أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد سلام جميل - أسباب ودوافع الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا : قراءة عامة















المزيد.....

أسباب ودوافع الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا : قراءة عامة


وليد سلام جميل
كاتب

(Waleed Salam Jameel)


الحوار المتمدن-العدد: 6689 - 2020 / 9 / 27 - 23:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ فجر التاريخ ووجود الإنسان على كوكب الأرض لم يخلو التاريخ يوماً من الصراعات والحروب المجنونة لدوافع عديدة تفسرها نظريات الصراع. يغلب على الصراعات الجانب الديني والقومي ، فبمراجعة بسيطة لتاريخ الحروب نجد أن الدوافع الدينية والقومية أسهمت في نشوبها بشكل كبير وكان القادة دائما ما يستخدمون الدين والقومية كدافع يشعل الحماس في قلوب المقاتلين لمواصلة القتال حتى الموت أو الإنتصار.

هكذا يدخل الصراع بين دولة أذربيجان وأرمينيا ضمن هذا الإطار المعقّد الذي يتداخل فيه العامل القومي بالعامل الديني والتاريخي والثقافي. تقع الدولتان في أكثر المناطق تعقيداً من حيث التركيبة السكانية والطبيعة الجغرافية ، في منطقة عاشت فيها ديانات وقوميات عديدة كانت ديدنها الحروب المستمرة ، مثل الشركس والترك والفرس والكرد وقوميات متصارعة عديدة. كانت هذه المنطقة في زمن ما تحت سيطرة الدولة الصفوية حتى استحوذ عليها الإتحاد السوفيتي في بدايات القرن الثامن عشر ، فانتقلت المنطقة من حضارة إسلامية شيعية إلى مسيحية أرثوذكسية مشرقية ، زادت على الصراعات الموجودة بالفعل أبعاداً أخرى للصراع.

رغم أنّ أسباب الخلاف عديدة إلّا أن الصراع القائم والتوتر العسكري الذي اشتعل صباح هذا اليوم هو صراع متعلق بمنطقة معينة يُطلق عليها اسم (إقليم ناغورني قره باغ) ، فما قصة هذا الإقليم وما هي أسباب الصراع المحتدم عليه؟

إقليم ناغورني قره باغ (Nagorna Karabakh) :

يعدّ هذا الإقليم من المناطق الساخنة رغم صغر مساحته وقلة عدد سكانه ، ويمثل أكبر مشكلة ما بين الدولتين المتنازعتين من جهة ولمنطقة القوقاز ذات الصراع الدولي المحتدم -خاصة ما بين روسيا وإيران وتركيا لفرض الهيمنة عليها- من جهة أخرى. حسب موقع ويكيبيديا ؛ يقطن الإقليم حوالي 145 ألفا يمثل الأرمن (الأغلبيّة الساحقة منهم تتبع كنيسة الأرمن الأرثوذكس) فيهم حوالي 95 % من السكان وقد كان الإقليم نقطة التقاء عدة إمبراطوريات كالامبراطورية الروسية والعثمانية والفارسية نشبت بينها العديد من الحروب التي كان مسرحها الإقليم. مما جعل الإقليم مسرحا لعدة تغيرات في تركيبته السكانية. وقبل النزاع على الإقليم في عام 1992 كان الأرمن يقطنون مدينة ستيباناكيرت ويقطن الأذريون مدينة شوشا عاصمة الإقليم قبل العهد السوفيتي.

اندلعت الحرب بين الدولتين ما بين سنة 1992 و 1994 ، كبّدت البلدين خسائر كبيرة بالأرواح والمنشآت إضافة للترحيل القسري لأعداد كبيرة من السكان المحليين. انفصل الإقليم عن أذربيجان في الثاني من أيلول سنة 1992 بعد تفكك الإتحاد السوفيتي ، ولم يلقَ قبولاً دولياً ثمّ أعلن انضمامه لدولة أرمينيا مما أحدث إعتراضات وإحتجاجات واسعة عند الشعب الأذربيجاني انتهت بالتدخل الروسي الذي لعب دوراً بارزاً في إخفاتها. منذ ذلك الحين تدخّلت إيران أيضاً كطرف وسيط لحلّ الأزمة لما تمثله من خطر على المصالح الإيرانية بسبب الحدود المشتركة ، ووجود أقليات من الشعبين ضمن الدولة الإيرانية قد يسبب زعزعة للأمن الداخلي إضافة لإحتمالية ظهور الدعوات الإنفصالية وخاصة للإقليم الأذربيجاني داخل الدولة الإيرانية ، خصوصاً وإن الأذريين في إيران يشكلون نسبة عالية جداً تصل لحدود ثلاثين مليون نسمة ، أي أنهم يشكلون ضعفي السكان الموجودين في دولة أذربيجان نفسها ؛ ناهيك عن الدّور الإقليمي والدّولي الذي تحاول أن تقوم به إيران في منطقة القوقاز والصراع المحتدم بينها وبين روسيا وتركيا لفرض النفوذ والسيطرة على المنطقة. وأودّ هنا الإشارة إلى أن العلاقات الدولية لا تقوم على العاطفة وحسن النوايا بل تقوم على المصالح ، كلّ دولة تبحث عن مصالحها الذاتية في علاقتها مع الآخر ولا مكان للدين أو المذهب إذا كان يتعارض مع المصلحة العليا للدولة ؛ يتضح هذا جلياً بالعلاقات ما بين أذربيجان وإيران وأرمينيا وإيران ، فرغم أن إيران دولة إسلامية شيعية وأذربيجان شعبها مسلم شيعي فإن إيران تدعم دولة أرمينيا المسيحية المتشددة في صراعها هذا ؛ خوفاً من ظهور دعوات إنفصالية في داخل بلدها.

في سنة 1994 ، توقفت الحرب التي اندلعت سنة 1992 بين البلدين ، بعد وساطات دولية ، على رأسها الوساطات الروسية والإيرانية ، دون وصول لحلّ نهائي للأزمة بينهما ، وهذا يعني أن الحرب بقيت قائمة منذ ذلك الحين وفق شروط الهدنة المتفق عليها رغم حدوث مناوشات بين فترة وأخرى بين الطرفين.
حسب د. جواد كاظم البيضاني ، مدير المعهد العراقي للدراسات الكردية ، تختلف وجهات نظر المؤرخين والمهتمين بالصراع بين أرمينيا وأذربيجان في تحديد طبيعة الصراع . فبعضهم يرى انه صراع وجود بين الأرمن وبين الاذر، وآخرون يعتقدون انه صراع عرقي ، ويرى فريق آخر من الباحثين ان هذا الصراع هو تنافس جيوبوليتيكي لا يشمل الأرمينيين والأذربيجانيين وحدهم بل يتعداهم إلى الأتراك والروس والولايات المتحدة وإيران والاتحاد الأوربي. ويذهب بعض المؤرخين في رسم صورة جديدة عن الصراع فهو استمرار لعداء تاريخي محمل بإرث كبير من الكراهية الدفينة بين الأرمن وكل من الأذر والأتراك.
ولعلّ كلّ الأسباب أعلاه تشكّل أسباباً موضوعية لهذا الصراع المستمر ، ولكننا نعتقد أن (التفسيرات النفسية) التي تدرس الصراعات قد تُنتج مقاربة موضوعية ، يمكن من خلالها تفكيك مسألة النزاع تلك. إنّ التفسيرات النظرية لظاهرة الصراع الدولي عديدة ؛ وإنّ الإتجاه الذي نميل إليه في فهم هذا الصراع وتفكيكه هو الإتجاه الذي يركز على التباين الأيدلوجي ؛ وتبعا لهذا الاتجاه فإن حدوث الصراع يجعل من الصعب تسويته من خلال المساومة ، حيث يمنح البعد الأيديولوجي طابع خاص للصراع ويزيد من تعقيده. وكذلك الإتجاه الذي يركّز على الشخصية القومية ؛ ووفقاً لهذا الاتجاه فإن القوة الرئيسية الدافعة للصراعات الدولية تتمثل بالطابع العدواني القومي أو ما يسمى " السيكولوجية القومية العدوانية". فكلا الإتجاهين يجد له موضعاً راسخاً عند شعوب هاتين الدّولتين مما يجعل حلّ الأزمة سلمياً أشبه بالمستحيل.

اليوم الأحد 27.09.2020 و بعد حدوث المناوشات بين الدولتين ، خاطب رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان شعبه قائلا "استعدوا للدفاع عن أرضنا المقدسة". فهو في خطابه هذا ، يخاطب الوجدان الديني للشعب الأرمني ، حيث يستعمل الدين والقداسة كدافع للشعب للدخول إلى المعركة بعزيمة وبسالة ؛ فيما قال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ، اليوم الأحد ، إن بلاده تدافع عن أراضيها ، وإن إقليم "قره باغ" تابع لها. في خطاب وجههه علييف إلى شعبه قال : "لن تذهب دماء شهدائنا هدراً . دمّرنا معدات عسكرية للجيش الأرميني". فهو هنا يستخدم نفس الإسلوب الذي يحاكي المشاعر الوجدانية الدينية والقومية للشعب الأذربيجاني ويذكرهم بالشهادة. وحينما نرجع إلى الجانب التركي نجد التصريحات على أعلى المستويات داعمة للدولة الأذربيجانية وذلك بسبب دوافع تاريخية وإرتباطات قومية ودينية والأهم من ذلك كله أن المصلحة العليا للدولة التركية تجد موضعها عند أذربيجان وليس أرمينيا.

إنّ هذه الحرب القائمة بين الدولتين قد تتسبب بتغييرات كبيرة في منطقة القوقاز إذا ما اشتعلت بشكل أكبر وخاصة بعد تفويض البرلمان الأذربيجاني اليوم سلطته التنفيذية للدخول للحرب. ولا تنتهي الحرب بين الدولتين فقط بل ستدخل روسيا وتركيا وإيران بشكل قوي وفاعل على الأرض كما حدث في سوريا وهذا بالطبع فيه إضعاف للدولة التركية والإيرانية بسبب تعدد الجبهات الخارجية لهاتين الدولتين في ظلّ الفورة العالمية وسياسة فرض الأمر الواقع بدل الحوار الذي أصبح النهج السائد للدول ؛ إنه صِدام الحضارات.



#وليد_سلام_جميل (هاشتاغ)       Waleed_Salam_Jameel#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحركة الطلابية: من ثورة مايو الفرنسية إلى الحركة التشرينية ...
- مصير قيادات الثورة بعد الوصول إلى السلطة: صدام حسين والخميني ...
- الإنتخابات المبكرة في العراق: الواقع والتّحديات
- البدايات والنّهايات المفتوحة!
- تظاهرات الخريجين في العراق... شمس حارقة ودولة مارقة... ما هو ...
- دولة -التغليس- والكشف العظيم!
- اصرخ يا بائس... فليحيا العدل!
- وماذا بعد إقرار قانون الإنتخابات؟!
- إلى متى ستبقى المعركة مُؤجلة؟ ألم يحن الوقت؟!...
- الحراك الشّعبي التّشريني في العراق... رؤية تنظيمية قبل فوات ...
- الحملة الوطنية لإكمال قانون الإنتخابات... ناشطون يطلقون حملة ...
- الإنتخابات البلدية في العراق: رؤية نحو بناء ديمقراطي تنافسيّ


المزيد.....




- ترامب يختار سناتور أوهايو جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس في ال ...
- ترامب يحصل على أصوات كافية ليصبح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة ...
- زفاف أمباني -الحدث الأكبر على الكوكب- ونهاية مؤثرة لمحاكمة ب ...
- كيف تفاعل السوريون مع رابع انتخابات برلمانية تشهدها البلاد م ...
- -جثث مقطعة ومحترقة ملقاة على الأرض-: نحو 80 قتيلاً فلسطينياً ...
- بطولتان مثيرتان للطائرات الورقية وركوب الأمواج في ساليناس بج ...
- جاؤوا لحضور مباراة كأس أمم أوروبا فكان الموت بانتظارهم.. مقت ...
- محاولة اغتيال ترامب.. هل بمقدور أمريكا تجنب العنف السياسي؟
- عقوبات أوروبية على -مستوطنين متطرفين- وكيانات إسرائيلية
- أرمينيا.. انطلاق مناورات -إيغل بارتنر 2024- بالشراكة مع الول ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد سلام جميل - أسباب ودوافع الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا : قراءة عامة