أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أيهم نور الصباح حسن - السوريون و ضبابية الهوية














المزيد.....

السوريون و ضبابية الهوية


أيهم نور الصباح حسن
باحث و كاتب

(Ayham Noursabah Hasan)


الحوار المتمدن-العدد: 6668 - 2020 / 9 / 5 - 11:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" السوريون و ضبابية الهوية "

من أنا ؟ ماذا انا ؟
من نحن ؟ ماذا نحن ؟
من هُم ؟ ماذا هُم ؟

تجبرنا الحروب و الصراعات التي نعيشها ( الداخلية و الأهلية خصوصاً ) على العودة إلى التساؤل حول إشكاليات مفاهيم الهوية الأساسية ( الـ أنا و الـ نحن و الـ هُم ) , بالرغم من أن هذه الحروب و الصراعات هي نفسها كانت المُكرِّس الرئيسي لصناعة الـ نحن و الـ هُم منذ البداية , إذ لا يتكرس مفهوم الـ نحن و الـ هُم بشكله الحقيقي و الواقعي دون حروب و صراعات و نزاعات , و كلما ازدادت وحشية الحرب و طالت كلما ازداد تفكك الجماعة و انقسامها .

في الحرب لا تسأل نفسك من أنا ؟ بل تسألها مع من أنا ؟ من هي الجماعة التي تحقق لي الأمان ؟ من أولئك الـ هُم الذين يشكلون خطراً على نفسي و على أحبائي ؟ فتنضوي تحت لواء من يحقق لك أمانك و يحدث الانقسام .

في الحرب يتم تعريف الـ نحن بعكس الـ هُم فلا يمكنك تعريف جماعتك دون التطرق ( ذهنياً ) لأفكار و قناعات و سلوكيات الـ هُم السلبية و بنقيضها تصل لتعريفك للـ نحن .

في الحرب تستجدي الأنا البقاء فقط و تُغيِّبُ هي نفسها سؤالها عن نفسها إلى حين , و ما أن تهدأ الحرب قليلاً حتى تدفع السؤال للظهور : من أنا ؟ من نحن ؟ من هُم ؟ هل أنا في الجانب الصحيح ؟ و هل و هل ...

بدءاً من الماضي السحيق تتراكم الحروب بين المجموعات و تبدأ الهوية الجماعاتية لكل جماعة بالتبلّوُر و البزوغ .

تجتهد كل جماعة بغرس جذورها عميقاً في الماضي كي تدَّعي أنها أصل الهوية لا فرع منها .

يشكل تراكم هذه الحروب مع غيره من ظواهر القهر و الظلم و الاضطهاد و الصبر و النصر تاريخاً جماعاتياً يؤسس لوعي جمعي لدى الجماعة .
يتم شحذ هذا الوعي الجمعي و استثارته كلما آن أوان حرب جديدة .

تعمل السلطة التي تطلب الخلود ( أو أي قيادة جماعاتية ) على هوية أفرادها و الهويات الجماعاتية لشعبها بمَنحَيَين متعاكسين :
المنحى الأول : أدلجة الهوية الأساسية بحسب تصور و توجه السلطة و تسميتها الهوية الأصلية ثم نسخ جميع الهويات الفردية عن هذه الهوية الأصلية مما يسهل على السلطة قيادة الأفراد و الهيمنة عليهم .
الأفراد هنا هم عبارة عن أرقام " وطنية " فقط , خالية من أي بعد إنساني , تؤدي وظيفتها الأساسية المرسومة لها و هي حماية السلطة و المحافظة على استمرارها .

المنحى الثاني : دعم الهويات الجماعاتية و المحافظة على دوام افتراق هذه الهويات عن بعضها البعض منعاً لأي محاولة اتحاد بين هذه الهويات خوفاً من تشكيل مطالبة موحدة بإلغاء الهوية المؤدلجة التي صنعتها السلطة .
الجماعات هنا مجرد كرات تصدمها السلطة ببعضها البعض في حال احتاجت لذلك لسبب ما , و في الوقت نفسه تكون هي الحكم و القاضي الذي يفض الاشتباك و يفرض الصلح .

يعيش الفرد بهذه الحالة حالة فصام رباعية تتأرجح بين هويته الطبيعية الأولى كإنسان و الأساسية كمواطن فرد في دولة و الأصلية ( المؤدلجة ) كمواطن مؤدلج منسوخ الهوية و الجماعاتية كفرد ينتمي لجماعة أصغر من الجماعة الكلية .

و كما اللعبة الروسية ماتريوشكا أو بابوشكا ( فتاة خشبية بداخلها فتاة أصغر منها و هذه بداخلها فتاة أصغر أيضاً و هكذا ) تغذي السلطة استمرار هذا الفصام الرباعي بما يضمن عدم خروج الفرد من الهويات التي أطرتها له , و بقاؤه مشتتاً متصارعاً مع نفسه حول هوياته فيعود تلقائياً للهوية الأصلية ( المؤدلجة ) التي وضعتها له كونها الهوية الوحيدة التي تتيح له السلطة أن يظاهر بها .

لم يستطع السوريون حتى اليوم و برغم كل ما عانوه و كل ما دفعوه من أثمان مؤلمة أن يصلوا للبابوشكا الأولى ( باعتبارها سورية الأم دون أي أدلجة ) ولا زالوا يتصارعون مع أنفسهم و مع الآخر حول الهوية الحقيقية للبابوشكا الأولى فكلٌ يريد أن يصبغها بصبغته و كلٌ يريدها بحسب مقاسات جماعته و كلٌ يطلب اعتبار بابوشكته بابوشكا منفصلة عن الأصل .

إن جُلَّ ما نخشاه اليوم هو فناء خشب اللعبة قبل أن نصل إلى معرفة حقيقة البابوشكا السورية الأولى و الانضواء تحتها جميعاَ .. بخشوع و صمت .

أيهم حسن
5/9/2020



#أيهم_نور_الصباح_حسن (هاشتاغ)       Ayham_Noursabah_Hasan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوغل خازوقك فينا
- الخنوع و الانبطاحية باسم التنوير و العقلانية - مقال الشيخ ال ...
- العقل العربي و نظرية المؤامرة
- الشعوب العربية بين مطرقة الاستبداد و سندان الإسلاميين


المزيد.....




- بايدن يعترف باستخدام كلمة -خاطئة- بشأن ترامب
- الجيش الاسرائيلي: رشقات صاروخية من لبنان اجتازت الحدود نحو ...
- ليبيا.. اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في سرت (صور)
- صحيفة هنغارية: التقارير المتداولة حول محاولة اغتيال أوربان م ...
- نتنياهو متحدثا عن محاولة اغتيال ترامب: أخشى أن يحدث مثله في ...
- بايدن وترامب.. من القصف المتبادل للوحدة
- الجيش الروسي يدمر المدفعية البريطانية ذاتية الدفع -إيه أس 90 ...
- -اختراق شارع فيصل-.. بداية حراك شعبي في مصر أم حالة غضب فردي ...
- بعد إطلاق النار على ترامب.. بايدن يوضح ما قصده في -بؤرة الهد ...
- ترامب يختار السيناتور جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أيهم نور الصباح حسن - السوريون و ضبابية الهوية