|
مقتطفات من كتاب السيكولوجيا الجماهيرية للفاشية ، لفيلهلم رايتش - ترجمة مازن كم الماز
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 6707 - 2020 / 10 / 18 - 11:00
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
عندما كتبت هذا الكتاب كانت الفاشية تعتبر عموما على أنها "حزب سياسي" مثل اي "مجموعة اجتماعية" أخرى ، أي عبارة عن تمثيل منظم عن "فكرة سياسية" ما . و حسب هذا الفهم فإن الحزب الفاشي قام "بفرض" الفاشية بالإكراه من خلال "المناورات أو الألاعيب السياسية" . لكن خلافا لهذا الفهم فإن خبرتي الطبية مع أشخاص من كل الطبقات و الأعراق و القوميات و الأديان أكدت لي أن الفاشية ليست الا التعبير السياسي المنظم لشخصية الإنسان العادي ، شخصية لا علاقة لها بهذا العرق أو ذاك ، هذا الشعب أو ذلك الحزب ، بل انها ( ظاهرة ) عالمية و عامة . بهذا المعنى القائم على تحليل الشخصيات تكون الفاشية هي الميل أو التوجه الشعوري الأولي أو الأساسي للإنسان في المجتمعات السلطوية و حضارتها و موقفها الميكانيكي الورع من الحياة . إن الشخصية الميكانيكية الورعة لإنسان عصرنا هي التي تخلق الأحزاب الفاشية و ليس العكس . حتى اليوم و نتيجة هذا التفكير السياسي الخاطئ ما تزال الفاشية تعتبر خاصية قومية تخص الألمان و اليابانيين فقط . الإصرار و بعناد على هذا الخطأ يعود للخوف من الاعتراف بالحقيقة : أن الفاشية ظاهرة عالمية تخترق كل المجتمعات البشرية و توجد في كل الشعوب . يؤكد هذا الاستنتاج الأحداث التي شهدها عالمنا طوال الخمس عشرة عاما الماضية . من هذا الخطأ الأول تنتج قراءات خاطئة بالضرورة . ما يسيء بكل تأكيد لأي طموح نحو الحرية ذلك الاعتقاد بأن الفاشية هي ديكتاتورية زمرة رجعية قليلة العدد . لكن خبرتي في تحليل الشخصيات تقول أنه لا يوجد اليوم شخص واحد لا يحمل عناصر ما من التفكير و المشاعر الفاشية في تركيبته . تختلف الفاشية كحركة سياسية عن بقية الأحزاب الرجعية في أن جماهير عريضة من الشعب أيدتها و دعمتها . انا مدرك تماما للمسؤولية عن هذا القول ، لكني أتمنى فقط لصالح هذا العالم الممزق ان تدرك ( ! ) الطبقة العاملة أيضا مسؤليتها عن صعود الفاشية . على المرء أن يفرق بين النزعة العسكريتارية و بين الفاشية . كانت ألمانيا تحت حكم القيصر دولة عسكرتارية لا فاشية . لأن الفاشية تظهر دوما و في كل مكان كحركة تحظى بدعم جماهير عريضة من الشعب ، إنها تكشف بالتالي عن المزايا و التناقضات في بنية شخصية الانسان العادي : الفاشية ليست كما يعتقد على نطاق واسع ، ليست مجرد حركة رجعية ، انها بالأحرى مزيج من المشاعر المتمردة و الثائرة و الأفكار الاجتماعية الرجعية . إذا كنا نعرف الثورية بالتمرد العقلاني ضد ظروف اجتماعية لا تطاق ، و إذا كنا نقصد بالراديكالية "الذهاب عميقا الى جذور الأشياء" و استخدام الإرادة العقلانية لتحسينها ، فلن تكون الفاشية ثورية أبدًا بهذا المعنى . صحيح أنها تنطوي على مشاعر يمكن وصفها بالثورية . لكن أيهما يمكن ان نصفه بالثوري : ذلك الطبيب الذي يواجه المرض باللعنات فقط ام ذاك الذي يبحث و يحارب أسبابه بكل شجاعة و وعي . إننا نرى ظهور الثورة الفاشية في كل مرة يحول فيها الخوف من الحقيقة المشاعر الثورية إلى أوهام . ليست الفاشية في شكلها الأمثل الا مجموع كل ردود الأفعال غير العقلانية لشخصية الإنسان العادي . بالنسبة للسوسيولوجي ضيق الأفق الذي تنقصه الشجاعة ليعترف بالدور الهائل الذي تلعبه اللاعقلانية في التاريخ البشري ، تظهر النظرية الفاشية العرقية كمجرد مصلحة إمبريالية او حتى مجرد "حكم مسبق" . إن درجة عنف هذه "الأحكام العرقية المسبقة" و وجودها في كل مكان تكشف أنها تصدر عن الجانب اللاعقلاني من الشخصية الإنسانية. إن النظرية العرقية ليست نتيجة للفاشية . كلا ، بل الفاشية هي نتاج الكراهية العرقية و تعبيرها السياسي المنظم . هناك بالتالي فاشية ألمانية ، إيطالية ، إسبانية ، انغلو ساكسونية ، يهودية و عربية . إن النظرية العرقية هي عرض مرضي للفرد العاجز جنسيا . إن الطبيعية السادية المنحرفة للنظرية العرقية نراها أيضًا في الموقف من الدين . قيل لنا أن الفاشية هي عدوة الدين و عودة أو نكوص إلى الوثنية . على العكس تماما ، فالفاشية هي التعبير الأقصى عن الورع أو التقوى الدينية . و هي تظهر في حالات اجتماعية خاصة . تقوم الفاشية على نفس أساس الدين اي على انحراف او كبت جنسي . إنها تحول الطبيعة المازوخية للأديان البطريركية القديمة إلى دين سادي . إنها تأخذ نظرية المعاناة في عالم آخر و تحولها الى جريمة قتل سادية في هذا العالم . العقلية الفاشية ليست الا عقلية "الرجل الضئيل" المقهور الذي يتوق إلى السلطة و يثور ضدها في نفس الوقت . ليس صدفة أن كل الديكتاتوريين الفاشيين جاؤوا من وسط الرجل الضئيل الرجعي .……
الوظيفة الاجتماعية للكبت الجنسي دهش لينين من السلوك اللاعقلاني الغريب للجماهير قبل أو أثناء الثورات . كتب عن انتفاضة الجنود عام 1905 : "كان الجنود يتعاطفون أشد التعاطف مع قضية الفلاحين ، كانت عيونهم تقدح شررًا بمجرد ذكر الأرض أمامهم . و رغم أنهم استولوا أكثر من مرة على السلطة لكنهم لم يستخدموا هذه السلطة أبدًا. كانوا يترددون ( دائمًا) . بعد ساعات من قيامهم بقتل أحد ضباطهم المكروهين كانوا يطلقون سراح الباقين ، ثم يبدؤون بمفاوضة السلطات قبل ان يسيروا نحو المقصلة بأرجلهم و يعودوا تحت النير نفسه" . يمكن للصوفي أو لرجل الدين أن يفسر هذا السلوك بطبيعة الإنسان الأخلاقية الأزلية التي تجعل الثورة على قوانين الإله و على "سلطة الدولة" و ممثليها ، امرا مستحيلًا . أما الماركسي المبتذل فهو لا ينظر أو يلقي بالًا لهذه الظواهر أصلًا ، لا يمكنه فهمها أو تفسيرها لأنها غير قابلة للتفسير بالأسباب الاجتماعية الاقتصادية فقط . بينما يقترب مفهوم فرويد من الحقيقة عندما يفسر سلوكًا كهذا بشعور الذنب الطفولي تجاه الأب . لكنه لا يفسر المنشأ الاجتماعي و لا الوظيفة الاجتماعية لهذا السلوك و لا يمكنه بالتالي أن يقدم حلولًا عملية لهذا السلوك . كما انه يتجاهل العلاقة بين هذا السلوك و بين كبت و تشويه الحياة الجنسية للجماهير .……… يتبع
نقلا عن https://ia801603.us.archive.org/25/items/WilhelmReichTheMassPsychologyOfFascism_20170308/Wilhelm%20Reich%20-%20The%20Mass%20Psychology%20of%20Fascism.pdf
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن التشرد - إليزابيل ايبرهارت ، ترجمة مازن كم الماز
-
أوتو غروس ، محلل نفسي نيتشوي ، بوهيمي ، داعي للحب الحر و انا
...
-
كافكا كاناركي رومانسي - ترجمة مازن كم الماز
-
مقدمة سادية لكتاب مازوخي - ترجمة مازن كم الماز
-
لماذا الدفاع عن البورنوغرافي ( المواد الإباحية ) ؟ لداني فري
...
-
نقاش مع هشام البستاني عن المثقف الممارس و الانتهازي و الحداث
...
-
عن أبو عمشة و أبو محمد الجولاني و باسل شحادة و عمر عزيز
-
دفاعا عن الفاشية الإسلامية , إنه مصطلح صحيح , و إليكم لماذا
...
-
إلى خير أمة أخرجت إلى الناس
-
المعارضة السورية و أحرارها و ثوارها
-
الله يسامحك و يرحمنا يا ياسين الحافظ
-
إحسان الفقيه و هي تحاول أن تقدم الإخوان كأبطال العالم في الت
...
-
ما تعنيه السياسة و أن تكون سياسيا أو مثقفا سياسيا مؤدلجا
-
الأعزاء في حركة الإخوان المسلمين في سوريا , تعليقا على مطالب
...
-
الحرية و العدالة و حقوق الإنسان
-
نحو سوريا مدنية ديمقراطية
-
نحن و ما بعد الحداثة
-
أم هارون : بين شيطنة الفلسطيني و أنسنة اليهودي و مهاترات الأ
...
-
إلى عالم جديد , لا يختلف كثيرا عن العالم القديم
-
نصيحة لينين للفقراء و الفلاحين و المضطهدين في أوقات الثورات
المزيد.....
-
فيديو مراسم ومن استقبل أحمد الشرع عند سلّم الطائرة يثير تفاع
...
-
نانسي عجرم وزوجها يحتفلان بعيد ميلاد ابنتهما..-عائلة واحدة إ
...
-
-غيّرت قراراتنا في الحرب وجه الشرق الأوسط-.. شاهد ما قاله نت
...
-
ماذا نعلم عن الفلسطيني المقتول بالضربة الإسرائيلية في الضفة
...
-
باكستان: مقتل 18 جنديا و23 مسلحا في معركة بإقليم بلوشستان
-
واشنطن بوست: إسرائيل تبني قواعد عسكرية في المنطقة منزوعة الس
...
-
قتلى وجرحى في غارات جوية إسرائيلية في الضفة الغربية
-
أحمد الشرع إلى السعودية في أول زيارة له خارج البلاد
-
ترامب يشعل حربا تجارية بفرض رسوم تجارية على كندا والمكسيك وا
...
-
-الناتو- يطالب ألمانيا بزيادة الإنفاق على الدفاع
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|