حمزة لمغاري
كاتب
(Hamza Lamrhari)
الحوار المتمدن-العدد: 6691 - 2020 / 9 / 29 - 15:23
المحور:
الادب والفن
اليوم عيد ميلادي العاثر، ذكرى مأساتي المفجعة وآمالي الخائبة، صرخة قوية متكررة تدق في عالم نسياني، تُذّكرني بكؤوس الوجع التي مازلت أتجرّع منها إلى حد الآن صديدا نتن الرائحة، طالما ٱمتنعت عن شربه، ولا أكاد أستسيغه، لكن ويا أسفاه على عمري وحالي، فشبح الحياة أرغمني شربه كرَّة تلو الأخرى حتى الثمالة. أيتها الأجِنَّة العفيفة في الأرحام الدافئة، تخلّدي حيث مثوى الأمان، ولا تخرجي حيث السوءات والمقابح، وإن كُتب عليک المحيا والخروج عراة، فلا تتكبدي عناء الصراخ، فلا أحد سيناجدک، فأهلا وصعبا ولامرحبا بک معنا، حيث البداية صفعةٌ خادعةٌ على أحد فخذيک النيّء، والنهاية حشرجةٌ ثم غرغرةٌ محتضر على فراش الموت، فكل أولئک الذين ماتوا ميتة محتضرٍ نجوا من الحياة بأعجوبة، إلا القلة القليلة التي باغتها الموت بدهس شاحنة أو صعقة كهربائية. أسعفيني أيتها الأجِنَّة الحمقاء وكفي عن الصراخ، وٱنصتي إلى من سبقک إلى الوجود، أناشدک، أتوسل إليک، لقد صار الأمر أشبه بعصفور حرّ بريء، ٱعتاد الطيران في السماء الواسعة، إلى أن سقط وكُبّل بخيوط عنكبوتية، فظل يتخبط ويحاول تخليص نفسه من الأغلال العسيرة، إلى أن أصابه التعب، المسكين ٱنتظر برهة ليستجمع قواه، ثم رفرف بقوة مستطاعه، لكن الاستسلام أبغض وسيلة أمام الخيوط العنكبوتية الأكثر صلابة ومرونة من جناحيه، فنظر إلى السماء، وسلّم بٱنتظار مصيره الشنيع المحتم.
أنا ذاک العصفور المتوسل للرحمة والمقهور في السعي إليها، والعنكبوت هي شبح الحياة المتربص على تريث، ونوائب الدهر خيوط بيتها، ولأن شبح الحياة طعامه ذبائح وشرابه دم مأساوي، فويلٌ لِمن تُسوّل له نفسه الوقوف أمامه واهماً النصر عليه، فبلا ريب أن عاقبته لن تحمد، فٱرحمني يا دهر وكفاک من تعذيبي، فلقد رفعت لک الراية البيضاء بالامتثال وسلّمت لک بمصيري، لكن بطشک المستمر أسقط سقف وجودي على رأسي، وٱنهار علي الحطام، فلم يعد بمقدوري البقاء في الدرک متحمّلا عباء الثقل، ثق بي يا دهر، فلو كانت لي إرادة، وخُيرت بين البقاء من عدمه، لسارعت عناق العدم، فٱرحمني يا دهر أرجوک.
#حمزة_لمغاري (هاشتاغ)
Hamza_Lamrhari#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟