أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نهار حسب الله - يوميات تكتك متظاهر














المزيد.....

يوميات تكتك متظاهر


نهار حسب الله

الحوار المتمدن-العدد: 6689 - 2020 / 9 / 27 - 22:21
المحور: الادب والفن
    


1.
تَرجلتْ من التكتك المركون تحت نصب الحرية..
زينتْ وجهها الملائكي بلمسة من مساحيق التجميل، أعادتْ رسم شفتيها الكرزيتين بأحمر الشفاه، وصبغتْ أظافرها وكأنها تستعد لحفلة عمرها..
هتفتْ باسم الحرية.. نادت بالديمقراطية.. بوصفها امرأة ثورية..
انتفض سائق التكتك واستعجل تغطيتها بعلم بلاده..
صمتتْ.. جفلتْ.. وعيناها تسأل..
بطل التكتك يتعرق غيرة ورجولة، ويصرخ غضباً :
نحن أمام عيون مسؤول شهواني.. يغتال الاول ويغتصب الثاني..
احترمتْ غيرته وابتسمتْ، وحولت العلم لحجاب...
2.
بصوت كله حماس يصيح سائق التكتك بن الرابعة والعشرين عاماً:
(التوصيل مجاني للتحرير..)
تقترب منه معلمة اللغة العربية التي علمته طوال سنوات الدراسة الابتدائية..
ركبت وفي عينيها دموع وأسئلة عالقة في الشفاه..
يراوغ السائق السيارات على جانبي الطريق ويقود تكتله بفرح غامر...
وفور توقفه في ساحة التحرير، تسأله المعلمة:
أنا أذكرك جيداً.. كنتَ واحداً من المتفوقين في درس اللغة العربية، محباً لكل تفاصيلها.. خسارتي ان تكون قد أهملتَ درسك وتركت التعليم..؟
تختفي الابتسامة عن وجه السائق، ويجيبها بصوت منكسر:
انهيت دراستي الجامعية وتخصصت في اللغة العربية وآدابها.. وبعد عناء وانتظار اقترضت مبلغاً مالياً لدفع القسط الاول لهذا التكتك..
3.
كتب على التكتك الخاص به مطلبه واتجه الى ساحة التظاهر..
تنبه الجميع لعبارته (وظفوا ذوي الشهادات العليا)..
تجمهر الشباب حوله وكل منهم يتأمل لباسه المهترئ المتعرق ووجهه الشاحب..
تعاطف الناس حوله، وسأله أحدهم:
- هل انت من حملة الشهادات العليا؟
أجاب بعفوية: لا أبداً ولا ادعي ذلك ولم يسبق لي التفكير بتزوير شهادة.. لكن توظيف المتعلمين يعمل على صناعة وطن محترم..
4.
أصحاب اللثام الاسود يغتالون الحياة ..
يحيلون السماء الى دخان، يستبدلون هواء الله بغازات خانقة..
يحاولون تفريق المتظاهرين.. وقتل من تيسر قتله..
الكل يريد الحياة.. ويهاب رهبة الموت والدخان واصوات القنابل..
الموت أصبح مرئياً.. والجثث تتساقط الواحدة تلو الاخرى..
لا مسعف ولا منقذ إلا ذلك السائق المغامر المقامر بحياته وهو يتقدم بتكتكه ويشتت الاهداف ويجلي الجرحى فرح غامر، يُتفه معاني الموت كلها..
5.
أذابتْ الثورة الشعبية ذلك الجليد المتجمد في ادمغتنا.. وسرعان ما تغيرت الاشياء والمفاهيم كلها..
صار القاتل يخاف القتيل.. والمسؤول يرتعد من هتافات الغاضبين.. وركاب الامواج اعتزلوا لعبتهم لان الموج بات اعلى من قدراتهم واشد خطورة..
تغير كله شيء، بعد ان واجه التكتك كل الاسلحة القمعية والدبابات وشكل سلاح الدعم والاسناد للثوار والثورة..
6.
تعاونتْ اسلحة السلطة كلها لقمع ذلك التكتك المتظاهر؛ الذي يصول ويجول على هواه في ساحة التحرير وعلى مشارف جسر الجمهورية المدجج بقوى الموت.. يجول غير آبه بكل التهديدات المميتة..
لم يتوقف او يتثاقل من خدمة التظاهرة، صار منقذاً ومسعفاً وناقلاً ومناوراً ومشاكساً وساخراً..
تآمر عليه زمرة من القتلة، وعملوا على نصب الكمائن.. وسرعان ما اضرموا النار فيه، وهو الامر الذي ارغم سائقه على التخلي عنه وقذف بنفسه بعيداً عن النيران التي تلوكه..
بقيت عيناه ترقب سحب الدخان تتصاعد من التكتك، حتى تقدمت إليه إحدى المتظاهرات... ارخت من رقبتها سلسلة ذهبية تتدلى منها قلادة على شكل خارجة العراق، ووهبتها اياه تعويضاً عن خسارته..
نفض حزنه وامسك يديها، وقبلها بمحبة وقال:
حزني ليس على التكتك كونه مصدر رزقي الوحيد، ولكني اشعر بخسارة مناضل كبير خدم الاحرار..
احتفظي بعراقتك ولا تقدمينه تعويضاً لاي خسارة ..



#نهار_حسب_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة نبذ التطرف.. فيلم (الضيف) انموذجاً
- حقيقة الغضب في فيلم (12 رجلاً غاضباً)
- ثنائية الموت والحياة وتوظيف الزمن الساخر..قراءة في (الساخر ا ...
- وزارة الشباب والرياضة.. دعوة صريحة لقتل الابداع العراقي
- الوصية ما قبل الأخيرة.. قصة قصيرة
- الموت والحياة .. أحياناً! / قصة قصيرة
- قصص قصيرة جداً (وطن خرافي، انحناء، عزلة الحب)
- بيت السيدة العجوز.. قصة قصيرة
- قبر فوق السحاب.. قصة قصيرة
- قصص قصيرة جداً (غرف غائبة ملاحقة)
- قصص قصيرة جداً (أنا وبول كلي أنا وشيشرون)
- قصص قصيرة جداً (أنا وألبرت أينشتاين أنا وبول فاليري)
- ينقصنا شيء ما...
- قصص قصيرة جداً (أشلاء من السماء الموت لمرة واحدة رقصة المو ...
- قصص قصيرة جداً (أنا وأنديرا غاندي، أنا وهيلين كيلر)
- قصص قصيرة جداً (أنا وفيكتور هوغو ، أنا وشوبنهاور)
- قصص قصيرة جداً (أنا وبيرل باك، أنا ومارلين مونرو،أنا وبتي سم ...
- قصص قصيرة جداً (أنا ومارتن لوثر، أنا وكونفوشيوس، أنا وألبير ...
- أنا وأصحاب الحكمة.. قصص قصيرة جداً
- أنا والأسماء.. قصص قصيرة جداً


المزيد.....




- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نهار حسب الله - يوميات تكتك متظاهر