أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - إلى مصور!














المزيد.....

إلى مصور!


ندى مصطفى رستم

الحوار المتمدن-العدد: 6683 - 2020 / 9 / 21 - 21:12
المحور: الادب والفن
    


كفاكم نشراً لصورنا! لم نعد نرغب بالشهرة.
لم أشارك في مسابقة أجمل طفل، فأنا الطفل الباكي و المجروح الذي أضاع أهله. لا أعلم من منا يرقد تحت الانقاض، أنا، أم هم؟ امش بهدوء، أنصت، هناك أنين خفيف يتصاعد ولا أحد يسمعه إلا أنا. ألم تخجل من تصويري وأنت تبتسم لدموعي وللدم الذي يلطخ وجهي وثيابي؟! لم أعد أعرف ألوانها، أذكر لما اشترتها لي أمي كانت بلون ضحكتها. لم أعد أرى ورود فصل الربيع عليها، أين هي؟! أتساءل خلسة لماذا تضاريس وجهك مبتسمة أيها المصور؟ كأنك تقف على خشبة مسرح تنتظر من ينادي اسمك لتأخذ الأوسكار أو جائزة باسم السلام. لا تضغط على الزر! يكفي متاجرة بي وبأمثالي! انظر إليّ، ألا تخجل؟ فلتذهب من أمامي. فأنا لا أطيق رؤيتك! سأدلك عن أشخاص ينفعوك أكثر مني، تلتقط لهم الصور وهم بكامل أناقتهم، يملكون السيارات الفارهة والمكاتب المكسوة بالذهب والمكلفة. اذهب وصوّرهمْ لتكسب المال. لعلك تكسب ما يكفي لبناء مدرسة لي ولأصدقائي الذين أفتقدهم، منهم من نام باكراً لكي لا يكبر ومنهم من ضاع جزء من جسمه ومنهم من يعمل كثيراً علّه يكبر بسرعة ومنهم من ركب البحر ولم يستطع الوصول. لا تنسى أيضاً أن تهتم بأولادهم، أقصد كبار التجار، السارقين صرختي. اذهبْ والتقط لهم الصور وهم بكامل أناقتهم حاملين حقائبهم المدرسية ذات الماركات الفخمة، وأحذيتهم التي يفوق ثمنها قيمة حياتي. لا تقتربْ أحذرك! لا تصورني فأنا لا ارغب بتلويث عدستك، بينما هم لا غبار عليهم. هل ذكرهم أخافك؟ كأنك على معرفة قوية معهم! انتظر، سأعقد اتفاق معك، أسمح لك بتصويري بشرطين، الأول أن تعدني أن تضع صورتي وتضع لها عنوان بالقلم العريض وتكتب عن لساني التالي: "هذا ما جنت لعبتكم القذرة أيها الكبار فأنا ضحية أفكاركم العفنة وأطماعكم التي لا حدود لها" والشرط الثاني أن تلتقط لي صورة خاصة وبالحجم الكبير، أريدها وتلصقها على جدار بيتنا المهدم لعلّ أمي وأبي وأخوتي ينهضون من تحت الأنقاض ليروا صورتي التي ستكتب عليها: "مازال قلبي ينبض يا أهلي وياجيراني" ربما يفرحون لأني مازلت حيّا وثيابي مازالت نظيفة، فأمي ستحزن إن رأت ثيابي ملوثة بالدم والتراب والدموع العالقة على صدري وأكمامي. ما بك؟ لماذا ترتجف يدك؟ لا ترتبك ثبت كاميرتك، دقق في وجهي جيداً، حاول أن ترسم ابتسامة على ثغري، إياك أن تظهر أوجاعي ووجهي العبوس بعدستك، كانت أمي تحب ابتسامتي دوماً وتقول ابتسامتك ياصغيري تمنح الأمل! احذر أيضا أن تظهر الجروح والكدمات على وجهي وجسدي ولا تظهر ثيابي المقطعة أو أقدامي الحافية، حاول بعدستك أن تلبسني حذاء يليق بهما هل ممكن أن تحقق لي كل هذه الطلبات؟ كنت مبتهجاً، تتباهى بصورك التي سرقتها عمداً، كما سرق وطني. لا أيها المصور الفاشل! كنت أراك، أشعر بزر كاميرتك لحظة التقاط الصورة لي، حتى أستطيع أن أقول لك عدد الصور التي سرقتها دون أن تستأذن مني، ومع كل صورة أخذتها لي كانت حالك يتقلب ، الصورة الاولى التي اختلستها بعدستك رسمت على وجهك الدهشة كأنك وجدتني كنزاً والصورة الثانية كنت تنظر إلي كمخلوق من كوكب آخر، نظراتك كانت تفضح داخلك أو ربما ترى فيلم خيالي أو كأنك تتصفح كتاب فيه صور لا يمكن تصديقها أو تقف أمام مشهد من ألف ليلة وليلة، ولم يخطر ببالك قبل أن تلتقط لي الصورة. هل أنا ذاك الهدف الذي سيوصلك للعالمية؟ أحقاً أنت من تبحث عني؟ هل يروق لك شكلي؟ وأنيني؟ ياللغرابة، أنت تشعر بالفرح وأنا أشعر بالحزن والقهر والألم والبرد الذي بات يجمد أطرافي! عجبي من تلهفك هل صورتي مهمة لهذا الحد ياهذا؟!. فنحن على طرفي نقيض! لم يسأل أحداً نفسه لو كنت بهذه الأهمية ترى لماذا أعاقب إذاً، سؤال ينتظر جواباً شافياً عله ينتهي هذا التناقض يوماً ما،،،



#ندى_مصطفى_رستم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كابوس
- كاميرا
- هوية مفقودة!
- لن ألومك!
- تساؤلات /3/ اهمية التقويم
- عداوة الكورد تجارة خاسرة!
- تساؤلات -2-
- علبة بين الحقيقة والحلم،،،
- رسالة لم تصل بعد!
- وبقي الوشاح
- لحد عاشق!
- آه يا ثلج
- الوضع السوري عامياً
- تساؤلات
- قراءة في كتاب -بوح-


المزيد.....




- كتاب جديد يستكشف عالم الفنانة سيمون فتال
- ثبت تردد قناة الفجر الجزائرية الجديد 2025 وتابع مسلسل صلاح ا ...
- -مذكرات سجينة-.. مسلسل تلفزيوني عن سجينة روسية في الولايات ا ...
- الطائرات في الأفلام.. هل هي سبب فوبيا الطيران؟
- مهرجان كان السينمائي: لجنة تحكيم دولية برئاسة جولييت بينوش و ...
- لحظة غفلة تكلف الملايين!.. طفل -يتلف- لوحة بقيمة 56 مليون دو ...
- ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يُلزم سائقي الشاحنات بالتحدث باللغة ...
- أسئلة الثقافة في زمن التأفيف
- بمزيج من الشعر والموسيقى اختتام مؤتمر قصيدة النثر في العراق ...
- زاخاروفا ترد على دعوة ممثل أوكراني لضرب الأطفال بسبب تحدثهم ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - إلى مصور!