أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد رمضان الجبور - تقنيات وتوظيف الحوار في رواية ( عندما تهرب الطيور من غزة )















المزيد.....

تقنيات وتوظيف الحوار في رواية ( عندما تهرب الطيور من غزة )


محمد رمضان الجبور
(Mohammad Ramadan Aljboor)


الحوار المتمدن-العدد: 6649 - 2020 / 8 / 17 - 16:52
المحور: الادب والفن
    


مدخل:
ما يميز الروائي مصطفى القرنة في أعماله الروائية هو اهتمامه بالقضايا الإنسانية والبحث عنها ، فقد صدر للروائي القرنة مجموعة من الروايات تناولت قضايا إنسانية متنوعة ، بحثت في هموم ومشاكل مجتمعات مختلفة ، ففي روايته ( عائلة من الروهينغا) بحث في مسألة ومأساة مسلمي الروهينغا ، وقد بيّن من خلال هذا العمل الأدبي إجرام وغطرسة هؤلاء البوذيين، والمذابح التي أودت بأرواح عشرات الآلاف من المسلمين العزل، لا لشيء إلا لأنهم مسلمون، تطهير عرقي غير مسبوق في التاريخ، والمجتمع الدولي لا يحرك ساكنا .
وفي رواية (دموع على حدود طنجة ) وهي تتحدث عن وباء الطاعون الذي ضرب المغرب ومعظم المدن المغربية في عام 1799 وهذا الذي جعل الناجين من الطاعون الكبير ينعتونه بهذا الاسم هو أرقام الضحايا التي لم يسبق أن حصدها وباء من قبل، فقد كان له أكبر الأثر على حياة الناس في ذلك الوقت، وهناك روايات أخرى للروائي مصطفى القرنة تعالج الوجع الإنساني والحياة الاجتماعية ، ( هاربون من كورونا) ،( بيرغامو ) ومنها الرواية التي بين أيدينا ( عندما تهرب الطيور من غزة ) ، ومن خلال العتبة الأولى من عتبات العمل ، نرى عظمة المأساة التي تعرض لها هذا البلد ، فالعنوان كعتبة أولى للنص ( عندما تهرب الطيور من غزة ) يوحي لنا بمدى الدمار والعنف الذي أصاب غزة ، حتى الطيور الأمنة أصبح لديها قرار في الفرار من هذا الجحيم ، ثم ننتقل إلى عتبة أخرى من عتبات النص ، فقد جاء غلاف الرواية يُعبر عن غطرسة العدو الغاشم وهو يقصف أحياء غزة ، فالبيوت مشتعلة ، والنار تأكل البيوت والمباني والبشر ، ولون الغلاف الدموي قد شرح الكثير من المأساة .
فالرواية تحكي قصة العدوان الغاشم على غزة عام 2014 ، الذي أطلق العدو الصهيوني عليه (الجرف الصامد) وأطلقت عليه كتائب عز الدين القسام بمعركة (العصف المأكول ) وأطلقت حركة الجهاد الإسلامي بمعركة (البنيان المرصوص ) ، وقد كان حرق الطفل محمد أبو خضير على أيدي مجموعة من المستوطنين هو الشرارة التي فجرت هذه الحرب .
ورواية ( عندما تهرب الطيور من غزة ) من الروايات التي برز فيها الحوار رغم وجود أنواع أخرى من أساليب السرد ، إلا أن الحوار قد برز وأخذ النصيب الأكبر ، فكان لا بد من الوقوف على تقنيات الحوار في هذه الرواية .


تقنيات الحوار في الرواية :
لا شك أن الحوار يعتبر من التقنيات الهامة والشائعة في العمل الروائي ، وهناك الكثير من الروائيين من استعانوا بالحوار في أعمالهم وجعلوه العنصر الرئيسي في الخطاب السردي ، ومن هؤلاء الروائي المصري الكبير نجيب محفوظ في روايته المشهورة ( قلب الليل ) ، وهناك الكثير من الروائيين من أعتمد في أعماله على الحوار ، ويظل الحوار أسلوب من أساليب السرد التي لا غنة عتها في الأعمال الروائية ، وقد عرفوا الحوار على أنه التبادل الشفاهي أو المحادثة بين شخصين أو أكثر وقد تنوعت أساليب الحوار التي وظفها الروائي مصطفى القرنة في روايته ( عندما نهرب الطيور من غزة ) فظهر بأشكال عدة وبين أطراف متعددة فهو تارة ، حوار خارجي مباشر بين اثنين ، وتارة حوار داخلي (مونولوج) حوار بين الشخصية وذاتها .
) Dialogue الحوار الخارجي :(
الحوار الخارجي وأحياناً يطلقون عليه الحوار الثنائي أو التناوبي ، وذلك لتناوب الحوار بين شخصيتين بطريقة مباشرة ، وهو أكثر أنواع الحوار عند الروائيين ، ومن أمثلة هذا الحوار :
- تقول إسرائيل أنها هاجمت مائتي هدفاً ، وأن حماس أطلقت عليهم مئة وخمسين صاروخاً.
- يا رب الله يوخذ بيد حماس .
- يا رب والله هذي المرة حياة أو موت .
- بس شو قصة القبة الحديدية ؟
- ما بعرف إسرائيل بتقول ولا واحد مات .
- اليهود كذابين ، لكن أنا خايف كلامهم صحيح ، معقول ما مات ولا واحد إسرائيلي ؟
من خلال الحوار السابق نرى كيف وظف الروائي مصطفى القرنة الحوار في بيان هول الأحداث التي تجري على أرض غزة ، فالمعركة أصبحت حياة أو موت ، فعن طريق الحوار وصف لنا الوضع العام بكلمات محدودة وقليلة .
ومن الأمثلة على الحوار الخارجي أو التناوبي :
" ذهب عمار وطلب إلى ابنته أن تعمل لهم شاياً وعاد قائلاً :
- ألم أقل لك الرئيس الأمريكي تدخل وطلب وساطة .
- إسرائيل لن توافق .
- لا تستطيع إسرائيل أن ترفض طلب أمريكا .
- أوف يا رجل أمريكا تسير كما تريد إسرائيل لا يمكن أن ترفض لها طلباً اللوبي الإسرائيلي قوي في أمريكا .
- لالا بد من وجود عقال القذائف مثل رش المطر . "
الحوار السابق حوار تناوبي جماعي ، ولكن من خلال الحوار السابق يستطيع المتلقي من تخيل الشخصيات التي قام الروائي برسمها لخدمة العمل ، فهذا الحوار بين مجموعة من الأشخاص ، منهم الشخصية الرئيسية في الرواية (الهوايشي) الذي يقوم بدور القائد ، فهو شخصية رئيسية ديناميكية يتحرك في كل مكان ، فالحوار تناول مجموعة من الآراء السياسية التي يتحدث بها الناس سواء أهل قطاع غزة أو غيرهم ، وجهات نظر طرحها الروائي من خلال حوار ، ولم يكتف بذلك بل بيّن الحالة النفسية لهؤلاء الناس ، فهم يحتسون الشاي ويتحدثون رغم القذائف التي تنهمر عليهم وكأنها رش المطر ، وكأن الروائي يريد أن يقول أن هذا الشعب شعب غزة قد دفن الخوف ، وأدمن على صوت القنابل والطائرات ، فلم يعد يخاف الموت .
Monologue الحوار الداخلي :
مصدر هذا الحوار ومكانه داخل الشخصية ، فهو تعبير عما يجول في النفس ، وهو خاص بالانفعالات النفسية " حوار يجري داخل الشخصية ومجاله النفس أو باطن الشخصية،
يقدم هذا النوع من الحوار المحتوى النفسي والعمليات النفسية في المستويات المختلفة للانضباط الواعي، أي لتقديم الوعي دون أن تجهر به الشخصية في كلام ملفوظ ودون أن تلتزم بالترتيب النحوي والمنطقي للكلام"
ومن أمثلة هذا النوع من الحوار في الرواية :
" نظر إلى البحر بحزن وقال لنفسه : هل قدرنا أن نهجرك أيها البحر ، وراح يلعن الكيان الإسرائيلي الذي لا يكف عن إلحاق الأذى به وبشعبه ، بل وتتحين الفرص للانقضاض على هذا القطاع "
ليث أحد الشخصيات الرئيسية والهامة في الرواية يتألم لما وصل إليه الأمر ، فهو حزين جدا لهجره البحر فهو صيّاد ، يعمل في البحر ، ولكن هذه الحرب منعته من الاقتراب من البحر ، حتى قاربه الذي خط عليه اسمه بخط جميل عرضةً للدمار والقصف الهمجي ، فهو يصب لعناته على الكيان الإسرائيلي الصهيوني فقد ألحق الأذى به وبشعبه .
" قال في نفسه ليتني فتحت بقالة أفضل من الصيد كما أقترح عليّ أخي حسن أفضل من البحر ومشاكله ، فإسرائيل تحاصر البحر بشكل دائم ولكن الوقت الآن ليس وقت حساب "
فمن خلال النص السابق يستطيع المتلقي التعرف على شخصيات الرواية ورسم ملامحها ، فشخصية ليث ، شخصية صيّاد ، إلا أن ذلك لا يمنعه أن يكون مقاتلاً للدفاع عن وطنه وأرضه ، وقد استطاع الروائي القرنة من تحريك هذه الشخصية لتكون من الشخصيات المحورية الرئيسية في العمل ، ليث حزين لما أصاب البحر من حصار ، ويتمنى لو سمع كلام أخيه حسن وفتح بقالة ، فالبحر محاصر بشكل دائم .
قد يجتمع ويختلط الحوار الخارجي بالحوار الداخلي وذلك لخلق نوع من التلاحم بين عناصر العمل الأدبي وكسر رتابة السرد ، وجذب المتلقي للمتابعة كي لا يشعر بالملل ، فتنوع أساليب الحوار يثري العمل الروائي ، ومثال ذلك :
" – يجب علينا أن نأكل جميعاً مفهوم .
أكل الأولاد مرغمين ، ابتسمت الجارة المضيفة :
- قبل أن نستشهد .
أكل الأولاد وبدأت سارة بتلاوة آيات من القرآن وطلبت إلى الجميع أن يقرؤون القرآن بصمت .
قالت في سرها : يا الله ، لمن تكلنا نحن وحدنا في هذه الدنيا .

عادت للاتصال بزوجها لم يرد هذه المرة ....."
من وظائف الحوار سواء كان داخليا أو خارجياً الكشف عن الشخصيات ، ففي النص السابق يقدم لنا الروائي شخصية (سارة) زوجة ليث ، فهي لا تعلم شيئاً عن زوجها ، وهاتفه لا يجيب ورغم ذلك فهي تحرص على إطعام الأولاد ، وتطلب منهم أن يقرأون القرآن ، وهي أيضاً راحت تقرأ القرآن وتحكي مع نفسها تناجي الله سبحانه وتعالى ، فالحوار قد كشف لنا عن شخصية هذه المرأة التي تُربي الأجيال على طاعة الله ، وتأخذ دور زوجها في الحفاظ عليهم ، رغم الوضع الصعب الذي يعاني منه القطاع ، فهي توفر لهم الطعام والمكان والأمان .
رواية ( عندما تهرب الطيور من غزة ) رواية تحكي واقع الحال الذي عاشه قطاع غزة عام 2014 في معركة عنيفة استخدم العدو الصهيوني فيها كل ما يملك من قوة وعتاد للقضاء على هذا القطاع ، واستبسل أهل غزة في الدفاع عن أرضهم وعرضهم وانتصروا على عدوهم ، وبخيال الروائي المبدع استطاع الروائي مصطفى القرنة بخياله أن يسجل هذا الانتصار لأهل غزة في رواية ستكون صورة من صور الكفاح الفلسطيني ضد هذا العدو الغاشم .



#محمد_رمضان_الجبور (هاشتاغ)       Mohammad_Ramadan_Aljboor#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البناء الدرامي في رواية (عدوى الحب والموت) للروائي د. حسين ا ...
- توظيف التراث في رواية (قرد من مراكش) للروائي مصطفى القرنة
- صور المرأة في الأمثال الشعبية في كتاب ( هم البنات للممات ) ل ...
- توظيف وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة ...ورواية (بيرغامو) ل ...
- إطلالة على كتاب ( قرية العبيدية ) للأستاذ / أحمد محمد علي خل ...
- الشخصيات والجانب السياسي في رواية ( الشيطان يخرج من أزمير ) ...
- صورة اليهودي والجانب السياسي في رواية (الشيطان يخرج من أزمير ...
- عتبات النص في رواية ( خُلق إنساناً) شيزوفرينيا للروائية / عن ...
- الواقع والخيال في رواية (هاربون من كورونا)
- شعبيات
- مدخل إلى رواية فئران لاغوس
- محمد المشايخ و معجم القاصين والروائيين الأردنيين
- انحناء
- صورة المرأة في رواية ( وغادرتني) للروائية سلافة فتحي الاسعد
- الاستيطان اليهودي في فلسطين / ضياع الأرض وتقويض الحلم الفلسط ...
- ظلال الرمز في قصص محمد رمضان الجبور
- قراءة في مجموعة (مسافات) للقاص والاديب سمير الشريف
- وصول
- البعد الاجتماعي والنفسي في رواية (شيء من الحب) للروائي/موسى ...
- بناء الشخصية والبعد التاريخي في رواية( الشيطان يخرج من أزمير ...


المزيد.....




- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
- من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال ...
- “احــداث قوية” مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني الحلقات كاملة م ...
- فيلم -ثلاثة عمالقة- يتصدر إيرادات شباك التذاكر الروسي


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد رمضان الجبور - تقنيات وتوظيف الحوار في رواية ( عندما تهرب الطيور من غزة )