|
عازف العود المنفرد أحمد مختار: الموسيقى من وجهة نظري عنصر أساسي في حوار الحضارات
عدنان حسين أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 1605 - 2006 / 7 / 8 - 11:17
المحور:
مقابلات و حوارات
يعتمد عازف العود المنفرد أحمد مختار على أسلوب المدرسة العراقية التي أسسها المعلّم الأول الشريف محي الدين حيدر، ولكنه يتميز ببصمته الخاصة، ولمساته الإبداعية التي تجعله مختلفاً عن أقرانه من الجيل الثالث الذي تتلمذ على أيدي عازفي الجيل الثاني من أمثال جميل بشير، سلمان شكر، ، منير بشير، غانم حداد وجميل جرجس. وجدير ذكره أن مختار قد حاز على دبلوم موسيقى من معهد الفنون الجميلة في بغداد، قسم الموسيقى، آلة العود. كما حصل على شهادة الماجستير في مركز الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن متخصصاً في آلة العود والموسيقى الشرق أوسطية. وقد صدرت له حتى الآن أربع مجموعات موسيقية وهي على التوالي " تجوال " 10 مقطوعات، و " كلمات " 7 مقطوعات، و " إيقاعات بغداد " 13 مقطوعة، و " الطريق إلى بغداد ". نال جائزة أفضل عازف وأفضل عمل موسيقي غير عربي عام 1999. ويقدّم حالياً برنامجاً تلفازياً بعنوان " حديث العود " لمصلحة القناة الفضائية " المستقلة ". ولا بد من الإشارة إلى أن تقنية الفنان عازف العود، وأستاذ المقامات العراقية أحمد مختار هي تقنية عالية جداً، غير أن أنها لا تفرط بالشجن العراقي الذي يتداخل في كل جملة موسيقية تبتكرها مخيلته المتوهجة التي تزدان بعمق التجربة، وسعتها، مضافاً إليها قدرته الإلهامية التي لا تتوقف عند حد. وقد أشار العديد من النقاد إلى أن مختار يعزف في المناطق التي يصعب على عازف العود الوصول إليها. يميل أحمد مختار لكتابة المقطوعات للعود المنفرد، كما كتب في الوقت ذاته مقطوعات أخرى للعود والتخت الشرقي الذي يتكون من القانون والناي والجوزة والايقاعات، وله تجارب عديدة في هذا المضمار من بينها تجربة " إيقاعات بغدادية " مع عازف الإيقاع الفنان ستار الساعدي. ولمناسبة تنظيمه " أسبوع الموسيقى العراقية " في لندن إلتقته صحيفة " العرب " على هامش المهرجان، وكان لنا معه هذا اللقاء. * نظرة إنسانية * كيف انبقت في ذهنك فكرة أسبوع الموسيقى العراقية. ما هي المحفزات الأساسية التي دفعتكم لإقامة مهرجان من هذا النوع؟ -الحقيقة أن الوضع العراقي بصورة عامة، والوضع الموسيقي بصورة خاصة هو الذي دفعني لتنفيذ هذه الفكرة. أقول بكل وضوح أن قلائلاً هم الذين يعملون من الجانب الحكومي أو الرسمي من أجل العراق ثقافياً وموسيقياً، وقد لا أبالغ إذا قلت إنني لم أر أي نشاط لهم، لذلك أحسست بأن كل واحد منا يجب أن يعمل على إظهار وجه العراق الثقافي والموسيقي والسينمائي كما هو عليه في الواقع. وإنشغال الآخرين " الجهات الرسمية " في الموضوعات التي تدور في العراق من محاصصة وطائفية مقيتة وبحث عن مراكز ومناصب في الدولة قد أهمل، مع الأسف الشديد، وجه العراق الحضاري. وإضافة إلى الحقبة الزمنية التي مرّ بها العراق، لكي أكون منصفاً، أيضاً أهمل وجه العراق الحضاري الحقيقي، وصار العراق بالنسبة للناس الذين يقيمون في أوروبا وحتى الناس الذين يقيمون في العراق ما عادوا يفتخرون بالعراق لأنه ينتج دكتاتوريات، ويفجر حروباً على عدد من الجبهات، وهو اليوم يُذبح، وتتبلور فيه الطائفية، هذه التوصيفات السيئة بدأت تتزايد في السنوات الأخيرة، أما نحن فنحاول أن ننقل صورة حقيقية معاكسة للصور الزائلة التي تنتجها الحالات والظواهر الشاذة في العراق. فنحن نعرف أن العراقي لا يذبح، ولا يقتل أخاه السني أو الشيعي أو المسيحي أو الكردي أو الصابئي. من هنا إنطلقت فكرة المهرجان وهي أن نطرح ثقافتنا وموسيقانا وأعمالنا التي تعبّر عن نظرة إنسانية عميقة، ونريد أن نذّكر العالم بأننا ما زلنا قادرين على العمل والبناء والإبداع والتقديم إلى الحضارات العراقية التي سبقتنا من خلال جهودنا الإبداعية الفردية والجماعية بالتعاون مع الجهود الطيبة التي يبذلها بعض المتخصصين البريطانيين معنا. هذه الفكرة راودتني أنا شخصياً فكيف أنفذها؟ لذلك قررت أن أعتمد على نفسي أولاً فقدمت عدداً غير قليل من المحاضرات التخصصية، كما أحييت عدداً مهماً من الحفلات الموسيقية الفردية، لكنني إكتشفت أن هذا النشاط لوحده غير كاف ويجب أن نعمل بشكل جماعي، خصوصاً نحن الموسيقيين في الأقل، لذلك فكرت بمهرجان أسبوع ثقافي عراقي في لندن، وذهبت فعلاً إلى مركز الدراسات الشرقية والأفريقية " سواس " في جامعة لندن لأنني أمتلك علاقة طيبة معهم عمرها سبع سنوات، إذ بدأت في هذه الجامعة طالباً، ثم أكملت دراسة الماجستير، وأصبحت استاذاً في الجامعة نفسها. هم رحبوا بالفكرة، ولكن قالوا إن إقامة أسبوع ثقافي هو أمر صعب يحتاج إلى تنفيذه كثير من القضايا، بينما نحتاج نحن إلى شيء أصغر من الناحية التنظيمية ولكن له وقع أكبر، فقلت إذاً نقيم أسبوع الموسيقى العراقية، فقالوا نحن واثقون وموقنون من قدرتك على تنظيم هذا المهرجان وإدارته بشكل دقيق، ثم حددت برنامج العمل، ودرست معهم المشروع، فوافقوا فوراً على دعم هذا المشروع، ولدينا الإستعداد الكامل لتبنيه، ومنذ سنة تقريباً قبل بدء المهرجان كنا منهمكين بتفاصيله الدقيقة حتى وصلنا إلى النتيجة التي رأيتها بأم عينك. * الأكراد إعتذروا عن المشاركة * كيف تم إختيار المحاضرات والحلقات النقاشية؟ ما هي أسباب إختيار هذه العناوين كموضوعات رئيسة لمحاور الندوات والأبحاث الموسيقية علماً بأنها منوعة ومختلفة وتشمل كل أطياف الشعب العراقي أو جزء كبير منه؟ -حاولنا قدر الإمكان أن نقدّم المشهد الثقافي على ما هو عليه، والثقافة الموسيقية العراقية على ما هي عليه بشكل حقيقي لأن هناك عوائق كثيرة تحد من هذه النظرة الشاملة للإلمام بالموضوع من كل جوانبه، لذلك إخترنا موسيقى عربية، وكردية، وهناك آشوريون أنتجوا موسيقى عراقية، ويهود عراقيون أنتجوا موسيقى عراقية، لذلك حاولت أن أعمل في هذا المضمار الذي لا يخلُ من عوائق ومن بينها أنني وجهت الدعوة فيما يخص الموسيقى الكردية إلى شخصيتين عراقيتين كرديتين وافقا أول الأمر ثم إعتذرا لاحقاً. دعني أتحدث بصراحة لقد إتفقت مع السيدة تارا الجاف وهي مثقفة كردية يمكن أن تقدّم محاضرة في هذا المجال وهي متمكنة من ذلك تماماً فلغتها جيدة ويمكن أن تؤدي بعض الأغاني الضرورية وهي عازفة هارب، ثم تحدثت مع حسين الزهاوي وهو عازف دف وسنطور ومغني وخريج " سواس " أيضاً، وقد وافق أول الأمر ثم إعتذر لأسباب يبدو أنها شخصية، لذلك لم يبق أمامنا إلا أن ندعو أناساً من خارج بريطانيا غير أن المدة المتبقية لإنطلاق المهرجان كانت قصيرة جداً، خصوصاً وأن إعتذار تارة والزهاوي قد جاء متأخراً وأربكنا كثيراً. وفيما يخص موسيقى اليهود العراقيين. فالحقيقة أن سارة مناسي هي يهودية عراقية من أبوين عراقيين وافتهما المنية في بريطانيا، قد إستجابت بشكل رائع وقدمت محاضرة قيمة عن موسيقى اليهود العراقيين وعلى مدار المحاضرة كانت تتحدث عن كيفية تبني اليهود العراقيين للغة العربية " اللهجة العراقية تحديداً". أما المحاور الأخرى التي كانت جوهر المهرجان هو المقام فقدم حزقيل قوجمان الذي عاصر قرّاء المقام ويعزف العود، ولديه رسالة دكتوراه في المقام وقد طبعت هذه الرسالة وتعتبر مصدراً مهماً في المقام العراقي وصدرت تحت عنوان " المقام: الموسيقى التراثية للعراق ". كما هو معروف بعلاقته بالثقافة العراقية وتمسكه الشديد بها. كما دعوت أون رايت وهو بروفيسور بالموسيقى الشرق أوسطية ومتخصص بالموسيقى العراقية والتركية ولديه أكثر من رسالة دكتوراه، كما أشرف على أكثر من مئة رسالة دكتوراه خلال الخمس عشرة سنة الماضية. هذا الباحث والموسيقي الكبير تحدث عن " موسيقى العراق . . التأثر والتأثير " وكانت محاضرته بحق تغطية شاملة للموسيقى العراقية. أنا شخصياً قدمت " الألوان الغنائية العراقية " وقد تحدثت عنها بالتفصيل، أي إمتد الحديث إلى الغناء الكردي والبدوي كما تحدثت بشكل عميق عن المقام العراقي والغناء الريفي الذي يشكّل رقعة كبيرة من الغناء العراقي. ثم قدمت ورشة عن " الآلات الإيقاعية والإيقاعات العراقية " مثلاً عندنا " الخشبة " مثل آلة الطبلة أو " الدمبك " آلة الرق، الطارات الصغيرة والكبيرة الحجم والأحجام المدورة التي تسمى سابقاً " الدائرة أو الدايرة " أو " البندير " بالمصطلح القديم. المزاهر الصغيرة التي من دون صنوج، آلة الكاسور وهي تنويعات " الخشبة " تحدثت عن هذه الآلات. كما تحدثت عن الإيقاعات العراقية التي لا تستعمل إلا في العراق مثل إيقاع " الجورجينا " إيقاع " اليوكرت " إيقاع " السنكين سماعي ". * بغداد تستوعب كل الثقافات * ما هي خصوصية هذه الإيقاعات؟ -هذه السؤال طرح علي من قبل واحدة مرشحة لنيل شهادة الدكتوراه، فقلت لها أن بغداد كانت مركز الحضارة في وقت ما لذلك كانت تستوعب كل الثقافات وكل الناس المنحدرين من أعراق وشعوب مختلفة. فجاء مثلاً الأتراك والأذربيجانيون والفرس وحتى الرومان صارت تستقطبهم هذه المدينة وتحتضنهم لذلك إمتزجت موسيقى الشعوب الأخرى بالموسيقى العربية على رغم أن الموسيقى العربية دخلت أيضاً على الموسيقى الاساسية البابلية والآشورية ولكنها أخذت حيّزاً أكبر من الموسيقات الأخرى غير أن ميزة الموسيقى العراقية هي في كونها مستوعبة لكل الثقافات الموسيقية الأخرى ومختلطة. كانت بغداد في السابق تشبة مدينة نيويورك الآن التي يقصدها الإيرلندي والإيطالي والفرنسي والإنكليزي والعربي، لذلك فإن هذا التنوع والغنى موجود في الموسيقى العراقية فقدمناه في هذا الاسبوع الموسيقي العراقي. كما أن ألوان الغناء البدوي الذي يشبه الصحراء هو غناء عراقي لكنه قريب جداً من أجواء البادية العربية سواء في الخليج أو في الشام، الغناء الريفي العراقي نجده مؤثراً في عربستان مثلاً، الغناء الكردي هو غناء عراقي له خصوصية عراقية مختلفة بإيقاعاته ومقاماته وأنغامه عن الغناء الكردي في تركيا أو إيران، غناء المقام هو غناء شامل وفيه عناصر متعددة وقد دخل إليه الغناء الكردي والتركي لذلك هناك تلوّن وتنوع ثقافي ممتزج بطريقة إيجابية حاولنا أن نقدمه بالطريقة التي تليق به. وفي المستقبل سيتغير المشروع قليلاً وستكون فيه خصوصيات محددة. * فنان ينهك مخيلته * قدّمت خمس مقطوعات موسيقية فقط مع عازف القانون حسن فالح من بينها " مقهى عراقي "، " إشتياق إلى بغداد "، " سماعي كرد "، ما سبب إختيارك لهذه المقطوعات تحديداً؟ - الحقيقة أن هذه المقطوعات الخمس لها علاقة بالتراث العراقي، بل أنها مبنية عليه. قبل قليل قال الفنان حسن فالح أنا أول مرة أشاهد فناناً يُتعب روحه، ويُنهك مخيلته، ويلحّن على مقام المخالف الصعب، لأنه مقام يتكون من خمس علامات موسيقية، ومتعب تكنيكياً في العزف فكيف تؤلّف عليه، لكنه مقام عراقي بحت، ولا توجد أي دولة عربية تعزف هذا المقام، لذلك إشتغلت عليه، وقدمت هذه القطعة " مقهى عراقي " وقطعة " أسبانيا " هي نقطة تحوّل العلاقة بين بغداد والأندلس، وهي أيضاً حكاية لإنتقال العود والموسيقى العراقية إلى الأندلس، لأن بغداد تطورت ولمع نجمها قبل الأندلس. القطعة الأخرى هي " مقامات عراقية " نقلت ثيمة من المقام العراقي وحاولت أن ألوّنها وأبني عليها من عدة مقامات قد أخلق تنويعات متعددة. القطعة الأخرى هي " سولاف " لأستاذي غانم حداد وهو واحد من الاستاذة والمرّبين الكبار وأتمنى له طول العمر، وقد قدّمت هذه القطعة كتحية له وعرفناناً بما خلفه لنا من إبداع. *ما مدى حضور السفارة العراقية في هذا المهرجان، وهل هناك نوع من الدعم المعنوي بالتشجيع أو الحضور والمؤازرة أو بإستقطاب الناس إلى أسبوع الموسيقى العراقية، أم أن هناك شبه قطيعة؟ -نحن موجودون قبل السفارة، فعلى السفارة أن تمد جسورها معنا. أنا لا أدري أين تقع السفارة العراقية؟ أنا ضمن تجربتي الشخصية في هذا المضمار هي الثانية، ولا أريد أن أتحدث عن تجارب سابقة فيما يتعلق بأمسياتي الموسيقية الخاصة أو المحاضرات والندوات التي أقمتها على مدى سنوات إقامتي في لندن. العمل الأول الذي أن أتحدث عنه الآن هو " حكاية جندي " الذي هو أضخم عمل عربي بريطاني قُدّم على مسارح بريطانية، وهو أول تجربة بالعربية والإنكليزية على مسرح بريطاني وحوار متداخل ولم يرعاها أحد لا السفارة ولا الحكومة العراقية، بل أنهم لا يدرون بها أصلاً وكأنها خارج إهتماماتهم. والجهات التي دعمتها هي الـ " British Council " والمجلس الثقافة الأعلى البريطاني، واليانصيب، وبعض الأثرياء المهتمين بدعم المسرح البريطاني، ولأنها تجربة فريدة من نوعها فقد دعمها هؤلاء البريطانيون الأثرياء. وقدمناها هنا، وفي أثناء التدريبات التي إستمرت ثلاثة أشهر لم يأتنا أحد من السفارة العراقية. في أحدى العروض جاء السفير وجاءت معه مجموعة من الناس ، وفي اليوم الثاني أقاموا لنا دعوة عشاء، وبعدها لم نر السفير ولا غير السفير، ولم يقل لنا شكراً، ونحن لم ننتظر منه هذا الشكر في حقيقة الأمر. يبدو ان السفير لا علاقة له بهذا الموضوع وربما تكون لديه قضايا أهم من هذا العمل المسرحي الكبير على رغم من كونه رجلاً مثقفاً وأكاديمياً لأنه يعرف أن الخطاب الثقافي أو الموسيقي في هذا البلد أكثر تأثيراً من أي خطاب آخر في المجتمع البريطاني ولا أدري كيف غابت عنه هذه القصة. وفي هذا المهرجان وجهنا الدعوة إلى السفارة العراقية كأي ضيف آخر، ولحد الآن لم نتلق رداً بينما تلقينا ردوداً من سفارات أوروبية أخرى تشكرنا على هذه الدعوات وتؤكد حضورها إلى هذا النشاط الثقافي المهم. وهذا الكلام لا يحرجني إطلاقاً فقد تحدثت مع رئيس القسم وقلت له أن السفارة العراقية لن تحضر بينما سيحضر البوسنيون مثلاً وجنوب أفريقيا وغيرهم من السفارات الأجنبية. * تلاقح الإبداعات العالمية *وجهتم الدعوة إلى فرقتين غنائيتين وهما فرقة " أنهار بابل " و " فرقة سومر " هل لك أن تتحدث لنا عن المحور المهم " نحن في عيون الآخرين " هل أردت أن تستكشف غنائنا وموسيقانا الرافديني من خلال أنامل وحناجر الآخرين كالمغنيات السويديات مثلاً؟ -الحقيقة أن فرقة سومر حالة نادرة فيها تداخل يحكي عن علاقة تداخل الحضارات، وأواصر المحبة والتآلف بينها. الموسيقى من وجهة نظري عنصر أساسي في حوار الحضارات لأنها قادرة على أن تجمع بين الناس فأنت تلاحظ في هذه الفرقة ثلاثة عراقيين وإثنين سويديات وواحد دنماركي. هؤلاء كلهم يغنون غناءً عراقياً، ويعزفون آلات غربية وشرقية، فهذا التداخل هو رمز كبير، فنحن أناس نحب الحياة، ونحب البشر، ونعمل معهم، ويعملون معنا، إضافة إلى أنهم يغزفون موسيقى عراقية وعربية ويغنون غناءً عراقياً وعربياً منذ عشر سنوات. هذه صورة إيجابية على محبة الثقافات، ولقاء الحضارات، وتلاقح الإبداعات العالمية. " أنهار بابل " يقدمون موسيقى عراقية بحتة لموسيقى اليهود في العراق وبالنتيجة فإن موسيقى اليهود في العراق هي موسيقى " فوك النخل " وسواها من الأغاني العراقية ذائعة الصيت والشهرة. وهذه الموسيقى هي جزء من الذاكرة العراقية لسليمة مراد وصالح الكويتي وداوود الكويتي. أنا شخصياً كعراقي ابقى قلقاً من جانبهم على الصعيد التقني، ولكن كون الخط الأول خطاً شرقياً، ولأن المغني عراقي ومن الموصل ويحفظ الغناء البدوي لذلك يستطيع أن يقودهم ويغطي عليهم وهم يساعدون في ذلك الأمر. إن وجود العناصر العراقية هو الأهم في العملية كلها فيما يتعلق بفرقة سومر. هذا العنصر العراقي يجعلك تحس بأنك ترتدي بدلة أوروبية وتضع على رأسك في الوقت نفسه كوفية وعقالاً أو سدارة فيصلية، فالضربة الأساسية موجودة بالعناصر الأساسية للعمل الفني. معهم مثلاً أحمد الجوادي وهو من أهم عازفي الكمان البارعين وهو أستاذ مهم في العراق وتخرج على يده الكثيرين، وطلال عبد الرحمن هو مغني وعازف عود وهو يعرف جيداً التراث الموصلي. * هيمنته الشخصية على الجمهور * فيما يخص إختيارك لإشتراك الفنان كريم حسين في هذا المهرجان، ما سبب إختيارك له لكي يمثل الغناء العراقي أمام الجمهور الإنكليزي، هل لأنه مطرب متمكن من الناحية الفنية وقد ظهر ضمن وجود جيل صعب من المطربين العراقيين أمثال حسين نعمة، فاضل عواد، رياض أحمد وآخرين، أم أن هناك أسباباً اخرى؟ -الحقيقة أن الفنان كريم حسين يمتلك مواصفات فنية متعددة من الصعب أن تعثر عليها لدى فنان آخر. لديه القدرة على تأدية المقامات، وعنده قدرة على أداء الغناء الريفي بإمتياز، ولديه قدرة على الغناء الحديث ذي الجذور العراقية مثلاً الأغنيات التي لحنها له الفنان محمد جواد أموري، وإضافة إلى ذلك يمتلك صوتاً قوياً، كما يتميز بهيمنته الشخصية على الجمهور عندما يغني، والجمهور الذي جاء إلى هذا الأسبوع الموسيقي العراقي متذوّق ومتشوّق للصوت العراقي. أضف إلى ذلك أن صوت كريم حسين متلوّن بهارمونية عالية، ففي صوته ترى ألواناً عديدة، فلذلك وقع إختياري عليه. وطبعاً أريد أن أركز على قضية أتمنى على الجميع أن يعرفونها وهي أن عملية الإختيار ليست عملية إعتباطية، ولا تعتمد على إختياراتي الشخصية وإنما أنا أقدم السيرة الإبداعية لكل مدعو إلى اللجنة التنظيمية، كما أقدم نماذج من أعماله، وهناك أناس متخصصون مثل ريتشارد دنكوفسكي المتخصص بالموسيقى العربية وأوون رايت وديفيد هيوز هؤلاء كلهم متخصصون بالموسيقى الشرقية والعربية تنطرح عليهم الأسماء ثم يقررون الموافقة من عدمها. وهذا الإجراء غير سائد في بعض المهرجانات العربية. فحتى كريم حسين كتبت عنه، وعن صوته، وقدمت كاسيتاته، وقدمت سيرته الذاتية والإبداعية ثم تمت الموافقة على دعوته. وهي نفس الأسباب التي كانت وراء دعوة الشخصيات والفرق الغنائية العراقية أو المطعّمة بعناصر أجنبية مثل فرقة سومر. فكان إختياري لهذا السبب وأعتقد أن اللجنة قد لمست ما تحدثت عنه بصدق فوافقوا عليه. * دعوة لعدم التشتت * أردت فقط أركز على إلتقاطتك الجميلة التي صرحت بها للفنان كريم حسين وقلت له بأنه يجب أن يركز كثيراً على الغناء الريفي وكأنك تدله على الطريق والفضاء المتميز الذي يجب أن يكون فيه. لم هذه الملاحظة وما هي خلفيتها الفنية؟ وهل أن هذه الملاحظة غائبة عنه، ألا يعرف هو بخامة صوته وإمكانياته الداخلية؟ - لا أعتقد أنه لا يعرف بأسرار خامته الصوتية لأنه يدرك جيداً أن صوته من الأصوات القوية في الغناء الريفي. أعتقد أن هذه الملاحظة غائبة من الناحية النفسية، وهي دعوة لعدم التشتت، ويجب أن يركز على هذا الجانب. أنا أقول مثلما للمقام العراقي شخصية فلماذا لا تكون للمطرب شخصية أيضاً. من الممكن أن يلاقي كريم حسين إستحساناً وتجاوباً إذا ما ركز على مكامن القوة في الغناء الريفي الذي يتميز به على الكثير من أقرانه. أن المطرب الريفي أو الذي يغني أغان تراثية كلما يغني يكبر وينضج صوته بهذا الإتجاه ويكون مقنعاً. لذلك أنا أحس أن تجربته ستكون صعبة على مطرب شاب في العشرين إذا ما حاول أن يؤديها، أما هو فقد وصل إلى مرحلة النضوج في هذا العمل، ويجب أن يتجه إلى هذا الاتجاه، بالإضافة إلى أنه قادر على تأدية أغلب الأطوار الريفية المختلفة. * غياب الإعلام العربي *ما هو دور الجانب الإعلامي في هذا المهرجان سواء أكان أعلاماً مرئياً أو مسموعاً أو مكتوباً في " أسبوع الموسيقى العراقية " لكي ينقل بكثافة فاعليات وأنشطة هذا المهرجان الوليد. فجهودكم التنظيمية لا تكفي لوحدها لتغطية المهرجان ما لم يكن الإعلام موجوداً بقوة؟ -نحن عقدنا مؤتمراً صحفياً يوم 12/ 06/ 2006 وبعثنا الدعوات إلى 12 صحيفة ومجلة إنكليزية، وبعثنا دعوات مماثلة إلى كل الصحف العربية الموجودة في بريطانيا، كما دعونا كل المحطات العربية الفضائية ولم يأت أحد منهم. أنا متأكد أن دورهم مهم جداً ونحن بحاجة ماسة إليه، ولكن مسؤوليتي الوحيدة هي أن أدعوهم وأقدّم لهم كل أشكال المساعدة، علماً بأن الدعوات ذهبت بإسم مركز الدراسات الشرقية والأفريقية " سواس " في جامعة لندن وأوضحنا فيه أن اللجنة التنظيمية لأسبوع الموسيقى العراقية قد عقدت العزم على إقامة مؤتمر صحفي لشرح غايات وأهداف هذا النشاط الثقافي، ومع ذلك لم يأت أحد لا عراقياً ولا عربياً على رغم من أننا نعتمد عليهم ونؤمن بأهمية دورهم الكبير في هذا الجانب بإستثناء خبر واحد نشرته صحيفة " الحياة " مشكورة في السادس من هذا الشهر بعنوان " جامعة لندن تحتضن موسيقى بلاد الرافدين " لكنني لم أر احداً في المؤتمر، ولم تنشر أخبار عن فحوى هذا المؤتمر الصحفي ومضمونه، بينما نشرت " The Guardian "خبراً عن هذا المؤتمر إضافة إلى الـ " Independent " و صحيفة الـ " Time out " التي توزع مجاناً، والـ " Mitro " التي توزع تقريباً نحو 3 إلى 4 مليون نسخة في اليوم الواحد نشرت خبراً عن المهرجان. ولعلك تعرف الآن من أين يأتي هذا التقصير؟ * حقوق النشر * أتفكرون بإصدار هذه المحاضرات القيمة التي قدمها باحثون ومتخصصون في الموسيقى العراقية والشرق أوسطية ضمن كتاب ما، أم أن هذه الجهود ستذهب أدراج الرياح؟ -أنت تعرف جيداً أن محاضرات من هذا النوع لها حقوق طبع ونشر، فالمحاضر الذي يتعب على محاضرته أو بحثه مثل محاضرة سارة مناسي فهي جزء من أطروحة الدكتوراه، فعندما نطبعها هي تريد أن تعرف إلى أين ستذهب هذه المحاضرة، وتريد حقوقها، فحتى المبلغ الذي تتقاضاه إزاء المحاضرة هو مبلغ رمزي، فلذلك لم تتبن الجامعة هذا الموضوع الذي أشرت إليه، والجهات الأخرى كالسفارة وغيرها لم تتبن هذا الموضوع من الأساس. أنا أعتقد ان وزارة الثقافة أو دائرة الفنون الموسيقية العراقية أو الملحقية الثقافية لا بد أن تتبنى هذا المشروع لأن هذا أرشيف، وهي بالأساس محاضرات قيمة ومكتوبة باللغة الإنكليزية، واصحابها محايدون وذوو خبرات معرفبة واسعة. أنت تلاحظ أن الموجودين هنا إما أن يكونوا أساتذة متخصصين أو طلبة دراسات عليا وأما أناس هواة ولكن لديهم خبرة واسعة وولع بالموسيقى العربية التي أغرتهم بالحضور. إذاً، لا بد من إعطاء المحاضرين حقوقهم في حال جمع الكتاب ونشره، ولكن لم تتبن المشروع أيه جهة رسمية أو غير رسمية. أما الجامعة فقد تحملت جزءاً كبيراً من دعم هذا النشاط الثقافي، وليس بمقدورها أن تتحمل كل شيء على نفقتها الخاصة.
#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسبوع الموسيقى العراقية في لندن
-
ظلال الصمت لعبد الله المحيسن وإشكالية الريادة الزمنية: هيمنة
...
-
أضرار لاحقة للمخرج المصري الألماني سمير نصر: العربي ليس حزام
...
-
شريط- ماروك - لليلى مراكشي: تقنيات ناجحة، وأداء متميز، ونهاي
...
-
في فيلمه الجديد انتقم ولكن من أجل عين واحدة المخرج الإسرائيل
...
-
المخرج رشيد مشهراوي يبدد قسوة الإنتظار الثقيل بالكوميديا الس
...
-
اختتام الدورة السادسة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام
-
تجليات الأسلوب اليوغند ستيلي في - أصابع كاووش - التعبيرية
-
عدد جديد من مجلة - عمّان - الثقافية
-
إعتقال المفكر الإيراني المعروف رامين جهانبكلو وإتهامه بالتجس
...
-
مهرجان الفيلم العربي في روتردام يحتفي بربيعه السادس
-
بنية الإنسان المكبوت في مسرحية - الصفعة - لإيخون فان إنكْ: ا
...
-
إستذكارات - كاميران رؤوف: تتأرجح بين الأداء الكاريزماتي وتأج
...
-
مُلوِّن في زمن الحرب لكاظم صالح ينتزع جائزة الجزيرة الخاصة:
...
-
في شريط - قطع غيار - لجمال أمين: كائنات معطوبة، فقدت الأمل ب
...
-
وفاة الكاتب الهولندي المثير للجدل خيرارد ريفه: موضوعاته المف
...
-
الفيلم التسجيلي - السجين رقم 345 - والإنتهاكات المروّعة لحقو
...
-
راشيل كوري.. ضمير امريكي ليحيي بركات: شريط تسجيلي يوثق لسياس
...
-
مهرجان الجزيرة الدولي الثاني للإنتاج التلفزيوني يعلن عن: ولا
...
-
إختتام الدورة الثانية لمهرجان الجزيرة الدولي للإنتاج التلفزي
...
المزيد.....
-
مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا
...
-
في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و
...
-
قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
-
صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات
...
-
البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب
...
-
نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء
...
-
استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في
...
-
-بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله
...
-
مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا
...
-
ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|