضلاع الصحراء)