|
كيف يسرق أصحاب المليارات أموالنا
مصطفى عبد الغني
الحوار المتمدن-العدد: 6708 - 2020 / 10 / 19 - 13:01
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ترجمة مصطفى عبد الغني
يُقدَّر اليوم مجموع ثروات أغنياء العالم بما يتجاوز الـ 10 تريليون (ألف مليار) دولار. جُمِعَت تلك الثروات بالاستيلاء على مجهود وعمل الآخرين، والتهرب من دفع الضرائب، والتوريث. لتقريب الصورة عن مدى الثراء، فإنك تحتاج إلى ما يقارب 2740 سنة، إذا أنفقت 1000 دولار يوميًا، لتتمكَّن من إنفاق مليار دولار. أو كما يقول لوك هيليارد المدير التنفيذي لمركز “الأجور المرتفعة” الإنجليزي: “إنها ثروة يكاد يكون من المستحيل إنفاقها خلال عدة أجيالٍ من الرفاهية المطلقة”.
ولكن يبدو أن هذا ليس كافيًا بالنسبة لفاحشي الثراء، إذ ازدادت ثرواتهم بمعدل أكثر من الربع بين أبريل ويوليو من العام الجاري، حسب تقريرٍ أصدره البنك المتحد السويسري.
على سبيل المثال، تضاعفت ثروة إيلون ماسك، المدير التنفيذي لشركة تسلا، أربعة مرات منذ بداية العام الجاري لتصل لما يقرب من 100 مليار دولار، فيما أصبح جيف بيزوس، رئيس ومؤسس شركة أمازون، أول شخص في التاريخ تصل ثروته لـ 200 مليار دولار في أغسطس الماضي.
يدَّعي المؤيدون للرأسمالية أن الأرباح ما هي إلا مكافأة للرأسماليين على المخاطر التي يتحمَّلونها، وكلما قاموا بالاستثمار بحكمة، تكون الأرباح مضمونة في النهاية.
وفي تصريح لصحيفة الجارديان البريطانية، قال جوزيف ستادلر، المدير التنفيذي للبنك المتحد السويسري: “أبلى أصحاب المليارات بلاءً حسنًا خلال أزمة كورونا”، لأنهم يتمتَّعون حسب وصفه بـ”شهية كبيرة للمخاطرة”.
على جانب آخر، تقول الانتقادات لرأسمالية السوق الحرة إن وجود المليارديرات أنفسهم يدل على أن النسخة الحالية من الرأسمالية بها خلل. يقول هيليارد على سبيل المثال إن زيادة هذه الثروات هو علامة على أن الرأسمالية “لا تُطبَّق بالشكل الصحيح”.
في الحقيقة كلا المعسكرين على خطأ، فالأرباح ليست مكافأة على المخاطر، وظهور المليارديرات ليس أثرًا جانبيًا للنظام الرأسمالي الجشع. فهؤلاء المليارديرات هم نتيجة لهذا النظام -نظام الأرباح القائم على استغلال العمال.
أظهر تفشي جائحة كورونا بشكلٍ واضح أن الثروات لا تُصنَع بـ”الشهية الكبيرة للمخاطرة”، بل يصنعها عمل العاملين بأجر. ولعلَّ هذا ما يفسِّر لماذا يصر أصحاب الأعمال والأحزاب المحافظة على عودة العمال مرة أخرى إلى العمل في ظلِّ مخاطر هذه الجائحة من أجل جني المزيد من الأرباح.
يحصل العمال في النهاية على جزءٍ صغير من قيمة إنتاجهم في صورة أجور هزيلة للغاية، رغم أنهم هم المصدر الأساسي للقيمة. هذا الفارق بين أجور العمال والقيمة الحقيقية لإنتاجهم هو ما يطلق عليه الماركسيون “فائض القيمة”، وهو الذي يمثِّل حجر الأساس في ثروات أصحاب الأعمال.
وحتى لو كان بعض العمل الذي يقوم به العاملون لا يولِّد أرباحًا بشكلٍ مباشر، فإن وجوده مهم للحفاظ على هذا النظام. فالنظام الرأسمالي لا يستطيع الحفاظ على قوى عاملة ماهرة وتتمتَّع بصحة جيدة بدون وجود من يعمل في مجالات الصحة والتعليم على سبيل المثال.
من البديهي وصف أصحاب الأعمال بالجشع، لكن ليس هذا هو السبب وراء استغلال العمال، فالمنافسة في هذا النظام تجبر أصحاب الأعمال على التطوير الدائم لوسائل الإنتاج واستغلال العمال بصورةٍ أكبر من أجل الحصول على أرباح أكثر من المنافسين. باختصار، من لا يحصل على ربحٍ أكثر مما ينفق، يخرج من السوق.
يحصل أصحاب الأعمال على الأموال اللازمة للاستثمار بعدة طرق، منها الاقتراض من البنوك، أو طرح الأسهم في الأسواق المالية، فيما يحصل آخرون عليها من توارث الثروات أو تحصيل إيجار الممتلكات. في النهاية كل هذه الثروات مبنية بشكل أساسي على عمل الآخرين.
هذا النظام المبني على تراكم الثروات يصنع الفقر على الجانب الآخر في الوقت نفسه الذي يولِّد فيه تلك الثروات الطائلة.
تلك الثروات يجب استخدامها لسد احتياجات الأغلبية العظمى من المجتمع، ولا يجب السماح بأن يكون هناك مليارديرات من الأساس. لابد من فرض المزيد من الضرائب عليهم، وعدم السماح بتوريث تلك الثروات المهولة، والنضال من أجل حقوق العمال وحصولهم على أجورٍ أعلى ونصيبٍ أكبر مما ينتجون.
لكن إذا أردنا التخلُّص من المليارديرات، لابد من إسقاط هذا النظام الرأسمالي الهادف للربح فقط، واستبداله ليحل محله نظامٌ آخر اشتراكي يهدف إلى تلبية حاجات الإنسان بدلًا من تعظيم الربح ومراكمته.
* المقال بقلم: إيزابيل رينجروز – صحيفة “العامل الاشتراكي” البريطانية.
#مصطفى_عبد_الغني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|