أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - السد العالي .. تجربة أدبية














المزيد.....

السد العالي .. تجربة أدبية


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6662 - 2020 / 8 / 30 - 12:50
المحور: الادب والفن
    


تحتفل الأوساط المصرية بالذكرى الخمسين لبناء السد العالي، عندما اكتمل بناؤه في يوليو 1970، عند بناء السد العالي تبلورت رؤى عديدة فكرية وأدبية وسياسية تجاه تلك التجربة الفريدة، ولن نتوقف هنا عند رؤية الإخوان التي عبر عنها عمر التلمساني في عهد السادات حين كتب يقول: " نسأل الله أن يهييء لمصر من يكون له من الحزم والحسم ما يقضي به على هذا السد المشئوم ويهدمه". ذلك أن الإخوان لم يتمنوا الخير لمصر قط . على صعيد آخر انعكست تجربة بناء السد في أعمال أدبية بارزة مثل ديوان الأبنودي" جوابات الأسطى حراجي القط" الذي ظهر عام 1969 في شكل 15 رسالة متبادلة بين حراجي وزوجته فاطمة وهو يحكي لها عن عمله في السد وأن ذلك فتح عينيه على دنيا جديدة لم يكن يتخيلها. والديوان تمجيد لبطولة المصريين البسطاء الذين شاركوا في ذلك العمل الجبار. أيضا ظهر كتاب " إنسان السد العالي"( 1969) لمؤلفيه الثلاثة : الروائي صنع الله ابراهيم وكمال القلش ورؤوف مسعد ، ليوثق لبناء السد بنفس رؤية الأبنودي التي تلمست أثر الصرح الضخم في تغيير الانسان، وصراع الانسان مع الطبيعة. ويبدو الاحتفاء بالتجربة العملاقة منذ السطور الأولى للكتاب حين يشير الأدباء الثلاثة بعد رحلتهم إلى أسوان : " ونحن ننتهي من هذا الكتاب نشعر أننا عشنا أروع أيام حياتنا، أروع تجاربنا .. معركة الانسان المصري البسيط الذي ينحت الصخر ويهزم الجبل ويهد الدنيا ويبني عصرا جديدا". ويمضي الكتاب ليشير إلى :" قناة تحويل مجرى النيل التي استمر العمل في حفرها ثلاث سنوات" وإلى حفر الأنفاق التي جعلت دخول المياه أعلى من مستوى الطمي بحيث لا يتسرب الطمي إلى التوربينات قائلا:" كان حفر الأنفاق بالنسف عملا بطوليا حقا، لأن الجبل كان كائنا مجهولا لا تعرف متى أو أين ينفجر.. ومن سيختار من الرجال ضحايا له". ويمضي ليصف لوحة فريدة لعمل صدقي سليمان وزير السد العالي هناك فيقول:" في الأنفاق قالوا لنا كان صدقي سليمان يجلس هنا طول الليل على الأرض على إطار سيارة قديمة ليرى بنفسه العربات وهي تخرج للعمل". ويوثق التجربة بشهادات لمختلف العاملين ، المهندسين، والموظفين، والعمال البسطاء، ليقدم لنا لوحة كبيرة عن بطولة البشر في المعركة، وفي ذلك يقول أحد الشباب:" اسمى صفوت كمال إبراهيم، عمري عشرين سنة، ربما أكون أصغر شاب في الجمهورية يحمل وساما من الرئيس عبد الناصر، أقدر أصلح الكراكة الهايلة اللي أنت شايفها دي ببساطة، لكن ما أعرفش أغسل هدومي ولا أعرف أطبخ". ويقول آخر:" كل شيء اتغير في حياتي بعد السد، قالوا لي اسمك تقيل، اسمي تاوضروس كوندروس، سموني في السد حمام، تعالى ياحمام، روح يا حمام، وأصبح هذا اسمي"! وحين تأتي سيرة تهجير أهالي النوبة يكتفي الأدباء الثلاثة بالاشارة الى تكرار مأساة التهجير ثم يضيف ليخفف من وقع المأساة : " ولعلها المرة الأولى في حياة النوبيين التي يقف فيها الرئيس عبد الناصر سنة 1960 ليقول لهم إن المصريين والنوبيين أسرة واحدة وأن العزلة التي عاش فيها النوبيون منذ القدم آن لها أن تنتهي. وينتهي إلى أن النوبيين فقدوا النيل والسمك والنخيل لكنهم كما يقول الأدباء: " كسبوا حياة جديدة". بهذا التفاؤل والاعتزاز عبر الأدباء المصريون القاهريون عن التجربة، لكن الرواية المصرية النوبية توقفت بعين الأسى عند جراح أهل النوبة، وتجربة التهجير بعد بناء خزان أسوان عام 1902 ونزع ملكيات أجزاء من الأراضي للمنفعة العامة ، ثم ما جـرى عند التعلية الأولى للخزان عام 1912 والتعلية الثانية في 1933 حين أغرقت التعليتان القرى المتاخمة لأسوان، وأخيرا عند بناء السد العالي( 1960 – 1964 ) عندما تحولت خمس وأربعون قرية إلي بحيرات وتم تهجير السكان إلى قرى جديدة في كوم أمبو. وقد قدم خليل قاسم النوبي روايته الشهيرة " الشمندورة " التي نشرت على حلقات في مجلة صباح الخير ثم صدرت لاحقا عن دار الكاتب العربي عام 1968 ورصد فيها آثار التعلية الثانية لخزان أسوان. ومع أن عدد الروائيين المصريين من النوبة قليل ، إلا أننا سنلمس بوضوح تباين واختلاف الطرح الأدبي والفكري بالنسبة لموضوع السد العالي. هناك بداية حجاج أدول الذي ينتقل بنشاطه من الأدب إلى السياسة ومن السد العالي إلى الدعوة لفصل النوبة عن مصر وذلك في أعماله : " ثنائية الكشر" و" معتوق الخير" وغيرها. وفي المقابل سنجد موقفا آخر تعبر عنه الرواية المصرية النوبية على يد الكاتب البارز يحيي مختار، في مجموعته البديعة " عروس النيل" التي أطلق النقاد عليها " الرباعية النوبية"، وفي مجموعته الأخيرة " إندو ماندو" الصادرة في 2010 ، وفي قصته البديعة " إندو ماندو" يعيد الكاتب خلق قريته في قلب عاشقين نوبيين تربطهما آمال الحب والحياة، ويطرح تساؤلاته العميقة : هل ثمة حب بلا وطن؟ هل ثمة وطن بلا حب؟ هل تتمكن المحبة الجارفة من انقاذ الماضي الذي تبدد والتطلع إلى المستقبل؟. يطرح يحيي مختار هذه الأسئلة كلها مصحوبة بألم النوبيين من الهجرة، لكن أيضا مصحوبة بأملهم في أن المستقبل قريب منهم، وأن جراح اهالي النوبة مهما كانت عميقة ليست نهاية العالم، لكنها بداية عالم جديد، ذلك أن النوبة جزء من مصر وكل تطور يشمل مصر هو أيضا تطور لصالح النوبة. بهذه العين الموضوعية الدقيقة يرى يحيي مختار موضع الآسى، وموضع الأمل، ولا يخاصم السد العالي، لأنه ومضة غالية من صراع الشعب المصري البطل من أجل حريته واستقلاله.
***



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدونيس.. مدافع التطبيع
- جــــئـــت أنـــت قـصـة قــصـيــرة
- تـــصــادف أنــنــي .. قــصـة قـصـيـرة
- الــفـــلــوس فــي حــيــــاتــــي
- شجن - قصة قصيرة
- شـــجــــن - قـصـة قــصـيــرة
- تدوير الفكر الثقافي والسياسي
- المسافة من التحرش إلى الاعدام
- محمود رضا .. خفقة الراية الجميلة
- لماذا نكتب ؟
- حمار وحلاوة .. الشارع والثقافة
- عن الأدب والسياسة الآن
- عنف الديكتاتورية
- بياضة - قصة قصيرة
- ترامب لايحمي الأمريكيين .. لكن السوريين ممكن !
- أيام ضاحكة مع أحمد فؤاد نجم
- - حجر - يخص المرء وحده
- توماس راسل .. مذكرات حكمدار القاهرة
- حكايات لا تحدث إلا في الصحف
- وداعا سيبوفيلدا .. كاتب المقاومة والكبرياء


المزيد.....




- الحلقة الاولى مترجمة : متي يعرض مسلسل عثمان الجزء السادس الح ...
- مهرجان أفينيون المسرحي: اللغة العربية ضيفة الشرف في نسخة الع ...
- أصيلة تناقش دور الخبرة في التمييز بين الأصلي والمزيف في سوق ...
- محاولة اغتيال ترامب، مسرحية ام واقع؟ مواقع التواصل تحكم..
- الجليلة وأنّتها الشعرية!
- نزل اغنية البندورة الحمرا.. تردد قناة طيور الجنه الجديد 2024 ...
- الشاب المصفوع من -محمد رمضان- يعلق على اعتذار الفنان له (فيد ...
- رأي.. سامية عايش تكتب لـCNN: فيلم -نورة- مقاربة بين البداوة ...
- ماذا نريد.. الحضارة أم منتجاتها؟
- 77 دار نشر ونحو 600 ضيف في معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - السد العالي .. تجربة أدبية