|
نعم للصلح ولا للتفاوض ونعم للاعتراف ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6676 - 2020 / 9 / 14 - 14:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ يعتبر إسحاق روتشيلد بالنسبة لمعظم اليهود بقارون ابن عم موسى ، وايضاً يعتبر في الجانب الأخر تيودور هرتزل الرسول للقومية الإسرائيلية ، بل كانا القريبان ومع مجموعة من المفكرين والمتدينين قد وجدوا قاسم مشترك لحكاية فكرة الدولة الحديثة التى يجتمع فيها كل من يرغب بتل ابيب عاصمة لدولته ، والمتدين اليهودي الذي ورث حقيبة ابيه منذ ولادته لشد الرحال لبناء الهيكل ، جاءت قمة اللاءات الثلاثة في السودان نتيجة هزيمة حزيران 67 من القرن الماضي وعرفت القمة ب( لا للصلح ولا للتفاوض ولا للاعتراف ) إذن السؤال المركزي ، كيف وصلت أمور العرب إلى هذه المواصيل التى تحولت اللاءات الثلاثة ، ( لاء ) واحدة وإثنين نعم ، فأصبحت المعادلة اليوم هكذا ، نعم للصلح ولا للتفاوض ونعم للاعتراف ، بل هناك مرحلة غائبة عن السجال الدائر ، لكنها حاضرة بقوة ، هي المعني الحقيقي لكلمة التطبيع ، وبالتالي أنتقل الطرفين من موقع العداء العنيف إلى التطبيع ، أي أن التطبيع جاء بعد علاقات متوترة وقطيعة لتصبح طبيعية ، إذن دول الطوق مثل مصر والأردن ومنظمة التحرير التى كانت الأخيرة تمثل قوة عسكرية في جنوب لبنان تحت اسم فتح لاند ، جميعهم طبعوا مع الإسرائيلي نتيجة هزيمة 67 ، في المقابل ، بدأ مسلسل العلاقات السرية بين الخليج العربي وإسرائيل منذ هزيمة العراق في حرب الخليج الثلاثة وتمكُن حرس الثوري الإيراني بالسيطرة على مفاصل الجغرافيا والتمدد بالاتجاهات المتعددة ، إذن الهزيمتان نقلاتا المحورين العربي من اللاءات الثلاثة إلى مرحلة التطبيع الكامل ، وكل ذلك جاء بصراحة نتيجة منع سقوط الأنظمة العربية بما فيهم منظمة التحرير ، كما حصل مع النظام البعث في العراق ، بالطبع قد يتساءل المرء عن مصير حركة طالبان ، وبالتالي هناك فارق بين البعث وطالبان ، لا يصح وضعهما في سلة واحدة أو صنع مقارنة بينهما لأن التركيبة العقائدية تختلف ، طالبان حركة لم تتحول إلى حزب سلطوي وبالتالي حافظت على الفكرة وقواعدها التنظيمية والصحيح الإشارة ايضاً له ، بأن عودت حركة طالبان إلى الحياة ، تبقى ضمن الاستراتيجية الامريكية الأوسع في المنطقة ، أما في الجانب التركي ، إحتلت اليونان أنقرة والأناضول وأطلق على الحرب بحرب اسيا الصغرى أو نكبة اسيا الصغرى وبتشجيع من بريطانيا والغرب عموماً تمكنت القوات اليونانية التوغل في معظم الأراضي التركية ، فأثناء المقاومة الشعبية للأتراك تفاوض اليهود مع مصطفى اتاتورك على إقامة الجمهورية وبالتالي مهد ذلك دخولهم إلى الناتو بعد إعترافهم بإسرائيل وأقامت تركيا علاقات دبلوماسية كاملة ، الدولة ذات كثافة مسلمة ، لقد وضعوا اليهود الأتراك بين خيارين ، الاستعمار الغربي لأغلب مناطقهم ومنح الأكراد دولة أو إقامة جمهورية تشمل الأناضول وتراقيا الشمالية ومناطق من سوريا .
باعتقادي الشخصي ، التطبيع الأهم ، لم يكن بين الأتراك واليهود أو العرب واليهود ، بل بين الألمان واليهود ، لقد عبر عن ذلك ديفيد بن غوريون المؤسس الأول للدولة في عبارة تدلل عن حجم البراغماتية اليهودية وعن حضورها أثناء كظم الغيظ ، قال بالحرف ( لا يحق لنا أن نتناسى ما جرى لكن ايضاً من جانب آخر ، لا يصح لنا أن نبني دبلوماسيتنا على ما حدث ) وبالفعل قامت ألمانيا القوة الاقتصادية بعد عشرين عام من المحرقة بتدشين علاقات تطبيعية مع إسرائيل رغم العداء المركب والتاريخي والأيديولوجي والعنصري ، لم يكن الإجراء بالبسيط على الجهتين ، لأن مجرد فكرة العلاقات الدبلوماسية والتطبيع كانت تعد مسألة مستحيلة ، لكن الهيمنة اليهودية على العالم أجبر الألمان تقديم 3 مليارات دولار مبدئياً إلى تل ابيب كتعويضات عن المحرقة وتحولت ألمانيا الدولة الثانية بعد الولايات الأمريكية تتعاون تجارياً مع دولة احفاد المحارق وبالتالي ايضاً ، يصح النظر إلى تركيا بعد سنوات طويلة من التبادل التجاري وإعتماد انقرة تحديداً على التسلح الاسرائيلي ، أنها تغيرت وتحولت إلى قوة إقليمية ، لكن ايضاً لا بد أن لا ينسى المراقب ، أن واشنطن تمتلك في قاعدة انجرليك الجوية 50 قنبلة نووية تكتيكية من نوع بي 61 بالإضافة إلى عشرات القنابل الأخرى وايضاً ، يوجد للأمريكان قنابل في دول أخرى من الحلف الناتو ، إيطاليا بلجيكيا وهولندا وألمانيا ، إذن ضمنياً ، تعتبر الكلمة العليا في منطقتين أوروبا والشرق الأوسط للنووي الأمريكي .
بالبطع ، لم تعتمد الصهيونية على أموالها وحدها ، بل أسست لعلاقة ثنائية بين الكنيسة والكنيس ، عمقت من خلالهما الشعور بالوعي للتوراة والانجيل والوعي بالمكان ، لم يتغير حال اليهود جذرياً إلا بعد إعلان عن أرض كنعان الثانية ، الولايات المحتدة الأمريكية ، بالرغم من توسعهم الاقتصادي والمالي والصناعي وتحكمهم بالموارد الطبعية والبشرية في أوروبا ، إلا أن أمريكا كانت نقطة التحول الجوهري للمشرع الصهيوني ، وهنا عندما نقول الصهيوني ، لا نعني ابداً بالهيمنة اليهودية على فلسطيني ، بل على العالم أجمع ، لقد توزعت خمسة عائلات كنعان الثاني بين النازية والحلفاء ، روتشيلد ودوبونت وموركان وبوش روكفلر ، بالطبع العائلات الخمسة كانوا وراء جميع الحروب الكبرى في أوروبا وايضاً في الدولة الإسبانية ( الممتدة ) ، والحروب الأهلية الأمريكية والاستقلال والحربين العالميتين والحروب الأهلية التالية ، لكن بعد القرن التاسع عشر تحولت هذه العائلات إلى قوة لدرجة قادوا انقلاباً فاشلاً وسري على الرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت ، بهدف أحكام قبضة الطبقة الأغنياء على البيت الأبيض ، بل عندما فشلت محاولتهم على الفور أسسوا تجمع مضاد لتجمع الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، وأطلق عليه مسمى بيلدبيرغ لأغنياء العالم ، على سبيل المثال ، تمتلك عائلة روتشيلد 700 تريليونات من دولارات وتعتبر الأغنى في العالم ، بل تتحكم بالاحتياطي الفدرالي داخل امريكا وتمول تاريخياً الحزب الجمهوري وتتحكم ايضاً بأغلب المنظومة الإعلامية والإعلانية ، في مقدمتهما ال ccn وهوليوود ، بالإضافة إلى كل ذلك ، هذه العائلات تنتج للبشرية 60 % من احتياجات المختلفة للدول والأفراد ، بل أهم من ذلك ، لقد استنفرت عائلة روتشيلد العالم من أجل خوض الحرب العالمية الأولى ، لكي تسترد القروض الممنوحة لدول أوروبا وروسيا ، وبالتالي أسقطت ملوك وأنظمة وأعادت تشكيل حكومات جديدة ، وهذا يفسر لنا كيف عائلة واحدة مثل عائلة موركان تدير الاحتياطي الأكبر للذهب في العالم ، أي أن ما يفهم من ذلك ، بأن الولايات المتحدة الأمريكية ، حسب الأصول التكوينية ومراكز المال ، تُعتبر رهينة للعائلات الخمسة المتحالفة مع أغنياء العالم ، وهذه الأصول ذاتها التى انتشلت بريطانيا من الهزيمة أمام ألمانيا مقابل إطلاق وعد بلفور ومولت الهجرة اليهودية إلى فلسطين ومن ثم قسمت العالم إلى دول وشعوب .
التبسيط هنا ، يبدأ من توضيح واقع الديناميات الكبرى التى كانت تشكل حماية لشقيقاتها الصغرى ، إذن عندما طبعت مصر مع اسرائيل ، فإن من البديهي لشمال أفريقيا والقارة السوداء ومنظمة التحرير التى تكونت في القاهرة ، أن يلتحقوا في الركب ، ايضاً سقوط العراق جعل من الخليج العربي عاري تماماً من أي درع حقيقي ، فالتطبيع مع الاحتلال ، يمنع تشجيع إيران فعل ما فعلته اليونان في تركيا سابقاً وإيران في العراق وسوريا ، بل تفجير محطة النفط في بقيق وخريص في السعودية كان الهجوم بالطائرات المسيرة رسالة واضحة ، وبالتالي السؤال الذي من المفترض أن يطرحه كل عربي على نفسه ، هل يمكن لهذه الدول مواجهة هذه القوة العالمية طالما أخفقت الدول المركزية في مواجهتها ، إذن الخلاصة ، إسرائيل حسب التجربة لا ينفع مقارعتها من خلال الأنظمة أو شبه الأنظمة . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب القادمة مِّن يصهر مِّن / كان الصلح مع إسرائيل من أجل ا
...
-
ثقافة الاستخفاف وثقافة الاحتطاب ...
-
الحدثان الأهم في انفجار لبنان ...
-
بين فيروز قاتل جدنا وفيروز أيقونتنا ...
-
قصيدة الاستسلام / بين خيمتنا وخيبتنا ...
-
الثنائية من أصول التكوين يا نصرالله ...
-
إلى الرئيس السيسي رئيس الجمهورية ...
-
في أي حادث سير ، مرتكب الحادث يتحمل ببساطة المسؤولية ، فكيف
...
-
المواجهة الأعنف في القارة الصاعدة ...
-
يساء فهمي دائماً ولستُ من محبي التبرير ..
-
اخطائتوا عندما نكثتوا عهدكم ...
-
من مشروع تحريري إلى مشروع تصاريح زيارات ..
-
زمن الاصطفافات والعالم بارك المعاهدة ...
-
مناعة الشاب غابرييل عالية ...
-
نتيجة تبعية مطلقة ، صُنعَ نموذج سيء ...
-
تستحق السيادة عندما تكون سيد نفسك ..
-
لجنتان واحدة وطنية وأخرى دولية ، ما هو المانع ...
-
هل يمكن يا سيدي الحصول على المال بلا إصلاحات ...
-
الوقوف إلى الجانب الخاطئ من التاريخ ...
-
السد الإثيوبي مقابل الاستراتيجية المائية ( المصرية )...
المزيد.....
-
مقتل يحيى السنوار.. ما عليك معرفته من التعرّف عليه عبر سجل ا
...
-
قبرص: حريق في بافوس يتسبب في تدمير جزء من مبنى تاريخي يعود إ
...
-
الحزن يعم بوينس آيرس: عشاق باين من فرقة -ون دايركشن- يودعون
...
-
أبرز 4 أهداف في -الضوء الأحمر- ضمن قائمة الضربة الانتقامية ا
...
-
الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة ضد شبكة -لتمويل- الحوثيين
...
-
برلماني أوروبي: الدعم لنظام كييف قد ينخفض إذا فاز ترامب
-
بعد اغتيال السنوار.. الجيش الإسرائيلي يحدد هدفه التالي
-
نتفليكس تتوقع مضاعفة أرباحها بعد إضافة 5 ملايين مشترك جديد
-
حقيقة فيديو حريق في ثاني أكبر مصفاة نفط إسرائيلية
-
قارنت ردة فعله بصدام حسين.. إيران تعلق على مقتل يحيى السنوار
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|