أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة السابعة















المزيد.....


عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة السابعة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6660 - 2020 / 8 / 28 - 00:00
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


عزيز محمد
شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار

عبد الحسين شعبان
الحلقة السابعة

"ليت لي رقبة كرقبة البعير كي أزن الكلام قبل النطق به"
الإمام علي


عزيز محمد والصقور
لم يكن الأمين العام عزيز محمد يرغب في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، وتلك قناعتي منذ تلك الفترة وتعزّزت لاحقاً، ولكنه كان مسؤولاً عن كل ما حصل، لاسيّما عندما ترك الأبواب مفتوحة على مصراعيها لبعض المغامرين الذين لم يتورّعوا باستخدام مختلف الأساليب لتحقيق غاياتهم، ولا أظنّ أن عزيز محمد كان يشجّع على "المقاطعة الاجتماعية الذميمة" التي تولاّها البعض وبرّرها في حينها لكل مختلف في الرأي، بل كان هو من يبادر أحياناً باللّقاء أو يرسل تحية أو سلاماً بما يطمئن إن تعذّر عليه ذلك.
وقد ظلّ عزيز محمد حتى أيامه الأخيرة يتواصل مع بعض الرفاق الذين جرى تنحيتهم ويشيد بأدوارهم ومنهم باقر ابراهيم وقد قال أمامي وأظنّه قال أمام آخرين وهو ما أكّده الرفيق آشتي لي شخصياً : أنه لا يمكن أن يتصور الحزب بدون باقر ابراهيم، في حين أن بضعة رفاق بسبب أجواء الضغينة والكراهية وتجريم الاختلاف كانوا قد جمعوا تواقيع لمذكرة قدّموها للسلطات السويدية، تقول إن "الرفيق أبو خولة" يعمل لصالح المخابرات العراقية، وهي ليست سوى وشاية رخيصة.
وعلى مدى 6 ساعات كانت السلطات الأمنية السويدية التي وصلها مثل هذا البلاغ الكاذب واللّاأخلاقي تحقق مع باقر ابراهيم لتكتشف زيف مثل تلك الادعاءات ولتتّخذ موقفاً إيجابياً من الرفيق الذي عبّر عن وجهات نظره بشجاعة إزاء مجمل التطورات الحاصلة في الحزب، لاسيّما إزاء الحصار الجائر وإزاء المشاريع الحربية والمخططات المشبوهة بحق العراق والمنطقة، فضلاً عن موقفه من الدكتاتورية، دون أن يعني ذلك إعفاء الرفيق من مسؤولياته وأخطائه عندما كان في المكتب السياسي، فضلاً عن عدم اتخاذه أي مبادرة لتصحيح الأوضاع أو للاحتجاج العلني إلّا بعد طرده في العام 1989.
ولعلّ مثل تلك الوشايات المبتذلة يُعاد تدويرها بين الحين والآخر، وهي عملية هروب من مواجهة الواقع. وبكل الأحوال فإن مثل هذا الأمر ليس سوى تعبير عن الانحطاط الأخلاقي، فما قيمة السياسة حين تنفصل عن الأخلاق؟ وما قيمة نبل الغايات وشرفها، حين تكون الوسائل منحطّة وخسيسة ؟ فهناك دائماً علاقة عضوية بين الوسيلة والغاية، فلا غاية شريفة وعادلة يمكن الوصول إليها بوسائل غير شريفة أو غير عادلة، فالوسيلة جزء من الغاية مثل البذرة من الشجرة على حد تعبير المهاتما غاندي، وإذا كانت الوسيلة منظورة وملموسة، فالغاية بعيدة المدى، ولا يمكن إدراكها إلّا بوسائل إنسانية أولاً وقبل كل شيء.
وحين أذكر تلك الحادثة فإنني أقدم نقداً للسياسة السائدة التي تقوم على "شيطنة" الآخر و"أبلسة" الاختلاف، مثلما أقدّم نقداً للثقافة المهيمنة التي تعتبر الآخر "عدواً" حتى وإنْ كان من رفاق الأمس، بل إن بعض هؤلاء الذين يغالون في القدح، كانوا أنفسهم يغالون في المدح، وينسبون إلى هذا الرفيق أو ذاك، ما ليس لديه من صفات إيجابية أو سلبية، وأتذكّر أن عامر عبدالله قال لي: إن هؤلاء الذين يغالون في انتقادي ويبالغون في الإساءة لي ، كانوا أيام الجبهة وعندما كنت في المسؤولية يصطفون بالدور لطلب مقابلتي أو لتقديم الولاء لي.
لقد كان من نتائج تلك السياسة المغامرة التي اتبعت في الثمانينات تفتيت قوى الحزب، حيث ساد التذمّر في المراتب المختلفة، ولولا غزو الكويت ومغامرة صدام حسين العام 1990 وقبلها قصف مناطق الأنصار بغاز الخردل والسلاح الكيمياوي، لكانت الأمور قد ازدادت قسوة وصعوبة وتفتّتاً، خصوصاً وقد ترافق ذلك مع انهيار الكتلة الاشتراكية وتفكّك الاتحاد السوفيتي، وحتى مع بعض الكلمات الطيبة والنوايا الحسنة التي كان يطلقها عزيز محمد، فإن ذلك لا يعفيه من المسؤولية، ولا يمكن تبرير قوله أنه يتحمّل المسؤولية، وهنا أقول: إذا لم يتحملها الأمين العام فمن يتحمّلها؟ وبالطبع من بعده "الإدارات المسؤولة" التي ظلّت ترتكب الأخطاء تلو الأخرى .
وكنت أتساءل مع نفسي: كيف سيتصرّف عزيز محمد بعد انحلال الجبهة الوطنية وهزيمة سياسة التحالف؟ هل سيتحلى بالجرأة ويقدم استقالته وربما معه الطاقم القيادي الأول أم أنه ومعه الفريق القيادي سيمارسون الهروب إلى الأمام؟ لقد جرّبوا وفشلوا وكان عليهم التنحي، وذلك أضعف الإيمان، وكان الاستمرار يعني مكابرة وتشبثاً بالمواقع رغم المآسي والويلات والأخطاء.
وعلى الرغم من أن ثقافة الاستقالة تكاد تكون غائبة في الأحزاب الشيوعية بشكل خاص والشمولية عموماً، كما لم ترتفع أصوات لمطالبته بالتنحي ومساءلته والطاقم القيادي عن فشل السياسات السابقة والتفريط بالكادر وبجمهرة الأعضاء والأصدقاء في لحظة انسحاب مرتبكة ، فإنه آثر استمرار الوضع كما هو عليه، بل زادت سطوة الإدارات الحزبية على ما تبقى من رفاق في الخارج، مثلما توزّعت الامتيازات عليها وأصبحت أداة بيدها لتطويع الرفاق من جهة وإقصاء المخالفين من جهة ثانية، وذهب بعضهم " كبش فداء" كما يُقال لحساسيات حزبية ومنافسات غير مشروعة وضغائن وأحقاد قديمة، ولم يتصرّف عزيز محمد من موقعه كأمين عام بأنه معني بسلامة الحياة الداخلية وتنقية الأجواء وإشاعة روح المحبة والألفة والتآزر بين الرفاق حتى بعد "مذبحة بشتاشان" ، خصوصاً في أوضاع الغربة القاسية وشدّ أزر الحزب، بل كان أقرب إلى المتفرّج والمشاهد منه إلى صاحب القرار والمسؤول، وتلك من المؤاخذات الكبيرة عليه.
كان على عزيز محمد أن يقدّم مبادرة إيجابية لجمع شمل الحزب وألاّ يستجيب للصقور والمفرّطين والعدوانيين، وأن يجمع شتات وشمل الحزب المنفي، المعذّب، المُستلب، لا أن يقبل طرد عشرات من أصدقائه وزملائه من القياديين والكوادر، وإنْ لم ينجح كان عليه أن يستقيل ويعلن ذلك ليبرئ نفسه، وعلى أقل تقدير كان يمكن أن يحدث الافتراق ودّياً وليس بالطرق الإكراهية والقمعية التي تم استخدامها وبأساليب لا أخلاقية، خصوصاً فيما يتعلّق بحياة الرفاق وأمنهم وعوائلهم.
لم أصدق نفسي حين سمعت ما قاله عزيز محمد عشية المؤتمر الرابع من أننا نجتمع "ليلغي نصفنا النصف الآخر"، وهكذا تم إقصاء نصف أعضاء اللجنة المركزية وعدد من الكوادر والملاكات الحزبية. وهنا تذكرتُ قوله عشية التوقيع على ميثاق الجبهة الوطنية العام 1973 في ذلك المساء التموزي من أن طموحنا نحن الشيوعيين لا تحدّه حدود والذي تبلور في شعارات مفخّمة تحت عنوان : يداً بيد لبناء الاشتراكية، وكان شعار المؤتمر الثالث 1976 "من أجل توطيد وتعميق المسيرة الثورية وتوجه العراق نحو الاشتراكية".
وحسب بهاء الدين نوري الأمين العام الأسبق للحزب والذي كان معارضاً لتوقيع الجبهة فإن رسالة قيادة حزب البعث تليت في المؤتمر وسط حماس أعضاء المكتب السياسي وبعض أعضاء اللجنة المركزية، وصفق لها طويلاً في وقت كانت الأجهزة القمعية منهمكة منذ أيام في نصب أجهزة التنصّت حول مبنى المقرّ (حيث المؤتمر) لتسجيل ما يجري من إلقاء الكلمات والمناقشات؛ أما بخصوص الخط السياسي الذي يتلخّص في إقامة تحالف استراتيجي مصيري مع البعث الحاكم للسير في طريق التطور اللارأسمالي صوب الاشتراكية فقد رسم واتّبع منذ العام 1972 - 1973 ... مخالفة لمقررات المؤتمر الثاني للحزب 1970، ويضيف بهاء الدين نوري إن النخبة البيروقراطية كانت تضع نفسها دوماً فوق المؤتمر وفوق اللجنة المركزية وكانت تريد من الاجتماعات والمؤتمرات إقراراً لما ترغب هي فيه، وكانت تحضّر لهذه المؤتمرات بشكل يضمن لها نيل ما أرادت (مذكرات بهاء الدين نوري، دار الحكمة، لندن ، 2001، ص 453 -454).
لا أظن أن أحداً يعوّض مكانة حسين سلطان ودوره التاريخي أو مكانة زكي خيري وحضوره أو ثقل عامر عبدالله الفكري ودوره المتميّز أو موقع نوري عبد الرزاق على الصعيدين العربي والعالمي أو الدكتورة نزيهة الدليمي على صعيد الحركة النسوية العالمية أو موقع باقر ابراهيم على صعيد التنظيم والإدارة، وهناك أكثر من 80 كادراً حزبياً أقصيوا أو أبعدوا عشية وبُعيد المؤتمر الرابع للحزب 1985.
وتم التعامل مع الوسط الثقافي بقسوة كذلك، حتى أن 75 مثقفاً احتجوا على السياسة الثقافية في مذكرة نشرتها الصحف الفلسطينية في حينها وكذلك صحيفة المنبر الشيوعي بتاريخ حزيران (يونيو) 1987 وكان 50 مثقفاً وطنياً عراقياً في جمهورية اليمن الديمقراطية قد وجهوا مذكرة شجبوا فيها حادث الاعتداء الذي تعرّض له الفنان والمخرج المسرحي اسماعيل خليل ، وأشارت المذكرة إلى حوادث اعتداء مماثلة كان قد تعرّض لها المسرحي فاروق صبري والصحفي فاضل الربيعي (دمشق) والشاعر والصحفي نبيل ياسين (بودابست) ، وأرسلت نسخة من المذكرة إلى دائرة العلاقات الخارجية في ل.م. (الحزب الاشتراكي اليمني) ودائرة العلاقات الآيديولوجية ووزارة الثقافة والإعلام ووزارة التربية والتعليم وسفارات البلدان الاشتراكية واتحاد الفنانين والصحفيين وغيرها.
وقد اعتذر أحد إداريي الحزب لبعض من جرت الإساءة إليهم أو بما مارسه ضد البعض، سواء بما كتبه ونشره عن الأساليب غير الرفاقية التي تم استخدامها ووصلت إلى التهديد والاتهام والمحاربة بالأرزاق والدراسة والإقامة وغيرها، لكن بعضهم الآخر رغم الفشل يستمر في المكابرة، ويكيل الاتهامات إلى من رفعوا صوت الاحتجاج .
يتبع



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلوم الإنسانية وإعادة الاعتبار
- عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة ا ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الخا ...
- عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة ا ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الثا ...
- لبنان.. هل يمكن بقاء القديم؟
- حين يراد إخضاع الفلسفة للسياسة الليبرالية و-الليبرالية الجدي ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الثا ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار 1
- ثلاثة عقود على غزو الكويت .. كارثة مدمّرة
- غزو الكويت.. «الزمن العابس»
- لبنان.. الوجه الآخر
- - الحزب الشيوعي العراقي في صعوده ونزوله-
- مايكل لينك و«إسرائيل»
- «إسرائيل» بين «الضم والضم»
- -عدالة- فوق العدالة ! ! !
- كلام في التعذيب
- -يساريتنا الطفولية-من بغداد إلى بكين - الآيديولوجيا والواقع ...
- نحتاج إلى الإصغاء لبعضنا البعض وإتقان فن الحوار وإدارةالتنوّ ...
- بولتون في الغرفة ذاتها


المزيد.....




- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
- تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل ...
- في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو ...
- التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل ...
- السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي ...
- الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو ...
- بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
- محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان ...
- المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
- القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟ ...


المزيد.....

- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة السابعة