محمد بوزكَو
الحوار المتمدن-العدد: 1597 - 2006 / 6 / 30 - 05:44
المحور:
الادب والفن
استيقض من النوم وقرر أن يعرف أين ينتهي هذا الطريق الجاثم أمام بيته. خرج من الباب ومشى مع أول طريق. كان في داخله شيء ما مثل الفضول. لا يعرف ما الذي جعله يأخذ هدا القرار. ربما اليأس من السكون وربما الشغف لمعرفة النهايات، نهاية كل الأشياء، وظن أن نهاية الطريق هي نهاية هدا العالم. أو قد يكون وراء كل دلك مجرد معانقة الفراغ على قارعة الطريق. فكر في هدا كله ولم يستقر على رأي. كل ما هنالك هو أنه الآن على الطريق يسير. في لحظة ما، وفي مكان ما من الطريق، ولسبب ما، اقتنع أنه على الأقل سيجد في مكان ما من الطريق موجزا لبقية حياته. ابتسم وضحك بسخرية من هاته الحياة كيف تبدو معقدة في حين أنها كبنات الشوارع الحمراء واقفة على جنبات الطرقات شبة عارية تستهوي كل مار بضحكة مغرية مرسومة بحبكة على وجه كسته المساحيق.
واصل السير، وهده المرة بسرعة أكثر. ينثر الغبار بحركة رجليه المتسارعة. يداعب عرقه بأنامله التي أخذت لون التراب. عيناه جاثمتان على شيء ما في الأمام. كأنه يلاحق الزمن أو يسابقه في تحد، عله يصل إلى حقيقة هدا الطريق.
وقف. ابتسم من جديد، ضحك بسخرية شديدة وقال:
-أنا إنسان عبيط.
أقسم ألا يعود إلى مثل هدا التفكير واستأنف طريقه. لم يكن داك الطريق معبدا، ولا مستقيما. أراد أن يمشي على طريق طبيعي، خال من المساحيق الجمالية، لا إسفلت ولا إشارات ضوئية. كان يمشي حافي القدمين. أول ما استهواه هو التراب الذي يكسو الطريق؛ كيف كان ناعما، ينسل بين أصابع رجليه فيحس بمتعة لا متناهية سرعان ما تنطفئ وتنقلب إلى وجع مرير بمجرد أن يطأ على شوكة شاردة، حطها الريح وسط السبيل. يشتم نفسه. يقذفها بأسوا النعوت. اتهمها باللامبالاة أحيانا، وأحيانا أخرى بكونها متواطئة ضده وجاسوسة تعمل لحساب الزمن عدوه الأول.
وهو يسير، مصرا على الاستمرار في المشي حتى النهاية رغم حرقة الجرح، توقف من جديد. ابتسم من جديد وضحك ملء قلبه وبسخرية أشد هده المرة. أغمي عليه من فرط الضحك، لما استفاق، تذكر أنه لم يعرف بداية الطريق، فقرر العودة
#محمد_بوزكَو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟