درب الحَلاّب

قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 6637 - 2020 / 8 / 5 - 17:55
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

قلت في قصيدتي دار سعدى:

حوراءُ مسكنُها الحلاب لو نظرت
من طـرفِ ناعسة للحُسنِ لارتعدا

كردية ٌهي من أصلي ومن نسبي
حوريـةٌ صـاغهـا الرحمنُ مُتئــدا
-
في النصف الأول من القرن العشرين، عرفنا في هيت دربا من أهم دروبها هو( درب الحلاب) نسبة الى الشيخ الصوفي محمد رمضان الحلاب، وقد عرف هذا الدرب بهذا الاسم منذ أن سكن الحلاب في أحد فروعه، وهو الفرع المقابل لمدرسة خديجة الكبرى(حاليا).
-
والدرب المذكور هو ما يعرف اليوم بشارع المصرف لوجود فرع مصرف الرشيد فيه، وقد عُرف هذا الدرب الذي غدا شارعا تجاريا باسم (درب حجاب) نسبة الى الحاج حجاب فواز حنيفش بعد أن اشتهر محله التجاري الواقع في منتصفه في ستينات القرن الماضي ، وبعد أن انتقل الحاج سعيد الجباوي من دكانه الذي يقع في فلكة الجسر والمشغول حاليا من قبل طارق امين الظاهر (سوادي) الى هذا الدرب واشتهرت محلاته بتجارة الجملة والمفرد عُرف الشارع باسم (درب بيت سعيد الجباوي).
-
والشيخ محمد الحلاّب هو: محمد بن رمضان بن عمر (وهو أول من لقب بالحلاّب) بن نعمة بن احمد الحسيني الهاشمي(1) ، وكنيته أبو سعده.
-
ولد الشيخ الحلاّب سنة 1876 في (بنش)، وهي ناحية تابعة إلى محافظة أدلب في سوريا من أبوين كريمين وإليه تنسب الطريقة القادرية الحلابية.
-
جاء الشيخ الحلاب من سوريا إلى العراق سنة 1916 ولما وصل مدينة عنه قرر التوجه الى بغداد لزيارة مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني.
-
وفي سنة 1920جاء الى مدينة هيت، والتقى بالشيخ محمد الساهوكي وكان رجلا متصوفا منقطعا للعبادة وهو عميد اسرته من آل الساهوكي(2) .
-
لما وجد الشيخ الحلاّب في هيت وأهلها طيب الإقامة وحسن المعاملة، استقر فيها وأسس (تكية) الطريقة الحلابية، وتزوج السيدة الفاضلة (سكر هندي باني) سليلة أحد البيوت الهيتية العريقة، وانجبت له صالح وحسين وحسن وبقي فيها ثلاثا وعشرين سنة ، وفيها كانت تقام حلقات الذكر على الطريقة الكيلانية، وكان من أبرز مريديه في هيت الشاعر بدران أحمد بريكع وكان يطلق على الشيخ محمد الحلاب كلمة(استاذي):

حاضر استاذي محمد الحلاب
انسي ولا جني يصل يم بابي
-
لقد تأثر الشاعر بدران بشيخه وأستاذه محمد الحلاّب فنظم الكثير من قصائد المدائح النبوية التي كان يرددها مريدوه في حلقات الذكر في التكية الحلابية.
-
وكان من مريدي الشيخ الحلاّب في هيت الحاج جبيلي الطيف البارود، وهو رجل صالح وصاحب طريقة قادرية، وقد أسس في بيته في القلقة (تكية) يحضر مريدوه فيها حلقات الذكر(3) .
-
بعدها رحل عن هيت الى مدينة الفلوجة سنة 1943، وفيها أسس تكية الطريقة القادرية الحلابية وصار له عدد من المريدين، واستقر فيها حتى وفاته، ولكنه وأبناؤه بقوا على تواصل مستمر بالمدينة وبأهلها، وأن بعضا منهم عمل فيها. لقد أحب الشيخ الحلاب مدينة هيت واهلها محبة عظيمة، وكان يقول عنها "ينبت الاولياء في هيت كما ينبت العشب في البراري"(4).
-
لقد اختار الشيخ الحلاب حياة الزهد والفقر على الترف، وكان زاهدا تقيا ورعا متواضعا مؤمنا وقد قال:" الفقر شعار الدراويش" وكان يوجه مريديه الى حياة التقشف. وكان لا يأبه بمظهره الخارجي من لباس ومتعلقات أخرى، وكان قليل الطعام لا يأكل في اليوم إلا مرة واحدة(5) .
-
توفي الشيخ محمد رمضان الحلاب سنة 1972 ودفن في الروضة الحلاّبية في الفلوجة. وقد نظم الشاعر بدران احمد بريكع قصيدة للذكر بمناسبة وفاة شيخه منها :(6)
-
راح شيخي وحزنوا الاحباب
عز المريد الصاح يا حلاب
عز المريد الصاح يا كيلاني
يحضر بأمر الواحد الديان
محسوب أبو سعده شمخ فوكاني
محفوظ من جن وانس ما يهابي
-
الهوامش
-
(1) موقع الطريقة القادرية الكيلاني على الرابط الآتي: https://www.facebook.com/الطريقة-القادرية-الحلابية-527363064448304/?tn-str=k*F
(2) رشاد الخطيب، هيت في اطارها القديم والحديث، ج1، ص69.
(3) المرجع نفسه ،ج2، ص174
(4) لمزيد من التفصيل عن الشيخ محمد رمضان الحلاب ينظر: ثامر عبد الحميد عباس، فتح الوهاب في سيرة ومناقب وأحوال الشيخ محمد رمضان الحلاّب، دار الكتب العلمية، (بيروت،2012).
(5) ثامر عبد الحميد عباس، مرجع سابق، ص227-229.
(6)ديوان الشعر بدران احمد بريكع، ص6.
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏

#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات