أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الزا نصره - رجل يعيش حلمه














المزيد.....

رجل يعيش حلمه


الزا نصره

الحوار المتمدن-العدد: 6624 - 2020 / 7 / 21 - 16:12
المحور: الادب والفن
    


إنها شمس الربيع، تشرق على بحر وغابات اللاذقية..زهر اللوز يتفتح بكل أبهة على غصونه...على الرغم من لسعة البرد، كانت الشمس النيسانية دافئة ومغرية لعجائز مدينة اللاذقية لينهضوا من أسرتهم ويفتحوا نوافذهم بعد أن جعلت دماءهم تفزّ بحيوية في أجسادهم المتعبة بعد طول شتاء بارد وقاسي .... هاهو أحد الكهول من فرسان الحياة الذين اعتركوها بكل تفاصيلها فسبروا أغوار أسرارها و اتخذوا لأنفسهم ملذات الحياة عقيدة يعود ميموناً بعد مغامرة شقية أمضاها بعيداً عن العائلة ...
بكل احترافية أطفأ الرجل الطيب الستيني " اسماعيل" محرك سيارته بعد ان ركنها ملاصقة لجدار منزله المتواضع في القرية. نزل منها وهو يلقي بنظرات اعجاب أخيرة من عدة زوايا على جوانب هذه الآلية الثمينة التي اشتراها منذ عدة سنوات مضت بكامل ثروته ... بعد هنيهة ، وما إن ارتضى مكانها وطريقة ركنها حتى رمى بجاكيت بدلته على كتفه وأدار ظهره لها ومشى مترنحاً ليس بسبب قدمه العرجاء التي أصيبت بحادث سيارة سابق وإنما أيضاً بسبب عدد كؤوس الخمرالتي شربها حتى الثمالة في أحد مطاعم المدينة بصحبة امرأة سمراء جذابة تعرّف عليها بذات الطريقة التي كانت في كل مرة تبدو سهلة ونافعة معه..
لم يكد الكهل الوسيم ذو الخدين المكتنزين والشعر الفضي الناعم المستسرسل بطريقة جذابة الى الخلف يطأ عتبة باب البيت حتى انهال على مسامعه سيل من الشتائم المنتظرة على نحو مألوف من فم زوجته البائسة التي استشاطت غضباً :" ويحك أيها العجوز العربيد ، أين كنت ؟!! هل تركت معك قرشاً لأصرفه على أولادك وهذا البيت المتهالك ؟! أم صرفت كل مالك على هذه السيارة الحمقاء وخمرك وعاهراتك؟!!". لم تكد المرأة تتوقف لتلتقط أنفاسها وتهيء في ذهنها الذي اشتهر بسرعة البديهة كلماتها اللاذعة وأسئلتها اللاحقة حتى اقتنص اسماعيل الفرصة كأسد ينقض على فريسة سهلة المنال وقال بدم بارد وصوت أجش بدا لشخص استيقظ لتوه من النوم مندهشاً على جلبة لم يفقه كنهها:"ماذا حدث يا امرأة؟ ألا يوجد سقف يعلو رأسك ؟ وطعام في مطبخك؟!! ألا يعجبك العجب؟!! "...
عند هذه اللحظة، يبدأ الزبد بالسيلان من فم المرأة، وتجحظ عيناها، فتلطم شعرها، وتشرئب العروق في عنقها، وتصيح بشكل هستيري:" فليحرقك الرب في نار جهنم الى الأبد أيها السكير"...
- "اصمتي ..كفاك.... تركت لك الجنة الأبدية لتنعمي بها وحدك..أما أنا فهنيئاً لي بجحيمك الموعود" .يقول العجوز كلماته العقيمة بحزم وانفعال وهو يتحاشى النظر إلى وجه امرأته وعينيها اللتين تقدحان شرراً، مدركاً أنّ كلامه لن يلقى آذاناً صاغية ولن ينهي جدلاً دارت رحاه منذ أمد. عندئذ وما إن ينطق بآخر حرف حتى يدير ظهره لها ثمّ يجرّ قدمه بألم وبطء الى سريره البارد.. يلقي عليه بجسده الذي لازال يحتفظ بملامح رجولية جذابة من زمن شباب مضى . يلتحف الغطاء حتى أذنيه علّ ذلك يغيّب صوت المرأة التي لم يشفى غليلها منه بعد..يدندن لنفسه أغنية كانت قد علقت بذهنه من المطعم، ثمّ يغمض عينيه حالماً . يخطط لمغامرته التالية. يقرر أنه ملّ المطاعم المطلة على البحر وضاق ذرعاً بدبقه وملوحة هوائه. يفتح عينيه لوهلة إثر فكرة التمعت لتوها في رأسه الأشيب، ثم يغمضهما مجدداً.. يتمتم بهمس:
- " غداً سأذهب الى جبال صلنفة . نعم . نعم..صلنفة أفضل من كسب". يكرر لنفسه متنهداً تحت اللحاف حالماً بمنظر الغابات اللامتناهية ، مستحضراً رائحة عشب الطيون و شجر الصنوبر والأرز والسنديان...يمر الوقت ببطء. يتغلغل الدفء الى عظامه. ابتسامة ماكرة تجد طريقها الى شفتيه المتجعدتين الشاحبتين قبل أن يغرق في النوم . فغداً هو يوم فرح آخر ليكون بصحبة وجه جميل لامرأة هو جنته على الأرض .....



#الزا_نصره (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما تبقى من جدتي - قصة قصيرة
- ما تبقى من جدتي
- شعارات بامتياز ولكن ...!؟
- الحلم الأوبامي


المزيد.....




- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الزا نصره - رجل يعيش حلمه