|
أزمة المثقف في العالم الثالث أزمة وجود
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 6623 - 2020 / 7 / 19 - 14:14
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
على من نطلق الرصاص؟ اعادت بي الذاكرة لأكثر من اربعة عقود مضت تسمية هذا الفلم العربي، ومن يطلق الرصاص؟ من أعدم كافكا الكاتب الاسباني الفيلسوف؟ ومن أمر بإعدامه؟ هي أزمة بحق، أزمة وجود، أزمة يقودها من تعلم ، أقصد هنا التعلم ليس التعليم والفرق كبير بين التعلم Learning وبين التعليم Teaching ففي الأولى أن أتعلم القراءة ، عادة Hahite وبين أتعلم القراءة وأكتب كلمات عشوائية مثل "شكرن، أطلعة، ملاحضة، هيه، سيايير"جمع سيارة"، بيذ" بيض" ، محافضة، اسلام عليكم، بل العراق" تعني بالعراق" والعديد من الكلمات التي شاعت اليوم ورسخت لها في المجتمعات العربية مدارس متخصصة في التدهور. حديثنا في هذه السطور بين من تعلم ليكتب عشوائيًا ومن تعلم ليكون موظف مثل معلم أو مدرس، أو موظف في مؤسسة حكومية أو أهلية، أو حصل على الماجستير ويحضر للدكتوراه وهو يكتب " ملاحضات" ، وبين المثقف الذي تعلم عادات القراءة وأدرك مفاهيم الكلمات وفكر في ما تعلمه فاسترجعه كأفكار تبلورت في معاني جديدة. ما يحدث اليوم هو محنة، محنة تشويه القيم، محنة التبعية، تحولات سريعه لا يستوعبها العقل الذي تعلم الانصياع والخضوع لعدة قرون فاستفاق فجأة ليتحول من الكبت الجمعي إلى الإنفلات الجمعي!! من المستهدف في هذا التتغيير القسري؟ كل شرائح المجتمع دون استثناء، والأكثر غلبة هي شريحة المتعلمين السذج "جماعة شكرن" أنصاف الفكر، لذا لا نغالي إذا استعرنا من التحليل النفسي مفهوم الخصاء العقلي، فهذه الشريحة تكون الفحولة لديها عارمة، تتزوج أكثر من أمرأة، وربما يلوح البعض بفكرة زواج الاربعة نساء" الشرع حلل ذلك" وتمارس زواج المتعة بشراهة، تمارس كل الطقوس الدينية بتطرف، تقيم المواكب الدينية وتغدق الاموال باستعراضية المهووس جنسيًا، تلجأ إلى المراجع الدينية في كل صغيرة وكبيرة ، تطبع الرسائل العملية لبعض المراجع المغمورين من أموالها الخاصة، وتفسير ذلك حسب التحليل النفسي هو تعويض الخصاء في العقل " بمعنى أدق لا يوجد دماغ يفكر، إلا بالجنس فقط" من خلال اثبات ذلك جنسيًا والفحولة العارمة، لأن الدماغ تعطل فنشط "الذكر- القضيب عند الرجل" ليعوض فقدان العقل، فهؤلاء لديهم هوس جنسي مقرون بالهوس بالمال والجاه والتحايل بأسم الدين على جميع الناس دون استثناء، الهم الاول والاخير الإشباع الجنسي، لأن كل هؤلاء مروا بالجوع النفسي وعدم إشباع رغباتهم في طفولتهم مع الحرمان الذي ضرب أعمق نقطة في اللاشعور حتى تم تثبيته تثبيتًا عميقًا في النفس. أما الفتاوي الدنيوية" وهي المشاركة الفعالة في سرقة المال العام أو الخاص، أو مال الايتام أو حقوق أسر الشهداء" أو يكون له أكثر من راتب من الدولة بالتحايل. هنا نعود إلى المثقف والثقافة، الثقافة " لا توكل خبز في هذا الزمن" كما يقول أصحاب الفتاوي ووكلاء المراجع العظام واصحاب المناصب السيادية وغير السيادية، لا تستثني أحد منهم، أذن هذا الزمن هو زمن التقدم للمتخلفين والتابعين، أذن المثقفين ايتام في مأدبة اللئام. من يطلق الرصاص على المثقف؟ أنه " شكرن، هيه، ملاحضة، أطلعة"أطلعت" مدير عام يكتب"أطلعة"، وكيل وزارة يبدو أنه متخلف عقليًا حينما تنظر اليه، وترى التشتت والتوهان والذهول واضح عليه، وأحيانًا تجد وزير مرشح من تيار، أو حزب جهادي، أو فصيل، هو من يأمر باطلاق الرصاص على المثقف، وبعض الاحيان نصف المتعلم لكن يحمل تحت أبطه الرسائل العملية لمضاجعة الرضيعه، وما يقوم به عمل شرعي ويقول" اذا ما انفذ شنو أقول لله يوم القيامة ما التزمت بأوامر المراجع العظام". أقول أن النفس المنتزعة من وعيها تعد سجنًا لعقلها، إن وجد بها عقل، وهي التي تنفذ اطلاق الرصاص على المثقف، ليس أطلاق النار فحسب بل بالفتاوى التي تنزع الوعي وتصادر العقل وتسجنه. اذن أطلاق الرصاص على المثقف ومن يحمل فكرا تنويريا ممن درس العلوم أو تعلم سلوك القراءة واسترجعها. لا نغالي إذا قلنا أن التبعية أسست مدرسة لتخريج الكفاءات التي أكتسبت مهنة النصب والاحتيال في كل مجالاته ومنها سرقة الكتب والمؤلفات والدواوين والقصائد وتنسبها لها، فضلا عن سرقة رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه في وضح النهار ووضع أسماء بعضهم عليها بكل وقاحة، أو يأتي أحدهم لمناقشة رسالة الماجستير الخاصة به ويضع مسدسه على طاولة المناقشة ويحيط حوله مجموعة وجوههم وسخة من الشعر الكث غير النظامي مع السمرة الداكنة التي تبعث إلى التقيؤ مع سلوك رجال المافيات، حقًا انهم من فصيل حماة العقيدة ، أو حماة الصليب"عفوا حماة المذهب" أو فصائل الخليفة الراشدي، أو كتائب سيد شهداء أهل الوادي، إلى غير ذلك من مسميات، أليست هذه أزمة وجود المثقف في العالم الثالث؟ من يلقي قصيدة يستمع لها المثقف، أو العامة من الناس يُعتقل لأنها مست الوهم المقدس، روحي له الفدا بمقدمهِ، وربما يُقتل فورًا بعد الالقاء، أو من يقدم تحليلا سياسيًا موضوعيًا عن حالة التسيب والاتفلات في السلاح وضرورة ضبطه وحصره في فصائل معينة منفلتة أيضُا يقتل في وضح النهار في بيته أو أمام شارع بيته، أو حين خروجه من المؤسسة الثقافية التابعة للدولة، ذكرتني هذه المؤسسات في زمن الملعون الطاغية الدكتاتور أن دائرة تابعة إلى وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي في جانب الكرخ في بغداد قريبة من وزارة الخارجية هي مديرية أم الكرخ – الاطراف، أذن استبدلنا فكر بفكر، فكر دكتاتوري بفكر غير دكتاتوري" الديمقراطية الجديدة" ، لكن تمارس الفعل الدكتاتوري، هو القتل والتصفية والتهجير القسري والتشريد. المثقف اليوم يواجه محنة لا أحسب أنه واجه عبر كل تاريخه محنة مماثلة في عمقها وشدتها وشمولها ثم هولها، إنها محنة كبرى، أو قل محنة شاملة، فها هو يمتحن إمتحانًا شاملًا عسيرًا كاملًا في كل مظاهر وجوده وفي كل مواقع هذا الوجود، وفي كل أشكال هذا الوجود، محنة تفسير الدين للواقع من إتجاه واحد رغم إن الحياة تحمل في وجودها عدة أوجه منها: السياسية، الاقتصادية ، الإجتماعية، الثقافية، الفنية ، الجمالية، التربوية وغيرها من الأوجه والمجالات، فليس من المعقول أن تكون الأوجه الدينية هي المحك والمعيار لقياس كل تلك الاوجه، ما الفرق بين الدكتاتورية، والديمقراطية الدكتاتورية الجديدة بلباسها الديني المتطرف بعد أن كانت في السابق الشوفينية القومية المقيتة. خلاصة القول لم تعد الإهانة عارضة عابرة للمثقف وللثقافة عمومًا، يسترد بعدها المثقف شتات نفسه ويستأنف مسيرته، إنه هذه المرة يمتحن في وجوده نفسه وفي بقاءه ذاته، وهذه المحنة مركبة، شاملة عامة تتداخل حلقاتها وتترابط محاورها وأبعادها وإذا جاز القول محنة من داخلها محن ومحن حتى تنتهي بالوجود، أعني اللاوجود المادي.
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شخصياتنا في مواجهة الأزمات
-
الحياة والموت رؤية نفسية إجتماعية فلسفية
-
العالم بين العُصاب والإغتراب
-
محنة -فايروس الكورونا-ِ بين تأثير إيحاءالإعلام ووساوس الناس
-
كورونا حالة ذعر جمعي عالمي مبحث نفسي – إجتماعي
-
اتجاهاتنا ..وإنفعالاتنا وسلوكنا!!
-
الصراع وقبول الآخر..مبادرة السيد عمار الحكيم
-
للمواطن حقوق
-
شخصية الإنسان .. والارادة
-
سلوك الإنسان..بين الربيع والخريف!!
-
دولة المواطن..متى تبدأ؟
-
نحنُ والمواطن..إلى أين؟
-
من أجل المواطن..إشكالات وطنية!!
-
عمل وأداء ومناسبة عظيمة في كلية الفنون الجميلة بجامعة واسط
-
الرضا النفسي ..حجر الزاوية في الصحة والإضطراب النفسي
-
التكيف النفسي ..الشعور بالقدرة!!
-
دراسة عن تربوية إمتحان الدور الثالث لطلبة السادس الاعدادي
-
الدولة والبناء النفسي للإنسان!!
-
الدين ..وتربية الذات
-
القلق .. وقلق المستقبل ..مدخل نفسي
المزيد.....
-
فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار
...
-
دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن
...
-
لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
-
لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
-
قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا
...
-
التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو
...
-
Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
-
اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
-
طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح
...
-
إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|