|
الآفاق النانوية والإعجاز العلمي (الحقيقي)
جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر
(Gamil Alnaggar)
الحوار المتمدن-العدد: 6659 - 2020 / 8 / 27 - 23:53
المحور:
الطب , والعلوم
تقنية النانو تكنولوجي هي العلم الذي يهتم بدراسة ومعالجة المواد على المستوى الذري والجزيئي بمقياس النانومتر. ومع استكشافاته للآلات فائقة الدقة؛ صاغ البروفيسور "نوريو تانيجوتشي" مصطلح تكنولوجيا النانو؛ بعد أكثر من عقد من الزمان؛ من وصف أبو تلك التقنية "ريتشارد فاينمان" لعملية يمكن للعلماء من خلالها التحكم في الذرات والجزيئات الفردية والتحكم فيها. وتستخدم في جميع مجالات العلوم كالكيمياء والبيولوجيا والفيزياء وعلوم المواد والهندسة.
مقاييس حجمية مقدرة النانومتر هو جزء من 1000000000 من المتر، أو جزء من 1000000 من الملليمتر. والبوصة الواحدة تعادل 25400000 نانومتر. ولتوضيح حجم النانومتر؛ يمكنك مقارنته بسُمك ورقة الصحيفة الذي يصل إلى 100000 نانومتر، وهو أصغر ألف مرة من قطر شعرة الإنسان. و حجم النانو أصغر بحوالي 80.000 مرة من قُطر شعرة الرأس، لذا؛ استحقت وصفها بتقنية "المنمنمات". كما ويقدر حجم النانو بحجم عشر ذرات هيدروجين. أو معدّل نموّ ظفر الإنسان في الثانية الواحدة. أو ارتفاع قطرة ماء بعد بسطها كليّا على سطح مساحته متر مربع واحد.
الأشياء من حولنا: لمحة تطورية كل شيء على الأرض يتكون من ذرات؛ كالطعام الذي نأكله، والملابس التي نرتديها، والمباني والمنازل التي نعيش فيها، وأجسادنا. لكن شيئا صغيرا مثل الذرة من المستحيل رؤيته بالعين المجردة. ولا حتى باستخدام المجاهر المستخدمة عادةً في مدارسنا الثانوية. تم اختراع المجاهر اللازمة لرؤية الأشياء بالمقياس النانوي مؤخرا نسبيا، أي منذ حوالي 30 عاماً فقط. بمجرد أن حصل العلماء على الأدوات المناسبة، مثل مجهر "المسح النفقي" (STM)، ومجهر القوة الذرية (AFM)؛ وُلد عصر تقنية النانو. على الرغم من أن علم النانو وتكنولوجيا النانو حديثين جداً، إلا أن المواد النانوية قد استخدمت لعدة قرون. حيث استخدمت جزيئات الذهب والفضة ذات الحجم البديل في تلوين نوافذ الزجاج بكنائس العصور الوسطى منذ مئات السنين. ولم يكن الفنانون في ذلك الوقت يعرفون أن العملية التي استخدموها لإنشاء هذه الأعمال الفنية الجميلة أدت في الواقع إلى تغييرات على المستوى الجزيئي في تكوين المواد التي كانوا يعملون بها. لكن العلماء والمهندسون، في أيامنا هذه، وجدوا مجموعة متنوعة من الطرق لصنع المواد بالمقياس النانوي عمدا؛ للاستفادة من خصائصها المعززة مثل القوة العالية والوزن الخفيف والتحكم المتزايد في طيف الضوء والتفاعل الكيميائي الأكبر من نظرائهم على نطاق واسع.
تصنيف المواد النانوية يخلط كثيرون بين الجسيمات والمواد النانوية وتلك التي تعرف بالجسيمات ما دون الذرية. الذرات صغيرة جداً، لكنها ذات أحجام مختلفة في إطار محدوديتها تلك. فذرة الهيدروجين، على سبيل المثال؛ تبلغ حوالي 0.1 نانومتر، وذرة السيزيوم حوالي 0.3 نانومتر. وتبلغ الذرات المستخدمة في تصنيع رقائق السيليكون عموماً حوالي 0.2 نانومتر. أما المواد ذات المقاييس النانوية فهي أكبر من 100 نانومتر. وبشكلٍ عام تصنف المواد النانوية إلى:
1. مواد صفرية الأبعاد: وهي المواد التي تكون جميع أبعادها أكثر من 100 نانومتر، وأحد أمثلتها هي النقاط الكمومية والتي تم استخدامها مؤخراً في صناعة الخلايا الشمسية والترانزستور. 2. مواد أحادية الأبعاد: وهي تلك المواد التي تحتوى على بعد واحد فقط أكبر من 100 نانومتر، مثل الأنابيب والخيوط النانوية والتي سوف تلعب دوراً مهماً في تصنيع الإلكترونيات، وتستخدم حالياً في طلاء الأسطح؛ مثل طلاء أسطح المنتجات الفلزية لحمايتها من التأكل والصدأ، وتستخدم أيضاً لتغليف المنتجات الغذائية بهدف حفظها من التلوث والتلف. 3. مواد ثُنائية الأبعاد: تحتوى هذه المواد على بعدين أكبر من 100 نانومتر، ونجد بعض الأمثلة على تلك المواد مثل الطبقان النانوية والتي تدخل ف صناعة المستشعرات. 4. مواد ثلاثية الأبعاد: وهي مواد جميع أبعادها تكون أكبر من 100 نانومتر، وتكون ذات تركيب بلوري نانوي، أو تحتوى على مواد أخرى تكون صفرية أو أحادية أو ثنائية الأبعاد، مما يعطيها بعض خصائص نطاق النانو ويتم تصنيفها كأحد أنواع المواد النانوية. ومن أمثلتها الحبيبات النانوية وكذلك مساحيق الفلزات ومواد السيراميك فائقة النعومة، ويجب أن نشير هنا إلى أن هذه الفئة من المواد النانوية ثلاثية الأبعاد تتصدر قائمة الإنتاج العالمي من المواد النانوية بوجه عام وذلك لاستخداماتها المتنوعة في التطبيقات التكنولوجية. تطبيقات النانو تكنولوجي شهدت السنوات السبعون الماضية تحولاً في طريقة عيشنا وعملنا من خلال اختراعين صغيرين. هما: الترانزستور الإلكتروني والرقائق الدقيقة. الأمر الذي جعل كل الإلكترونيات الحديثة ممكنة، ومنذ تطويرها في الأربعينيات من القرن الماضي أصبحت أصغر. واليوم؛ يمكن أن تحتوي شريحة واحدة على ما يصل إلى 5 مليارات ترانزستور. إذا كانت السيارات، على سبيل المثال؛ قد اتبعت نفس المسار التطويري، لكان في مقدورنا الآن على قيادتها بسرعة 300000 ميل في الساعة وسيكلف كل منها 3 جنيهات إسترليني فقط!
تقوم التقنية على معالجة الذرات الفردية. وقد تمكن البشر من القيام بذلك في الآونة الأخيرة، على سبيل المثال؛ عن طريق إطلاق حزمة من الإلكترونات على مادة ما، أو عن طريق تبخيرها وإيداع الذرات الغازية الناتجة طبقة على قاعدة. ولتصنيع أجهزة تعمل بالمقياس النانوي. تصبح الخواص الفيزيائية للمادة، مثل نقطة الانصهار والتوصيل الكهربائي والتفاعل الكيميائي، مختلفة جداً على المقياس النانوي، لذلك يمكن أن يؤثر تقلص الجهاز على أدائه. ومع ذلك، إذا تمكنا، في المستقبل القريب، من إتقان هذه التكنولوجيا، فستتاح لنا الفرصة لتحسين، ليس فقط الإلكترونيات، ولكن جميع أنواع مجالات الحياة الحديثة. بشكل أوضح؛ عندما يتم معالجة بعض المواد على المستوى النانوي فإنها تكتسب خصائص فريدة ومهمة. فقد تكون خصائص مرئية، أو خصائص كهربائية، أو مغناطيسية، أو غيرها من الخصائص المتنوعة. لهذا تتنوع تطبيقات النانو تكنولوجي في مجالات الحياة المختلفة كالطاقة والطب والزراعة والإلكترونيات وغيرها، ومن هذه الاستخدامات: فى الصناعات الإلكترونية: تساعد النانو تكنولوجي في تصغير حجم الأجهزة الإلكترونية، وفى نفس الوقت زيادة كفاءتها، والحد من الطاقة المستهلكة لتشغيل تلك الأجهزة. فى الخلايا الشمسية: استطاع العلماء تصنيع خلايا شمسية نانوية بتكلفة أقل بكثير من الخلايا الشمسية التقليدية. فى الطعام: تساهم تقنية النانو في تطوير علم الغذاء، بداية من زراعة الحبوب وحتى تعبئتها، وتساعد على تحسين جودة الطعام وزيادة الفائدة الغذائية له والحفاظ على سلامته. فى صناعة البطاريات: عن طريق استخدام النانو تكنولوجي في صناعة البطاريات استطاعت بعض الشركات تطوير بطاريات لا تفسد أبدا؛ إذا لم يتم استخدامها لفترة طويلة. فى الفضاء: سوف يؤدى استخدام تقنية النانو تكنولوجي إلى جعل السفر عبر الفضاء أكثر عملية وبساطة. فعن طريق استخدام المواد النانوية في تصنيع المركبات الفضائية سوف نتمكن من تخفيف وزنها؛ وبالتالي يمكن الحد بشكل كبير من كمية الوقود الضروري لدفعها، وسوف تؤدي هذه التطبيقات إلى تخفيض تكلفة السفر إلى الفضاء. فى تنقية الهواء: يمكن استخدام تقنية النانو تكنولوجي في تحويل العوادم التي تخرج من السيارات والمصانع إلى غازات غير ضارة. في معالجة المياه: تستخدم النانو تكنولوجي في إزالة النفايات الصناعية من المياه الجوفية. حيث يمكن استخدام الجسيمات النانوية لتحويل المادة الكيميائية الملوثة إلى مواد غير ضارة. وقد أظهرت الدراسات أن هذه الطريقة يمكن استخدامها بنجاح للوصول إلى الملوثات المنتشرة في الأحواض الأرضية وبتكلفة أقل بكثير من الطرق التي تتطلب ضخ المياه من الأرض للمعالجة. فى الرياضة: تستخدم تطبيقات تكنولوجيا النانو في الساحة الرياضية بشكل أساسي في زيادة قوة مضارب التنس، وتحسين جودة كرات التنس حيث تقلل معدل فقدها للهواء على وجه الخصوص؛ ويمكنها تحسين كرة القدم وبقية الأدوات الرياضية في المستقبل القريب. في مجال البيئة: المواد النانوية ذات أهمية كبيرة للتطبيقات البيئية؛ لأن المساحات السطحية للجسيمات كبيرة عند مقارنتها بأحجامها، لذلك؛ يمكن تحسين تفاعلها في التفاعلات الكيميائية أو البيولوجية بوساطة السطح بشكل كبير بالمقارنة مع نفس المادة بأحجام أكبر بكثير. تسمح هذه الخصائص بزيادة التلامس مع الملوثات، مما يؤدي إلى تقليل سريع لتركيزات الملوثات. علاوة على ذلك، نظرًا لحجمها الصغير، قد تنتشر المواد النانوية في مساحات صغيرة جدًا في باطن الأرض وتبقى معلقة في المياه الجوفية إذا تم استخدام الطلاءات المناسبة. قد يسمح الطلاء المناسب للجسيمات بالانتقال إلى مسافة أبعد من الجسيمات كبيرة الحجم، وتحقيق توزيع أوسع، وبالتالي تحسين تقليل الملوثات. تم تطوير مجموعة متنوعة متزايدة من المواد النانوية ذات التطبيقات البيئية على مدى السنوات العديدة الماضية. على سبيل المثال؛ تم استخدام المواد النانوية لمعالجة التربة والمياه الجوفية الملوثة في مواقع النفايات الخطرة، مثل المواقع الملوثة بالمذيبات المكلورة أو الانسكابات النفطية. في المجال العسكري: الآن؛ يجري الجيش الأمريكي عمليات بحث وتطوير مكثفة تهدف إلى تطوير أنظمة المواد النانوية للتطبيقات العسكرية التي تتضمن خصائص فريدة مثل الإصلاح الذاتي، والإزالة الانتقائية، ومقاومة التآكل، والاستشعار، والقدرة على تعديل الخصائص الفيزيائية للطلاء، والتلوين والتمويه، وتنبيه موظفي الخدمات اللوجستية عندما تتطلب الدبابات أو الأسلحة إصلاحات أكثر شمولية. والتعامل الذكي مع/في كافة الظروف البيئية (بإشعاعاتها، وموادها الكيميائية، وفي درجات الحرارة المختلفة، وتنوع الغازات، وظروف الإجهاد، وما إلى ذلك). بالإضافة إلى ذلك، سيكون لتقنية النانو تأثير على أنظمة ساحة المعركة المعنية بمعالجة المعلومات والإشارات والاستقلالية والذكاء؛ بحيث تكون أسلحتها الهجومية فتاكة إلى أبعد مدى، وتقضي على العدو خلال أجزاء معدودة من الثانية الواحدة، وتكون لديها القدرة على التمويه والمناورة الأوتوماتيكية في كل الظروف البيئية المتغيرة ولديها قدرات فذة على استنساخ نفسها بمعدلات تفوق سرعاتها تصور الإنسان العادي. ما ذكرناه أعلاه؛ لا يمثل غيض من فيض؛ ولتوضيح مدى الاختصار الذي التزمنا به؛ سنوضح بشيء من التفصيل غير المخل وبدون الاسهاب المُضل في نفس الوقت للآفاق الطبية النانوية:
اليوم؛ توفر لنا تكنولوجيا النانو؛ آفاقاً طبية تعجز العقول العادية عن استيعابها. ففي هذا المجال الصحي يعمل الباحثون حالياً على تطوير جسيمات نانوية بحجم الجزيئات لتساعد على نقل الدواء مباشرة إلى الخلايا المصابة بالأمراض، وقد صمم علماء من الجامعة الوطنية الروسية للبحوث التكنولوجية منذ بضعة أشهر جزيئات نانوية هجينة ضد السرطان والبكتيريا. كما تستخدم تقنية النانو في تصميم روبوتات نانوية غاية في الدقة والذكاء؛ تقوم بالكشف والتشخيص والعلاج بترميم واستبدال الخلايا والأنسجة التالفة، وكنس وتنظيف شوارع الجهاز الدوري (الأوردة والشرايين) من تكلساتها الجيرية وإزالة أي انسدادات بها، بل وبالشعيرات الدموية الدقيقة؛ دون أي تدخل جراحي. بالإضافة لإنتاج دعامات كربونية مرنة ومتينة وغير مرفوضة من قِبل جهاز المناعة بالجسم. وصنع حساسات نانوية حيوية موصولة بأجهزة استقبال مثبتة خارج الجسم؛ واطلاقها بالدم؛ لتنقل لنا تقارير كاملة عن حالته البيوكيماوية وخلاياه ونسب السكر والكوليسترول... الخ. ففي عملية "إصلاح الخلايا"، مثلاً؛ يتم برمجة الروبوتات النانوية (بأحجامها ما دون الذرية) بشكل يمكنها من إصلاح خلايا مريضة محددة، تعمل بطريقة مماثلة للأجسام المضادة في عمليات الشفاء الطبيعية.
الآفاق الواعدة بجانب امتلاك تقنية النانو تكنولوجي حلولاً جذرية لتوفير الطاقة النظيفة التي تلبي كافة احتياجات العالم بأسره، وتوفير المزيد من مصادر المياه النظيفة حيث تساعدنا على تنقية المياه الملوثة، وكذلك الحفاظ على صحة الإنسان؛ يتم الاستفادة منها بشكل أوسع في المجال الطبي، وفى مجال الزراعة أيضا فهي تساعد على مضاعفة المحاصيل الزراعية، بالإضافة للتطوير الذى قدمته للمجالات الصناعية والتكنولوجية بأفاقها الرحبة. كما كانت صناعة مستحضرات التجميل من بين أولى الشركات التي طبقت مبادئ تكنولوجيا النانو في تطوير المنتجات. من بين أكثر من ألف منتج قائم على تكنولوجيا النانو مسجلة في السوق العالمية في عام 2009، تم تصنيف أكثر من 13٪ كمنتجات للاستخدام في مستحضرات التجميل. "المجسات في كل مكان"؛ عبارة يرددها العاملون في المجال النانوي، حيث تعتمد هذه المستشعرات على المواد النانوية المبتكرة حديثاً وتقنيات التصنيع لجعلها أصغر حجماً وأكثر تعقيداً وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة. على سبيل المثال؛ يمكن الآن طباعة المستشعرات ذات الميزات الدقيقة بكميات كبيرة على لفات بلاستيكية مرنة بتكلفة منخفضة. هذا يفتح إمكانية وضع أجهزة الاستشعار في العديد من النقاط فوق البنية التحتية الحيوية للتحقق باستمرار من أن كل شيء يعمل بشكل صحيح. يمكن أن تستفيد الجسور والطائرات وحتى محطات الطاقة النووية من هذه التقنيات السحرية. إذا ظهرت تشققات؛ فيمكن لتقنية النانو أن تلعب دوراً إضافيا. يمكن أن يؤدي تغيير بنية المواد على المقياس النانوي إلى منحها بعض الخصائص المذهلة؛ وذلك من خلال منحها نسيجا يصد الماء، على سبيل المثال. في المستقبل؛ سيكون لطلاء تكنولوجيا النانو أو الإضافات النانوية القدرة على السماح للمواد "بالشفاء الذاتي" عند تلفها أو ارتداؤها. على سبيل المثال؛ يعني تشتت الجسيمات النانوية في جميع أنحاء المادة أنها يمكن أن تنتقل لملء أي شقوق تظهر. يمكن أن ينتج عن ذلك مواد ذاتية الشفاء لكل شيء من مقصورات قيادة الطائرات إلى الإلكترونيات الدقيقة، مما يمنع الكسور الصغيرة من التحول إلى شقوق كبيرة وأكثر إشكالية.
ستنتج كل هذه المستشعرات معلومات أكثر مما كان علينا التعامل معه من قبل؛ لذلك سنحتاج إلى التكنولوجيا لمعالجتها وتحديد الأنماط التي ستنبهنا إلى المشاكل. سيكون الأمر نفسه صحيحاً إذا أردنا استخدام "البيانات الضخمة" من أجهزة استشعار حركة المرور للمساعدة في إدارة الازدحام ومنع الحوادث، أو منع الجريمة باستخدام الإحصائيات لتخصيص موارد الشرطة بشكل أكثر فعالية. هنا، تساعد تقنية النانو في إنشاء ذاكرة فائقة الكثافة تسمح لنا بتخزين هذه الثروة من البيانات. ولكنه يوفر أيضا مصدر إلهام لخوارزميات فائقة الفاعلية لمعالجة البيانات وتشفيرها ونقلها دون المساس بموثوقيتها. لدى الطبيعة العديد من الأمثلة على عمليات البيانات الضخمة التي يتم إجراؤها بكفاءة في الوقت الفعلي بواسطة هياكل دقيقة، مثل أجزاء العين والأذن التي تحول الإشارات الخارجية إلى معلومات للدماغ. كما يمكن أن تستخدم بنية أو معماريات الكمبيوتر المستوحاة من الدماغ الطاقة بشكل أكثر كفاءة وبالتالي لن تعاني من الحرارة الزائدة، وتلك كانت واحدة من المشكلات الرئيسية مع تقلص الأجهزة الإلكترونية بشكل أكبر. كما وتعني مكافحة تغير المناخ أننا بحاجة إلى طرق جديدة لتوليد الكهرباء واستخدامها، وتلعب تكنولوجيا النانو دورا في هذا الخصوص بالفعل. لقد ساعد في إنشاء بطاريات يمكنها تخزين المزيد من الطاقة للسيارات الكهربائية ومكنت الألواح الشمسية من تحويل المزيد من ضوء الشمس إلى كهرباء. الحيلة الشائعة في كلا التطبيقين هي استخدام النسيج النانوي أو المواد النانوية (على سبيل المثال الأسلاك النانوية أو الأنابيب النانوية الكربونية)؛ التي تحول السطح المسطح إلى سطح ثلاثي الأبعاد مع مساحة سطح أكبر بكثير. هذا يعني أن هناك مساحة أكبر للتفاعلات التي تتيح تخزين الطاقة أو توليدها، وبالتالي تعمل الأجهزة بشكل أكثر كفاءة.
في المستقبل؛ يمكن لتقنية النانو أيضا أن تمكن الأشياء من تجميع الطاقة من بيئتها. يتم حاليا تطوير مواد ومفاهيم نانوية جديدة تُظهر إمكانية إنتاج الطاقة من الحركة والضوء والتغيرات في درجة الحرارة والجلوكوز ومصادر أخرى ذات كفاءة تحويل عالية. وما زالت تقنية النانو تكنولوجي تغزو المجالات المختلفة؛ فما ذكرناه لا يمثل إلا شيئاً ضئيلاً جداً في تطبيقاتها المحتملة قيد البحث. إذ تحمل تلك التقنية في طياتها أعداداً لا نهائية من الاحتمالات المثيرة، والتي تحقق البعض منها على أرض الواقع وأمكن استخدامها اليوم بالفعل، بينما لازالت تقنيات أخرى منها قيد البحث والتطوير والأخرى في مراحل مختلفة من الاختبار.
وهذا ما يسمسه كل العقلاء علماً؛ وهو المعجز الحقيقي، وعقلاء العالم ليس لديهم "هيئة كبار العلماء" الذين هم أبعد الناس عن العلم الحقيقي؛ فهم فقط تجار معتقدات. وقد فرقنا بين العلم والمعتقد والبون الشاسع بينهما في مقالات عدة سابقة.
#جميل_النجار (هاشتاغ)
Gamil_Alnaggar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأوضاع الجيوستراتيجية المصرية الحالية بين القوة الناعمة وال
...
-
الأوضاع الجيوستراتيجية المصرية الحالية بين القوة الناعمة وال
...
-
الأوضاع الجيوستراتيجية المصرية الحالية بين القوة الناعمة وال
...
-
الأوضاع الجيوستراتيجية المصرية الحالية بين القوة الناعمة وال
...
-
الديانات الابراهيمية ثلاث ديانات وإله واحد
-
الديانات الابراهيمية (ثلاث ديانات وإله واحد)
-
إدارة الخوف (الناجون من كورونا والانتقاء الطبيعي: رُب ضارةٍ
...
-
الحتم البيئي/الجغرافي يتآكل بالإمكان (ومضات من الفِكر الجغرا
...
-
إِمامٌ يعاني وأُمةً تعوي
-
تشابه الأجنة (من وحي التطور الأحيائي 3)
-
انعطافةُ ذات حيرى (معزوفة نثرية/شعرية)
-
الفكر البشري/الإنساني (التراث المقدس والتراث الحضاري)
-
أخيراً؛ ماهية -الروح- (ردا على الأسئلة الوجودية الكبرى 3)
-
تطور الحصان- من وحي التطور الأحيائي (1)
-
رجال الدين ومسيرة العِلم
-
الأحلام بين العلم والخرافة
-
سؤال في التطور من وحي التطور الأحيائي (7)
-
الدين وصناعة العقول
-
سيناريوهات الأرض المصيرية
-
تقيحات طبقية/ثيوقراطية
المزيد.....
-
نزل تردد قناة وناسة الجديد بجودة عالية على القمر الصناعي
-
دراسة تربط بين قلة تناول الفاكهة والخضراوات والاكتئاب
-
ولي العهد السعودي: المملكة قدمت أكثر من 6 مليارات دولار لدعم
...
-
ولي العهد السعودي: المملكة قدمت أكثر من 6 مليارات دولار لدعم
...
-
خطوات تثبيت تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجديد 2024 الجديد
...
-
في اليوم العالمى لذوى الهمم.. طرق رعاية وتغذية الطفل المصاب
...
-
مرض اليد والقدم والفم.. ما هو وأهم طرق الوقاية
-
المقدار الزمنى والطريقة.. ازاي نغلى اللبن فى البيت بطريقة ص
...
-
بوتين يزور المؤسسات الروسية الرائدة في قطاع الصناعة الطبية و
...
-
رئيس وزراء باكستان يزور السعودية ليشارك في قمة المياه الواحد
...
المزيد.....
-
هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟
/ جواد بشارة
-
المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
-
-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط
...
/ هيثم الفقى
-
بعض الحقائق العلمية الحديثة
/ جواد بشارة
-
هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟
/ مصعب قاسم عزاوي
-
المادة البيضاء والمرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت
...
/ عاهد جمعة الخطيب
-
المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين
/ عاهد جمعة الخطيب
-
دور المايكروبات في المناعة الذاتية
/ عاهد جمعة الخطيب
المزيد.....
|