عبد الحسين سلمان
باحث
(Abdul Hussein Salman Ati)
الحوار المتمدن-العدد: 6625 - 2020 / 7 / 22 - 20:30
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
( الماركسية ) في معجم الماركسية النقدي .
/ تنقيح و تعديل / .
"معجم الماركسية النقدي"
Dictionnaire Critique du Marxime Paris, Presses universitaires de France, 1982
معجم عربي مترجم عن المعجم الفرنسي، الذي ألفه أكثر من ستين مؤلفاً مختصاً، بإشراف الأستاذين جيرار بن سوسان وجورج لابيكا. Georges Labica/ Gérard Bensussan
وهو معجم علمي، وهو المقصود بعبارة "نقدي".
يتناول هذا المعجم ما يقارب خمسمائة مدخل ومفهوم للماركسية والماركسيين .
هو معجم مختص في التاريخ للفكر الماركسي في تطوره، يبرز مراحل هذا الفكر ويوضح الجدل والخلاف داخله كما يصوّر ثراءه ونقائصه بالنسبة لغيره. وهو بهذه الصفة يهدف التعريف والتقييم وليس الدعاية. وغايته العلم وليس الأيديولوجية .
لكن الترجمة العربية , رغم دقتها و صحتها, الأ انها كانت غامضة و معتمة عتمة شديدة, ومربكة بحيث تربك القارئ.
مثال .
في هذا النص ( على سبيل المثال ) ورد المقطع التالي:
( استعملت الألفاظ المشتقة من اسم ماركس، أول الأمر، ، استعمالا جداليا. فقد استعمل لفظ ماركسي في بداية الخمسينات من قبل أنصار ويالينغ في إطار صراعهم ضد أنصار ماركس. وفي ما بعد، استعمل هذا الاسم كمضاد "للاسالية". أما كلمتا "المتمركسون" و"الماركسيون"، فقد أوجدهما خصوم ماركس داخل الأممية الأولى، وبالخصوص "أعداءالسلطوية"، وذلك كردة فعل على ماركس الذي كان نعتهم ب"الباكونيين". وظهرت لفظة "الماركسية" في الثمانينات. فقد حمل كراس كتبه بول بروس سنة 1882 عنوان الماركسية والأممية. وهو كراس موجَّه ضد "الغيديين" الذين وُصفوا، بالمقابل، في روسيا ب"االإمكانتيين" ).
الان , أين الغموض في هذا المقطع .
الغموض في هذا المقطع , هو المفردات التالية:
1. أنصار ويالينغ
2. "اللاسالية".
3. أعداءالسلطوية"،
4. الباكونيين".
5. بول بروس
6. الغيديين
7. الإمكانتيين
واذا كان لاسال و باكونين , معروفان . لكن المفردات الخمسة الباقية , تبقى غامضة, لذلك : عملت تعديل و تنقيح الى ( مقالات المعجم ),
عملية التعديل و التنقيح تشمل النقاط التالية:
1. ذكر الأسماء و الشخصيات , بلغتها الأصلية , الانكليزية او الالمانية او الفرنسية , مع نبذة مختصرة عنهم......الخ.
2. ذكر المصادر المذكورة في ( مقالات المعجم ), والمتوفرة في شبكة الانترنيت , لكي يستطيع القارئ الكريم , الاطلاع عليها.
3. ذكر الفقرات المقتبسة من ماركس / إنجلز , التي تم ذكرها في ( مقالات المعجم ) , بلغتها الأصلية , لكي يتمنك القارئ الكريم من الاطلاع عليها.
مصطلح الماركسية
أولاً:
استعملت الألفاظ المشتقة من اسم ماركس، أول الأمر، ، استعمالا جدالياَ
/ polémique / controversy
فقد استعمل لفظ ماركسي في بداية الخمسينات من قبل أنصار ويالينغ / Wilhelm Weitling / في إطار صراعهم ضد أنصار ماركس.....( 1)
وفي ما بعد، استعمل هذا الاسم كمضاد "للاسالية" / Lassallism/.( 2)
أما كلمتا "المتمركسون" / marxides/ و"الماركسيون" / Marxist/، فقد أوجدهما خصوم ماركس داخل الأممية الأولى، وبالخصوص "أعداءالسلطوية"/ Anti-authoritarianism / (3) ، وذلك كردة فعل على ماركس الذي كان نعتهم ب"الباكونيين" / Bakuninist/ . ( 4 ).
وظهرت لفظة "الماركسية" في الثمانينات ( من القرن التاسع عشر ..ع.الحسين).
فقد حمل كراس كتبه بول بروس / Paul Brousse / سنة 1882 عنوان الماركسية والأممية
/ Le Marxisme dans l’Internationale, Paris, 1882/. (5)
وهو كراس موجَّه ضد "الغيديين" / Guesdists/ (جماعة Jules Guesde) , ( 6).
الذين وُصفوا، بالمقابل، في روسيا ( لا وجود لكلملة روسيا في النص الفرنسي ) , ب"االإمكانتيين" / The Possibilists/ ( 7)
ومع ذلك فإن لفظي "الماركسية" و"الماركسي" جرى استعمالهما بصورة متزامنة استعمالا إيجابيا.
إذ تبنى البعض من انصار ماركس هذين الكلمتين لتمييز أنفسهم من بقية الاتجاهات المختلفة في صلب الحركة الاشتراكية، وذلك للصيت الذي اكتسبه ماركس بفضل أعماله، وبفضل تقديمها تقديما منهجيا من قبل إنجلس في كتابه "ضد دوهرينغ".
وكان ماركس متحفظا جدا على هذا الاستعمال لاسمه، وذلك لأسباب لا يمكن أن تغيب على أحد:
فهذه التسمية المشخَّصة والذاتية لنظريته تتناقض مع إرادته في إعطاء الاشتراكية أساسا علميا. كما ويرجع تحفظه إلى أن "الماركسيين" كانوا، في نظره، يشوِّهون أطروحاته، وينتظمون في طوائف.
وقد نقل عنه إنجلس رفضه في العديد من المناسبات أن يكون ماركسيا. وهو في ذلك يوجِّه انتقاداته "لبعض الفرنسيين"، ولشلة من مثقفي الحزب الألماني.
رسالة إنجلز بتاريخ 7 أيلول 1890 باللغة الألمانية ولم تترجم , لا الى الانكليزية ولا الى العربية ( سوف اترجمها وانشرها في موقع الحوار المتمدن, لأول مرة ).
http://www.mlwerke.de/me/me22/me22_068.htm
وقد توجَّه ماركس الى لافارغ قائلا باللغة الفرنسية : "الشيْ الأكيد هو أنني لست ماركسيا".
ce qu il y a de certain c est que moi, je ne suis pas Marxiste
وكتب إنجلز مجموعة من الرسائل حول هذه الجملة :
1) الى برنشتاين 2-3 نوفمير 1882....( 8)
2) كارل شيمدت في 5 أب 1890....( 9)
3) رسالة إنجلز الى لافارغ 27 أب 1890....( 10).
وقد كتب ماركس رسالة الى إنجلز بتاريخ 30 أيلول 1882
وقد كان ماركس كتب في رسالة إلى إنجلس من باريس:
هذين "الرهطين ": "الماركسيين ومناهضة الماركسيين" الذين تصادموا في مؤتمري سانت إتيين وروان....(11).
وسيورد لينين في كراسه حول الماركسية ومسألة الدولة مقتطفات من رسالة إنجلس الى لافارغ بتاريخ 17/8/1890:
" ضد هؤلاء "الشبان" الذين هم بلا استثناء ليسوا سوى وصوليين ومدَّعي ماركسية" (قال ماركس عباراته :أنا لست ماركسيا" مستحضرا في ذهنه ذلك الرهط من الأشخاص).
وكتب إنجاز رسالة الى لافارغ بتاريخ 27 آب 1890 يقول:
وكان بإمكان ماركس أن يضيف على غرار هين Heine "لقد زرعت تنينا ولكنني لم أحصد سوى براغيث". وقد كان إنجلس مدركا تمام الإدراك دقة المسألة.
I sowed dragons and I reaped fleas
Ich habe Drachen gesät und Flöhe geerntet. .....(12).
فقد لاحظ في رسالة الى لافارغ بتاريخ 11/5/1889 :
"لم نسميكم بغير "الملقبين بالماركسيين". ولا أرى كيف يمكنني الإشارة إليكم بغير هذا الاسم. وإن كان لكم اسم آخر يمثِّل هذا الاختصار فاذكروه لنا ونحن نطلقه عليكم بكل سرور وحسب الأصول. إلا لأنه لا يمكننا استعمال كلمة تَجَمًّع ("التجمع الباريسي" فهو الاسم الذي كان يحمله تنظيم باريس التابع للحزب العمالي الفرنسي) الذي لا أحد يفهمه. كما لا يمكننا استعمال عبارة مناهضي الإمكانية، وهو ما يمكن أن يصدكم أيضا وبنفس الدرجة، فهي عبارة غير دقيقة وغير ملائمة إذ لها معنى واسع جدا".....( 13).
غير أن مصطلحي "الماركسي" و "الماركسية بالمعنى الإيجابي الحالي"، قد تم تكريسهما بعد ذلك التاريخ، رسميا بتأسيس جريدة Die Neue Zeit لكارل كاوتسكي سنة 1883.
وقد أَخذت في الصدور بانتظام منذ تلك السنة.
وقد فسر كاوتسكي مبادرته هذه على النحو التالي:
(عندما أصدرت هذه الجريدة) كنت قد تخلَّصت لتوي من الاشتراكية الانتقائية organe socialiste (14 ),
الرائجة آنذاك، والتي كانت مزيجا من أفكار لاسال ورود برتوس ولانج ودوهرينغ، مع أفكار ماركس، لأصبح ماركسيا منطقيا مع نفسه".
كما كتب عن جريدته قائلا بأنها كانت "حقا الصحيفة الاشتراكية الوحيدة في ألمانيا التي تستند إلى أرضية ماركسية".
وهكذا لم يبق لإنجلس إلا أن يزكي، بما له من وزن، تعبير الماركسية للدلالة على النص النظري الذي وضعه مع ماركس، ومصطلح "الماركسيين" لتسمية المنتسبين إليه.
ولم تكن المسألة من جانبه مجرد تحدِّ: فقد كتب في رسالة الى لوارا لافارغ بتاريخ 11 حزيران 1890 :
"الآن وقد انتصرنا، فإننا قد بيَّنا للعالم أن جُلَّ الاشتراكيين في أوروبا هم "ماركسيون" (وسيندمون على تسميتهم لها بهذا الاسم). وسيتركهم التاريخ جانيا بصحبة هايندمان ليواسيهم"......( 15 ).
وسيقدِّم إنجلس لهذا الاستعمال لمصطلح "الماركسية" الذي سيتم تبنيه، من هنا فصاعدا، تبريرا مبدئيا. فهو في كتابه لودفيغ فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية المنشور في Neue Zeit . وبعد أن أكد :
"أن اتجاها آخر قد بًّرر أيضا للوجود من انسلال المدرسة الهيغيلية ، الاتجاه الوحيد الذي أثمر حقا، ذلك الاتجاه الذي ارتبط أساس باسم ماركس"
لاحظ في الهامش ما يلي:
"ليُسمحَ لي هنا بأن أقدِّم تفسيرا شخصيا. لقد تمت الإِدارة مؤخرا وفي العديد من المناسبات إلى مساهمتي في صياغة هذه النظرية وإعدادها،و لذلك يصعب على هنا ألا أتحدث قليلا حول هذه المسألة لتسويتها نهائيا. لا يمكنني أن أنكر بأنني، خلال تعاوني مع ماركس طيلة أربعين سنة وقبل ذلك أيضا، ساهمت شخصيا في إعداد هذه النظرية، كما ساهمت، وبالخصوص، في التوسع فيها. إلا أن الجزء الأكبر من الأفكار الأساسية الجوهرية، وأساسا منها المتعلق بالميدانين الاقتصادي والتاريخي، وعلى وجه الخصوص، صياغتها النهائية والدقيقة، ترجع لماركس. وما ساهمت به، باستثناء ما يتعلق ببعض الميادين الخاصة، كان بإمكان ماركس اليوم القيام به بوحده. إلا أن ما قام به ما كان بإمكاني إنجازه. كان ماركس يفوقنا جميعا. فلقد كان يمتاز علينا بعمق نظرته وبعدها وبسرعة الإدراك. لقد كان ماركس عبقريا. أما نحن فلا نعدم أن نكون في أحسن الحالات، أصحاب مواهب. فلولاه لكانت النظرية دون ما هي عليه اليوم بكثير. فهي إذاً عندما تحمل اسمه، فإن ذلك هو عين الصواب......( 16 ).
وكان لهذه الكلمة (الماركسية) ذلك الرواج الذي نعرفه، بما في ذلك الغموض الذي لازمها على الدوام.
بل يمكننا أن نعتبر أن إنجلس كان على صواب، إذ لم ينجح إلى حد الآن، أي مرادف، تم اقتراحه لتعويض كلمة "الماركسية" في فرض نفسه، فلا "المادية الجدلية" أو"فلسفة البراكسيس" أو "المادية التاريخية" أو "الماركسية اللينينية" استطاعت أن تحل محلها.
فلا شك أن أي عبارة من هذه العبارات لم تكن محايدة، ولا خصبة بما فيه الكفاية حتى تحدث ثورة تتجاوز المقولات المتوفرة لدينا.
ثانياً:
ومن اسم ماركس اشتقت أيضا الكلمات التالية: "الماركسي"، وهي كلمة ارتبط مصيرها بلفظة "الماركسية" (انظر أعلاه). إلا ان مجال استعمالها قد توسع كبيرا منذ الفترة الأخيرة من حياة إنجلس.
فهذه الكلمة أصبحت تطلق على كل الدين يستندون – بهذه الصفة أو تلك – ليس فقط إلى أطروحات مؤسسي الماركسية ومفاهيمها، بل وأيضا إلى مجموع التراث الماركسي ( وهو تراث لم يحدَّد بعد بصورة دقيقة).
ولذلك لا مجال للاستغراب كثيرا من أن تبدو "طائفتا" الماركسيين وأعداء الماركسيين، في بعض الأحيان، بمثابة فرعين من فروع نفس التصور ... أما كلمتا "الماركسيي / Marxien / "و"الماركسولوجي"/ marxologist / فهما حديثي العهد.
فالكلمة الأولى Marxien
تعني حاليا في الماركسية، مساهمة ماركس علي وجه الخصوص وذلك تمييزا لها من مساهمة إنجلس وما هو لينين أو لينيني، وما هو ستالين أو ستاليني، إلخ...
أما الكلمة الثانية marxologist
فهي تطلق على البحاثة والعلماء الذي كرسوا جهدهم لدراسة ماركس، وماركس فقط. / the study of Marx and Marx alone/ وليست دراسة إنجلس ولا الماركسية، إن لم يكن ذلك بهدف تمييزهما.
وبصورة عامة، فإن الماركسيولوحي ليس بالضرورة ماركسياَ، والعكس صحيح.
هوامش
1. فيلهم فايتنلغ / Wilhelm Weitling /
1808 -1871 خياط و مناضل ألماني , عمالي , بارز , افكاره مزيج بين Babouvist communism ( شيوعية دينية ), و المسيحية الألفية أو الحكم الألفي Millennialism , و التي تعتقد بأن المسيح سيعود إلى عالمنا هذا مع ملائكته والقديسين ليحكم الأرض كملك مدة ألف عام.
وقد أطلق إنجلز , أسم Weitlingianism على أنصاره, ويقول عنه:
كان يخلط بين الشيوعية و وحدة شعور أتحاد المؤمنين .
وكتب عنه ديفيد ريازانوف David Riazanov فصلاً خاصاُ في كتابه : كارل ماركس و فريدريك إنجلز : مقدمة عن حياتهم و أعمالهم 1937 . يقول ريازانوف:
والحال أن فايتنلغ كان في عام 1844 واحداً من أشهر الناس و أكثرهم شعبية في الوسط العمالي.
2. Lassallism
تيار ينتمي الى ( فرديناند لاسال ), 1824-1864 , وهو مؤسس الحركة الاشتراكية الديمقراطية الألمانية و الاتحاد العام للعمال الالمان.
3. Anti-authoritarianism
هذا المصطلح يتقاطع و يعارض مصطلح الانكارية ( الفوضوية Anarchism ).
وهي تعني معاداة الاستبداد و معارضة للسلطوية ، والتي يتم تعريفها على أنها "شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي يتميز بالخضوع للسلطة" ، "تفضيل الطاعة الكاملة أو الخضوع للسلطة بدلاً من الحرية الفردية" والحكومة الاستبدادية.
4. Bakuninist
أتباع ميخائيل باكونين , مؤسس تيار الانكارية.
5. Paul Brousse
بول بروس ( 1844-1912 ) . أشتراكي فرنسي. مسؤول القسم الفرنسي للرابطة الدولية للعمال.
6. Guesdists
أنصار الصحفي و الاشتراكي الفرنسي جوليس غيد
Jules Guesde ( 1845-1922 ).
7. The Possibilists
فصيل من الحركة الاشتراكية الفرنسية بقيادة بول بروس Paul Brousse
ويدعون للحركة العمالية بما هو ( ممكن possible ) وأعتقدوا أن ليس للعمال أمكانية القيام بالثورة.
8.
https://marxists.catbull.com/archive/marx/works/1882/letters/82_11_02.htm
9.
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1890/letters/90_08_05.htm
10.
Marx and Engels Collected Works, Volume 49 : Letters 1890-92
11.
Marx and Engels Collected Works, Volume 46 : Letters 1880-83
12.
Marx and Engels Collected Works, Volume 49 : Letters 1890-92
https://marxwirklichstudieren.files.wordpress.com/2012/11/mew_band37.pdf
13.
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1889/letters/89_05_11.htm
14. organe socialiste
تيار داخل الحركة الاشتراكية الفرنسية , وحسب قول كاوتسكي : انها مزيج من أفكار ( لاسال و دوهيرنغ و بول بروس ).
15.
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1889/letters/89_06_11.htm
16.
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1886/ludwig-feuerbach/ch04.htm#1
#عبد_الحسين_سلمان (هاشتاغ)
Abdul_Hussein_Salman_Ati#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟