لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 6636 - 2020 / 8 / 4 - 10:59
المحور:
الادب والفن
"كان عمري لا يتجاوز الـ 6 سنوات ، و أنا متجه إلى بيت من بيوت بني عمومتي في باديتي القاحلة من فقدان أمومتي ...
اعترضني في منتصف السعي ( راع ألماني، في تراب مُعرّب! ) كلبهم الشرس الملعون ذلك ، كأن له ثأر عندي ..
لم يتوقف الكلب من التقدّم و تهديدي بأنيابه البارزة .. ذعري و خوفي الشديدين جعلاني أتقهقر مشيا إلى الوراء محاولا إيجاد حجرا أهشه به عله يتركني لحالي ، إلا أني لسوء حظي وقعت أرضا و فقدت اتزاني .. كان هو لم يتوقف عن تهديدي تقدما و تكشيرا عن أنيابه البارزة ..
سقطتي على بطني أفقدتني بشكل تام وظيفة التنفس .. كنت شبيه بالمختضر ، أندب حظي المطيّن بأظافري على وجه التراب الذي جئت منه قبل أن يكرر إلى نطفة في صلب أبي .. كنت اختنق شيئا فشيئا و لا أكسيجين يدخل و لا هيدروجين يخرج ، انسداد تام .. كنت في تلك الظهيرة الصيفية القاحلة أموت لوحدي ببطء و لم أغادر بنظري محترسا ذلك الكلب الهائج الذي يتقدم نحوي .. لما رآني أتقلّب توجّعا و ألما أتمرّغ حول نفسي بلا أنفاس كما الحية على التراب أبحث عن "شهقة حياة " و السكرات تتزايد ، لا نفس و لا كلام و لا أيّ شيء .. اقد تجاوز الانسداد في وجهي بعد رحيل أمي سيل الرئة!
فجأة توقف ذلك الكلب لما رآني على هذا الحال و بقي يرقبني كيف لثوان طويلة ( بدت دهرا) أصارع لأجل جرعة هواء يختلج صدري و يحرر صوتي .. كنت حزينا و هلوعا جزوعا على نفسي و أنا على مشارف الرحيل مكتوم الصوت ...
و فجأة بعد تكرار دوراني و التوائي حول نفسي و مسح التراب بصلصال جسمي المكرر إلى لحم و عظام عاد إلي أول نفس ثم ثانيه ثم ثالثه .. و تدريجيا تدفق الهواء في صدري و تنفست الحياة العائدة من بعيد مجددا !
كنت أسأل بعد هذا الحادث ما الذي حمل هذا الكلب على التراجع في آخر لحظة على عدم إيذائي و جعله يوقف النباح المسعور و يبقى يتأملني و يرقب حالي !
أو يكون قد رفق بحالي و قال في نفسه :
"يوه ! يا لحظ هذا الصبي ، هجومي عليه و قوعه المتزامن المباغت بدلا من مجابهتي ثم يفقد بالمرة تتفسه .. هذا الصبي يبدو لا حظ له بالمرة؛ تأتيه المصائب جملة واحدة و متسلسلة .. سأتركه لحاله .. فيكفيه هذا الطالع السيء و قسوة أمي الكلبة عليه !"
- سرد واقعي من طفولة: ل. خلفاوي
26 جويلية 2020
#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)
Lakhdar_Khelfaoui#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟