|
لهذه الأسباب سيتأجل الإصلاح الشامل للدستور
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 1603 - 2006 / 7 / 6 - 09:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ستركز هذه المقالة على أحد النموذجين الأساسيين اللذين يحولان دون أي إصلاح جذري للدستور المغربي . طبعا هناك عوامل أخرى لكنها أقل خطورة من النموذجين موضوع التشريح : 1 ـ نموذج جماعة العدل والإحسان : لم تعد تخفي هذه الجماعة مشروعها السياسي وخططها التكتيكية لتحقيقه . فمنذ أن أصدر مرشدها الشيخ ياسين كتاب "المنهاج النبوي" الذي جعله دستور الجماعة ، بات يقينا أن الهدف المركزي للشيخ هو إسقاط النظام الملكي وإلغاء كل مؤسسات الدولة ليقيم نظاما بديلا سماه نظام "الخلافة على منهاج النبوة" . لأجل ذلك وضع الشيخ لجماعته خططا وقرارات لن تزيغ عنها طالما ظل على قيد الحياة أو تولى مكانه من يتمسك بتعاليمه . ومن أبرز تلك الخطط : أ ـ مقاطعة المؤسسات الدستورية للدولة : ويريد من خلال هذه المقاطعة ، من جهة ، عدم إضفاء المشروعية على النظام الذي لا يكف الشيخ عن اتهامه بالكفر ومعاداة الإسلام و"محاربة" الله ، ومن جهة أخرى ، يريد التعجيل بنهاية النظام الملكي . ذلك أن الشيخ يعتبر المشاركة في المؤسسات المنتخبة للدولة هي تمديد لآجال النظام ، كما في قوله( ليكن واضحا أننا لسنا نرمي لترميم صدع الأنظمة المنهارة معنويا ، المنتظرة ساعتها ليجرفها الطوفان .. يندك ما كان يظنه الغافلون عن الله الجاهلون بسنته في القرى الظالم أهلها حصونا منيعة وقلاعا حصينة ، وتندثر وتغرق )(ص576 العدل). لهذا فكل مشاركة في الانتخابات لا تقود مباشرة إلى الهيمنة على الحكم ، ومن ثم تغييره ، يرفضها الشيخ رفضا قاطعا . وهذا ما جاءت توضحه الوثيقة التي أصدرتها الدائرة السياسية للجماعة كالتالي : ( ولأن المشاركة وسيلة فقط لهدف أسمى هو الدفاع عن الإسلام ، وخدمة مصالح المسلمين فإن اعتمادها مشروط بمدى تحقيقها لهذا الهدف وإلا فلا فائدة ترجى من تسيير المؤسسات .. ونظرا لأن النجاح في الانتخابات لا يمَكِّن من ذلك في المغرب ، فإن الجماعة لا ترى الانشغال بالوسيلة عن الهدف ) . وبناء عليه يقرر الشيخ ( ليكن واضحا جليا أننا لا نخطب ود الأنظمة الفاسدة الكاذبة الخاطئة . وليكن واضحا أن خطة بعض المترددين من فلول الحركة الإسلامية المتكسرين إلى مصالحة مع المزورين ليست خطتنا )(ص 571 العدل). من هنا وجب الخلوص إلى أن كل إصلاح شامل للدستور ، في ظل هشاشة البنيات الحزبية والمدنية ، سيفتح الطريق أمام تطلعات الشيخ ، الأمر الذي يقود إلى إعادة إنتاج "نازية" دينية تمارس أشد أنواع الاستبداد . إن من شروط الديمقراطية وجود ضمانات دستورية وأخلاقية تمنع ممارسة الاستبداد باسم الديمقراطية . فالشيخ ياسين لا يخفي عزمه على ممارسة الحكم الفردي بعد أن يستولي على السلطة ويصادر كل الحقوق السياسية والمدنية . ومن كان غافلا عما يقرره الشيخ فليقرأ قوله ( ما يسمى بلسان العصر قيادة جماعية لا مكان له في الإسلام ، ولا معنى له في علم السياسة وممارسة السلطان . فالأمير هو صاحب الأمر والنهي في كل صغيرة وكبيرة )(ص66 المنهاج النبوي ) . إذن فالشيخ يريد الديمقراطية وسيلة توصله إلى الحكم بدون إجهاد ولا خسائر ، لكن بعد التمكن من السلطة لن تعود هناك تعددية سياسية أو فكرية أو حزبية ولا منافسة بين البرامج ولا تداول على السلطة . بل تصير أمور الدولة كلها بيد رجال الدعوة ، كما يشرّع الشيخ ( حقيقة التمكين في الأرض أن تكون الدولة والسلطان بيد رجال الدعوة الساهرين على الدين )(ص391 المنهاج) . أما الديمقراطية فمصيرها الاجتثاث ( القضية مصير أمة هي الآن خارج التاريخ ، طفيلية على التاريخ . لا مجرد تداول على السلطة بنظام تسمونه ديمقراطية ونسميه شورى . إن كانت الديمقراطية تخفي تحت أثوابها العداوة للدين ، ونفض اليد من الدين .. وكل فكر دخيل على الإسلام لا يمتثل لكلمة الله وسنة رسوله شجرة خبيثة تجتث من فوق أرض الإسلام ولو بعد حين )(ص 585 العدل). ب ـ العصيان المدني : ذلك أن الشيخ وضع أمام جماعته ثلاث سيناريوهات للوصول إلى الحكم وقلب النظام . الأول يعتمد الانتخابات كما سلف بيانه . الثاني يعتمد العصيان المدني من خلال الأساليب التالية التي حددها الشيخ ( مقاومة الظلم حتى الموت ولو نشرا بالمناشير .. ثم مقاطعة الظالمين : لا نواكلهم ولا نشاربهم ولا نجالسهم . وهذه هي الصيغة المثلى للقومة . فلو قدرنا أن نتجنب استعمال السلاح ضد الأنظمة الفاسدة ، ونقاطعها حتى تشل حركتها ، ويسقط سلطانها ، وترذل كلمتها )(ص 36 رجال القومة والإصلاح). ولا شك أن الأسلوب الذي تنهجه الآن الجماعة في مواجهة الدولة يهدف إلى تهيئ الأتباع وتدريبهم على ممارسة أدنى مستويات العصيان المدني ، أي عصيان أوامر السلطة . ج ـ المواجهة المسلحة : وهي الخطوة الأخيرة إذا عجزت الجماعة عن حشد الأتباع وعموم المواطنين ضد الدولة وتنظيم احتجاجات واسعة تضع الدولة في مواجهة الشعب وليس الجماعة فقط ، كما فعل الخميني في ثورته ضد الشاه . وإذا ما فشلت هذه الخطوة ، فإن الجماعة عازمة على حمل السلاح ، ليس فقط ضد الدولة ، بل ضد المجتمع برمته كما فعلت جبهة الإنقاذ في الجزائر . أما النموذج الثاني فسيكون موضوع المقالة القادمة إن شاء الله .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإصلاح الشامل والجذري للدستور مطلب لم تنضج بعد شروطه
-
أية نكسة هذه لما توجه حماس صواريخها ضد الفلسطينيين؟
-
موسم هرولة الإسلاميين لاسترضاء الأمريكيين 2
-
موسم هرولة الإسلاميين لاسترضاء الأمريكيين - 1
-
مواجهة الإرهاب مسئولية الجميع
-
بعد ثلاث سنوات أين المغرب من خطر الإرهاب ؟
-
هل يمكن تعميم المنهج السعودي في مواجهة الإرهاب الإسلاموي ؟
-
الشيخ ياسين يجعل من الخرافة فُلك النبي نوح
-
هل يفلح الحوار المتوسطي في تفعيل الحوار المغاربي ؟
-
هؤلاء هم أعداؤك يا وطني
-
رسالة إلى الدكتور شاكر النابلسي
-
القرارات السياسية تتغذى على الأعراف وتوظفها لتهميش المرأة وإ
...
-
الفقه شرعنة للعرف وتشريع للتمييز ضد المرأة
-
عولمة الإرهاب وعولمة الحرب عليه 2
-
لما تصير المرأة ضحية العُرف والفقه والسياسة(1)
-
أصبح ممكنا الحديث عن عولمة الارهاب وعولمة محاربته 1
-
الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب
...
-
شيوخ التطرف هم ملهمو الرسام الدنمركي وشياطينه
-
أمة لا تجتهد إلا في قهر النساء وتبخيسهن 2
-
التحالف مع العدل والإحسان لا يكون إلا على أساس معاداة النظام
...
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|