أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قيس عوده قاسم الكناني - الموسيقى والتكوين الافتراضي لصورة المكان














المزيد.....

الموسيقى والتكوين الافتراضي لصورة المكان


قيس عوده قاسم الكناني
(Qays Oudah Qasim)


الحوار المتمدن-العدد: 6680 - 2020 / 9 / 18 - 02:41
المحور: الادب والفن
    


الموسيقى لا تحدث في مكان، وبالرغم من ذلك فأنها قادرة على إنتاجه تخيليًا، فهي غير منبتة الصلة بالمكان الطبيعي، اذ تسمح الموسيقى ليس فقط بإنتاج المكان، بل تمكننا من وضع تصورات مكانية لا نهاية لها أثناء الاستماع، اذ تمثل لنا ما نسمعه في هيئة بُنَى لا نهاية لها مع كل تأويل جديد للعمل نفسه، والسبب في ذلك أنها أكثر الفنون البُعديّة عمومًا تحررا من المكان، هذه الحرية تسمح لوعينا أن يحلّق – مجازاً وتقريباً – فوق المكان ذاته، فالموسيقى دخلت في معترك من التعديلات في التعبير والإنتاج والتخييل فلم تعد الموسيقى كما كانت مجرد الحان وإيقاعات منظمة بل " طرأت على الموسيقى تحسينات كبيرة حتى تساوت مع الكلمات في درجة التعبير، وحاولت بعد ذلك تجاوزها، ولم يعد فصلها عن الكلمات يمثل ضرباً من الجنون، فالمعاني التي كانت تولدها الأنغام وهي تصاحب الكلمات كانت قد أعدت العقول لتقبل فكرة إنفصالها واستقلالها"( ) لأن الموسيقى لا تسمح فقط بتصورات غير متناهية عن المكان، بل (تدفعنا) أثناء الاستماع إلى وضع هذه التصورات، ويحدث هذا الشعور بسبب الحركة التي يخلقها الإيقاع، والتي لا نتصورها إلا في مكان، والمقصود بالحركة في هذا السياق حركة النّقلة، نظراً لأن كل تغيّر حركة، وأساس العلاقة بين الموسيقى وبين المكان الطبيعي هو هذه الحركة، التي تتولّد عن طريق الإيقاع، لذلك تلعب الموسيقى دورا فعلا وبارزا في تكوين المكان الافتراضي .
وبطبيعة الحال هناك أنماط عديدة للموسيقى، فالمبادئ والقواعد الموسيقية التي تنطبق على الموسيقى الكلاسيكية وموسيقى الجاز ليست بالضرورة هي نفس المبادئ التي تنطبق على موسيقى الراب والروك،" فالموسيقى الحديثة تبرز إيقاعات الرقص التنويمية أكثر من إبرازها للهارموني او التوافق النغمي كما انها توجه اهتماما اكبر نحو الصورة أكثر من اهتمامها في الحرفية الموسيقية عالية المستوى "( ) بمعنى ان الموسيقى الحديثة خرجت عن المألوف السائد فلم تعد الموسيقى مجرد نغمات وإيقاعات تنظم وتعزف في قوالب موسيقية معينة بل أصبح المؤلفون ينسجون صورا افتراضية في مؤلفاتهم الموسيقية تتقارب بموضوعاتها مع الطبيعة، بالرغم من ان الموسيقى هي من أكثر الفنون ابتعاداً عن الطبيعة من ناحية الملموس المادي، اي بمعنى انها ليست كالرسم او النحت او التصوير، لذلك حالوا بعض المؤلفين، كما في موسيقى الفصول الأربعة لـ(فيفالدي) اذ جعل الحان موسيقاه تتحدث عن الطبيعة من خلال كل فصل من فصول السنة، لذلك أصبحت للموسيقى صوراً تتحدث وتكشف عن موضوعات افتراضية تربطها ارتباطاً مباشراً بالطبيعة، وهذا يتطلب تحفيز لذاكرة المتلقي، كما " يتطلب مهارة في التأليف الموسيقي الذي يفترض فيه قوة في التعبير تدفع الذاكرة الى تخيل فضاء العمل الموسيقي وتأثيثه ليتسنى لك التقاط موضوعه.. فقرع الأجراس يحيلك الى تخيل صورة كنيسة او ما شابه، وسماع مارش يحيلك الى صورة من مفردات العسكرية، وصرير الباب يحيلك الى تصور باب يفتح او يغلق " ( ) هذا الطابع السمعي التجريدي الذي تتسم فيه المؤلفات الموسيقية الآلية حين يصل التلقي عبر جمل موسيقية منسقة تنسيقا قصدياً واعياً فيخلق ما يمكن تسميته الصورة التي تمثل الموضوع او تعبر عنه تخيلياً افتراضياً.
لذلك فقد قسمت الموسيقى الى نوعين أولهما الموسيقى التجريدية او ما يسمى الموسيقى الخالصة، وهي موسيقى مكونة من نماذج صوتية نغمية آلية حيث تسمع لذاتها فقط، ولا تثير اي صور حسية في ذهن السامع او المتلقي، والنوع الثاني يسمى موسيقى ذات الموضوع او الوصفية، او الموسيقى التصويرية وهي الموسيقى التي تصور موضوعاَ معيناً، فهي تجعلنا أثناء سماعنا نتصور ونتخيل تلك الصور الافتراضية التي ترسمها النغمات الموسيقية حيث تزيد هذه التصورات الافتراضية فهمنا للمقطوعات الموسيقية، كما في السيمفونية السادسة التي تسمى(بالريفية) للموسيقار(بتهوفن) الذي يصور المكان الريفي ويرسم صورا تحكيها انغام الموسيقى ويتحسس المستمع بوصف المكان الريفي . ( )
وتكون هذه الموسيقى على نوعين:
1. موسيقى الوصف الحرفي: او ما تسمى بالتصويري المحاكي، فمثلا مؤلف موسيقي يرغب في محاكاة دق النواقيس في الليل، فيستعمل لذلك الصوت مركبات هارمونية لأي آلة من آلات الاوركسترا، وبالتالي يكون الوصف او التصوير الموسيقي لصوت النواقيس هو محاكاة حقيقية لشيء حقيقي بالفعل، وهناك نوع من الوصف الموسيقي هو جزء من قصيدة سيمفونية لـــ(رتشارد شتراوس) الذي أقام بمحاكاة وتصوير صوت الأغنام الذي بدوره ينقلنها الى تصوير افتراضي لمكان الاغنام، والموسيقى هنا لا سبب لوجودها إلا مجرد تصوير هذه المحاكاة.
2. الوصف الموسيقي الذي يقترب من الشعر: في هذا النوع تقل فيه صفة المحاكاة الحرفية ويكون في الوصف والتصوير اقرب الى الشعر، اذ يحاول المؤلف في هذا النوع من الوصف الموسيقي ان لا يصور ولا يصف منظر او حادث ولكن ما يحيط به من ظروف خارجية يؤثر في نفسه ويثير فيه بعض المشاعر التي يرغب في نقلها للمستمع، وقد تكون هذه الظروف هي إحدى الأسواق او الأماكن الريفية او البحر، ولا يكون وصفها وتصويرها في صورة المحاكاة الحرفية وإنما ينقل نسخة موسيقية افتراضية شاعرية كما تنطبع في ذهن المؤلف(من خيال المؤلف الى خيال المتلقي) وبهذا يؤلف نموذجا عاليا من الموسيقى التصويرية، لان محاكاة صوت الأغنام لن تتعدى الشبة لصوت الأغنام وحسب، وأما تصوير البحر والأماكن الريفية بالأسلوب الموسيقي فانه يسمح دائما بحرية الخيال الافتراضية عند المؤلف الموسيقي والمتلقي. ( )



#قيس_عوده_قاسم_الكناني (هاشتاغ)       Qays_Oudah_Qasim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاثر النفسي لجماليات الموسيقى
- كيف نرى الموسيقى في منظور جمالي
- الموسيقى في مسرح فاختانكوف تقنية أساسية في إنشاء المشهد الخي ...
- الخطاب الذهني وكسر الإيهام في موسيقى المسرح التغريبي
- الأغنية الوطنية خطاب درامي لإظهار الهوية
- مقاربات في الصورة الدرامية لأعمال بتهوفن الموسيقية ..
- قراءة في فضاء استطيقيا الموسيقى...
- هل الموسيقى في المسرح عنصر من عناصر السينوغرافيا


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قيس عوده قاسم الكناني - الموسيقى والتكوين الافتراضي لصورة المكان