أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 5














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6705 - 2020 / 10 / 16 - 17:21
المحور: الادب والفن
    


لم يجزم أحدٌ من العارفين بقضية مقتل ناجيّة، ما لو أن الجارَ الشاب قد عشقها بالفعل. بل إنه لم يُستدعَ إلى المحكمة كشاهد، طالما أن التشريح الطبيّ أثبتَ عذرية الفتاة. كان محظوظاً أيضاً، بعدم تواجده في حجرة الإيجار، وذلك لما قدِمَ والدُ الفتاة، موغر الصدر، لكي يواجهها بما نمّ إليه عن مزاعم عارها. لكن زينو هيَ مَن تصدّت لطليقها، متخلّيةً عما اتصفت به من تعقل وحكمة. لِتُزيد الأمرَ سوءاً، حينَ بادرته بالقول: " تتحدث عن الشرف، أنتَ الذي أبدلت أمَّ أولادك بامرأةٍ صنيعة الملاهي! "
" وإذاً تنتقمين مني بتلويث شرف ابنتك، أيتها المرأة المجنونة؟ "، قالها وقد فقَدَ صوابه تماماً. عندئذٍ أشهرَ المسدس، مخاطباً الابنة: " ستأتين معي، حالاً ". الفتاة التعسة، كانت في الأثناء محتمية داخل حجرة النوم، المسدود بابها بجسد الوالدة الممتلئ. صرخت على الأثر أكثر من مرة، معلنة براءتها. أما عند باب المنزل، فإنّ العديدَ من نساء الجيران تجمهرنَ، وبعضهن أطلقن نداءات استغاثة عقبَ رؤيتهن الأبَ وفي يده السلاح:
" لقد جنّ، ولا شك "
" سيقتلُ البنتَ، حتماً "
" ولعله يقتل أمها، أيضاً!
" نادوا خالها، نادوا حوطيش "..

***
لكن ناجيّة لم تقتل بإحدى الطلقات، التي أصابتها في أعلى مقدمة كتفها. وكان الأبُ في ثورة جنونه قد وجه ماسورة المسدس باتجاه طليقته، عندما أوقفه شقيقها. حوطيش، المهدود البدن بالمرض، وصلَ متأخراً في نهاية فصل المأساة. وجوده، نجحَ بإعادة شيءٍ من العقل لرأس ابن العم. فما لبثَ هذا الأخير أن انسحبَ من المشهد صامتاً، ليأخذ طريقه نحو سيارته، المركونة على ناصية الدخلة، المؤدية لبيت حوطيش. عوضاً عن اسعاف الابنة، قاد السيارة إلى منزل عمّه العقيد كي يستنجد بمركزه في أمر هذه الورطة الدامية. من التطور اللاحق للقضية، ربما يُستشف أنّ العقيدَ أبدى في ذلك اللقاء استغرابه من أنّ الفتاة ما تزال حيّةَ.
السيارة الوحيدة في الزقاق، العائدة للسيّد بديع نورا هلّو، تولت بأريحية نقلَ الفتاة المصابة إلى المستشفى. تمت هنالك إزالة الرصاصة من كتف الجريحة، ولاحَ أنها اجتازت الخطرَ تماماً. زينو، التي بقيت في ردهة المستشفى، تلقت بفرح تأكيد الموظفين عن خروج ابنتها من حجرة العمليات وأنها في وسعها رؤيتها. ثم ما عتمَ أن حضرَ حوطيش مع امرأته، فسُمحا لهما أيضاً بمجالسة الجريحة. احتياطاً لاحتمال مقدم الشرطة للتحقيق، طلبَ الرجل من شقيقته التنازل عن إقامة دعوى بحق طليقها. لكنها رفضت ذلك باصرار، قائلةً أنه يستحق السجنَ. الفتاة الجريحة، وكان تناهى لسمعها الجدل بين الخال والوالدة، هتفت باكية: " إطلبوا من الطبيب الكشف عليّ، لتظهر براءتي واستعيد كرامتي ". لكن مجيء ضابط شرطة بهدف التحقيق، جعل المعنيين ينشغلون عن موضوعَ الطبيب.

***
يُقال، أنّ إصرار الأب على استكمال جريمته، إنما كان بسبب علمه بالدعوى المرفوعة عليه من لدُن طليقته. هذه الأخيرة، نجحت بإقناع ضابط التحقيق بوضع شرطيّ على باب حجرة ابنتها المصابة، هادفةً إلى حمايتها من أيّ تهديد محتمل. يومان مضيا غبَّ إجراء العملية الجراحية وتعويض المصابة عن دمها المراق، لم ينقطع في خلالهما الأقارب عن زيارتها. في اليوم الثالث، دخلت الممرضة إلى حجرة الفتاة وكان بيدها كيساً ورقياً: " يبدو أن أحد أقاربكم نسيه عند سدّة حجرة الاستعلامات "، قالت ذلك وهيَ تضع الكيسَ على طاولة واطئة بمتناول نزيلة الحجرة. لما رأت زينو محتويات الكيس، اتجهت إلى الممرضة بالقول: " أرجو أن تتممي معروفك باحضار آنية، لكي أضع فيها هذا الخوخ بعد غسله ". دقائق على أثر تناول ناجيّة لبضع حبّات من الخوخ، وتعالى أنينها بينما يدها تشد على البطن. استدعيَ الطبيبُ، وبمجرد علمه أن الحالة الجديدة لمريضته سببها ذلك الخوخ، أمرَ بإجراء عملية غسيل معدة. لكن الإجراء كان متأخراً، وما أسرع أن لفظت ناجيّة أنفاسها الأخيرة بين يدي الوالدة.
لقاء جريمته المُضاعَفة، حصل علي على عقوبة مخففة جداً. قيل أن عمه، العقيد، سبقَ وتوسّط مع القاضي لاعتبار الجريمة غسلاً للعار. في سبيل ذلك، حمل العمُ بعضَ أقارب الفتاة على الإدلاء بشهادة تزعم تلوث شرفها بعلاقة غير شرعية. أما شهادة الطب الشرعيّ، فلم تُطلب أبداً في المحكمة.
زينو، بقيت إلى آخر حياتها تنتفضُ جزعاً لمرأى ثمار الخوخ، أو لمجرد ذكر اسمه. وبالطبع، لم تعُد تستقبل في دارها أي مستأجر جديد.
خمسة أعوام على أثر رحيل ناجيّة، وستستعاد الحادثةُ المفجعة حينَ سقطت ضحية أخرى، بريئة، وذلك على خلفية إتهام مماثل عن علاقة مزعومة بشاب مستأجر.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الحادي عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الحادي عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الحادي عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل العاشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل العاشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل العاشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 1


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 5