|
الرئيس ترمب والعالم ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6695 - 2020 / 10 / 5 - 14:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ ما يتغافل عنه أمثال محطات الإعلام الأمريكية وسواها كثر في العالم ، هو تلك الحقيقة اللامعة التى تؤكد على أن الولايات المتحدة الأمريكية في كل مرة تُثبت أنها تدار بالاقتصاد وشعبها يدار بالإعلام ، وهذا يفسر كيف تهاوت الأسهم لمجرد إعلان إصابة الرئيس ترمب بفيروس كوفيد 19 ، لقد سجل تاريخ الأمريكي في دفاتره ، خمسة روؤساء متميزين من بين 45 رئيس تولوا هذا المنصب ، جورج واشنطن ابو الأمريكية وإبراهيم لينكولن ابو الوطنية وفرانكلين ورزفلت ابو الانتصارات وجون كينيدي محبوب الجماهير وبيل كلينون فاعل المعجزة الاقتصادية ، إذن ، مع الاقتصاد المنكمش أو المتهاوي ، ابتداء من النفط وليس انتهاءً بلقمة العيش ، هل يصبح دونالد ترمب ابو الاقتصاد العالمي ومنقذ البشرية ، ربما ، لهذا ، وهو إعتراف لا بد من تسجيله حتى لو كانوا المختلفون معه كثيرون ، هذا الرجل أستطاع أن يصنع علاقة بينه وبين كل شخص في المعمورة ، بغض النظر عن فحواها ، لكن الرئيس ترمب تحول إلى عنصر أساسي مع كل عائلة أو جماعة ، إن كان ذلك إيجابياً أو سلباً ، وبالتالي التخبط التى تعيشه البشرية ، تارة تبدي انزعاجها منه واطواراً ، تبدي تخوفها على الاقتصاد العالمي بسبب فيروس مستجد ومجهول ، لم يصنع كل ذلك رئيس أمريكي من قبل ، قد يكون ترمب منذ جلوسه خلف المكتب البيضاوي تحول إلى حديث الإعلام والناس بلا منازع ، وبالتالي حتى الآن يمتلك بقبضة يده ، الاقتصاد والإعلام ، هنا أؤكد على أن الإعلام المعارض ليس بالضرورة سلبي ، بل أغلب الأحيان يصب لصالحه ، لأن تفاعلاته على الوسائل الاجتماعية أو تصريحاته تُعبر بالأصل عن أمريكيته ، فالأمريكيون يمضون طلية وقتهم على البرامج التفاعلية والمثيرة أو تلك المحشوة بحكايات الجدات .
هذا الزمن الذي لم تترك فيه الذئاب الرمادية عن المراوغة بعد ما أبدوا صبرا ملفت ، فالعالم كالضباع ، الجميع ينتظر واشنطن أن تتراجع لكي ينقضوا على اشلاء فرائسها ويمتصون النخاع ، فأعداء الرئيس ترمب ، أعداء امريكا التقليدين ، أو بالأحرى من يرفضون الخضوع لسياساتها أو من يحاول التمرد على القوانين الدولية ، على سبيل المثال ، الصينين يفضلون رحيله وعدم انتخابه ، لأنه قلب الطاولة على توغلهم المنفلش في الاقتصاد أمريكي وبات يضع حد لهم في مناطق يسعون الانتشار فيها ، وهذا بالطبع قد يندرج تحت التنافس الدولي ، ايضاً الفلسطينيون ، أسبابهم واضحة ، فالرجل متحيز بالمطلق للسردية الاسرائيلية اليهودية ، لكن ما لا يستوعبه الناس العاديين ، علاقة واشنطن بموسكو وبالتالي ، لم تكن العلاقة وليدة إدارة ترمب ، بل بالعكس ، الذي أسس لهذه العلاقة الوطيدة ، باختصار الرئيس اوباما الأسبق ، ولأن روسيا اليوم ليست تلك التى كانت في زمن الإتحاد السوفيتي ، كان من الطبيعي أن تتحول روسيا الأرثوذكسية إلى شريك منافس لأوروبا الكاثوليكية ، طالما يشتركون في الأهداف ويختلفون بالطريقة ، يقف اليوم الرئيس ترمب ، وهذا الوقوف قلة تعلم عنه ، بين حدود اللاهوت والفلسفة ، ولأنه ولد في بيت إنجيلي ، إلا أن يبقى كأي مسيحي يعيش على أرض أسست على الوطنية الأمريكية ، متمسك بأمريكيته ، ولأن ايضاً في بلد مثل الولايات المتحدة ، ليس سهلاً النزوح عن تلك الحدود ، وبالتالي اختيار واحدة عن الآخرى ، أي محاولة اجتباء اللاهوتية على الوطنية الامريكية التى صنعتها فلسفة الأقدار الصعبة ، يُعتبر اجتيازه بالأمر المستحيل ، وهذا السؤال يبقى فاعل منذ رفض الرئيس المؤسس جورج واشنطن أن يكون ملكاً للولايات ، وأصر على مدنية الدولة وديمقراطيتها والتعددية وتداول السلطة ، وبالتالي السؤال الجوهري الذي يشغل النخب الأمريكية ، هو كيف يمكن المحافظة على هذه الحدود .
يأتي الوقوف هنا بعد أزمنة شهدتها المسيحية من انشطارات للذات وانقسامات للكينونة ، جاء الوقوف بين الدين والفلسفة نتيجة وقوف سابق بين الناموس الموسوي وربوبية المسيح أو ما يسمى ( السيادة الصحيحة ) ، وطالما الإنجيليين يرددون شعار التفوق والانتصار ، إذن لا مفر من تحالف اللاهوت والفلسفة معاً ، هو ضرورة ثابتة من أجل تحقيق الهدفين ، لهذا المذهب الإصلاحي الذي ينتمي له الرئيس ترمب وإدارته ، يؤمنون بأن اللاهوتية تبدأ ببنية الوجود، والفلسفة تهتم بمعنى الوجود ، أي أن الإيمان المطلق والعلم المطلق يوّصلان للتفوق والانتصار ، إذن بالفطرة الايمانية والوطنية الأمريكية ، يقود ترمب إدارته بالعقلية البروتستانتية العميقة ، على خلاف العقلية الكاثولوكية القديمة ، لأن الاستقلال الذاتي هو الجوهر الثابت في البروتستانتية ، أما عند الكاثوليكيين ، فالحكم المركزي هو الدارج ، ويتولى المركز نيابةً عن الكنيسة والمنظمات المسيحية اتخاذ القرار ، وبالتالي المذهب البرتستانتي قدم أسئلة تصل إلى الشك حول المثالية والوجودية ، لهذا وضع فاصل بين المثالي والوجودي ، فالإنسان عندما يفكر بالله سيفكر تفكيراً مثالياً وأما تفكيره بالإنسان سيكون وجودياً ، وهذه القاعدة جاءت نتيجة دراسة استنباطية للإنجيل التى توصلت إلى أن جوهره لا يمكن استدلاله من مبادئ الفلسفة ، كما أن البرتستانيون الأوائل ، لم يأخذوا الشريعة المسيحية كقوانين نهائية ، بل اتعبروا أن الكثير منها تحتاج إلى مراجعات لأنها ليست عقلانية ، كالكريسماس / ميلاد المسيح / الرب الذي هو طفل / رضيع / ثم النهاية ، مذنب ومصلوب ، إذن ، فلاسفة الإصلاحيون الذين بدأوا بالبحث عن ما هو مفقود من الإبراهيمية في الهند وقبل ذلك عند الإغريقيين وليس انتهاءً بمارتن لوثر الإصلاحي ، كان الهدف ومازال ، هو المكمل لقضايا اللاعقلانية والتى دفعت بهذا المذهب على وجه الخصوص ، بالبحث عن أرض كنعان الثاني ، بالفعل وقفوا الأمريكيون بين حدود المثالية والوجودية والدين والفلسفة ووضع خط ودائرة تجمعهم ، لكي يتجنبوا مزيد من الانشطارات والانقسامات .
والحال أن مارتن لوثر علا نجمه في أبراج كنائس الألمانية ومن ثم الأمريكية وبقت نفوذه في قضايا تحوم حولها الخلافات ، قائمة أو وضعت في صندوق الرفض ، لكن بعض العادات التى رفضها ، عادت بعد انطفأ كادت تنسى تماماً ، وبالتالي الفلسفة هنا خاضت حروب كنائسية وايضاً دموية ، تحديداً عندما دعت بعدم أخذ الشريعة كمقدس ، لأن إذا كان هيكل العبادة الذي يرمز لعبادة التوحيد ، قد بدأ بقبة واحدة في عمارة الكنائس ، كتعبير عن وحدانية الإله ( الله الواحد) وبعد ذلك تطور إلى أن صارت الكنيسة يعلوها ثلاثة قبب ، يمثلون الثالوث واخيراً القبب الخمسة ، المسيح وأصحابه الأربعة ، وبالتالي استطاعت البروتستاتية بشكل كبير ، الإجابة عن الكثير من التساؤلات ، كانت لدى الفلاسفة تعتبر ( اللاعقلانية ) ، وفي مقدمة ذلك العداء الثابت لليهود وتحميل الأجيال المتعاقبة دم المسيح .
الإنزواء احياناً وليس في كل الأوقات ، لا يختلف عن زهايمر الشيخوخة ، تحديداً إذا لم يأتي بأفكار ، في المقابل ، الأغلبية يقتصر دورها على المكوث في مربعات الثرثرة والفضول وعدم الرضى من الواقع والخوف من القادم ، فينتهي بها إلى خلاصة لازمت العصور ، أي أنها موجود لكي تموت فقط ، وهذا بحد ذاته نمط كانت الكنائس مع السلطة تحول تعزيزه في السابق ، بهدف إيجاد قلق دائماً لدى الناس ، لكن الأهم في إعتقادي ، بالرغم من استقلالية الكنائس في الولايات المتحدة الأمريكية وحسب انتمائها لقاعدة الاستقلال الذاتي بقرارتها ، إلا أنها هنا ، شبه متوحدة بشأن الرئيس ترمب . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وكالة سي آي أيه CIA نقلت البشرية بخفة من التملك الطبيعي إلى
...
-
أنه يحدث كل يوم ...
-
ماذا يحتاج الأردن في ظل محيط يغلي غلي ...
-
الاعتماد على قصور الناس للإدراك ، من حرق سوريا ...
-
موليير الفرنسي وموليير العربي ابن البلد ...
-
تونس فرصة العرب في التجديد ...
-
لبنان في العناية الفائقة ...
-
بروكرست والأسد ...
-
قتلة الجزائر / ثوريون ووطنين لكنهم مضطربون نفسياً ...
-
نعم للصلح ولا للتفاوض ونعم للاعتراف ...
-
الحرب القادمة مِّن يصهر مِّن / كان الصلح مع إسرائيل من أجل ا
...
-
ثقافة الاستخفاف وثقافة الاحتطاب ...
-
الحدثان الأهم في انفجار لبنان ...
-
بين فيروز قاتل جدنا وفيروز أيقونتنا ...
-
قصيدة الاستسلام / بين خيمتنا وخيبتنا ...
-
الثنائية من أصول التكوين يا نصرالله ...
-
إلى الرئيس السيسي رئيس الجمهورية ...
-
في أي حادث سير ، مرتكب الحادث يتحمل ببساطة المسؤولية ، فكيف
...
-
المواجهة الأعنف في القارة الصاعدة ...
-
يساء فهمي دائماً ولستُ من محبي التبرير ..
المزيد.....
-
ماذا دار في أول اتصال بين وزير دفاع أمريكا مع نظيره الإسرائي
...
-
ألمانيا تحتفل بالذكرى الـ 35 لسقوط جدار برلين بعرض فني في ال
...
-
وفا: ترامب يجري اتصالا مع الرئيس عباس ويؤكد أنه سيعمل من أجل
...
-
شاهد.. أكوام من السيارات المحطمة تعود إلى شوارع إسبانيا مع و
...
-
مصر ترحب باعتماد مشروعها لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من ال
...
-
-وول ستريت جورنال-: ماكرون استجدى ترامب للحصول على تنازلات ح
...
-
زاخاروفا: زيلينسكي مستعد للتضحية بمواطني أوكرانيا من أجل الح
...
-
تايوان تسعى إلى كسب ود إدارة ترامب القادمة
-
بالفيديو.. ظهور شاهقة مائية في نابل التونسية.. ما هي وما تفس
...
-
وزير الدفاع البولندي يعلق على خطط ترامب بشأن أوكرانيا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|