أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - صالحة حيوني - البراكاج، والجسد الأنثويّ














المزيد.....


البراكاج، والجسد الأنثويّ


صالحة حيوني

الحوار المتمدن-العدد: 6665 - 2020 / 9 / 2 - 11:59
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لم يعد البراكاج Le braquage) ) أو قطع الطريق باستعمال السّلاح حدثا غريبا في مجتمع تتنامى فيه الجريمة لأسباب شتّى . لكن ما بدا غريبا عند الرأي العام ّ في إحدى هذه الحوادث التي جدّت في تونس في شهر أوت الحالي ّ وكانت ضحيّتها الإعلاميّة سحر حامد، هو أن تكون إحدى ضحايا هذا العنف امرأة، وأن يكون الفاعل المشتبه فيه امرأة أخرى، بل امرأة حسناء ضجّت مواقع التّواصل الاجتماعيّ بنشر بصورها في نوع من الدّهشة بسبب ما رآه الناس من مفارقة بين جمالها اللاّفت وشقرتها المشعّة وعيونها الملوّنة ، وفعل الجرم الذي أقدمت عليه أو اشتبه في إقدامها عليه . خاصّة أنّ هذا النّوع من العنف الذي يعتبر جريمة مركّبة يتقاطع فيها قطع الطّريق والسّلب والنهب وترويع الضّحايا والأذى الجسديّ وحمل السّلاح.. يقتضي مقدارا من الجرأة والقوّة بل التّهور الذي لم نعهده في جرائم النساء والتي ارتبطت غالبا بالعنف الأسريّ. ولذلك عبّر كثير من النّاس عن دهشتهم وعنونوا آراءهم بالقول أنّ " المظاهر خدّاعة " في إحالة على أنّ امرأة تمتلك ذلك المقدار من الجمال لا يمكن أن تكون مجرمة . والحقيقة أنّ ما يستوقف في الحادثة ليس أنّها فعل إجراميّ ـ رغم الإقرار بأهمّية ذلك ـ لكن ما يستوقف فعلا هو طبيعة التمثلات الاجتماعية حولها . فقد كشف حدث الاعتداء على الإعلاميّة أنّ الجسد الأنثويّ مازال مركَزا في النّظرة إلى النّساء حتّى في ارتكاب الجرائم وفي الحديث عنها.وأنّه حمّالة للكثير من معتقداتنا الاجتماعيّة مهما بدت الحوادث بعيدة عن موضوع الجسد .ونستجلي هذه المركزيّة في التّركيز على الجسد سواء في النّظرة للضّحية أو الجانية موضوع الاشتباه على حد ّ سواء. .فالضّحية في هذا الاعتداء مورس عليها عنف بعينه استهدف وجهها، وهو نموذج من العنف الذي يُسّلط على النّساء أساسا في اختزاليّة ترى النّساء " وجها جميلا " . ولذلك فإنّ فعل العقاب والتّشفّي والانتقام يستهدف غالبا ذلك الموضع من الجسد دون سواه، وكأن ّ المعتدي بذلك يسلب الضّحية ما به تكون اجتماعياّ ،أي وجهها وواجهتها الخارجيّة التي تحدّد قيمتها من عدمه وفق المعايير الاجتماعيّة ..ويزداد ذلك الفعل تأثيرا عندما تكون الضحيّة في وضع وظيفيّ يشكّل فيه جمال الوجه أساسا ، وهو ما ينطبق على الكثيرات ممّن يشتغلن في الإعلام البصريّ والفنون البصريّة وعروض الأزياء.. عندئذ يكون العقاب مضاعفا لأنّه يلحق بالضّحيّة ضررا اجتماعيّا واقتصادياّ في آن وقد ينتهي بفقدان الوظيفة في ظلّ مأسسة للجمال، يتحوّل بموجبها الجسد ومدى ملاءمته لمعايير الجمال شرطا لاقتحام النساء هذه الأعمال. إن ّ حياة هؤلاء تنتهي بمجرّد أن تخونهنّ أجسادهنّ فينفضّ عنهنّ الجميع. ولنا في قصص عارضات الأزياء وملكات الجمال وتشويه الوجوه تاريخ طويل في ذلك أقربه قصّة الّنجمة اللبنانيّة كارين حتّي. أماّ الزّاوية الثّانية في المشهد وهي صورة المعتدية ـ إن ثبتت إدانتها ـ فقد كان حديث " الصّدمة " هو أساس التداول الاجتماعيّ ، في نوع من الرّبط الاعتباطيّ بين جمال الجسد ، وما يقتضيه من رقّة ولطف، وهي صدمة تشي بتصلّب التمثّلات حول الأنوثة رغم أنّها تشكيل ثقافيّ متغيّر لم يمنع يوما قابلية النّساء الجميلات منهنّ وغير الجميلات من ارتكاب الجرائم وإن خفّت حدّتها واختلف نوعها عن جرائم الرّجال.إن ّ هذه " الصّدمة " إزاء صورة "المجرمة الفاتنة" لم تطرح الأسئلة المفترضة وهي السّؤال النفسيّ والاجتماعيّ ، وسؤال القيمة، وما الذي يجعل الإنسان يمتلئ حقدا وكراهيّة حدّ الإيذاء .لم تطرح شيئا من ذلك، لكنّها توقّفت عند الجسد ومتعلّقاته ، والعيون ولونها بين ناقم ينكر عليها كفرها بنعمة الجمال ودخول عالم الجريمة ، ومتحسّر تمنّى لو كان هو ضحيّة " البراكاج " ، وفي كلّ الحالات ، تغيب المرأة الإنسان جانية وضحيّة، لأن ّ قشرة سميكة غلّفتها ، هي الجسد.



#صالحة_حيوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في زمن الكورونا: النّساء المُعنّفات خبر عابر في شريط إخباريّ ...


المزيد.....




- -لا تفقدوني-.. لحظة إنقاذ امرأة تبلغ 100 عام من حرائق الغابا ...
- في مصر: الحكم على الفنانة منى فاروق بالسجن 3 سنوات
- الداخلية: الأدلة أثبتت براءة الضابط المتهم باغتصاب فتاة قاصر ...
- -لا تحرروني، سأتولى الأمر بنفسي-، عرض غنائي مسرحي يروي معانا ...
- بمناسبة شهر رمضان 2025.. حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في ...
- دراسة تزعم.. الانفصال العاطفي يضر بالرجال أكثر من النساء
- بيان مشترك: مخاوف من غياب “عدالة الإبلاغ” في جرائم العنف ضد ...
- الداخلية: الأدلة أثبتت براءة الضابط المتهم باغتصاب فتاة قاصر ...
- على أنقاض البيئة.. إسرائيل توسع مستوطناتها على حساب الغطاء ا ...
- الذكاء الاصطناعي يحدد النساء المعرضات لسرطان الثدي قبل سنوات ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - صالحة حيوني - البراكاج، والجسد الأنثويّ