أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هشام بن الشاوي - رسالة مفتوحة إلى : جيف بيزوس















المزيد.....


رسالة مفتوحة إلى : جيف بيزوس


هشام بن الشاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6645 - 2020 / 8 / 13 - 17:23
المحور: كتابات ساخرة
    


تحية عطرة، وبعد :
اسمح لي، سيدي الفاضل، أن أضيّع وقتكم الثمين، وأنت تقرأ هذه الرسالة التي لن تصلك أبدا، وأنا أسرف في الحديث عن مشاغل تافهة، قد لا تهم أحدًا، والتي نسميها- نحن معشر الحمقى/ الكتّاب- شجون الأدب.
معذرة، لأنني لن أستطيع أن أكتب بلغة دبلوماسية، كما يجدر بخطاب يليق بمقامكم الرفيع، ولا حتى الكتابة بأسلوب أدبي رشيق، فأنت تعرف أننا نعيش - منذ شهور- تحت وطأة هذا الوباء المقيت، الذي حطّم الكثير من الأشياء الجميلة في دواخلنا.
لقد صدرت لي في بحر هذا الأسبوع، رواية جديدة، هي ليست جديدة تماما، فقد كتبتها قبل سنوات، لكن سوء الحظ كان يطاردها في أكثر من جائزة عربية، وقد عرفت السبب الآن! لجان القراءة لا ترشح رواية للفوز، وهي تفضح/ تعرّي مجتمعاتنا العربية من الماء إلى الماء؛ مجتمعات عفنة تدّعي الطهرانية والفضيلة !! وقد اعتذر أكثر من ناشر عربي عن نشرها، ممن يطبعون الكتب، وعيونهم تتلصص على جيوب القراء في الــ"هناك"، والمضحك أن هناك من تحمس للرواية، شريطة أن أدفع تكاليف الطبع معتقدا أنني كاتب مبتدئ مغفل، سيفرح بكتابة اسمه على غلاف رواية، وسيتجه - بسرعة- إلى أقرب وكالة تحويل أموال، وأعتقد أنك لا تعرف أن ثمة دار نشر عربية مرموقة، تنشر روايات لكتاب كبار، وفي نفس الوقت تجد ضمن إصداراتها بكائيات غرامية نسائية ركيكة !!…
بعد ربع قرن من الكتابة..
لقد توصلت إلى قناعة واحدة؛ بعد أن خذلني شيطان الإبداع، وصارت الكتابة المرادف الوحيد للضياع والبلاه، في مثل هكذا مجتمعات، لا تفكر إلا بشهوتي البطن والفرج.. أقص الورق الصقيل لمجلات عربية كبيرة نشرت فيها كتاباتي، وأفرشه لعصافيري، ففضلاتها أنقى من هذا الوسط الموبوء الداعر، ولكي أدخل بعض السرور إلى قلبك، بدل الاسترسال في هذا السرد الميلودرامي، لم أنتبه إلى أن ابني الصغير، الذي لم يتجاوز ربيعه الخامس، كان يلمح صورتي مرارا، أسفل الأقفاص. قال لأخته في براءة : " بابا - دائما-هنا.."، وهو يرنو إلى صورتي. صمتت، على مضض وقلت لنفسي : "هذا الورق اللامع لا يصلح لأي شيء، لا يصلح أن يبقى ذكرى من مجلة توقفت عن الصدور، ما دامت أغلب هذه المطبوعات صارت ترفض النشر لي ولبعض الأصدقاء؛ خذلتنا بعد سنوات من النضال الأدبي والثقافيّ، لكنها تستمر في التعامل مع حفنة من المخنثين والسكارى، وكما نقول في عاميتنا : "فلوس اللبن يديهم زعطوط" ! " .
أعترف بأن كتابتي جريئة نوعا ما، لكن في الرواية الأخيرة، تخلصت من الرقيب الداخلي نهائيا، وطلبت من الناشر عدم عرض تلك المقاطع الصادمة من التصفح المجاني في مكتبة جوجل، بتحديد أرقام الصفحات ! لكن الحزن يسكنني ويسكن كتاباتي دوما، وسيلازمني أبدا، وقد تسربت مفردات الحزن والبكاء إلى عناوين بعض إصداراتي : "على شفير النشيج"، "سفر الأحزان"، "هكذا ينتهي الحب عادة".
سيد جيف..
لقد دخلت إلى موقعك مصادفة، عن طريق محرك البحث الشيخ جوجل. المهم، عندما نقرت على اسمي اكتشفت أن روايتي : "هكذا ينتهي الحب عادة"، معروضة للبيع في النسخة النيوزيلاندية.. مشاعر متضاربة انتباتني في تلك اللحظة؛ هل ستبتسم الحياة في وجه ابن الشاوي دفعة واحدة؟ عند النقر على صورة الغلاف، اكتشفت أن هذا الشخص، والذي يبدو غير عابئ بكل ما يحدث في هذا العالم المهدد بالزوال، من طرف فيروس ضئيل جدا.. لقد نشرها في أواخر شهر مايو، في عز انشغال البشرية بالحجر الصحي، الذي أربك كل حساباتنا، والغريب أنه يعرض للبيع النسخة، التي كتبتها على حاسوبي المتهالك، وحاولت الإبلاغ عن الكتاب، أكثر من مرة، لكن دون جدوى، كما راسلت موظفيك عن طريق البريد الإلكتروني، ودوما، كانت تصلني رسائل باردة، مثل صقيع الشتاء الأوربي.
في البداية دردشت، مباشرة، مع موظفة في الموقع الفرنسي، وطلبت مني مراسلة القسم النيوزليندي الذي يعرض الرواية، وتمت إحالتي إلى النسخة البريطانية. شيء مضحك حقا؛ نفس البيروقراطية الكريهة، التي نكابدها في عالمنا العربي. ثلاثة أيام من المراسلات الجوفاء، حتى أنني لم أبخل عليهم ببياناتي الشخصية، رقم الهاتف الخلوي وحتى العنوان البريدي، كما لو كنت مرشحا للزواج بإحدى شقراواتك، وجاءتني صفعة الرقم الدولي للكتاب، وكتبت لهم مرارا- ودون جدوى- بأن الكتاب لم ينشر أصلا، وقد نشرت الرواية في بعض المواقع الأدبية، منها مجلة صديقنا الدكتور صبري حافظ "الكلمة"، وموقع آخر. وآخر رد وصلني من الإدارة كالتالي : " تم نشر الكتاب عبر قناة مختلفة، من خارج "…"، ولا يمكننا تقديم معلومات ولا اتخاذ أية اجراءات بخصوص الكتاب".
هذا الشخص الغبي، وضع صورة بلهاء كغلاف للكتاب، تشبه صور الرسوم المتحركة، لكنه لم يستطع تحمل لسعات سياط كتابتي، فحذف هذه الجملة من المخطوطة : " ألا يدين مهمشو وعاهرات قصصك القصيرة هذه الأنظمة العربية المتهالكة؟"، بضغطة زر، اغتال هذه الجملة، واكتفى بنقط الحذف… والمثير للشفقة حقا، أنه لا يجيد كتابة علامات الترقيم، كالفاصلة مثلا، حيث يكتبها، مثل تلك العلامة التي تتوسط الكلمات الأعجمية. ودون أن يدري، كتب كلمة "مره"، والتي تعني "كثيرا" في اللهجة السعودية، ومرادفها في اللهجة الإماراتية "وايد"، وفي تونس يقولون : "برشا"، وهنا نقول : " بزّاف"، يبدو أن هذا المراهق التافه فاته أنني دونجوان قديم، تصعلك كثيرا على أرصفة شارع الهوى العربي ! فضلا عن عدم انتباهه إلى تشويه بعض الكلمات، حيث ضغط على أحد أزرار الحاسوب، وتكرر حرف الكاف، أكثر من مرة، وتقيأ لوح المفاتيح كلمات هلامية، والسبب جملة : "كأنما تتخلص من آثامك السرية"، لأن هذا البائس الحقير والمثير للشفقة في نفس الوقت، يخاف من التشبيه، المجاز والاستعارة، ومادام لا يستطيع أن يحتفظ بالنص كما هو، كان الأجدر به ألا يقترب من كتابة، يحتاج إلى سنوات ضوئية، حتى يصل إلى مستوى ذلك الوعي الشقي الذي كتبت به!

تأملوا معي هذه الجملة مثلا : "لأنه"إخواني"، متحيّز لكل ما يطبل للثورة"، لم تعجب صاحبنا وخزات كلماتها، فكتبها على طريقته، والتي تفضح أميته المقيتة والفائقة : " "خواني" متحيز لورط الالية لوليت " !!!!!
وهذه جملة حوارية، لم يفقه معناها : "إن الملاط ينقصه الإسمنت"، لقد لجأ غبينا المبجل إلى حذفها لأنه لم يعرفها، ولم يجرب أن تلتهم الأكزيما أصابعه، ولم يكتب قصصا قصيرة بأصابع دامية، فاكتفى بكتابتها : "إمنتاط" !!! فضلا عن تصرفه في علامات "الفاصلة"، والتي قلبها رأسا على عقب في أكثر من موضع، أما حرف الباء في هذه الجملة : "تمازحه بــ"أخو البْهَايْمْ" "، مثلا، انظروا إلى حرف الباء كيف كتبته ممدودا، لكن، لأنه لم يعرف كيف يكتب المد، اكتفى بكتابة الجملة هكذا : "الذي تمازحه ب"أخو البْهَايْمْ" "، لأنه لا يعرف ولن يعرف أن ما يقارب عمره ضاع هباء في الكتابة، وأقضي ساعات طوال خلف الحاسوب .
كما أن هذا الشخص الغبي يكتب علامة الاستفهام معكوسة، والنسخة المعروضة للبيع، هي النسخة الأولية، التي تتضمن مقالا نقديا لصديقي إبراهيم الحجري حول روايتي السابقة : " قيلولة أحد خريفي"، وهي النسخة نفسها التي نشرتها إحداهن في أحد المنتديات التافهة في غرة هذا العام الكوروني. هذه النسخة مازلت أحتفظ بها في بريدي الإلكتروني منذ سبع سنوات، وقد ارتأى الصديق منتصر القفاش الاستغناء عن القراءة النقدية، وكذلك صديقي المغاربي …
آسف، سيدي لأن كل هذا الهراء يحدث في موقعكم، لكن أرجو ألا يفوتك أن هذا البائس لن يستطيع عرض بضاعته المغشوشة في مكتبة جوجل، لأنه لا يوجد تنضيد ولا تصفيف. فمن المسؤول عن تسريب هذه النسخة؟ من الذي خان الأمانة؟ علما أنني أرسلتها إلى عدد محدود من الأصدقاء الأدباء، وإلى بعض الجوائز الأدبية.
شكرا جزيلا لك أيها الوضيع، لأنك أفسدت فرحتي الصغرى، التي كنت أترقبها منذ سنوات. منذ سنوات، وأنا أنتظر التخلص من نحس هذه الرواية بسبب جرأتها، وقد نصحني الصديق إبراهيم الحجري مرارا، بأن أشرع في كتابة نص روائي جديد، نص طهراني، لا يخدش مرايا الثالوث المحرم، من أجل الظفر بإحدى الجوائز العربية، كنت أجيبه بأنني لا أستطيع أن أكتب حرفا واحدا لأنني محبط ! أعرف أن بعض النصوص الرديئة تفوز بالجوائز، صراحة، لا أجيد كتابة مثل هذه الكتابات البائسة. لقد حاولت - مرارا- اقتطاع نص من الرواية الأخيرة، ومحاولة نشره في أية مجلة عربية، لكن دون جدوى .. المقطع الشفيف، والوحيد في الرواية، والذي كتبته وأنا أبكي ! لم أفلح في نشره، لأنه يتضمن جملة لن تروق للرقيب المتخلف، لأن بطل الرواية، طلب من الله عز وجل، وهو يحتضر، أن يحقق له أمنيته الأخيرة، ومات دون أن ينطق بالشهادتين…

صديقي إبراهيم..
سوف أخذلك مرة أخرى؛ لن أستطيع الكتابة مثلما يريدون وكيفما يشتهون، لقد اخترت، منذ البداية، أن أنحاز إلى الهوامش البشرية، لهذا، فالخسارة حليفتي في الحياة وفي الإبداع دوما.
لست على ما يرام هذه الأيام، بسبب هذا النذل. لو كنت أملك حسابا فيسبوكيا، كنت سأتقاسم هذا الفرح الأصغر مع "الأعـــدقاء"، لكن لا أحد يحبني، أنت تعرف أنه عندما فزت بجائزة الطيب صالح، تمت الوشاية بي، وأبلغوا مجذوب عيدروس بأن الرواية الفائزة منشورة، علما أنني طلبت من صديقي علي الصراف أن يحذفها، وقد فعل، وحتما، تكبد الخسارة وحده، ودوما يبهرني علي الصرّاف، ويبرهن لي بأنه فارس نبيل من فرسان الثقافة الحقيقيين، والنبلاء… في زمن الغوغاء واللقطاء؛ حين عرضت عليه نشر كتابي الحواري، لم يمانع، وقبل شهر، صارحته بأنني لن أستطيع أن أدفع درهما واحدا، من أجل نشر هذه الرواية اللعينة. لم يفعل مثل أغلب سماسرة الكتب وتجار الورق، بل غمرني بعطف وحب كبيرين، وهو ينثر زهور كلماته الشجية فوق أحراش هذه التجربة السردية المتواضعة.
مرة أخرى، شكرا علي، شكرا علي الصراف..
حقا، الفرح يأتي من وراء البحار…



#هشام_بن_الشاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سفر الأحزان... رواية جديدة لهشام بن الشاوي
- مدخل إلى دراما أسامة أنور عكاشة
- مجلة أفكار الأردنية تحتفي بدراما أسامة أنور عكاشة
- من يوميات الحجر الصحي
- الدراما التلفزيونية
- الهواية: التلصص
- الطيور تهاجر لكي لا تموت.. والكتابة من أجل شيء
- شعرية الاحتجاج عند أسامة أنور عكاشة
- المغاربة
- كتاب رقمي لهشام بن الشاوي نكاية في الجغرافيا
- رسالة لن تصل إلى وزير الاعلام الكويتي
- رسالة مفتوحة إلى وزير الإعلام الكويتي
- حي المطار بالجديدة.. حيل حْديدان -الحْرامي- ونفايات الصين
- إصدار جديد للكاتب المغربي هشام بن الشاوي
- في عددها الجديد... المجلة العربية تحتفي بثقافة بلاد الرافدين ...
- المبدعون المغاربة والنقد... أية علاقة؟
- فصلان من رواية: -قيلولة أحد خريفي- لهشام بن الشاوي
- يحدث في سورية الآن
- لماذا تركتُ القصيدة وحيدة؟
- جمالية المتقابلات السردية في -رقصة العنكبوت-


المزيد.....




- الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا ...
- الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي ...
- -تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار ...
- مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني ...
- تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة ...
- “Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة ...
- اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن ...
- والت ديزني... قصة مبدع أحبه أطفال العالم


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هشام بن الشاوي - رسالة مفتوحة إلى : جيف بيزوس