|
المتحوّل و الثابت في مثل الأصدقاء
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6661 - 2020 / 8 / 29 - 10:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أذكر أنني انتميت إلى الحزب الشيوعي، وكنت في السادسة عشر من عمري . قد يكون انتمائي وراثياً لكنه يحمل بعض البصمات الشخصية ، حيث أردت أن أنصف المرأة ، وكل ما فهمته عن الشيوعية أن لينين كان يراسل كلارا زيتكن ، وكبر حلم تحرير المرأة لديّ. طبعاً لم أكن أعرف معنى الحرية ولا التحرير، فأنا القادمة من بيئة ريفية قريبة من الصحراء حملت مفردات بساطتي معي، وحلمت كثيراً، وفي كل مرّة كنت أصطدم بجدار ، و آخر جدار كان عندما انتمى " الأخوان عمرو" إلى طائفتين من طوائف الحزب الشيوعي في الحسكة لسبب بسيط هو أنه كلّ منهما يرغب أن يكون رئيس اللجنة المنطقية في الحسكة، وفيها مكاسب ليس أقلها من ثمن البعثات للدراسة إلى روسيا ، حيث يجنيان منها المال، وهما من الجبهة الوطنية التقدمية الداعمة للأسد. كما جميع القصص السياسية التي يتحول فيها الأصدقاء إلى أعداء يحصل معنا اليوم سواء في الغرب أو الشرق ، فالكثير من الأشخاص الذين كنت تتشارك معهم القيم والمثل العليا ، فإنّك قد تغيّر طريقك في الشارع لتجنب تحيتهم كما تقول آن إليزابيث أبلباوم الصحفية ومؤرخة أمريكية. أذكر أنني بعد أن تركت الحزب في الثمانينيات من القرن الماضي كانوا يعاودون الاتصال بنا، وكان زوجي يعتقد أن العلاقة معهم أفضل من العزلة ،دعانا أحد الرفاق إلى غداء ، لكن استقبال زوجته كان فاتراً ، ولم يكن هناك حتى فنجان قهوة ، فمصالحها تقتضي الابتعاد حيث أولادها نشيطون في حزب البعث، الكثير ممن كانوا رفاقاً كانوا مثلها، أغلبهم اليوم أصدقائي على الفيس ! أعود إلى ألبابوم التي كتبت عن الماركسية اللينينية وتطور المجتمع المدني في وسط وشرق أوروبا. لكن لم يتبق لها أي شيء لليسار الراديكالي ، وأصبحت معتقداتها المعادية للشيوعية متجذرة بعمق ، تعتقد أنه على عكس الأمس أن اليمين المتطرف هو الذي يجسد التهديد الاستبدادي. لها كتاب جديد تتحدث فيه كيف يتحول الأصدقاء إلى أعداء ، هو كتاب قصير . لم يعد لعدد صفحات الكتاب قيمة ، يمكن تكثيف الأفكار، و يستطيع القارئ أن يكمله، ويمكنني القول أن الكاتبة محظوظة لأنها ولدت لأبوين معروفين حيث كان والدها شريك في شركة محاماة، و أمها تعمل في معرض للفن، وهم من خلفية بيلاروسية ، ربما ولا أجزم أنها استطاعت النجاح بسبب خلفيتها العائلية . كتاب أبلباوم هو عبارة عن إنذار، ومواجهة متشائمة مع الدوائر السياسية التي عملت فيها أبلباوم ، مع السياسيين والمثقفين الذين كانوا قد أقسموا على مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون ، لكنهم أثبتوا بسهولة أنهم حواجز في الطريق . في كتابها : " شفق الديموقراطية و الإغراء الاستبدادي" تحدثت عن الأخوين جاسيك وجاروسلاف كورسكي كلاهما وُلدا في نفس العائلة في، وكلاهما نشأ في نفس البيئة الحرجة للنظام في بولندا في الثمانينيات ، وانخرط كلاهما في حركة التضامن السرية وأصبح كلاهما جزءًا من بولندا الديمقراطية التي ظهرت بعد انهيار النظام الشيوعي المدعوم من الاتحاد السوفيتي في عام 1989، لكن بعد ذلك سيتم فصل مساراتهما بشكل كبير. جاسيك الأصغر أصبح سياسيًا في الحزب القومي والشعبي ، الذي تولى السلطة في بولندا في عام 2015. تم تعيينه رئيسًا للتلفزيون الحكومي الذي قام بتطهير التلفزيون من الصحفيين المستقلين، أصبح جاروسلاف الأكبر سنًا المتحدث باسم زعيم حركة التضامن والرئيس المستقبلي ليخ فاليسا ، لكنه اختار بعد عام ترك السياسة ليصبح صحفيًا في جريدة "غازيتا ويبوركزا" الليبرالية. هناك اليوم نائب رئيس التحرير .
أصدقاء الدائرة الليبرالية المحافظة في كتاب آن أبلباوم ا أداروا ظهورهم للديموقراطية ، وأصبحوا شركاء في الأحزاب والأنظمة الاستبدادية. صديقتها المجرية ماريا شميت أصبحت داعية لنظام أوربان . يبدو أن من حق الكاتبة أن تتشاءم ، لكنّنا نحن نتفاءل ، ونأمل الديموقراطية من خلال لجنة دستورية ، ونستمع لمسؤول أمريكي يقول أن الأسد سوف يتجرّع السمّ قريباً ، ونصدقه، نبني على كلامه أحلاماً . ذهبت اللجنة الدستورية للتفاوض! كيف سوف يكون التفاوض، ومع من؟ لا نعيش في الغرب حتى توّصف آن أبلباوم حالنا وحال الديموقراطية ، نعيش في دولة مستبدة قدمت لنا الجهل ، و التخلف ، أسميناه ثقافة ثورية، اليوم نتزاحم لبيع منتجنا الثوري في جنيف، في دمشق، في بنوك تبييض الأموال ولا أمل إلا بالانهيار التّام ، فإذا كان قد اختفى جيل شاب بعد الثورة السورية ، فإن الجيل الثاني في طريقه للاختفاء في حروب جديدة داخلية تقودها إيران وروسيا، و رغم أن لبنان قد خرّبه الأسد منذ السبعينات ، فإنه لم يكتف ، و إنما في طريقه إلى تهديمه. قد نظلم الأسد، فهو ونصر الله مجرد موظفين في ولاية الفقيه. إذا كانت أبلباوم متشائمة حول الديموقراطية ، فإنني أنصحها بأن تحاور منظّري الديموقراطية في سورية" معارضة، وموالاه" ربما عليّ أن لا أنصحها. أخشى أن تطلب منا الانتحار. . .
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شعوذة أمريكية.:السيد كيو ، و جماعته
-
أين يمكن أن نجد أنفسنا؟
-
التّعاطف
-
مثقف ثوري رغم أنّه مهرّب بشر
-
تخلّف المرأة
-
هرطقات سورية
-
الإمارات و الأديان، و إسرائيل
-
تقيّة سياسية، و اجتماعية
-
تعاطف سوري على مواقع التواصل مع - بيروت-
-
الكورونا والفساد في حكومة بوريس جونسون
-
و هكذا أصبح الأمير الفظّ قوّة في الشّرق الأوسط
-
فساد عالمي يجعلك لا تفهم مجريات الأحداث في بيروت
-
أغاني للشّام وبيروت
-
تنجيم سوري
-
بورنو ثوري على مواقع التواصل
-
الأدب في خيم اللجوء في الدّاخل السّوري
-
حقوق المسنين في سورية
-
هل توصل الموسيقى رسالة واضحة عن الأحداث المعاصرة
-
متى سوف يرحل الأسد
-
أسرار سوريّة
المزيد.....
-
-العين بالعين-.. كيف سترد الصين على أمريكا بعد فرض ترامب رسو
...
-
ساعة رونالد وثمنها بلقطة مع تركي آل الشيخ بحلبة UFC
-
دراسة صادمة .. الأرض قد تحتوي على 6 قارات فقط!
-
قوانين جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي تدخل حيز التنفيذ في ا
...
-
تسع دول تشكل -مجموعة لاهاي لدعم فلسطين-
-
وفاة الرئيس الألماني الأسبق هورست كوهلر
-
مهاجم مدرسة قازان أراد تدميرها بالكامل
-
دراسة جديدة تفنّد الفرضيات السابقة حول علاقة صحة الأم باضطرا
...
-
من السلطان سليمان إلى أردوغان: تطور الاستخبارات في تركيا
-
عصر القطب الواحد انتهى – ماذا ستفعل الولايات المتحدة؟
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|