|
الزواج الوسيم _ الحب والإعتذار
عبدالعاطي كحلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6648 - 2020 / 8 / 16 - 23:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الحب في الزواج مثل الورقة مع القلم .. لا يخلو من الآخطاء .. بينما الإعتذار في الزواج .. مثل الممحاة مع الورقة والقلم ..
اتذكر في حديث مع إحدى الصديقات التي كانت تعاني من مشاكل زوجية، كانت قد أخبرتني أنها استنتجت أن مشاكلها الزوجية و عدم سعادتها، هو أن زوجها لا يعتذر عندما يخطئ و كان يشعرها بالدونية كلما تمادى في الخطأ وعدم الإعتذار، وكل ذلك ساهم في إسقاط هذه العلاقة التي ظل فيها الرجل يشعر بالتفوق والمرأة بالدونية. لهذا فما نود تبيانه هنا أن الزواج لا يحيا حياة حقيقية إلا إذا تسلح كلا الزوجين بالإعتذار، فالزواج الناجح هو زواج الإعتذار وهو زواج مستعص على التمادي في الخطأ، والغالب في الأمر هو أن عدم الاعتذار يكون قصد شعوري، وهذا القصد الشعوري، يحول الشريك الذي لا يعترف بالخطأ الذي بادر منه ولم يعتذر عليه، إلى أنه يشعر بالتفوق، كما يجعل من الطرف الآخر أن يشعر بالدوني أو الدونية. وهذا الشعور الآخير غالبا ما يؤدي إلى عدم السعادة، كما يساعد كذلك على الإنفصال في العلاقات، وهذا ما لمسناه أعلاه في القصة المذكورة. والشخص الذي يتسلح بالإعتذار للأسف الشديد أصبح الطرف الآخر في عصرنا هذا كثيرا ما ينظر إليه بالمهانة والذل وإنتقاصا من شخصيته، فإن رضينا عنه بعض الرضا، لنظرنا إليه بالشخصية القوية الشامخة. إن البشر بطبيعتهم معرضون للخطأ والنسيان، والخطأ في حد ذاته ليس عيبا أو انتقاصا من شخصية المخطئ، بل الأسوء هو التمادي وعدم الإعتذار. الكل يخطئ، لكن القليل منا يجد لديه الشجاعة للإعتذار عن الخطأ الذي بدر منه سواء بقصد أو بغير قصد، رغم ما نكرره باستمرار من التراجع، والتراجع مقبول من طرف إلى آخر إلا إذا كان الشخص الذي ينبغي الإعتذار إليه هو الطرف، هنا يصبح الإعتذار في نظر الكثيرين نوعا من المهانة والذل، نعم هذا هو الواقع الذي نعيشه حاليا، والأدهى أن الناس ينظرون إلى الشخص الذي يعتذر عن خطئه كأنه ضعيف الشخصية، برغم أن الإعتذار هو من سمات الشخصية القوية وهو أيضا فضيلة، " فالإعتراف بالخطأ فضيلة، والإعتذار عنه فضيلة أخرى. كلاهما فضيلتان تعززان الحفاظ على روابط الألفة والمحبة بين البشر وهما في نفس الوقت وسائل تمنعنا من فقدان من نحب، الإعتذار يشفي الكثير من الجروح ويمنع تطور الخصومة إلى جفاء"1. إذن فإذا ملكنا الإعنذار لا شيء بعد ينبغي أن يخيفنا من عدم السعادة في الزواج أو يفصلنا عن بعضنا البعض. الحب كما ذكرنا سابقا هو الثوأم الوسيم للزواج، لكن الحب ليس وحده القادر على جعل العلاقات الزوجية مستمرة، هذا الآخير يضمن السعادة والإعتذار هو الذي يعمل على ضمان الإستمرار في الزواج، كيف لنا ألا نعتذر؟ ونحن نرى كم من المشاكل التي نشأت واشتعلت نيرانها وطال تأثيرها السلبي على الأطفال والأهل الذي لا ذنب لهم، والسبب هو مكابرة أحد الزوجين وامتناعهم عن الإعتذار عن الخطأ البادر أو عندما يغضب أحدهم الآخر، زاعما أن ذلك يمس كرامتهم ويقلل من شأنهم وشخصيتهم. الكثير من الأزواج استطلعت اراءهم أكدوا أن الإعتذار لبعضهم البعض بمثابة إهانة للمعتذر، وقد يجرده من شخصيته ومبادئه. في الوقت نفسه وجدت أن الكثير من السيدات أوضحن أنهن صاحبات قلب أبيض و يغفرن كل أنواع الإساءات، حتى كان يخيل إلي أنه الشيء الذي شجع أزواجهن على التمادي في الخطأ وعدم الإعتذار. أي حياة زوجية هذه، وأي سعادة تلك التي يمكن أن تنشأ في حال ظلت العلاقة قائمة على شعور الزوج بالتفوق والزوجة بالدونية، وبأنها لا تستحق من زوجها وشريط حياتها الذي وهبته كل ما لديها حتى كلمة واحدة آسف حبيبتي. أيها الرجل ليس من العدل أن تشعر بالتفوق وحدك و أنت نائم في حضن زوجتك بين روضها ونسيمها ... فاعرف لزوجتك التي تتقلب في هذه الحياة بين حرها و بردها و أجيجها و ثلجها .. فاعرف لها حقها و أحسن بينك وبينها وأشعر قلبك الخجل من منظر شقائها في سبيل سعادتك .. واعلم أن الحياة السعيدة يحياها من يتسلح بالإعتذار. أيتها المرأة الطاهرة النقية التي نبتت في حقل الإسلام وسقيت بماء الوحي، فكانت وردة غالية يجب أن نحفظها بل ونحافظ عليها في كل وقت وحين. فاعرفي لزوجك حقه .. واشعري قلبك الخجل من منظر شقائه في سبيل سعادتك وإبتسامتك ولقمة عيش .. واعلمي ان المرأة الجميلة في اعين زوجها هي المرأة المطيعة والمتسلحة بالإعتراف والإعتذار .. اعلمي ان الطاعة هي جمال المرأة في اعين زوجها مهما كان جمالها.
-------------------------------------------- - 1 : خليل المقداد - ثقافة الإعتذار - مقالة منشورة.
#عبدالعاطي_كحلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيستوريوس: لا يجوز أن نكون في موقف المتفرج تجاه ما يحدث في س
...
-
أردوغان يعلن -مصالحة تاريخية- بين الصومال وإثيوبيا
-
الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين
...
-
قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
-
-CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه
...
-
مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م
...
-
العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
-
موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
-
قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
-
رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|