سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)
الحوار المتمدن-العدد: 6620 - 2020 / 7 / 16 - 23:16
المحور:
الادب والفن
دائماً مُدرسو الجغرافيا غليظين
كأنهم يَخرجون من العهد العتيق
يُجيدون رسم الخرائط القديمة بحقد
ويؤشرون الأماكن التي لا نحبها عليها
ويأمرونا بتقليدهم بحرفية عالية
متناسين أننا لسنا كهاناً
ولسنا من حراس الملك
وأن بعضنا يحب أن يرسم خرائطاً
تُطابق مخيلته العنيدة
ويؤشر عليها الأماكن التي يعشق فقط:
المقهى الذي يجادل فيه أفكاره السياسية،
المواخير التي يتقيأ فيها صرخاته المحمومة،
الحانة التي يرفع فيها إصبعه الوسطى للوجود،
والساحات التي يسخر فيها
من قناعات حماة الفضيلة.
لأني أكره بروتوكولات المطارات الرسمية،
كتبت قصة عن لقائكِ في ميناءٍ مهجور
تَخيلت أن يكون الطقس خريفياً
وأن تتوقف سفينة كبيرة لتنزلكِ على الرصيف
بفستانٍ أزرق وقبعة عادية،
لكن لا تشبهها أي قبعة..
بلا حقيبة يد، كباقي النساء
بلا حقائب ملابس،
نكاية بنساء الطبقة الأرستقراطية
وعندما تُطيِّر الريح قُبعتكِ بعيداً،
تكتفين بإبتسامة سخرية والقول:
أوه! كنت أتوقع ما هو أسوأ...
فشكراً لشيء ما
أنها إكتفت بالقبعة هذه المرة إذاً!
وفي مرةٍ لاحقة
ولأني كنتُ مستوحشاً وبي شجن،
لا تفهم وقعه غير النساء،
رسمتُ خارطة مغرقة في القِدم،
قُلت هكذا سأحصل على أقصر طريق
توصلكِ إليّ
ولكني وجدتها متجهمة كوجوه مدرسيّ الجغرافيا
ولم تشبه بحارها لون فستانكِ
وكان طقسها معتدلاً بطريقة ساذجة،
لا يناسب تضاريس دمكِ
فمحوتها وعدتُ إلى الحانة
ولحسن الحظ أنها كانت مكتظة،
لحد أن الجميع سمع أزيز إصبعي الوسطى
وهي تنتصب بوجه هذا الوجود
الذي عجز أن يأتي بريحٍ خريفية
تُريني طيران قبعتكِ....
التي لن تشبهها قبعة بالقطع!
#سامي_البدري (هاشتاغ)
Sami_Al-badri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟