|
حمكو .. الذي لا يعرفني
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 6619 - 2020 / 7 / 15 - 21:51
المحور:
كتابات ساخرة
في السوق صادفتُ حمكو الذي لم أتحدث معهُ منذ أشهُر ، فسلمنا على بعضنا وكأنَ شيئاً لم يكُن ، وتمشينا وتبادلنا لُب الحديث وليس أطرافه ! . تذكرتُ أغنية [ أيَظُنُ ] لِطَيِبَي الذكر نجاة الصغيرة ومن شعر نزار قباني ، حيث تقول : .. اليومَ عاد وكأنَ شيئاً لم يَكُن / وبراءة الأطفالِ في عينيهِ . نعم عادَ حمكو ببراءته المعهودة … مع الإعتذار من نجاة الصغيرة والقباني ، حيث الفرقُ شاسع بين الحبيب الوسيم الذي عادَ وكأنَ شيئاً لم يكُن ، في شعر نزار وأغنية نجاة ، وبين حمكو المجنون ! . على أية حال ، قال حمكو : أينَ أنتَ يارجُل ؟ هناك عشرات المواضيع المُلِحة التي أريد مناقشتها معك . قُلت " مُدَعِياً عدم الإهتمام ! " : ها قد عُدنا إلى الإزعاجات ثانيةً … لَكَم كُنتُ مرتاحاً في الأشهُر الماضية لأنني كُنتُ بعيداً عنك . ضحكَ حمكو طويلاً كتعبيرٍ عن عَدم قناعته بكلامي ، قائلاً : دعنا من مشاعرك . وقُل لي ما رأيكَ بالعملية التركية الواسعة الجارية الآن في أقليم كردستان العراق ؟ قُلت : هل هنالك إجتياحٌ تركي لأراضٍ داخل الأقليم ؟ بالنسبةِ لي شخصياً ، لا أشعرُ بأي فَرق ! . قالَ متنرفزاً : وكيفَ ذلك ؟ أليسَ عندك شعورٌ وطني ؟! قُلت : يا حمكو .. أنا أعيشُ كما تعرف هنا في المدينة في مركز دهوك ، وربما أزور العمادية في الشهر مرّة او مرتَين . أقرأ الكُتب وأتابع الأخبار وأشاهد الأفلام ، أشربُ أحياناً كأساً أو إثنَين ، أقضي ساعات مع اللابتوب والفيسبوك والعم كوكل ، آخذ أدوية أمراضي العديدة بإنتظام … هذهِ هي حياتي بإختصار . يقولون بأن الطائرات التركية أغارتْ على قُرىً في الجبال القريبة من العمادية ، وأن دبابات وقوات برية تركية دخلت عدة قُرى قرب زاخو وكاني ماسي … لكن بالنسبة لي لم يتغير شئ من روتين حياتي ! . رُبما لو سألتَ فلاحاً من تلك القُرى إحترقتْ مزرعته وأشجاره وتدمَر منزله جراء العملية التركية ، فسيكون لهُ رأياً آخَر … أو لو قابلتَ مُقاتلاً من حزب العمال الكردستاني ، فسيقول لك بأنهم كَبدوا الجيش التركي المعتدي خسائر فادحة وأسقطوا عدة طائرات بدون طَيار ، أو رأيتَ ضابِطاً تركياً ، فأنهُ سيصرح بأنهم وجهوا ضربات قاصمة لِمَنْ يُسّمونهم إرهابيين … نعم ياحمكو ، أهالي القُرى التي هُجِرتْ وأصحاب المزارع والحقول التي تضررتْ ، والقتلى والجرحى من أية جهةٍ كانتْ ، كُل هؤلاء ، لهم آراءهم ومواقفهم ، المؤيِدة أو المُستنكِرة ، كُلٌ حسب موقعه من المعادلة الصعبة الفوضوية الحالية .. إلّا أنا … فحالي اليوم مثل حالي قبل الإجتياح التركي وعلى الأغلب سيكون نفسه غداً أيضاً ! . تأملَ فيّ حمكو طويلاً ، ثم قال : ماذا دهاكَ يارجُل .. أشعرُ أنني لا أعرفك ! قُلت : لأنك مجنون ياحمكو .. تأمَلْ حواليك ، ستجدُ آلافاً مثلي ، روتين حياتهم ماشٍ كما في السابق .. رُبما هُم غير راضين مثلي أنا أيضاً ، لكنهم مثلي أيضاً لا يفعلون شيئاً في الواقِع .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تنبؤات رجُلٍ بغيض
-
الطماطة ... عندما تَفسَد
-
بغداد وأربيل .. إلى أين ؟
-
سِعر البَيض ... وحاويات القِمامة
-
الثِقَة
-
سَحَبْنا الثِقة .. وليخسأ الخاسئون
-
خَيار العاجزين .. أم خَيار الشُجعان ؟
-
سَمْسَرة
-
بسبب كورونا .. اللعبُ مُتوَقِف
-
نحنُ محظوظون
-
أحاديثهُم ... وأحاديثنا
-
كورونيات
-
- گيلما گاڤاني -
-
بغدادنا وأربيلنا
-
حمكو .. والمنهاج السويدي
-
حمكو من ساحة التحرير إلى الصين
-
حمكو يُحّلِل مُنتدى دافوس
-
إصلاحات حقيقية .. وأبوك ألله يرحمه
-
الوَطَنْ
-
إدامة الحِراك الثَوري الشبابي
المزيد.....
-
الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
-
فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
-
-رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
-
فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
-
فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال
...
-
اضبط الآنــ أحدث تردد قناة MBC 3 الجديد بجودة عالية لمتابعة
...
-
كيف تمكنت -آبل- من تحويل -آيفون 16 برو- إلى آلة سينمائية متك
...
-
الجزائر: ترشيح فيلم -196 متر/الجزائر- للمخرج شكيب طالب بن دي
...
-
وفاة النجم الأمريكي الشهير تيتو جاكسون
-
مصر.. استعدادات لعرض فيلم -إيلات- الوثائقي في ذكرى نصر أكتوب
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|