ما هو الوقت؟

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر
(Gamil Alnaggar)

الحوار المتمدن-العدد: 6624 - 2020 / 7 / 21 - 02:48
المحور: الطب , والعلوم
    

الوقت هو مقياس "التغيير". والبعد الرابع(t) في الكون، وإن كان ملازماً للأبعاد المكانية؛ إلا أنه لا يشبهها.
الشرح والتوضيح:
للوقت معنيين: الأول كلاسيكي. والثاني بنائي. والمعنى الكلاسيكي للوقت هو: تطور الأحداث من الماضي وحتى الحاضر إلى المستقبل. والثاني هو الوحدة الأساسية للزمن.
ومفهوم سهم الوقت هو ما يمنح الزمن اتجاه محدد من الماضي مرورا بالحاضر إلى المستقبل. وهذا السهم يعني أن الوقت لا يمكن أن يتدفق إلا في اتجاه واحد؛ والذي يمكن تحديده عن طريق دراسة تنظيمات وتجمعات الذرات والجزيئات والأجسام. ومع المضي قدمًا، تتبدد الطاقة الحركية الحرة.
إذن؛ فالوقت، تبعا لذلك، هو المَعْلَم المميز لقوانين الحركة على كل من الأرض وفي الفضاء. فالوقت على الأرض يتصرف بشكل مألوف – كما هندسته البشرية- ولذا؛ يمكن وصفه بالطبيعي. أما في الفضاء فالوقت يتصرف بشكل شاذ يثير دهشتنا، لذا؛ يمكن وصفه بالغريب. فقد غيَّر آينشتاين الأمور بنظرياته عن النسبية. فالنسبية الخاصة تنص على: أن سرعة الضوء ثابتة لجميع المراقبين. وبأن العلاقة الكمية بين حركة المرء عبر الفضاء وحركة المرء عبر الزمان. وبأن سرعة الضوء في الفراغ هي حد عالمي للسرعة، وأنه عندما تقترب منه، فإنك تواجه الظواهر الغريبة لتقلص الطول وتمدد الوقت.
أي ستصبح في حالة تسارع (تسابُق) مع الزمن الذي يتمدد بشكل أكبر؛ بمعنى أنك ستنتقل عبر الوقت بشكل أبطأ (لتمدد الوقت)، وستظهر المسافات المكانية الأقصر على طول اتجاه الحركة (تقلص الطول)؛ كما أكد "مينكوفسكي" قبل "آينشتاين". بمعنى أوضح: فإن زيادة حركتك عبر الفضاء تقلل من حركتك عبر الزمن، والعكس صحيح.
وقياساً على ذلك؛ إذا كنت بلا كتلة، فلن يكون أمامك خيار سوى التحرك بسرعة الضوء في الفضاء؛ لأنه سوف تتقلص المسافات على طول اتجاه الحركة لتصل إلى "الصفر"؛ وبالمثل، سوف يتسع الوقت إلى ما لا نهاية. في الوقت الذي تستغرق فيه رحلتك الصفر من الزمن (الوقت) من وجهة نظرك. وهذا يعني أيضًا أن الأشياء التي تبدأ من نفس الشيء لن تبقى بالضرورة كذلك: فزوج من التوائِم المتطابقة إذا بقيَ أحدهما على الأرض وأخذ الآخر رحلة إلى الفضاء؛ سوف يتقدمان في العمر بمعدلات مختلفة، حيث يجد التوأم المتجول نفسه أصغر (مرور الوقت) من التوأم المتبقي عند عودته.
تضيف النسبية العامة الوقت إلى الأبعاد الثلاثة للفضاء لجعل الوقت ثلاثي الأبعاد. يعمل الوقت ببطء أكبر في الفضاء المنحني بفعل الجاذبية. الجاذبية ليست قوة، بل منحنية الزمكان. يرتبط انحناء الزمكان بشكل مباشر بالطاقة والزخم أيًا كانت المادة والإشعاع الموجودان. والمقصود بالزخم: كمية الحركة (حاصل ضرب كتلة الجسم في سرعته). كان لدى آينشتاين تجربة فكرية عن وجود تسارع لشيء ما في شيء ما في مجال الجاذبية. وقد تنبأت النسبية العامة بوجود مناطق من الفضاء (المكان) يتم فيها تحريف المكان والزمن بطريقة لا يمكن لأي شيء حتى الضوء الهروب منها كحالة نهائية للنجوم الضخمة؛ وهي التي عُرِفت لاحقاً بالثقوب السوداء. يمكن أن يؤدي انحناء الضوء بفعل الجاذبية إلى ظاهرة عدسة الجاذبية، التي تُظهر صورًا متعددة لنفس الجرم الفلكي البعيد في السماء. والآن؛ أصبح الشُغل الشاغل للعلماء هو البحث عن أبعادٍ إضافية للفضاء؛ لجعل الجاذبية ونظرية الكم أكثر توافقاً.
والطريف والغريب، وجود البعض ممن يرون بأنه لا يوجد ماضي ولا مستقبل إلا في مخيلة البشر، وما الوقت، وتخيل مرور الوقت؛ سوى تلفيق وإسقاط بشري محض! وأراه قصورا ذهنياً أو عدم فهم من البعض، أو ربما هم من الطوائف المولعة بالجدل السفسطائي الساقط. وفي كل الأحوال هم جميعا ممن لا تستطيعون استيعاب "النسبية الخاصة"؛ فوفقاً لهؤلاء؛ إذا لم يكن الوقت بُعدًا بالخصائص الدقيقة التي يمتلكها؛ فستكون النسبية الخاصة غير صالحة، ولن نتمكن من بناء الزمكان لوصف الكون الذي نحياه. وإذا كان هذا هو حالم مع "النسبية الخاصة" فما بالهم بـ "النسبية العامة" ومعادلات "شرودينجر" التي اختزلت كل تخصصات الكيمياء في بضع حلول؟!

#جميل_النجار (هاشتاغ)       Gamil_Alnaggar#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات