أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير المطيعي - سمير المطيعي















المزيد.....

سمير المطيعي


سمير المطيعي

الحوار المتمدن-العدد: 6688 - 2020 / 9 / 26 - 21:44
المحور: الادب والفن
    


خَواطِرْ
علي الأَسِّره البيضَاءْ

سمير المطيعي يكتب

كان في أيام طفولتنا برنامج اِذاعي ناجح تبثة الاِذاعة المصرية اِسمة " حول الأسرة البضاء " لعل هذة النوعية من البرنامج قد تركت أثراً عميقاً في نفوس الكثيرين من أبناء جيلي نحو الأنسان المريض وكل من يحمل معاناة المرض سواءاً أفراد اسرتة وأصدقاؤة أو هو شخصياً ... تعلمنا من هذا البرنامج خاصة كيف تكون المشاعر الجياشة نحوهم والاحاسيس المرهفة نحو المريض وعائلتة وتعلمنا من المريض قوة الارادة والاِصرار والاِيمان والمضيّ علي طريق الشفاء باِرادة اللة قبل اِرادتنا

اليوم أردت أن أسرد لكم تجربة شخصية خضتها بنفسي علي السرير الأبيض وليست حولة رحلة مملوءة بالألم من أولها اِلي آخرها ويكون فيها الشاهد شبة الوحيد والمستمع لهذة الآهات والغارق بدموعك هو السرير الأبيض فعلية تبدأ الرحلة حيث تبدأ لحظات تسجيل الألم عبر فحوصات الطبيب وأشعاتة وأوراقة وكاميراتة وتصاويرة وتحاليلة

علية تعزف الآلام سيمفونية غير مكتوبة بأقلام بشرية اِسمها سيمفونية الألم وعلي أنغامها يتراقص الأنين وتصير أذنيك لا تسمع اِلا هزات أوتارة الكئبة .

حينما يسأل المرء نفسه أين اِتزانك أين قوتك بعد أن كنت تشق طريقك بقوة وجبروت وتسير في حركة مستمرة بتناسق وتناغم مع كل من حولك في عالم الأحياء والجماد والحيوان علي حد سواء وتسير بخطوات واثقة منبعها الاعتزاز بالنفس والفخر بما جادت بة الحياة عليك من عافية وصحة وجاة ومال

وفجأة ... ما هذا الألم ؟ ومن أين أتي ؟ وماذا حدث ؟ وما نهايتة ؟ وكيف لة أن يغزو هذا الصرح الهائل السائر كراقص في بهو وساحة الحياة ؟

أين نظام هذا الجسد ؟ أين نشاطة الكيماوي ؟ وتساءلت أين دورة الحياة ولماذا تسير ببطئ شديد ؟ أين حركة الرئتين حينما كانتا تستقبلان كميات الاكسجين بأفراح وأغاني لا يسمعها الا الطبيب بواسطة سماعاته وكان حينها يقول حسنا الرئتين علي ما يرام ؟ ولماذا أصبح الجسد بكل أعضاءة في حالة فوضي هستيرية فالأعضاء كلها قد تمردت بسلوكيات وأفعال غريبة ؟ فنبضات مسموعة كما لو كانت تعلن العصيان وحلقٌ أصابة الجفاف وأمعاء خاوية أبت أن تستقبل الطعام ولا تتجاوب معة حتي اِن أُرغِمت علي قبولة و عيوناً وقد اِغروروت وأنفٌ قد سُدت والتهبت بعد أن تضخمت ورأس قد ثقلت وأصبحت عبئاً علي الظهر الذي أصبح بدورة غير قادرا علي حملها وها السيقان قد خارت واستسلمت بكامل اِرادتها لسرير أبيض بعد الشعور باِعياء في كافة الأطراف والمفاصل ... يالها من تجربة مريرة

لماذا هذة القسوة من هذا الجسد علّيٍ؟ هل هذا الجسد هو الضحية أم هوالجلاد ؟أم كليهما معاً ؟ هل هو القاضي والمتهم في آنٍ واحد؟ ولماذا اِنهزم أمام هذة الثورة وانهار انهياراً عظيماً وباح بأسرار الضعف و الأنكسار بعد أن كان يفخر بصلابتة وبعد أن كان يتباهي بقوتة ؟ هل جاء يوم المحاسبة علي تقصيري في حقة؟

أين البسمة وأين الفرحة بل اين المزاج ؟؟؟

ما هو اللغز ؟ وما السر في هذا الانهيار المفاجئ ؟ اين بطولاتك أيها الانسان ؟ أين عضلاتك ؟بل أين مواهبك التي كنت بواسطتها تخرج من كافة المآزق ؟

جالت بخاطري هذة الاسئلة وأكثر منها منذ اللحظات الأولي كضيف جالس أو منحنياً أو شبة ميت علي السرير الأبيض

تساءلت هل أنتِ يانفسي تسيرين علي حدود ما بين الحياتين ؟ وهل أنت علي مقربة من ذلك النفق المظلم الشهير الذي يفصل عالمنا عن عالم ما بعد الحياة ؟ هل وصل قطار السفر المتجة الي طريق اللا عودة ؟ نعم أراة .. أري النفق المظلم ليس ببعيد من خلال زغللات بين أجفاني . أراة قادماً ببطئ الواثق يسير بثقل كئيب فها أنا أنادية ليتك تأتي سريعاً ..... تعالي قف هنا أيها القطار ...قف فأنا لست محملاً بأية أثقال من هذا العالم دعني أركب .... سوف تأخذني وحدي .....وحدي فلا تعُل همي فأنا لست ثقيلاً كما سبقت وأوضحت ولا كنت طيلة حياتي...

حاولت طيلة حياتي و بقدر كل امكانياتي ألا أثقل علي أحد حتي علي أقرب المقربين هيا .... هيا أيها القطار الثقيل البطيئ ..... دعنا نذهب ونعبر هذا النفق المظلم... أعرفك أيها القطار أني خفيفاً .... بل خفيفاً جداً .... أنظر أنظر ها يداي فارغتان وملابسي بلا جيوب حتي جوربي لا أطيقة .... حسنا لقد تركتة عندهم ... أنا بلا ساعة في معصمي ولا ذهب في يدي.... هيا تعال.... . هل تسمعني أيها القطار؟؟

هنا وقد نقلوني علي سريرأ آخرمزوداً بمجموعة من المفاتيح واحداً للتلفاز وآخر لترفع ظهرك وبجوارة مفتاح لترفع قدميك ورابع لاِستدعاء الطبيب .... أخذت اللهو بهذة اللوحة كطفل يلهو بلعبة لعلها تنسيني احزاني

يادكتور : الم تكتب علي هذة اللوحة البيضاء المعلقة امامي أن الهدف هو الوصول الي

zero pain

فيسألني الطبيب : ما مقدار الألم عندك الآن ؟

أجيبة بدوري : كيف تستطيع ان تقيس طول الفضاء وعرضة بلا أداة للقياس؟

الدكتور : ينادي مساعدية ليعطوني كمية من المسكنات علي أن أكون علي موعد ولقاء مع الآلام ومعهم بعد برهة من الزمن.

الآن تنتظر قراراً بعد تنقلك بصعوبة علي سرير أبيض آخر يتحرك بك ومعك الي مكان آخر لمنظار أو اشعة أو فحوصات متخصصة.....وانت الآن تنتظر نتائج بموجبها سوف يتحدد مصيرك اِما أن يلازمك هذا السرير مدة طويلة أو قصيرة أو بين البينين . وتمر عليك الدقيقة كدهرٍ وانت علية.... أنت في انتظار رأي الطبيب وقرارالمختص حينما يحادثك بصوت قاطع وكلمات لا تحمل اِلا تفسيراً واحداً بلا مواربة ولا تأويل.

ستسمع أنت بأذنيك مستر " فلان " لقد أظهرت الفحوصات والاشعات "كذا وكذا " وأنت محتاج الي عملية "كذا وكذا "وستبقي هنا معنا علي السرير مدة " كذا"

أعتبر هذة الكلمات دعوة للتعارف والتآلف والتقارب بيني وبينة " أي السرير الأبيض" حتي تسهل العشرة بيننا اِن طالت المدة

في هذة الاثناء تضع كل شئ جانباً وتتساوي كل الدنيا وكل ما فيها برقم الصفر الكبير حيث يصبح التراب هو أغلي المعادن وأقربها للنفس وهنا تلتقي بفكرك بكل من أحببتهم وتستدعي بفكرك أيضاً كل مطرود من ذاكرتك .

هنا حيث القوة أصبحت في ضمير الغائب واِن وجدت بقايا لها فهي للتشبث فقط في تلابيب الحياة وحباً غريزياً للبقاء

ويصبح عمرك كلة أمامك كشريط تسجيلي قصير جداً رغماً عن ازدحام أحداثة لا تستطيع أن تعبر عنة اِلا بهزة رأسك وببسمة ساخرة مصحوبة بعلامات التعجب وهنا تعرف أن الاِبتسامة ليست دائماً هي التعبير عن السعادة بل أحياناً تكون لتخطي الآلام

علية تستحضر كل المواقف الحياتية بسرعة البرق وعلية تعرف ان الناس معادن ومبادئ وأخلاقيات

علية تقف أمام الواقع المجرد بلا رتوش فتقف أمام " اللة . ابناء .أسرة .أصدقاء. محامي. رجل دين .ولمزيد من الواقعية أقول لأبنائي علينا .... ولنا ............

علي هذا السرير تسأل بهمهمات وفي معظم الأحيان لا تستطيع ان تحصل علي اجابات شافية وواضحة لان لغتك تكاد تكون مختلفة عن لغة من حولك وكثيراً ما تستعيض عنها بلغة الاشارات او لغة الدموع

وعلية لا تعرف النهار من الليل ولا الوقت اِلا بعبورة المتباطئ الثقيل

علي هذا السرير تعبر الآلام كما يُرسم لك من قِبَلهم أو تعبر هذة الآلام وتتغلب عليها حتي لو أدي الأمر الي تحول هذا السرير الابيض لساحة قتال بين الحياة والموت تاركة اللون الاحمر كعلامة انتصار لأحد الطرفين علي غريمة وفي كلا الحالتين هناك وعد بوضع نهاية للآلام وكثيراً ما خابت الوعود وتنتهي بسرير آخر معلنة بداية صراع جديد مع آلام جديدة آلام مساعدة او مناهضة او ليست لها اي علاقة بالآلام الأولي بل هي آلام مستقلة ظهرت بارادتها أو ظهرت مصاحبة لأدوية العلاج للآلام الأولي أو ظهرت عنوة لتقول نحن هنا أيها الاِنسان الضعيف .

علية ستري او ستكتشف الصديق الذي سيصاحبك طول الطريق والحبيب الذي تختبئ وراء ابتساماتة أنهار من الدموع .

وان كانت معظم الشرور من انتاج الرأس ستكون كلها علي هذا السرير وتقابلها صلوات وابتهالات في صراع للخروج من هذا العناء

ويبقي امامك الطموح المنهار علي الركام والقوة المسلوبة التي تحاول اعادة بناؤها وتنسي الربح والمادة اِلا ربح ذاتك ونفسك وتضع غرورك وكبرياءك في ذمة التاريخ

علية تدرك معني الحياة التي كادت ان تفلت أو تعبر من بين يديك

علي هذا السرير تنهي ذكريات وأمال وآلام لتبدأ آمال أخري أعظمها التحرر من هذا السرير الابيض

فتجربتة قاسية وكنت اظنني أنني بعيداً كل البعد عنة

عفاكم الرب منة ووقاكم من شر مرافقتة .... السرير الأبيض .

من كتابي
دموع متحجرة واخري تنهار "



#سمير_المطيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلم خلف قضبان الغربة


المزيد.....




- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير المطيعي - سمير المطيعي