أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عيد الدرويش - واسوارتان للعروسة














المزيد.....

واسوارتان للعروسة


عيد الدرويش

الحوار المتمدن-العدد: 1602 - 2006 / 7 / 5 - 06:12
المحور: كتابات ساخرة
    


حدثني عيسى بن هشام أن في عصر الرشيد قد توغل البرامكة في أمور الدولة , وعاثوا فسادا , ومن بينهم أن رجلا امتاز بدهائه وخبثه قد عاش طفولة مشردة , وهذا النمط في الحياة يجعل الفرد إما عالما وداهية عصره , أو فاسدا , وصاحبنا يبدو أنه جمع المجد من كل أطرافه , فأصبح داهية في الفساد , وفي طرق الكسب والنهب من عامة العباد , ويخال لك أنه من قوم عاد وقد تبوأ مكانة في مفاصل الدولة في عصر الرشيد , ولم يكن هو وحيد عصره في الفساد والإفساد التي عمت البلاد , رغم مواعظ النصح والإرشاد , ولم تكن الحكمة التي قالها أسلافنا في هذا المقام , إلا بناء على تلك الظواهر التي تروج في المجتمع , فالخليفة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول :لا تعلموا أولاد السفلة العلم , فإن تعلموا طلبوا معالي الأمور, وإن تقلدوها أذلوا كرام الناس.
فقال سأروي لك واقعة واحدة منها لما كان يسود في تلك الفترة , وليس من المكان ببعيد بأن هناك رجلان جاءا يشكوان بعد أن أصابهما اليأس والذل والهوان , من لجان قد شكلت لتوزيع للأراضي والأطيان , وهذان الشاكيان من تخوم مدينة الرشيد يسعيان ليستأجرا أرضا بها ينتفعان بمثل غيرهم مما ينعمان بما يسمى بحث اجتماعي في قرى مجاورة لقرية "غصمان" .
وقد طرقوا كل باب , لعلهم يجدون من يعطيهم الجواب , ويرشدهم إلى التقاة والثقاة ولشدة ورعهم بأنهم حُـفات , ولا يلبسون من الثياب إلا ما يستر عورتهم , وهم فخورون بأنهم ليسوا عراة , وجاءا إلى هيئة الحسبة في أمرهما يحتسبان , وحسبهما بأنهما سينصفان , ولسوء حظهما مع محتسب فاسد يلتقيان , ويمعن النظر بهما كأنهما فريستان , فأوحى إليهما بمشكلة عالقة بينه وبين أقاربهم تحتاج إلى إنهائها من الدراهم من الآلاف مئتان , وهما من ذوي اللب يفهمان , وعنوان داره منه يأخذان , فيبدآن في رحلة وعلى وجهيهما يكبان , ومن المال يجمعان , وإلى بيته يدخلان , وحسبهما أيضا أنهما آمنان , وبرضائه سيحظيان , وسلماه مال قد جمعاه له , وأخذ إليهما ينظر مترددا في أخذه , وهو ليس من العفة والحياء , ولكنه في الزيادة طامع , ومكانته تساعده فما المانع , مادام الحياء ليس لديه برادع , وهو بالذمة واسع , فهي فرصة لا تعوض , وعلى كل واحد منهم أن يرّوض , وأنه من هيئة الحسبة مفوض , وإن ما دخل جيبه لا يكفي , فالمطلوب على ذلك يزيد , ولكنة يدرك إنهما لعائدان مادام أمرهما بيده مرهونان.
فقلت ماذا بعد , فقال :عادا إليه ثانية بعد مدة والتعب والشقاء قد أضناهما , ويقول أحدهما للآخر فما عليك إلا أن تأخذ له أنت النقود , وأنا آخذ له الذهب الإبريز لهذا المحتسب العزيز, وفي جولة أخرى دخلا إلى بيته , واستقبلهما استقبالا حارا , وهو يرنو إلى ما بيدهما من كيس وأعطوه إياه , وقالا له إن هذا الكيس فيه من الذهب الثمين اسوارتان لزوجتك العروسة , وعندها انفردت أسارير وجهه مبتسما بابتسامه تكاد تختلط عليهما الأمور , وهو ذميم الهيئة والمظهر , وأنه يطمح في المزيد , ومن الزيارات الكثيرة يريد , وقال : أن هديتكم مقبولة , وأموركم محلولة , وجهودكم مشكورة.
ويردف بالقول من كان يجالسنا وهو يقول : يا صديقي لا تذهب بعيدا , فاسألني عنه فإنه بالوساطة جدير, وفي تعيين زوجته خبير , وعند ذوي الشأن ينال التقدير لكيلا يسلط على هذا الأخير تقرير, وكل شيء عنده له تبرير يستقطبه البعض من الولاة الفاسدين والمفسدين فيصفونه بالشريف والعفيف والنظيف , وعندها تذكرت الحكمة التي تقول أن الفاسد محبوب من قبل الأشرار, ومكروه من قبل الأخيار.
ويستطرد صاحبي , ويقول : فقد تقدما بشكاية للقضاء , حول ما استغفلهم بأمرهم وما حدث معهما وما صار , وبإدانته لن يحصلوا على قرار , لأنه أصبح قطبا في الفساد بعد أن تجاوز مرتبة الأبدال والأوتاد , وتوأد شكواهم في سراديب هيئة الحسبة والقضاء وتحنط قضايا وشكاوى الدهماء , كما يحنط الأموات عند المصريين القدماء , وتصبح الملفات كالمومياء , ليعسر عليك معرفة العلاج والدواء , وصاحبنا المحتسب يسرح ويمرح في كل مكان ومطرح , وتقدم له العطايا والهدايا من كل باب بدون استفسار ولا جواب , أما صاحبينا الشاكيان فهما لا يزالان وحظهما يندبان , وكل باب يدقان , ويرفعان يديهما إلى السماء حتى رأينا عفريتي ابطيهما , وإلى الله عزوجل يتضرعان..................فبأي آلاء ربكما تكذبان ....؟؟؟؟



#عيد_الدرويش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان بين الفلسفة والتصوف
- التطرف الديني بين التفكير و التكفير
- حوار الحضارات بين المنفعة والواجب


المزيد.....




- لبنان يحظر عرض «سنو وايت» في دور السينما بسبب مشاركة ممثلة إ ...
- فيديو.. -انتحاري- يقتحم المسرح خلال غناء سيرين عبد النور
- بين الأدب والسياسة.. ماريو فارغاس يوسا آخر أدباء أميركا اللا ...
- -هوماي- ظاهرة موسيقية تعيد إحياء التراث الباشكيري على الخريط ...
- السعودية تطلق مشروع -السياسات اللغوية في العالم-
- فنان يثني الملاعق والشوك لصنع تماثيل مبهرة في قطر.. شاهد كيف ...
- أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس ...
- أفلام رعب طول اليوم .. جهز فشارك واستنى الفيلم الجديد على تر ...
- متاحف الكرملين تقيم معرضا لتقاليد المطبخ الصيني
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. ملحن يؤلف الموسيقى حتى بعد وفاته!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عيد الدرويش - واسوارتان للعروسة