|
العراق وتجربة الحكم في لبنان
أياد الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 6641 - 2020 / 8 / 9 - 20:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
توفر التجارب الكثير من العناء لمن يستفيد منها ،سواء لمن يعيشها بنفسه ،أم لمن يخوض تجربتها الآخرون وهو يستقي التجربه منهم . بطبيعة الحال لا يمكن للأنسان أن يعيش كل التجارب بنفسه لكي يتعلم من أخطاءها ،وذلك لسببين هما أن التجارب تقتطع من الأنسان زمن ليس بالقليل ،وأن عمر الأنسان ليس فيه متسع لخوض كل التجارب، أما السبب الثاني وهو التكلفه العالية الثمن لهذه التجارب على كل المستويات ، وأن فشل كثير من التجارب ذات مردود كارثي سواء على مستوى الفرد أم المجتمع سواء بالأرواح أو الأموال أو خساره فرص ثمينه من التقدم ، ولذلك عمل الأنسان بالأستفاده من التاريخ في أستخلاص العبر لافراد وشعوب ودول خاضت تجارب وتمخضت عن نتائج يمكن للأنسان أن يستفاد منها في تلافي الكثير من الأضرار التي يمكن أن تصيبه فيما أذا خاضها بنفسه من دون أن يستعين بتجارب من سبقه. بالحقيقه أن العراقيين قد خسروا الكثير من الأرواح والأموال ،والعديد من فرص التقدم بسبب عدم الأستفاده من تجارب سياسيه خاضت تجربتها شعوب أخرى دفعت الثمن غالياً ، ومن هذه الدول لبنان ، حيث قام نظام سياسي فيها عام ١٩٤٣ وهو عام الأستقلال من الأحتلال الفرنسي ، ولكن هذا النظام قام على أساس المحاصصه الطائفيه ،وأن القرارات التي تأخذها الحكومه تقوم على أساس التراضي والتوافق بين أطرافها المُشَكَله من ثلاث أطراف رئيسيه وهي الطرف المسيحي والسني والشيعي . لم يكتب منذ تاريخ التأسيس وليومنا هذا ان لبنان شكل حكومه وطنيه موحده وقويه ، بل كلها حكومات ترقيعيه ذات صيغه مهلهله لا يجمعها جامع ، ولا يوحدها هدف ، لذى جاءت كل هذه الحكومات ضعيفه وكسيحه ، وهذه التركيبه الضعيفه هي من أضعفت لبنان وساهمت بتهجير شعبه الى كل أنحاء العالم ، وجعلت من ساحته أن تكون مستباحه من كل دول ومخابرات العالم ، وعدم توافق أطراف هذه الحكومات هي من سهلت أحتلال لبنان من قبل أسرائيل ودخولها الى بيروت عام ١٩٨٢ ، كما ان هذه التركيبه الهشه لكل الحكومات المتعاقبه ،وعدم الأنسجام بين طوائفه وقومياته أضعف من جوانبه الأقتصاديه والسياسيه ،مما فتح الباب على مصراعيه لتدخل حكومات أقليميه وأجنبيه في شؤونه الداخليه ،كما سبب عدم التوافق بين فرقائه الى نشوب حرب أهليه أمتدت من ١٩٧٥ ١٩٩٠ راح ضحيتها حوالي ١٢٠ الف أنسان ، ولا زال أمر هذا البلد قلق من كل النواحي السياسيه والأجتماعيه والأقتصاديه والأمنيه ، وما أنفجار مرفأ بيروت يوم ٢٠٢٠/٨/٤ الا شاهد على حالة تفكك الدوله اللبنانيه، وكشفت حالة الوهن فيها . هذا المشهد اللبناني الضعيف عايش تجربة الحكم اللبناني منذ التاسيس وليومنا هذا، . ما يهمنا بالموضوع هو التجربه العراقيه بعد سقوط نظام البعث عام ٢٠٠٣ م والتي شكلت ما يسمى بمجلس الحكم الذي ضم شخصيات معارضه من أمثال ابراهيم الجعفري واحمد الجلبي واياد علاوي وجلال الطالباني ومسعود البرزاني وعدنان الباججي وغيرهم ،وبد ذلك عام ٢٠٠٤ تشكلت أول حكومه عراقيه برئاسة أياد علاوي (كشيعي عربي) وغازي عجيل الياور كرئيس للجمهوريه (سني) وفؤاد معصوم كرئيس للبرلمان (كردي) وهكذا تقسمت الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكوميه على هذا التوزيع الثلاثي ،وهو أقرب ما يكون للنموذج اللبناني الذي يتوزع بين المسيحي الماروني كرئيس الجمهوريه ،ورئيس وزراء سني ورئيس برلمان شيعي ، ومن الغريب أن السياسين العراقين لم يكلفوا أنفسهم عناء ألقاء نظره على بلد قريب جداً الى العراق ،والأغرب أن أكثرهم عايش أحداثه المريره ،وسمع وقرأ عنه الكثير ، لا بل والكثير من السياسين العراقيين الحالين ممن أقام به لوقت غير قليل ،ورغم ذلك لم يستفيد السياسيون العراقيين من التجربه اللبنانيه الفاشله في تجنيب بلدهم ويلات التجربه اللبنانيه الفاشله ،حيث يعاني البلد أساساً حاله من التمزق السياسي والذي ادى الى حاله من التمزق ألأجتماعي والقومي والحزبي وحتى المناطقي ،وهذا التمزق قاد وبفعل التغذيه الطائفيه التي قادها حزب البعث من ماوراء الكواليس وبمساعدة أشخاص وتنظيمات سنيه طائفيه وعنصريه قوميه كرديه الى اشبه بالحرب الأهليه والتي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الشيعه والذي ادى الى رد فعل مقابل للطرف الشيعي مما أدى الى أنتقام مقابل ،وعلى أثرها وبتحريض قسم من السياسين السنه من أمثال الدكتور عدنان الدليمي ، ورافع العيساوي وطارق الهاشمي ومشعان الجبوري وظافر العاني وصالح المطلك وغير هم من رجالات الدين من أمثال رافع الرفاعي وسعيد اللافي وغيرهم ممن ركب موجة التطرف والطائفيه ،وهناك ممن شارك من شيوخ العشائر من أمثال أحمد أبو ريشه وعلي حاتم السلمان الدليمي الذين مهدوا لدخول داعش وأحتلال العراق بمساعدة السعوديه والأمارات وقطر . هذا من جانب ،ومن جانب أخر عمل الأكراد على ترتيب أجندتهم الخاصه لبناء والتحضير لدولتهم الكرديه، والتي نَظَّروا لها عن طريق أضعاف المركز وأستنزاف ثروة العراق ،والعمل على كل ما من شأنه أضعاف بغداد ،وخلق الفوضى بالبلد وبمساعدة قوى خارجيه منها أمريكا وأسرائيل ، وهكذا سار العراق على طريق لبنان في مسيرته السياسيه ،مما جعله ضعيفاً هزيلاً، ولم يستفد سياسيوه من التجربه اللبنانيه المره والأليمه ، في حين أثبتت الحكومات ذات النهج الوطني ، وذات الطابع الوحدوي ،وخاصه الأنظمه ذات الأنتخاب الرئاسي ،او حكومات ذات الأغلبيه السياسيه ،فهي الحكومات الأكثر أنسجاماً والأقوى فعاليةً والأشد عزماً في أدارة الدوله وتحمل المسؤوليه أمام الشعب ، وللأسف مازالت التجربه السياسيه اللبنانيه هي السائده في النظام السياسي العراقي، وهو ما جعل العراق يصل الى حافة الهاويه ، وأوصلوه الآن ال حافة التقسيم، وكما أن في لبنان يدعو الى أعاب الفرنسي ،هناك أيضاً في العراق وبالخصوص من جهات كرديه وسنيه ممن تدعوا الى بقاء القوات الأمريكيه في العراق ،وكما هناك أطراف لبنانيه سنيه لها أجنده سعوديه وخليجيه ،هو الأمر نفسه في العراق ومن أطراف سنيه لها نفس الأجنده مع السعوديه وبعض دول الخليج العربي ،فالبلدين يعانون أزمة وجود ، وأن نظامهم السياسي المحاصصي واحد من أهم مشاكلهم المستعصيه ،وأن عدم وضع نهايه لهكذا نموذج من الأنظمه ،سيجعل البلدان التي تُحكم بها في مهب الريح ، واليوم هذين البلدين يعيشان على فوهتي بركان .
#أياد_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رؤيه في الدوله والنظام السياسي الأسلامي- الجزء الثاني
-
أحذرو اليد المروانيه
-
رؤيه في الدوله والنظام السياسي في الأسلام
-
رؤيه في واقع ملتبس
-
(الحرب السريه على الشيعه ما المقصود منها)
-
لماذا يعادي الغرب الوسطيه في العالم العربي والأسلامي
-
لماذا تغضب شعوب العالم؟
-
الجوكريه على دين واحد
-
مفكرون أم مقلدون
-
خارطة وطن
-
أثر المكان في صناعة الديكتاتوريه
-
الكاظمي وقوى الدوله
-
عندما يُشفع للأرهاب
-
ثقافة المسؤوليه
-
الأدمان بين العبوديه والأستعباد
-
الأدمان بين العبوديه والأستعباد
-
نظرات في أستراتيجية الأصلاح الأجتماعي ٣
-
نظرات في أستراتيجية الأصلاح الأجتماعي ٢
-
نظرات في أستراتيجية الأصلاح الأجتماعي 1
-
شذرات في الشخصيه العراقيه : المبالغه ١٣
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|