احمد جمعة
روائي
(A.juma)
الحوار المتمدن-العدد: 6643 - 2020 / 8 / 11 - 16:22
المحور:
الادب والفن
قيود، أغلال، أصفاد...مفردات تكتظّ بأجناسٍ من انعدامِ الحرية في التعبير الأدبي المتمرد على قيمٍ بالية من الرقابات الذاتية التي يفرضُها الأديب على ذاتهِ باختيارهِ لمجرد مجاراة الثابت من التقاليد المطوّقة للإبداع الأدبي...تحديدًا في الرواية التي هي مثابة انتفاضة بركانية في العقل الروائي الذي يندلع ساعة يشاء أن يجتاز الحدود للعالمية...كم منا يعتقد أن العالمية هي الترجمة المدفوعة الأجر، أو تلك التي تتبناها المؤسسات الرسمية التي لا تتوغَّل في الترجمةِ ولا تجازف قبل التأكد من سلامة الرواية خلوها من اقتحام وكر الدبابير الواقعية التي تزخر بها المتجمعات العربية، خاصة الأسيرة القيود الاجتماعية وهيمنة الموْروث الديني...لقد حدث معي واحدى الدور العالمية المتصلة بمؤسسات ثقافية رسمية في المنطقة الخليجية، تراهن على عدم انزلاق الرواية لسراديب المحرمات التي وضعت هذه المؤسسات قيود على الترجمات، خاصة للروايات التي تقرها ثم تتراجع عنها، عندما تتدخل الرقابة العليا وتكتشف تغلغل الروائي لأبعد من حدود الخط الأحمر المسموح به...
من طرائف هذا العالم الثقافي السفلي، أن هذه المؤسسات ذاتها تحتفي بالروايات العالمية الأجنبية، وتترجمها للعربية وتوزعها بل وتتركها تتجوَّل بالأروقة الثقافية العربية، رغم ما تزخر به من "المحرمات" وعندما يقترب الروائي العربي من شريط حدود هذه المساحات، تقف أمامه مليشيات اللجان والرقابات والجمارك والهيئات والوزارات الثقافية وكأنه مهرب للممنوعات!! بل هو في قوانين الثقافات الرسمية يعتبر مخربًا للمجتمعات الآمنة التي يتدخل رجل دين ويفتي بالحظر أو السماح بمرور هذه الرواية أو تلك...
الرواية كما كَتَبتُ من قبل، هي اندلاع الذهن...تحرر الألفاظ من الأغلال...فضح ما وراء الستار... الرواية مزاج، إبداع، قصٌ مجنون لا يعرف حدود في حرية إفشاء المشاعر...لا يعرج عند تخوم ولا ينتظر إذن الرقابة والحظر والمصادرة...الرواية اختراق للتابو الذي تحددهُ الرقابة ويحميه الدين وتكرسه التقاليد وتصنعهُ...سلَة من المحرمات تقترن بمفهوم "الحلال" و"الحرام...
عدو الرواية...الدين... الجنس...السياسة... عندما نخترق الحدود ونتوغل في الواقع الذي نعيشه من الداخل، هناك تحتدم الدراما المبنية على بناءِ نسيجٍ روائي يغوص في جذورِ الحياة اليومية وينبش في كهف العلاقات المتشابكة التي لا يجرؤ من يأمَّل السلامة على التنقيب في خفاياها، لقد عاشت رواية مثل "البحث عن إله مجهول" لجون شتاينبك في وجدان وذاكرة العالم الأدبي لأنها غاصت في العقل والروح وجَرَت وراء البحث عن مشاعر مكبوتة داخل النفس البشرية بلا حدود للتساؤل الوجودي... وفي رواية نجيب محفوظ "أولاد حارتنا" فقع الأديب الراحل بالون المُحرَّم ففازت روايته بجائزة نوبل...هكذا تسير الحياة الأدبية الحقيقية...
#احمد_جمعة (هاشتاغ)
A.juma#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟