أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جميل النجار - الحمقى؛ قرودٌ عاريةٌ















المزيد.....

الحمقى؛ قرودٌ عاريةٌ


جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)


الحوار المتمدن-العدد: 6693 - 2020 / 10 / 2 - 03:31
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


معنى أن أقول لك: دعني أقتلك؛ لتحصل على وسام شرف. وبغض النظر عن قبولك من عدمه؛ فإن ذلك لا يعني سوى أننا نحن البشر؛ رغم تقدمنا المذهل، لاتزال بداخلنا بعض بقية من عقولنا الغرائزية المعبرة عن حماقاتنا التي تعترينا بنوباتها من وقتٍ لآخر.
وتعني الحماقة؛ كسمة: التصرف بغباء أو بتهور. فمن الحماقة أن تكون متسرعًا في قراراتك وسلوكياتك، ومن الحماقة "محاولة القيادة خلال عاصفة ثلجية هي ذروة الحماقة"، والأخطر من كل ذلك؛ "التكيف مع مجتمع مجنون؛ يؤمن بالخرافات؛ لهو بالحماقة التامة". وترادف الحماقة: السخافة، الغباء، البلاهة، البلادة، الهراء... الخ. ورغم ذلك؛ قد يتمتع الأحمق بقدرٍ من الذكاء؛ لكن ستظل أفكاره وسلوكياته رهناً بحماقاته التي تطغي، في الغالب، على هذا القدر الضئيل من الذكاء. وتنطبق هذه السمة المتناقضة على أغلب الملوك وكل من دعا إلى الجهاد المقدس والعسكر عبر التاريخ.
وأكدت أغلب الدراسات النفسية/العقلية بأنه مع تقدم المرء في العمر؛ يصبح أكثر حكمة وحماقة". ويؤسفني أن أنقل لكم ما أجمعت عليه الأدبيات العالمية في مدى حماقة الجنسين: بوجهٍ عام؛ "الرجال ليسوا حكماء، وأكثر حمقاً من النساء". والرجل الأحمق هو من يأمل في أن تبتسم الظلال، وينتظر حليب ثدي الطبيعة الوعرة، ودائم السعي وراء المشاكل. والبخيل الذي يحرص دائماً على أن يظل جائعاً. وكل راكبي الدراجات بأنواعها ويرفعون صوت المذياع؛ جميعهم حمقى، والأكثر حمقاً أن يستعينوا بسماعات الرأس/الأُذن!
يستحضر المهرجون في البلاط صور أعياد القرون الوسطى، حيث كان الأحمق يلعب دورا أساسيًا في ثقافة العصور الوسطى. ومن حيث المظهر؛ كان يرتدي ملابس زاهية وجرسًا، وقبعات غريبة الأطوار بأسلوب متنافر. يسلي ضيوفه من مجلس النبلاء واللوردات بالسخرية والتقليد والدعابات والنِكات والقيام ببعض الخدع السحرية. ومع ذلك، فإن دور الأحمق يسبق فترة القرون الوسطى. حيث استمتع الفراعنة المصريون بالتسلية مع حمقاهم بقدر ما استمتع نظرائهم اللاحقون في أوروبا. حتى الرومان أحبوا الأحمق، وخاصة "المهرجون الذين يضرطون" الذين، وفقًا للقديس أوغسطينوس، يمكنهم "إنتاج مثل هذه الأصوات الموسيقية من ورائهم (دون أي رائحة كريهة) كما يبدون أنهم يغنون من تلك المنطقة".
إذا كان تقليد الأحمق قديمًا، فهو أيضًا أكثر تنوعًا مما نتخيل. لأن دور الأحمق كان أكثر بكثير من مجرد إلقاء النكات وتسلية الطبقة الأرستقراطية. على الرغم من أن العديد من الحمقى كانوا معاقين عقليًا أو جسديًا، إلا أن البعض منهم كانوا مدربين تدريباً عالياً وأفرادًا ماهرين عملوا كفنانين مشهورين في الكرنفالات والمعارض. ثم كان هناك الحمقى ذوو الدور الأوسع، المستشارون والمعزون الذين سيصغي الملوك حتى إلى نصيحتهم. غالبًا ما عمل هؤلاء الحمقى كوسطاء سياسيين، كما أن البعض منهم قد خاضوا المعارك.
وتاريخ هؤلاء الحمقى مليء بروايات ولا في الخيال، فدائمًا ما يكون الملوك والملكات الذين يخضعون/يستسلمون لحماقاتٍ أو لجنون يكون ملفتًا للنظر، ويحكمون/يتصرفون بشكل غير عقلاني وغير مستقر. هم من جلبوا البؤس والتعاسة لشعوبهم بحماقتهم وقسوتهم وسوء حكمهم وافتقارهم إلى الإحساس بالواقع أو أفعالهم المضطربة/المقلقة.
لقد كان الملوك أو القادة القساة المتعطشون للدماء، وأكثرهم حمقاً وجنونًا؛ سواء بسبب قسوتهم الطبيعية أو جنونهم، نقطة محورية في انبهار واختلاف/خلاف العديد من المؤرخين حول مدى عظمة أو حماقة/جنون هذه الشخصيات المحيرة. فالجمع بين القوة الإلهية المطلقة (في الدماء الملكية) وعدم الاتصال بالواقع اليومي يجعل فكرة ملك أو ملكة من هذا العيار رائعة بقدر ما هي مرعبة. وقد اعتقد عدد من العلماء والأطباء أن أغلب هذه الشخصيات كانت تعاني من أمراض نفسية/عقلية؛ على النحو المحدد في المعايير العلمية الحالية، فقد تميزت حياتهم بسمعة تجعلهم (أي الملوك والقادة) من حاملي ألقاب: الحمقى/القساة/المجانين في التاريخ.
من بين هؤلاء القادة: كاليجولا، إمبراطور روما (12 - 41 م) وحصانه إنسيتاتوس الذي لا ينفصل، إلى الطاغية فالاريس (القرن السادس قبل الميلاد)، إلى نيرون، آخر إمبراطور سلالة جوليو كلوديان، وأتيلا، ملك الهون، إلى يانغ غوانغ أو جنكيز خان، الأمير والفاتح المنغولي الذي نجح في تأسيس أول إمبراطورية منغولية، والقائد الأوزبكي تيمور لنك صاحب الخلفية الإسلامية/الجهادية/الدموية (القرن الرابع عشر الميلادي)، إلى لودفيج أو لويس الثاني ملك بافاريا وأوتو بافاريا، لم يكن أي منهما دقيقًا جدًا، إلى إيفان الرابع الرهيب أو ماري الأولى إنجلترا (الملقب بـ "بلودي ماري")، وأحدثها مثل جوزيف ستالين، الذي حول الاتحاد السوفيتي إلى قوة عظمى في العالم، بينما أصبح أحد أعظم الطغاة في التاريخ، فرانسيسكو فرانكو، وبينيتو موسوليني، وأوغوستو بينوشيه، أدولف هتلر، أحد أبرز مشعلي الحروب التي اتسمت بالعالمية. ويضم بعض الخبراء كل من صدام حسين بالأمس القريب، والأحمق الأحدث ترامب وهو على وشك تسجيل اسمه في قائمة الحمقى الجدد.

فمعنى أن تفقد الإنسانية ما يفوق 20 ألف جندي، وتخسر قوات مشاة البحرية الأمريكية المعتدية وحدها قرابة سبعة آلاف جندي، خلال خمسة أسابيع فقط، في معركة "إيو جيما" بالحرب العالمية الثانية؛ بغية الاستيلاء على جزيرة مساحتها 12 كم2 فقط، وهي مهجورة وجرداء؛ لتربتها الكبريتية، وتحويلها إلى قاعدة جوية.
ثم تعيدها إلى القوات اليابانية في العام 1968 بعد اتفاقٍ وتفاهم كان من الممكن أن يتم بين الطرفين؛ لو تعقَّل القادة وحلت هذه المشاعر الإيجابية محل تلك المشاعر السلبية التي كانت سائدة حينها. ومثل هذا العدد (20 ألف جندي مصري) دفنهم عبد الناصر في اليمن ابتغاء زعامة على حفنة قبائل بدائية.
ومعنى أن تتحكم بضعة أُسر فاحشة الثراء (كأسرتي "روتشيلد" أسياد الذهب، و"روكفيللر" أسياد النفط) وربط سوق الصرف العالمي منذ اتفاقية "بريتُن وودز" بالعام 1944؛ في الاقتصاد العالمي الاحتكاري الذي يحركه وقود عملة واحدة مهيمنة اسمها الدولار الأمريكي.
وإلى جيوب هذه الأُسر تعود أغلب أرباح الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في حين يتضور نحو 815 مليون شخص جوعاً، من أصل 7.6 مليار نسمة في العالم، هذا بخلاف 11 مليون شخص يعانون من نقص التغذية المزمن في البلدان المتقدمة فقط، حسب إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في عام 2016.
ومعنى أن يتقاضى الجراح أو حتى الطبيب الممارس، الذي يقف الآن - في أزمة كورونا- بالصفوف الأمامية وينقذ العديد من الأرواح (بمن فيهم اللاعبين أنفسهم)، ما مقداره أقل من 1 % من راتب لاعب كرة قدم يمارس نشاطاً رياضياً يهدف إلى مجرد التسلية والترفيه. معنى كل ذلك أن البشر لازالوا مجرد قرود عارية (مجردة من الشَعْرِ أو تكاد)؛ ولم تنضج إنسانيتها بعد.



#جميل_النجار (هاشتاغ)       Gamil_Alnaggar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا نرى الحوائط الزجاجية الشفافة، لدرجة أن أغلبنا كثيرا ...
- من يلعب مع الكبار كمن يلعب بالنفط والنار
- أبشع حرب جرثومية ضمن الأوبئة التي ضربت الأرض عبر التاريخ (در ...
- الخلط المحمود (العلم، العلمانية، والعولمة)
- الاشتقاق اللغوي
- أحلام العلماء تتحقق
- -أسوأ الاحتمالات- و-الاتجاه المعاكس- استراتيجية مقترحة للتفك ...
- -أسوأ الاحتمالات- و-الاتجاه المعاكس- استراتيجية مقترحة للتفك ...
- لماذا تبدو لنا النباتات خضراء؟
- كاردانو يحاور أبوللو
- الفوارق البيولوجية التطورية المعقدة (من وحي التطور الأحيائي ...
- تكتيكات العلاقات الشخصية بين الجنسين (دراسة اجتماعية في نسبي ...
- قالوا: -ناقصات عقلٍ ودين-
- رائِحةُ النُبْل (قصة قصيرة)
- التطور بين التنظير والتدليل من وحي التطور الأحيائي (10)
- الغوصُ في بحارِ العدم (ردا على الأسئلة الوجودية الكبرى 4)
- رقصةُ الزمكان في حضرةِ الجغرافيا
- اعتقادات مغلوطة (العواطف بين العلم والدين)
- الآفاق النانوية والإعجاز العلمي (الحقيقي)
- الأوضاع الجيوستراتيجية المصرية الحالية بين القوة الناعمة وال ...


المزيد.....




- الرفيق جمال كريمي بنشقرون يحمل الحكومة مسؤولية أزمة قطاع الص ...
- مجلس الشيوخ الأمريكي يهدد بتشديد العقوبات على الدول التي تشت ...
- ما حقيقة تعرض مصر ثالث أيام عيد الفطر لـ-أعنف- عاصفة ترابية ...
- محكمة فرنسية تعتزم البت في طعن لوبان في صيف 2026
- الولايات المتحدة تعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط
- واشنطن مستعدة لدراسة توسيع عدد المشاركين في البعثات النووية ...
- توقع -العرافة العمياء- لعام 2025 يتحقق والباقي عن مستقبل قات ...
- رويترز: ترامب يعتزم تخفيف قواعد تصدير الأسلحة الأمريكية
- السوداني والشرع يبحثان العلاقات الثنائية
- الحوثيون يعلنون استهداف حاملة الطائرات الأميركية ترومان


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جميل النجار - الحمقى؛ قرودٌ عاريةٌ