|
رسائل هيلاري الافتراضية أسقطت أنظمة افتراضية ، فكيف لو إستخدمت كلينتون صواريخ البنتاغون ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6706 - 2020 / 10 / 17 - 17:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ بين مقولات هيغل يوجد مقولة استحضرها مِّن مكتبته الفكرية ، تقول ( الحسد أغبى الرذائل ) وأنا بدوري سأقوم بإعادة استخدامها بطريقة تخدم مقالي هذا ، التفكير الغبي أغبى الرذائل ، وهذا يدعوا الجميع لكي يقدموا حسم حاسم للماضي لكي لا ينخرط الحاضر والمستقبل في ماضي مشابه للماضي الغبي ، لا شيء ، بالطبع ، بل لعل من البلاهة القسرية أن يفكر أي سياسي أن الدول الكبرى تتحرك بدافع نشر التبشير والخير تماماً كما تصنع الجمعيات الخيرية أو أن الدول الاقليمية ، ليست سوى جارات يرفعون شعار حسن الجيرة ويتمنون السكينة للجميع ، وبالتالي لم تكن إدارة الدول بالأمر السهل ، فكيف إذا كانت دولة كدولة مصر تتمتع بوقع استراتيجي ، تجعلها أم الاستراتيجيات ، فمصر بحجمها السكاني الكبير وموقعها الاستراتيجية ومسئوليتها التاريخية تعتبر هدف مؤكد لكل الدول الاقليمية ( المنافسة على القرار السياسي والنفوذ ) أو الدول الكولونالية ، إذن إدارتها في الأوقات الطبيعية ليس بالأمر اليسير ، فكيف إذا كان حالها ، حال اليوم ، تحديداً بعد الثورة الشعبية التى أطاحت بنظام حسني مبارك ، المكمل لنظام السادات ، عاشت مصر بغيبوبة في الحقيبتين ما بعد عبدالناصر ، ليس فقط سياسياً بل على الصعيد الإنمائي ، وبالرغم أن عبدالناصر ترك البلد على طريق الإنتاج المنافس ، كانت مصر تعتبر من الدول الخمسة في العالم الثالث ، الناهضة بالصناعات والزراعة والإنتاج ، ايضاً لم تتعدَّ ديونها الخارجية 2 مليار دولار بالرغم أن معظم الديون انفقت على 1200 مصنع منها السيارات والصواريخ المتطورة وغيرها ، والزراعة بشكل خاص وايضاً سد العالي الذي كان عبدالناصر يعتبره مشروعه الشخصي وحلمه الذي سينقذ الشعب المصري إلى عقود طويلة ، لكن سرعان أحوال البلد تغيرت في عهدين السادات ومبارك ، بلغت الديون في عهد الأول ب22 مليار والاخر وصلت إلى 80 مليار واثناء حكم مرسي أضيفت عليها 9مليار دولار حتى وصلت اليوم إلى 111مليار ، على الرغم أن عبدالناصر خاض ثلاثة حروب ، وحرب استنزاف وكانت حزينة الدولة تمول جميع حركات الوطنية العربية ، على سبيل المثال حرب اليمن لم تكلف الخزينة أموال كبيرة كما يروج لها ، بل في الحقبة الناصرية وصل الناتج المحلي المصري إلى 5,1 مليار دولار سنوياً ، وهذه الارقام صادرة عن بنك النقد الدولي ، أما في المقابل ، كورونا الجنوبية الدولة المنافسة لمصر حينها ، بلغ ناتجها السنوي 3 مليار ، وهذا الفضل يعود إلى تنفيذ الحكومة المصرية إلى أكبر قاعدة صناعية .
إذن ، خسر المصريون في العقود السابقة قطاع الصناعي والزراعي والتطوير العلمي والتنظيم السكاني ، وبات البلد على حافة الانفجار إلى حد أنه بالفعل انفجر مرتين وليس مرة واحدة ، الأول الذي اطاح الانفجار بمبارك والآخر بعد تنامي الخوف لدى المصريين من حكم الإسلاميين ، وبالتالي كل ما يقال في قضية رسائل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ، ليس دقيقاً بل معيب ، لأن التدخلات العالمية وفي مقدمتها قطر كدولة تحتضن حركة الاخوان المسلمين أو تركيا لاحقاً ، جاءت جميعها بعد ثورة الشعب على النظام ، بل السؤال الذي من المفترض طرحه ، لماذا نجحت التدخلات الخارجية في كل من اليمن وليبيا وسوريا ولم ينجح التدخل في مصر ، ببساطة لأن الجيش المصري كمؤسسة ومؤسسة المخابرات العامة تأسستين واستمرتين على بنيوية وطنية ، وليستا تابعتان إلى قبيلة أو طائفة أو عائلة ، وبالتالي عندما جاء الرئيس السيسي كان من السهل له الشروع في حركة إعمار البلد من الصفر دون أي إعاقة ، طالما الجيش والأجهزة الأمنية معه وأغلبية الشعب على الأقل ، وافقوا في إعطاء المرحلة الجديدة فرصة ، في نهاية المطاف الناس تراقب وتلامس حجم التغير الحاصل ، إذن ، تحميل فشل السابق على التدخلات الخارجية وحصرها برسائل هيلاري أو الاخوان أو قطر ، جميعها محاولات لا تقنع أي طفل في الشارع ، وكل من يتكاء عليها ، باختصار ، لا يوجد لديه حافز بالتغير ، لأن لا يصح ولا مقبول ولا معقول ، أن يواصل البعض تقديم مسلسل التبرير للمراحل السابقة التى كانت السبب في تخلف مصر وليبيا واليمن وسوريا وأن يضع الشعب بين الانحطاط السلطوي والتدخلات الخارجية ، فالمشاريع الاقليمية أو الخارجية الجميع يعلم بمخاطرها ومشروع الاخوان المسلمين واضح والتنظيم لا يخجل منه ، لكن السؤال المركزي ، هل الأنظمة العربية تعلم بذلك ، وإذا كانت على دراية لماذا أوصلت بلدانها إلى هذه المواصيل التى سمحت لعابر الطريق أن يتدخل في شؤونها ويحلم في السيطرة عليها .
لم تتوقف المكنة القديمة عن تجديد نفسها ابداً ، بدأت في الغرب مع صناعة الرأي الاستشراقي بين النخب والناس العاديين ، واستمرت في تجديد خطابها مع كل مرحلة لكي تتلاءم مع الحداثة التى تطرأ دون تحقيق من الأغلبية ، كانت تُقدم كما هي ، وتُقبل على ما هي ، وبالتالي ترسخ مع الوقت لدى الغربي نظرة ناقصة لكنها مرغوبة عن قصد ، لأسباب تتعلق بتاريخ صراع الحضارات ، أي أن الرأي المتجدد يقول بأن المسلمون ليسوا سوى مجموعات متعصبة كناتج طبيعي لايدلوجية قائمة على رفض الآخر ، وايضاً ، كل ما هو موجود في الدول النفطية لا يتعد سوى محاكة العصر ، أي أنهم عصريون بالفطرة ، وبالتالي المرأة مازالت مسلوبة الحقوق والديمقراطية غائبة ويكرهون كل من هو غير مسلم أو عربي .
غير أن المرء عندما يتأمل لسلسلة معطيات قاطعة وربما جوهرية ، سيخرج بقناعة بأن العقد والحل بيد البنتاغون ، وبالتالي الولايات المتحدة الأمريكية ، بوزارتها الشهيرة بالبنتاغون ، الذي يجمع ( الجيش والبحرية وقوات الجوية والبرية والفضائية ومكتب الوزير ) التأسيس منذ 245 عاماً ، الشعار المركزي ( هو هذا ما سندافع عنه ) ، اعداد الجنود والضباط في الخدمة 1,5 ، مليون ونصف المليون والاحتياطي 1,100 مليون ويزيد ، الموازنة 706 مليار دولار سنوياً ، إذن ، عندما تكشف رسائل هيلاري عن دعهما لأحمدي نجاد بالوصول للرئاسة ، رغم معرفة الإدارة الأمريكية فوز مير حسين موسوي بالانتخابات ، من الطبيعي للمرء أن يتفهم ذلك ، لأن لو لم تصنع ذلك سيكون الأمر غريباً ، بل كانت ادارة الرئيس اوباما على علم للعلاقة بين اسامة بن لادن والقاسم سليماني وكان الأول يمضي شهور طويلة في إيران لممارسة رياضة صيد الصقور ، لكن عندما أراد اوباما رفع أسهمه بالانتخابات ، قضى على بن لادن بتواطؤ إيراني باكستاني ، تحديداً أثناء رئاسة احمدي نجاد لإيران .
هنا ايضاً أشد وضوحاً ، بعيداً عن التفسيرات الاختزالية التى تشيعها بعض الأوساط بين الشعوب ، عندما قدم وزير الخارجية الأمريكية وليام روجرز مبادرته لوقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل ودفعهما للدخول بمفاوضات بناء على قرار الأممي 242 ، وافقت مصر وإسرائيل على وقف الحرب لكن اسرائيل استمرت بإطلاق النار ، الذي سبب ذلك خسائر كبيرة في طائراتها ودفعت الخسائر واشنطن بالتحرك نحو البحر الأبيض المتوسط ، هنا يعيدنا الحاضر إلى توثيقات هيكل ، قبل اليوم الأخير الذي رحل به عبد الناصر عن الحياة ، هاتف الرئيس جمال الصحفي حسنين هيكل وطالبه إيصال رسالة للبريطانيين عبر سفيرهم في القاهرة ، بقبوله بقرار 242 ، أي ضمنياً الإعتراف بدولة إسرائيل ، لكن الأمريكان طلبوا منه عدم نشر الصواريخ في صحراء سيناء ، فتساءل إذا كانت الحرب ستتوقف ، إذن ما يقلقكم بنشرها أو عدم فعل ذلك ، ايضاً ينقل الصحفي الأمريكي المعروف ماكس فرانكل ، هو من كبار محرري صحيفة نيويورك تايمز ، كان قد صاحب الرئيس نيكسون على ظهر حاملة الطائرات ساراتوغا التى كانت تنوي المشاركة في مناورات عسكرية ، لكن بعد يوماً واحد ، تلقى نيكسون خبر موت عبدالناصر ، فقال مقولته الشهيرة ، لا داعي للمناورات العسكرية في البحر الأبيض المتوسط ، كان الهدف منها إسماع القاهرة المدافع .
هناك إلى ذلك ، قبلئذ وبعدئذ في واقع الأمر ، حقيقة دامغة ، أمتدت التجربة الناصرية إلى 16 عام وكانت مليئة بالتجارب الناجحة وأخرى الفاشلة ، ابتدأت من تأميم القناة الممر بين البحر الأبيض والأحمر وليس اخيراً ببناء السد العالي ، خاضت التجربة معارك غير متوازنة ، كان الأولى قبل خوضها توفير التكافؤ اولاً وتوفير التحالفات الدولية ثانياً ، لأن إسرائيل كانت ومازالت تعتمد على تمويل واشنطن لها بالسلاح وبتزويدها بالتكنولوجيا أول بأول ، أما مصر كانت حينها تجول العالم لكي تحصل على بناء حائط الصواريخ ، وبالتالي ليس امام الدول العربية سوى مسابقة الزمن لكي تصل إلى مرحلة الإنتاج وجعل الوطن ورشة دائمة في كافة المجالات ، وقتها فقط يتحول المواطن جداراً منيعاً لأي تدخلات خارجية من أينما كانت . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهدف واحد والاختلاف بالمعجم / درويش والمتنبي .
-
أهم واحة للتكنولوجيا في العالم / الثورة الهبيزية أنتجت الثور
...
-
المطلوب الانتقال من التشابك إلى التضامن ، أما الخطب الديماغو
...
-
واحة الإحساء ...
-
أخطاء من الصعب تصحيحها ...
-
الرئيس ترمب والعالم ...
-
وكالة سي آي أيه CIA نقلت البشرية بخفة من التملك الطبيعي إلى
...
-
أنه يحدث كل يوم ...
-
ماذا يحتاج الأردن في ظل محيط يغلي غلي ...
-
الاعتماد على قصور الناس للإدراك ، من حرق سوريا ...
-
موليير الفرنسي وموليير العربي ابن البلد ...
-
تونس فرصة العرب في التجديد ...
-
لبنان في العناية الفائقة ...
-
بروكرست والأسد ...
-
قتلة الجزائر / ثوريون ووطنين لكنهم مضطربون نفسياً ...
-
نعم للصلح ولا للتفاوض ونعم للاعتراف ...
-
الحرب القادمة مِّن يصهر مِّن / كان الصلح مع إسرائيل من أجل ا
...
-
ثقافة الاستخفاف وثقافة الاحتطاب ...
-
الحدثان الأهم في انفجار لبنان ...
-
بين فيروز قاتل جدنا وفيروز أيقونتنا ...
المزيد.....
-
بعد أن فرضتها أمريكا على الصين وكندا والمكسيك.. ما هي الرسوم
...
-
بسبب بطة.. رجل يتعرض لموقف مرعب بينما كان يحاول اللحاق بكلبه
...
-
ظهور الشرع في -سدايا- للاطلاع على أهم الجهود ضمن -رؤية السعو
...
-
الرئيس الألماني يزور الشرق الأوسط لبحث الوضع في سوريا
-
قائد عربي جديد ينضم إلى قائمة مهنئي الشرع بتنصيبه رئيسا لسور
...
-
ستارمر يضغط لإحلال السلام في فلسطين بصيغة السلام في إيرلندا
...
-
أمريكا.. مظاهرات ضد خطط الترحيل الجماعي (فيديو)
-
إصابة عشرات الأشخاص على الأرض في حادث طائرة فيلادلفيا
-
قمة للاتحاد الأوروبي والناتو وبريطانيا حول الإنفاق الدفاعي ي
...
-
قلق صالات الـ-جيم-.. لماذا يخشى البعض الذهاب إلى النادي الري
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|