|
سبب عدم اتبّاع المصريين لشريعة موسى
رياض حسن محرم
الحوار المتمدن-العدد: 6643 - 2020 / 8 / 11 - 20:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سؤال محيّر، فرغم ايمان المصريين بديانة المسيح التى هبطت عليه فى فلسطين، ثم اعتناقهم للإسلام الذى ظهر بجزيرة العرب، فإنهم "أى المصريين" لم يدخلوا فى عقيدة موسى "اليهودية" الذى ولد وتربى فى مصر وهبطت اليه الألواح على أرضها، بالطبع كانت هناك مقاومة مصرية للمسيحية والإسلام، لكنهما فى النهاية انتشرتا، لكن ظلت اليهودية محصورة فى قبيلة واحدة هى "بنو اسرائيل" وبعد هروبهم من فرعون وجنوده الى صحراء سيناء، ثم الى فلسطين فقد أخذوا معهم ديانتهم، ولم يبق منهم فى مصر أحدا ولم يفكروا فى العودة اليها حتى بعد فناء فرعون، الى جاء اسلافهم اليها فى العصر الحديث مع الآخرين بعد تولية الأسرة العلوية، هناك رأى يقول بكراهية الشعب المصرى لليهود وزعيمهم موسى (الذى اتهم بقتل مصرى)، على أن القرآن يحدثنا أن بعض بنى اسرائيل فقط "وليس كلهم"هم من آمن بموسى، "فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِى الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ" (يونس 83). ان القول بإنّ موسى أرسل إلى بني إسرائيل لهدايتهم ودعوتهم إلى توحيد الخالق وإنقاذهم من تجبر فرعون؛ إذ أمره الله بإخراج بني إسرائيل من مصر إلى الأرض (الموعودة)، وفي جبل سيناء تلقى موسى هناك الألواح، وهذا يعنى بالتأكيداعتبار موسى مصري الأصل وكذلك الأمر بالنسبة إلى ديانته، إذ اعتبرت امتدادًا للديانة الأخناتونية التوحيدية. علينا أن نعترف أن القصص الديني عمومًا يعتبرواحدًا من الإشكالات الكبرى بالنسبة إلى مفسري النصوص. فهل عليهم التسليم بهذه القصص، باعتبارها وقائع تاريخية، حدثت بالضبط كما وردت في النص، أم إنها قد تكون قصصًا رمزية مثلًا، ويجب التعامل معها تأويلًا، وعدم اعتبارها تاريخًا فعليًّا؟ ان تأكيد فرويد أنّ موسى مصري لم يتوقف عند هذا الحد، بل ذهب إلى القول إنّه لا ينبغي أن ننسى أنّ موسى لم يكن فقط الزعيم السياسي لليهود المقيمين في مصر، وإنّما كان مشرّعهم ومعلّمهم وهو الذي أجبرهم على اتخاذ ديانة جديدة مازالت تسمى حتى اليوم بالديانة الموسوية الحديث عن فرعون فى القرآن الكريم ملئء بالإجتزاء والتحامل، فما ورد الينا من علوم الآثار عن حقب الفراعنة تدل على العظمة والإيمان بالوطن والدفاع عنه، والايمان بالبعث بعد الموت، وبالحساب، وتوقير المرأة والحض على اكرام الأم وغيرها من الفضائل، ولكن القرآن أظهر "فرعون" بأنه جبار وطاغية، يقتل الأطفال ويستبيح الأعراض ويوغل فى دماء شعبه بمبررات واهية، ويظهر الشماتة فيهم، وحتى الشماتة فى جنوده من المصريين حينما هزموا واغلق البحر عليهم بعد أن شقه موسى بعصاه كى يعبر قومه، على أنه توجد رواية وحيدة فى بعض كتب السيرة مفادها أن ماقصد به القرآن "فرعون" انما ينطبق على شخص معين حكم مصر، وليس كل الفراعين، ايضا ان لعدم ايمان المصريين باليهودية اسباب متعددة غير ذلك نوجزها فيما يلى: 1- أحد تلك الآراء هو أن الديانة اليهودية غير تبشيرية، أى أنها نزلت لليهود أو "بنى اسرائيل فقط"، بمعنى كما ذكر القرآن أن موسى بعث لبنى قومه فقط، ولهذا السبب يتشدد الحاخامات اليهود فى نقاء العرق اليهودى، بأن ينسب اليهودى الى أمه اليهودية فقط المؤكد أنها ولدته، وليس للأب. 2- هناك الكثير من المؤرخين، (وعلى رأسهم مؤرخيين يهود) ينفون أصلا واقعة خروج اليهود من مصر، ، يذكر الباحثان"زائيف هرتسوغ" و"إسرائيل فنكلشتاين"، وهما مختصان في تاريخ الشرق الأدنى القديم، أن حادثة خروج العبرانيين من مصر لم تقع، وذلك ببساطة لأن اليهود لم يدخلوا مصر من الأساس، وذلك بحسب ما ورد في كتابهم (التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها). 3- يوجد اختلاف كبير فى اسم الفرعون الذى وقعت فى عهده قضية الخروج، فالبعض ذكر أنه " رمسيس الثانى"، وآخرين قالوا أنه " مرنبتاح"، بينما يذكر آخرون أن حادثة الخروج كانت فى زمن احتلال الهكسوس لمصر، بدليل مخاطبة القرآن للفرعون باسم " عزيز مصر". على الرغم من الخلاف في التفاصيل التاريخية للخروج، فإن الأديان الإبراهيمية الثلاثة اتفقت على الاحتفال بتلك الذكرى التي استمرت مؤثرة في المخيلة الجمعية المقدسة لدى الإبراهيميين، فقد احتفوا بتلك الذكرى، وقدَّسوها، لكن عبر مجموعة مختلفة من الطقوس والمسميات، بالنسبة إلى اليهود، فقد اعتادوا على الاحتفال بتلك الذكرى، من خلال ما يُعرف بـ«عيد الفصح» أو "عيد الفطير" الذي يعتقدون أنه يوافق ذكرى خروج أجدادهم اليهود من مصر متعجلين، قبل أن تُتاح لهم الفرصة لتناول خبزهم، ما جعلهم يأكلونه على شكل فطير غير مختمر فى طور سيناء. ويأتي هذا العيد دومًا مع بداية الربيع، وتستمر مراسم الاحتفال به سبعة أيام كاملة. ويحتفل المسيحيون بعودة المسيح إلى الحياة، الذي يأتي بعد عيد الفطير بفترة زمنية قصيرة، رمزًا متوافقًا مع نجاة بني إسرائيل من الظلم الذي تعرضوا إليه في مصر. أما بالنسبة إلى المسلمين، فقد اعتادوا أن يسترجعوا ذكرى تلك المناسبة المقدسة، من خلال صيام يوم العاشر من محرم، ويطلقون عليه "يوم عاشوراء"، إذ ورد في صحيح البخاري، أن النبي لما هاجر إلى المدينة المنورة، وجد اليهود فيها، يحتفلون في هذا اليوم تحديدًا بنجاة موسى من فرعون مصر، ولذلك دعا المسلمين إلى صيام ذلك اليوم، شكرًا لله وتقربًّا إليه، وفسر ذلك بقوله: "نحن أولى بموسى منكم" قاصدًا يهود المدينة. ليست تلك المناسبة فقط ولكن المصريين يحتفلون مع اليهود بكثير من أعيادهم، وكان الإسرائيلين بعد احتلالهم سيناء فى 1967ـ يحاولون خطب ود بدو سيناء بتوجيه حديث متلاعب اليهم، يذكر لهم أنهم واليهود أبناء عمومة، بينما عدوهم المشترك هو المصريين "سكان الدلتا والوادى" باعتبارهم من نسل الفراعين.
#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-صاحب المقام- أفكار مكررة وممجوجة
-
حمزة البسيوني .. السادية فى أجلى معانيها
-
أيام العجب والموت .. رعشة فؤاد حداد الأخيرة
-
التجربة الشيوعية الأولى فى مصر -الحزب الشيوعى المصرى 1922 -
-
هزيمة 1967.. مفترق طريقين
-
دور الذكاء فى استمرارية -عادل إمام- ونجوميته
-
تجديد الفكر أم تجديد الدين ..بأيهما نبدأ؟
-
الذكرى المئوية لميلاد مغنى الثورة -الشيخ إمام-
-
الجدل حول -ابن تيمية- مرّة أخرى
-
العسكرتاريا السلطوية فى مصر
-
موت فى الظهيرة
-
السلطة تواصل قمعها تحت غطاء جائحة كورونا
-
عالم ما بعد كورونا .. مختلف عمّا عليه الآن
-
3- أزمة اليسار المصرى – الحلقة الثالثة – سنوات التأسيس الأول
...
-
قراءة ثانية فى خطة ترامب لحل القضية الفلسطينية
-
2- أزمة اليسار المصرى -ثورة يناير واليسار-
-
أزمة اليسار المصرى .. أزمة منهج أم خلل بنيوى؟
-
غياب السلطان قابوس.. وانتهاء مرحلة
-
عن الإسلام السياسى وقضية مصافحة النساء
-
دور إعلام السلطة فى تشويه رموز ثورة يناير 2011
المزيد.....
-
-حرب- التعريفات الجمركية بين الصين وأمريكا.. كيف ستستجيب بكي
...
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس وزراء يلتق
...
-
إجلاء أطفال فلسطينيين جرحى إلى مصر مع إعادة فتح معبر رفح
-
تعيين اللواء إيال زمير رئيسا جديدا لأركان الجيش الإسرائيلي
-
كاميرا تلتقط لحظة انفجار طائرة في فيلادلفيا في كارثة جوية جد
...
-
بوتين يهنئ البطريرك كيريل بذكرى تنصيبه الكنسي
-
قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مركبتين في مدينة جنين (فيد
...
-
الحرس الثوري الإيراني يكشف عن صاروخ كروز البحري بمدى يتجاوز
...
-
طالبة صينية أول ضحية لقانون ترامب بترحيل الطلاب المؤيدين لفل
...
-
ترامب يأمر بتوجيه -ضربة دقيقة- لاستهداف أحد زعماء -داعش-
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|