محمد طالبي
(Mohamed Talbi)
الحوار المتمدن-العدد: 6685 - 2020 / 9 / 23 - 10:35
المحور:
الادب والفن
بالحي القديم، داخل زقاق ضيق، قرب مركز السوق الاسبوعي وعلى بعد عشرات الامتار من مئذنة المسجد العتيق. تقطن سيدة ودعت ربيعها الستين بقليل، تعيش وحيدة بمنزلها الصغير الانيق، النظيف، هي سيدة تولي عناية كبيرة لنظافتها ونظافة هندامها و لاناقتها الشخصية. باب بيتها ايضا نظيف
لم أعرف يوما اسمها العائلي. كان الكل يلقبها ب "حبيبة ام القطط" .الهمس و اللمز و الغمز كان اللغة الرسمية لسكان الحي، عند تناول موضوعها.البعض يعتبرها مجنونة و تخالط سلاطين الجن و العفاريت . تشاطرهم المأكل و المشرب و المسكن.. البعض الاخر كان يعتبرها مسكونة من طرف جني يفرض عليها عدم مخالطة حفدة الجنس البشري،و الاكتفاء بمعاشرة قبيلة القطط.
كان منزلها حديقة حيوان خاصة بالقطط . تاويهم، تطعمهم،تشرف على علاج من يمرض منهم..قطط جميلة و نظيفة. تجول بكل حرية في منزل حبيبة ام القطط..
بعض سكان الزقاق كانوا يظنون انها مصابة بمس جنيي احالها الى ما يشبه ساحرة شمطاء.. تلعب دور معلمة ومربية تعتني بصغار الجن المتنكرين في هيئات القطط.
مر الزمن سريعا.توفيت "حبيبة" وتركت دار حضانة اطفال الجان لمصيرها المحتوم: الخراب..
ادركنا بعد فوات الاوان ان "حبيبة" لم تكن لا ساحرة و لا جنية و لا عجوزا شمطاء.. بل كانت صوفية على هيئة ملاك ارسله الاله للاعتناء بيتامى القطط .. حل ملاك "حبيبة" بيننا ليعلم حفدة البشر ابجديات العيش المشترك مع باقي الكائنات التي تتقاسم و ايانا الحياة على هذا الكوكب
كلما مررت من الزقاق القديم يلوح لي طيف حبيبة مبتسما
#محمد_طالبي (هاشتاغ)
Mohamed_Talbi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟