أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - الامبراطورية الامبريالية الاميركية اليهودية في طور التآكل الذاتي والسقوط















المزيد.....


الامبراطورية الامبريالية الاميركية اليهودية في طور التآكل الذاتي والسقوط


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 6656 - 2020 / 8 / 24 - 17:14
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إعداد: جورج حداد*


في التجربة التاريخية ان اي امبراطورية عالمية كان بامكانها الاستمرار بالوجود طالما انها قادرة على التوسع المتواصل على حساب الشعوب والبلدان الاخرى، مستخدمة المبدأ الروماني القديم "فرّق تسد". وحينما تتعطل تلك الامكانية تبدأ مرحلة العد العكسي لوجود تلك الامبراطورية. والولايات المتحدة الاميركية ليست شذوذا عن هذه القاعدة، بل هي تأكيد معاصر لها.
فمع انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة السوفياتية السابقين، في العقد العاشر من القرن الماضي، طويت صفحة الانقسام العالمي الى قطبين (شرقي بقيادة روسيا وغربي بقيادة اميركا)، وطرحت الادارة الاميركية حينذاك، في عهد جورج بوش الاب، شعار "بناء النظام العالمي الجديد" ذي القطب الاوحد: الاميركي.
ومنذ ذلك العهد، وفي كل العهود التي اعقبته، فإن مجمل السياسات الاميركية كان يتمحور حول مهمة جيوستراتيجية اساسية هي: بناء وتوسيع الامبراطورية الامبريالية العالمية الاميركية بمذنبها اليهودي، التي تطمح الى الهيمنة على العالم بأسره وتحويله الى ملحق او تابع لاميركا.
ولهذه الغاية وضعت الطغمة المالية الاميركية ـ اليهودية نصب عينيها مهمتين رئيسيتين:
الاولى ـ التخلص من الكابوس التاريخي الذي تمثله مقاومة روسيا للغرب (منذ روما القديمة وحتى هتلر) وذك بالعمل لتحطيم القوة العسكرية لروسيا وتخريب اقتصادها وتدمير مجتمعها وتجويعها وتقليص عدد سكانها الى ما لا يزيد عن 50 مليون نسمة كما خطط سبيغنيو بريجينسكي، وفي الاخير تحويل روسيا الى رقعة جغرافية كبيرة تكون مصدرا للطاقة ومنجما كبيرا للخامات التي يجري تصنيعها في اوروبا، وتجني اميركا الارباح منها، ولا تبقي لاوروبا الا الفتات.
والمهمة الثانية هي ـ تحطيم الهالة الحضارية للشرق الاوسط بوصفه مهد الابجدية وامهات العلوم الاساسية، ومهد المسيحية التي اصبح يدين بها الغرب ذاته، وذلك بالاحتلال الاميركي المباشر لبلدان الشرق الاوسط وتمزيق شعوبه وتفتيتها، وفرض الداعشية الهمجية عليها لنزع اي صفة حضارية عنها، وكل ذلك لتبرير تحويل الشرق الاوسط الى حقل كبير للنفط والغاز الذي تسيطر عليه اميركا (واسرائيل واليهودية العالمية) سيطرة تامة وتتحكم بواسطته بالاقتصاد الاوروبي والعالمي.
ولكن الجيوستراتيجية التوسعية الاميركية تعرضت لنكستين كبيرتين:
النكسة الاولى هي ان التيار القومي ـ الاورثوذوكسي في روسيا، بقيادة فلاديمير بوتين، اسقط حكم يلتسين الخائن الذي كان فاتحا ابواب روسيا امام العصابات الاميركية والغربية واليهودية. ودخلت روسيا في طور استقلالي جديد من تاريخها، معاد بشكل خاص للامبريالية الاميركية ـ اليهودية.
والنكسة الثانية كانت في الشرق الاوسط الكبير، وتجسدت في صمود الثورة الاسلامية في ايران وتنطحها لمقارعة سياسة التوسع الامبريالية الاميركية ـ اليهودية، في منطقة الشرق الاوسط بأسرها.
وبالرغم من الاختلاف الكبير، الديني والايديولوجي والسوسيولوجي، بين روسيا وايران، فقد تعاونتا بينهما تعاونا وثيقا يلبي المصالح الوطنية للبلدين ويساعدهما على الوقوف معا بوجه سياسة التوسع الامبريالي الاميركي ـ اليهودي.
وادى التعاون الوثيق والنزيه بين روسيا وايران الى تحقيق انجاز جيوستراتيجي هائل وهو استقطاب العملاق الصيني الى جانبهما. وبذلك تشكلت النواة الاولى الكبرى لـ"المحور الشرقي الجديد" (روسيا، الصين وايران)، الذي اصبح يمثل عاملا رئيسيا في الجيوستراتيجية العالمية، والذي يقف بصلابة منقطعة النظير بوجه السياسة التوسعية العدوانية للامبريالية الاميركية ـ اليهودية، ويقف عقبة كأداء امام مطامحها الامبراطورية.
وبنتيجة هذه التطورات الكبرى على الساحة الدولية بدأت مختلف الدول والبلدان، بما فيها دول اوروبا الغربية الحليفة التقليدية لاميركا، وخاصة المانيا وفرنسا، ـ بدأت تحاول التملص من التبعية والخضوع لاميركا التي ظلت تصارع لفرض الهيمنة الاحادية على جميع دول العالم.
وحينما بدأت الدول والشعوب والاراضي والموارد التي كانت اميركا تطمع في "ابتلاعها" تتمرد على الاملاءات الاميركية، واخذت تصبح، بهذه الدرجة او تلك، صعبة على الابتلاع من قبل الامبراطورية الامبريالية الاميركية، بدأت هذه الامبراطورية توجه سهام نزعتها التسلطية الاستبدادية نحو داخلها بالذات. والحالة التي تمر بها الولايات المتحدة الاميركية الان ليست فريدة، بل هي حالة نموذجية لكل امبراطورية دخلت في مرحلة الانحطاط.
وفي حين ان دول المحور الشرقي، والى جانبها العديد من الدول الاخرى، بدأت تنهض اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، رافضة التحول الى مصدر للموارد تابع للامبراطورية الاميركية، فإن اميركا اخذت توجه نزعتها التوسعية "داخليا"، ضد حلفائها، بل وضد سكانها انفسهم. وبدا ذلك بشكل صارخ في الحملة التي شنتها ادارة ترامب ضد نظام الضمانات الاجتماعية في اميركا. وتسعى الطغمة الامبريالية الاميركية لانتزاع المزيد من الاموال من الحلفاء ومن المواطنين الاميركيين للتعويض عن خسائرها الواقعية والافتراضية، ولتأخير الانهيار التام لنظامها العالمي الجديد القائم على الاحادية القطبية لاميركا، وتأخير ظهور نظام عالمي بديل متعدد الاقطاب.
ولكن هذا الارتكاس الاميركي الى الداخل واجه ردود فعل شعبية اميركية تجلت بشكل خاص في الحركة الاحتجاجية التي اندلعت في نيويورك ثم في سائر المدن الاميركية سنة 2011، واخيرا حركة الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت منذ ثلاثة اشهر ضد قيام الشرطة الاميركية بقتل مواطن اميركي من اصل افريقي بطريقة تعسفية ووحشية. وقد سقط في تلك المظاهرات عدد من القتلى برصاص الشرطة الاميركية، التي تلقت الدعم الكامل من ادارة ترامب. وتم اعتقال الالوف. وهذا كله ينسف اكذوبة "الدمقراطية الاميركية".
وعملت السلطات الاميركية دوما على تشويه وتزييف وتزوير الاسباب الحقيقية لحركة الاحتجاجات في اميركا، والادعاء بأنها انما تتم بفعل التدخل الخارجي، ولا سيما الروسي، في الشؤون الداخلية الاميركية. ولهذه الغاية افتعلت السلطات الاميركية اكثر من مرة الازمات الدبلوماسية مع روسيا، وطردت بشكل مسرحي عشرات الدبلوماسيين الروس، وضيقت الخناق على عمل الصحفيين الروس في اميركا. وفي هذا الصدد نشير الى ان الباحث الجيوسياسي الاميركي المشهور فريدريك وليام اينغدال اجرى بحوثا مؤثرة، برهن فيها ان الاضطرابات والحركات الاحتجاجية في اميركا ليست ـ كما تدعي الادارة الاميركية ـ وليدة تدخلات واسعة النطاق في الشؤون الاميركية لمواجهة المصالح الخاصة لاميركا، انما بالعكس هي نتيجة حتمية للمساعي المحمومة لواشنطن لتحقيق المصالح الخاصة للامبريالية الاميركية.
والواقع الذي لم يعد بالامكان تجاهله هو ان العالم بأسره بدأ يتملص بالتدريج من نير الزعامة الاميركية الشاملة. وقد توصلت شعوب ودول عديدة الى تحقيق هذا الهدف ليس فقط بتقديم الشكاوى الكثيرة الى الامم المتحدة، بل بعملها لتقديم بديل عن نظام الهيمنة الذي تقترحه اميركا على العالم. والصين هي افضل مثال على الدولة التي راهنت على تطوير الصناعة والبنية التحتية بوصفها بديلا لـ"التوظيفات" الاميركية، وتوريد الاسلحة المنفوخة الثمن اضعاف سعرها الحقيقي، والتدخل السياسي المكشوف في شؤون الدول الاخرى. فبدلا عن ذلك يقوم الصينيون ببناء السدود، والسكك الحديدية، والمصانع، ويزودون شركاءهم بالاسلحة بدون ان يفرضوا عليهم اية تقييدات او شروط سياسية.
ومن جهتها تعرض روسيا على الدول في جميع انحاء العالم بدائل تبدأ بالتزويد غير المشروط بالاسلحة بالاسعار العادية، وبالوقود، وتصل الى اقتراح تشكيل التحالفات التجارية والاقتصادية والامنية التي تحفظ مصالح جميع الاطراف.
وبالرغم من الحصار والعقوبات الاميركية الشديدة، تقوم ايران بتقديم المساعدات النزيهة للدول والشعوب التي تناضل ضد الهيمنة الاميركية ـ الاسرائيلية. وقد قامت في الاشهر الاخيرة بتحدي اميركا وجها لوجه بارسال المساعدات الى الشعب الفينزويلي المحاصر والمظلوم.
ان مشكلة اميركا هي انها منذ وقت غير قصير اخذت تتخلى عن البناء والانتاج، وان تركز جهودها على الاكراه، والاستغلال، والاستيلاء على موارد الغير، والمكائد والالاعيب المالية.
ولكن كل ذلك قد انقلب سلبا على اميركا حينما بدأ الاخرون بالبناء وانتاج السلع الضرورية والاسلحة، وبدأوا يعملون لحماية بلدانهم وشعوبهم من نظام الاحتيال المالي واللصوصية الاميركية، وتوصلوا الى انشاء انظمة مدفوعات، بديلة عن نظام الدولار، وتؤدي الى تمويل المشاريع الواقعية الآيلة الى التقدم الحقيقي.
والواقع ان هذه السيرورة التحريرية هي التي تحولت الى العامل الجيوسياسي المهيمن في عالمنا المعاصر، في حين ان الامبراطورية الامبريالية الاميركية ومذنبها اليهودي تسير نحو السقوط. ولن يجديها نفعا انقضاضها من حين الى اخر على خصومها، وعلى حلفائها واخيرا على سكانها بالذات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع الدولي على لبنان وحتمية انتصار محور المقاومة
- تركيا الاردوغانية تريد بعث خلافة عثمانية جديدة بوصاية اميركي ...
- تفجير بيروت هو استمرار لحرب تموز 2006
- اوروبا المؤمركة تتجه بسرعة نحو الافلاس والفوضى
- ادارة ترامب تجرجر اميركا نحو الهاوية
- الحرب الباردة والحرب التجارية الاميركية ضد الصين
- اميركا الاطلسية تنهزم والمحور الشرقي الجديد يتقدم
- اميركا على عتبة ثورة شعبوية فوضوية
- الرأسمالية الاحتكارية الاميركية تحشرج في ايامها الاخيرة
- الجماهير الشعبية الاميركية تتدرب ميدانيا على الثورة الانارخي ...
- الحرب الباردة الاميركية ترتد على اميركا
- الحوسلة الرأسمالية ل-شعب الله المختار-
- تركيا المهزومة في سوريا تواصل عدوانها في شرقي المتوسط وليبيا
- رئيس المخابرات الخارجية الروسية: سنبني نظاما عالميا جديدا مت ...
- اميركا تخسر الحرب الباردة الجديدة ضد روسيا وحلفائها
- المحور الشرقي الجديد بمواجهة الكتلة الاميركية الغربية
- الكورونا يقوض اسس النظام الليبيرالي الرأسمالي الغربي
- اوروبا: -رجل العالم المريض-!
- مسار حرب النفط بين اميركا وروسيا
- هل تدشن ايطاليا بداية النهاية لوجود الاتحاد الاوروبي؟


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - الامبراطورية الامبريالية الاميركية اليهودية في طور التآكل الذاتي والسقوط