حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 6697 - 2020 / 10 / 7 - 11:39
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
نحن ما فقدناه! - هكذا أجابت سيدة أجنبية عن سؤال يقول: مَن نحنُ، وُجّهِ لأشخاص من ثقافات ولغات مختلفة، من نحو عشرين ثقافة أو لغة، وأريد بهذا السؤال اختبار الحساسيات الثقافية والقومية وربما الدينية أيضاً تجاه الموضوع الذي جرى التعارف على تسميته بالهوية .
كان جواب هذه المرأة هو الأكثر اختصاراً وتكثيفاً بين أجوبة المشاركين في الإجابة . إمرأة أخرى أشارت إلى أن للأمريكيين بالذات مشكلة مع هويتهم، لأنهم بالدرجة الأولى سليلو مهاجرين قتلوا معظم السكان الأصليين، والحال، بما أنهم فقدوا معنى الوجود المرتبط بجذورهم في بلد أجدادهم فإنهم يسعون إلى التماهي بما يملكونه مادياً .
على أن السؤال: من نحنُ، ليس سوى واحد من مجموعة أسئلة تتصل بمفاهيم حيوية كالعالم والبيئة والتوازن والقيم والمسؤولية والتضامن وسواها، جرى عرضها على هؤلاء بحثاً عن أجوبة مختلفة أو متشابهة، في إطار سعي فريق أطلق على نفسه مسمى التحالف بهدف التفتيش عن مشتركات ثقافية بين الشعوب، وإن أمكن خلق هذه المشتركات تحت السؤال المفصلي التالي: هل يمكن قول ثقافة في لغة ثقافة أخرى؟
أي هل يمكن للغة غير لغتنا الأم أن تحمل الشحنة الدلالية للفكرة التي نقولها في لغتنا، هل نكون على يقين من أن الآخر يتلقى في لغته ما أردنا قوله في لغتنا إذا ترجمنا له ما نقول، أم أن المفردات نفسها تحمل دلالات مختلفة وربما متناقضة بين لغة وأخرى .
الكلمات كالفراشات، يقول المشرفون على هذا التحالف، لأنها تهيم على إيقاع أمواج أصواتنا المدوية، وحين يلتقطها الآخرون تفقد فرادتها، واعتباراً من تلك اللحظة لا تعود لنا وحدنا، فالأطر الأصلية لمعناها يُعاد رسمها في فكر هؤلاء الذين أسروها، وحين تؤسر لا تعود قادرة على توصيل سوى جزء مما تحتويه من تضمينات .
الكلمات تنطوي على مقدار كبير من المخاتلة، فهي من جهة تجمعنا من خلال فهمنا لمعناها، وهي في الآن ذاته تفصلنا عن بعضنا بسبب ما لا تقوله، وتبعاً للبيئة التي نشأنا فيها والخبرات التي تلقيناها، فإن الكلمات تعطي لكل منا حكايات مختلفة . ثمة حكمة آسيوية تقول إن الصمت هو أرفع شكل للتواصل، تليه الحركات والإشارات، والكلمات لا تمثل سوى المرتبة الثالثة .
في النهاية، هناك الفكرة الأثيرة القائلة إن الوحدة في التنوع، وإن احترام تعدد وتنوع الثقافات هو طريق وحدة البشر .
#حسن_مدن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟