أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - لجنة الدفاع عن الحريات - الطوارىء والأحزاب السياسية















المزيد.....


الطوارىء والأحزاب السياسية


لجنة الدفاع عن الحريات

الحوار المتمدن-العدد: 1593 - 2006 / 6 / 26 - 11:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


تحولت حالة الطوارىء فى مصر من ظاهرة استثنائية ومؤقتة لمواجهة مخاطر داهمة تتعرض لها البلاد إلى ظاهرة دائمة تؤثر فى الحياة السياسية للبلاد وتحد من تمتع المواطنين بحقوقهم وحرياتهم الأساسية ، فقد أعلنت حالة الطوارىء يوم 6 أكتوبر 1981 عقب اغتيال الرئيس محمد أنور السادات وما تزال قائمة حتى الآن لما يقرب من ربع قرن . وليس من شك فى أن بيئة الطوارىء تمثل بيئة مشجعة على تحقيق مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان وانتشار ظواهر مثل ظاهرة الاعتقال المتكرر والتضييق على ممارسة المواطنين لحقوقهم الدستورية، يساعد على ذلك استمرار تطبيقها لسنوات طويلة ، فينظر إليها الكثيرون وكأنها قدر لافكاك منه . وقد أختلفت مبررات الحكومة لمواصلة تطبيق قانون الطوارىء طوال هذه الفترة من حقبة لأخرى، ففى حقبة الثمانينات من القرن العشرين كانت الحجة الأساسية بعد اغتيال رئيس الجمهورية أن البلاد تتعرض لمخاطر خارجية وتهديدات لأمنها القومى مصدرها الدول العربية المجاورة (ليبيا والسودان) ، وفى حقبة التسعينيات كان المبرر الأساسى هو تصاعد العمليات الإرهابية من جماعات إسلامية متطرفة طالت كبار المسئولين وبعض المسئولين وبعض المثقفين والسياح الأجانب ، وعندما نجحت الحكومة فى السيطرة على الجماعات الإرهابية وتصفية نشاطها وتوقف العمليات الإرهابية فعلا منذ عام 1997، لم تقدم الحكومة المبرر لاستمرار تطبيق قانون الطوارىء فاستخدمت حجة جديدة هما ضرورة المحافظة على استقرار المجتمع لكى تحقق سياسة الاصلاح الاقتصادى أهدافها بما يمكن من حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التى تمس حياة أغلبية المواطنين ، وتحقيق الأمن الداخلى وحماية الوحدة الوطنية.
تصاعدت المعارضة لاستمرار حالة الطوارىء طوال هذه السنوات وشملت دائرة واسعة من القوى الديمقراطية والسياسية بما فى ذلك الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى عامة ومنظمات حقوق الإنسان بصفة خاصة، وكذلك النقابات المهنية والمثقفين وغيرهم . وأكد المعارضون لاستمرار حالة الطوارىء أن الغرض الحقيقى للمدافعين عن استمرار حالة الطوارىء هو المحافظة على مصالحهم وضمان السيطرة على الحركة الجماهيرية وضبطها بما يحول دون نموها إلى الحد الذى يهدد احتكارهم للسلطة ، وأن تطبيق قانون الطوارىء طوال هذه الفترة لم يحقق الأمن للمجتمع ولم يمنع الإرهاب ، فضلا عن أنه يحد من الحريات العامة ويمنع التطور الديمقراطى للمجتمع مما يخلق بيئة مواتية لنمو النشاط الإرهابى ويساعد على تصاعد العنف عندما يحول بين المواطنين وممارسة حقوقهم الأساسية وحرياتهم ، وأن تمتع المواطنين بالديمقراطية يشجع على المنافسة بوسائل سلمية ، وممارسة النشاط بوسائل شرعية فى إطار المؤسسات السياسية القائمة.
وتعتبر الأحزاب السياسية أكثر مؤسسات المجتمع تضرراً من استمرار حالة الطوارىء ، وهى من ثم أكثر مؤسسات المجتمع معارضة لها، وقد عبرت الأحزاب السياسية عن معارضتها هذه بأكثر من وسيلة ولم تتوقف عن المطالبة بالغاء حالة الطوارىء منذ عام 1981 بعد أن تأكد أن أغتيال الرئيس أنور السادات لم يؤد إلى انهيار النظام، وبعد أن نجحت أجهزة الأمن فى السيطرة على حالة التمرد والتى وقعت فى محافظة أسيوط، وتم اعتقال أعضاء وقيادات الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد، وتم السيطرة على حالة الأمن فى البلاد.
ومن المهم هنا أن نبحث الأسباب التى أدت إلى تضرر الأحزاب السياسية أكثر من غيرها من استمرار حالة الطوارىء لسنوات عديدة، وكيف واجهت الأحزاب السياسية هذا الوضع وذلك من خلال الإجابة على التساؤلات الآتية:
أولا: ما هو الإطار القانونى والسياسى الذى تحتاجه الأحزاب السياسية لممارسة نشاطها بفاعلية؟ .
ثانيا: ما مدى تعارض حالة الطوارىء مع هذا الإطار؟ وما تأثيرها السلبى عليه ؟.
ثالثا: كيف واجهت الأحزاب السياسية حالة الطوارىء ؟ وما هى المواقف التى أتخذتها فى مواجهتها؟.
ومن خلال الإجابة عن هذه التساؤلات يصبح بإمكاننا التعرف على الجوانب المختلفة للعلاقة بين حالة الطوارىء والأحزاب السياسية .
-1-
الإطار القانونى والسياسى الملائم لنشاط الأحزاب السياسية
الديمقراطية بمعناها الواسع هى حق الشعب فى اختيار حكامه وتغييرهم دوريا ومشاركة الشعب فى اتخاذ القرار ومراقبة تنفيذه والمحاسبة على نتائجه . ويتطلب ذلك تمتع الشعب بحقوقه وحرياته الأساسية وإقامة المؤسسات التى تمكنه من ممارسة دورة فى أختيار وحكامه ومحاسبتهم ، وفى مقدمة هذه المؤسسات الأحزاب السياسية التى تتشكل تعبيرا عن مصالح القوى الاجتماعية المختلفة. وقد تبلورت من خلال الممارسة مجموعة المقومات الأساسية التى لا يمكن بدونها أن تتحقق الديمقراطية وأن تمارس الأحزاب السياسية باعتبارها مؤسسات ديمقراطية نشاطها بفاعلية . وتم صياغة هذه المقومات فى وثائق دولية على رأسها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948 وتضمنتها أيضا دساتير الدول الديمقراطية ومن هذه المقومات:
- إقرار مبدأ سيادة القانون ودولة المؤسسات واستقلال السلطة القضائية .
- الاعتراف بمجموعة الحريات العامة وحقوق الإنسان كأساس لمجتمع مدنى وإعلام حر، بما يكفل حرية تكوين الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية وحرية الرأى والاعتقاد والاجتماع .. إلخ.
- الاعتماد على مبدأ الانتخاب العام لعناصر السلطة التشريعية والتنفيذية كأساس لتداول السلطة من خلال انتخابات دورية حرة تجسد نتائجها بصدق إرادة الناخبين.
- الاعتراف بالتعددية السياسية والحزبية بكل ما يترتب عليها من نتائج وتطبيقا لهذه المقومات الديمقراطية تبلورت مجموعة من المبادىء العامة التى تضمنها الدستور المصرى والتى تشكل فى مجملها الاطار القانونى والسياسى الكفيل بتمكين المواطنين والأحزاب السياسية من القيام بدورها فى بناء المجتمع الديمقراطى وتعزيز العملية الديمقراطية لو أحترمت هذه المبادىء فى التطبيق وهى:
1- تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية ، وتحافظ على كرامتهم وأمنهم .
2- لايجوز القبض على إنسان ، أو حبسه أو تفتيشه ، أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا وفقا للقانون.
3- كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته يجب معاملته بما يحفظ له كرامته الإنسانية.
4- المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون.
5- المراسلات البريدية والبرقية مصونة ،وكذلك الاتصالات الهاتفية ، وغيرها من وسائل الاتصال الأخرى ، وسريتها مكفولة ، ولا يجوز مراجعتها أو الإطلاع عليها إلا فى الضرورات التى يبينها القانون.
6- حرية الرأى مكفولة ، بالقول والكتابة أو التصوير أو بأى وسيلة أخرى من وسائل التعبير ، وكذلك حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة ضمن حدود القانون.
7- ومن الواضح أن المقومات الأساسية للديمقراطية التى أشرنا إليها وما تضمنه الدستور المصرى من مبادىء عامة تطبيقا لهذه المقومات يمكن أن يوفر أساسا ضالحا وإطارا قانونيا وسياسيا ملائما لممارسة نشاط سياسى فاعل تقوم من خلاله الأحزاب السياسية بدورها فى الدفاع عن مصالح المواطنين وحقهم فى المشاركة وفى اختيار حكامهم وتغييرهم بإرادتهم الحرة من خلال انتخابات نزيهة ، ولكن التطبيق المستمر لحالة الطوارىء فى مصر لمدة تقرب من ربع قرن حال دون توفر هذا الإطار القانونى والسياسى الذى يساعد على الممارسة الديمقراطية ، وعلى العكس من هذا فإن تطبيق حالة الطوارىء هذه الفترة الطويلة خلق إطارا قانونيا وسياسيا معاكسا للنشاط الحزبى الفعال ، بل كان من نتائج هذا الإطار المعادى للديمقراطية محاصرة الأحزاب والحد من نموها ومنعها من ممارسة نشاطها بحرية والحيلولة دون قيامها بدورها فى دعم الممارسة الديمقراطية ، فكيف تحقق ذلك؟.
-2-
حالة الطوارىء تحاصر الأحزاب وتمنع نموها
يعرف فقهاء القانون حالة الطوارىء بأنها (نظام استثنائى مبرر بفكرة الخطر المحدق بالكيان الوطنى، يسوغ اتخاذ تدبير أو تدابير قانونية مخصصة لحماية البلاد ضد الأخطار الناجمة عن عدوان مسلح داخلى أو خارجى ، يمكن التوصل إلى إقامته بنقل صلاحيات السلطات المدنية إلى السلطات العسكرية) . فى حين يعرفها البعض الآخر بأنها (نظام قانونى يتقرر بمقتضى قوانين دستورية عاجلة لحماية المصالح الوطنية ، ولا يلجأ إليه إلا بصفة استثنائية ومؤقتة لمواجهة الظروف الطارئة التى تقصر عنها الإدارة الحكومية الشرعية وينتهى بانتهاء مسوغاته).
وسواء أخذنا بهذا التعريف أو ذاك فمن الواضح أن حالة الطوارىء تكون مصحوبة باجراءات استثنائية تمارسها سلطة عسكرية لها أن تتجاوز القوانين العادية وما تكفله للمواطنين من حقوق أساسية ويتضمن هذا الوضع الحد من الحريات والحقوق الأساسية للمواطنين والجماعات . هذا الوضع الاستثنائى يتعارض امكانية ممارسة الأحزاب السياسية لنشاطها ومساهمتها فى الحياة السياسية بكفاءة وفاعلية ويحول دون ازدهار النشاط السياسى والعمل الحزبى.
خلقت حالة الطوارىء المطلقة فى مصر لمدة 24 سنة بصفة مستمرة بيئة معادية للديمقراطية ومحبطة لنشاط الأحزاب السياسية الحقت أضرارا فادحة بحقوق المواطنين ومنعتهم من ممارسة حرياتهم الأساسية وحاصرت الأحزاب السياسية ، بالعديد من القيود التى حرمتها من الاتصال بالمواطنين والتواصل مع الرأى العام ، وكان أساس هذا التطور السلبى فى الحياة السياسية المصرية الحقوق الممنوحة لرئيس الجمهورية أو من ينيبه لتعطيل القوانين القائمة وتجاوز الأوضاع الدستورية والقانونية الشرعية ، يكفى أن نستعرض هنا بعض نصوص قانون الطوارىء المطبق فى مصر منذ يوم 6 أكتوبر 1981 :
مادة (23) لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارىء أن يتخذ بأمر كتابى أو شفوى التدابير الآتية:
- وضع قيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور فى أماكن أو أوقات معينة، والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم . والترخيص فى تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الاجراءات الجنائية ، وكذلك تكليف أى شخص تأدية أى عمل من الأعمال.
-الأمر بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والمطبوعات والنشرات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والاعلان قبل نشرها وطبعها ، ومصادرتها وتعطيلها واغلاق أماكن طبعها .
-يجوز القبض فى الحال على المخالفين للأوامر التى تصدر طبقا لأحكام هذا القانون.
-الأحكام الصادرة طبقا لهذا القانون نهائية بعد تصديق رئيس الجمهورية عليها أو من يفوضه بذلك . ولا يجوز الطعن فيها.
-يشارك الضباط فى محاكم أمن الدولة.
وقد أجريت تعديلات على قانون الطوارىء تسمح باستمرار الاعتقال رغم صدور أحكام بالافراج عن المعتقلين.
وقد أستخدم قانون الطوارىء فى أعتقال عشرات الألوف من المواطنين معظمهم من النشطاء فى الجماعات الإسلامية ، لكنه طال مواطنين من اتجاهات سياسية أخرى ومواطنين عاديين ، وثبت أن بعض رجال الشرطة فى الأقسام ومراكز الشرطة ومديريات الأمن أساءوا استخدام سلطات الطوارىء للتنكيل بالمواطنين العاديين . مما أشاع الخوف فى المجتمع من سلطات الطوارىء.
وبالنسبة للأحزاب السياسية فقد أستخدم القانون بالفعل لمنعها من ممارسة نشاطها السياسى الجماهيرى، ومنعها من الاتصال بالرأى العام وأنتهى بها الأمر عمليا إلى قصر نشاطها داخل مقراتها ومحاصرتها فى هذه المقرات مما يحول دون قدرتها على كسب عضوية جديدة وتؤدى حالة الخوف السائدة فى المجتمع من سلطات الطوارىء إلى توقف بعض أعضائها عن ممارسة النشاط الحزبى بل وإنصرافهم عن عضوية الحزب. ورغم أن بعض نصوص قانون الطوارىء لم تطبق بشكل مباشر على الأحزاب السياسية الشرعية إلا أن حالة الطوارىء نفسها المستمرة لسنوات طويلة خلقت كما أشرنا من قبل بيئة معادية للنشاط السياسى الجماهيرى ، ويمكن أن نرصد أهم النتائج المترتبة على تطبيق حالة الطوارىء لسنوات طويلة والتى أثرت بالسلب على الأحزاب السياسية:
1- منعت وزارة الداخلية عقد أى مؤتمر جماهيرى للأحزاب السياسية وتصر على عقد هذه المؤتمرات داخل مقرات الأحزاب أو داخل المبانى، وعندما حصلت الأحزاب السياسية على موافقة هيئات مدنية أو أهلية على عقد مؤتمرات حزبية داخل منشآت تملكها ثم تهديدها وسحبت موافقتها على عقد هذه المؤتمرات .
2- منعت وزارة الداخلية توزيع أى بيانات حزبية على المواطنين فى الشوارع أو فى أماكن التجمع الجماهيرى ,واعتقلت أعضاء وقيادات الأحزاب التى قامت بذلك.
3- منعت وزارة الداخلية تنظيم مسيرات سلمية واعتقلت القيادات الحزبية التى شاركت فى هذه المسيرات.
4- يقوم المسئولون عن المطابع فى دور الصحف القومية بتسليم المواد الصحفية لصحف المعارضة إلى ضباط مباحث أمن الدولة قبل طبعها لمراجعتها ويتم التدخل والتهديد لسحب المواد التى لا توافق عليها مباحث أمن الدولة رغم الاعلان المتكرر أنه لا توجد رقابة على الصحف.
5- يقوم أصحاب المطابع الخاصة بتسليم وإبلاغ ضباط مباحث أمن الدولة أى مواد تسلم إليهم من المواطنين لطباعتها ، وقد تم بالفعل اعتقال العديد من المواطنين الذين قدموا للمطابع مواداً لطباعتها ورأى رجال الأمن أنها تهدد أمن الدولة من وجهة نظرهم .
6- تستدعى مباحث أمن الدولة المواطنين المنضمين حديثا لعضوية الأحزاب السياسية وتمارس ضغوطاً عليهم للتوقف عن ممارسة النشاط الحزبى ويتم تهديدهم باتخاذ اجراءات مشددة معهم ، وغالبا ما يرضخ هؤلاء المواطنون لهذه التهديدات.
7- ثبت فى العديد من الحالات أساءة استخدام السلطات للحق فى التنصت وتفتيش المساكن والعدوان على حرية الحياة الخاصة وحرمة المسكن وسرية المراسلات البريدية والاتصالات الهاتفية.
وكما أشرنا من قبل فقد تأثرت الأحزاب السياسية بشكل كبير من استمرار حالة الطوارىء لفترة طويلة ، وكان من أهم النتائج بالنسبة للأحزاب السياسية:
1- انحسار النشاط السياسى الجماهيرى للأحزاب .
2- فقدان الصلة مع الحركة الجماهيرية وعدم التواصل أخذا وعطاءً مع الرأى العام.
3- العجز عن إحاطة المواطنين بمواقف الحزب ورؤيته لأوضاع المجتمع المصرى ومشاكله واقتراحات الحزب لحلها.
4- انصراف المواطنين عن الأحزاب السياسية لاقتناعهم أنها عاجزة عن التأثير فى القرار السياسى لما فيه مصالحهم.
5- العجز عن كسب عضوية جديدة تمكن الأحزاب من تجاوز حالة الحصار المفروضة عليها .
6- العجز عن المشاركة فى الانتخابات البرلمانية والمحلية والنقابية بفاعلية بسبب هذه الأوضاع التنظيمية والسياسية والجماهيرية .
وكان لمعاناة الأحزاب السياسية من حالة الطوارىء أثر كبير فى موقفها الرافض لاستمرار حالة الطوارىء ومطالبتها بالغائها وسعيها منفردة ومجتمعة إلى تشديد نضالها من أجل الغاء حالة الطوارىء ، ولم تتوقف الأحزاب السياسية عن نضالها هذا على امتداد ربع القرن الماضى.
-3-
نضال الأحزاب السياسية ضد حالة الطوارىء
اتخذت الأحزاب السياسية موقفا معارضا على طول الخط لحالة الطوارىء وطالبت بالغائها، ونظمت العديد من الندوات العلمية لبيان خطورة تطبيق قانون الطوارىء وتأثيره السلبى على الاقتصاد المصرى وعلى الوضع السياسى فى مصر، كما نظمت مؤتمرات جماهيرية وندوات سياسية لهذا الغرض ، وأصدرت بيانات عديدة حول نفس الموضوع ، هذا بالاضافة إلى تصويت نواب المعارضة والنواب المستقلين بصفة مستمرة ضد تجديد حالة الطوارىء، وكان الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم هو الحزب الوحيد المؤيد لاستمرار حالة الطوارىء منذ اعلانها وحتى الآن. وفيما يلى نعرض نماذج لمواقف الأحزاب السياسية المعارضة لحالة الطوارىء.
أولا: التصويت فى مجلس الشعب:
أعتمدت الحكومة على الأغلبية التى يتمتع بها الحزب الوطنى فى مجلس الشعب لتمرير موافقة المجلس على مد العمل بقانون الطوارىء منذ عام 1981 وحتى الآن. ورغم ذلك فإن كافة نواب أحزاب المعارضة ومعظم النواب المستقلين كانوا يصوتون ضد مد العمل بقانون الطوارىء . وتشير الاحصائيات الواردة فى دراسة عن موقف البرلمان من حالة الطوارىء أعدها الدكتور على الصاوى الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والتى نشرتها جمعية الإنسان لمساعدة السجناء عام 2005 إلى الحقائق التالية:
-كان الاقتراح يمد العمل بقانون الطوارىء يعرض دائما بشكل مفاجىء مما لا يسمح للنواب بالاستعداد للمناقشة.
-كانت مناقشة موضوع مد العمل بقانون الطوارىء تتم دائما أثناء مناقشة موضوع آخر له أهمية مثل مناقشة بيان الحكومة أو مناقشة مشروع الميزانية العامة للدولة وكأنه موضوع هامشى.
-استخدمت الحكومة كثيرا من أشكال الضغط على النواب للموافقة على مد العمل بقانون الطوارىء.
-شارك فى المناقشة حول مد العمل بقانون الطوارىء 128 عضوا قدموا 141 مداخلة طوال الفترة من 1982 إلى 2003 وكان عدد المشاركين فى كل مرة يتراوح بين سبعة أعضاء وتسع عشر عضوا فقط ولا تزيد مدة المناقشة عن ساعة ونصف تكون غالبا فى نهاية الجلسة المسائية وتجهض المناقشة قبل استكمالها.
-صوت ضد اقتراح مد العمل بقانون الطوارىء بصفة مستمرة وخلال هذه الفترة أعضاء مجلس الشعب من حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى وحزب الوفد وحزب العمل والحزب العربى الديمقراطى الناصرى ، وحزب الأحرار. وفى حالات محدودة كان أحد نواب المعارضة يصوت بالموافقة أو الامتناع لأسباب تتعلق بعلاقة هذا الحزب بالحكومة.
-كانت الموافقة تتم دائما بتصويت جميع أعضاء مجلس الشعب عن الحزب الوطنى بالموافقة وفى مرة واحدة امتنع عضو واحد هو الدكتور حمدى السيد.
ثانيا: مشروع اعلان ميثاق حريات وحقوق الإنسان المصرى
أصدرت هذا المشروع لجنة الحريات بنقابة المحامين فى المؤتمر العام الذى نظمته فى الذكرى الخامسة لأحداث سبتمبر 1981 وذلك بالتعاون مع اللجنة المصرية للدفاع عن الحريات وصادق عليه ممثلو أحزاب الوفد والتجمع والحزب الاشتراكى العربى الناصرى تحت التأسيس والشيوعيون يوم 3 سبتمبر 1986 . ويتضمن هذا الميثاق العديد من المبادىء والمقومات التى تؤكد وعى القوى السياسية فى مصر بأهمية توافر مناخ سياسى يعزز العمل الديمقراطى ولم تقتصر مطالبة القوى السياسية فى هذا الميثاق على إلغاء حالة الطوارىء بل أمتدت لتشمل قضايا أخرى تساهم فى بناء الاطار القانونى والسياسى الذى يعزز العملية الديمقراطية وفيما يلى نعرض لأهم ما جاء فى هذا الميثاق:
1- إلغاء حالة الطوارىء فوراً، وإنهاء العمل بسائر التشريعات المقيدة للحريات والمهدرة لحقوق الإنسان المصرى.
2- إطلاق حرية كل القوى الوطنية دون تفرقة أو استثناء فى تشكيل أحزابها وتنظيماتها المستقلة بلا قيد أو شرط والغاء العزل السياسى .
3- انهاء العمل بدستور 1971 الذى يرتكز على نظام الحكم الفردى وطغيان السلطة التنفيذية على كافة السلطات الدستورية الأخرى والعمل على وضع دستور ديمقراطى جديد.
4- عدم جواز محاكمة أى مواطن إلا أمام قاضيه الطبيعى ، وإلغاء كافة المحاكم الاستثنائية وحظر محاكمة المواطنين أمام محاكم عسكرية.
5- المنع المطلق لكافة أساليب التعذيب واستعمال القوة التى تقع فى السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة.
6- تأكيد الحريات الأساسية للمواطنين ، وبصفة خاصة حرية الرأى والتعبير والنشر والاجتماع والإضراب والاعتصام والتظاهر دون تجريم أو تقييد ، وإطلاق حرية إصدار الصحف والمطبوعات دون رقابة وإلغاء المجلس الأعلى للصحافة .
7- إلغاء الانتخابات عن طريق القائمة المطلقة أو النسبية المشروطة وإشراف السلطة القضائية على الانتخابات العامة فى كافة مراحلها ، ومنحها الاختصاصات الكفيلة بمنع وإيقاف أى تدخل فى الانتخابات أيا كان مصدر هذا التدخل .

ثالثا: بيان لجنة القوى الوطنية المصرية للدفاع عن الديمقراطية
ويتضمن هذا البيان التنديد بالأوضاع التى تهدد المسيرة الديمقراطية فى مصر ومنها:
1- استمرار القوانين الاستثنائية المقيدة للحريات .
2- مد العمل بقانون الطوارىء .
3- ابتداع نظم انتخابية لا مثيل لها فى أى بلد ديمقراطى.
4- انصراف الشعب عن المشاركة فى الانتخابات .
5- إصرار الحكومة على رفض تنفيذ أحكام القضاء المصرى.
وتضمن البيان مطالب أساسية على رأسها إلغاء العمل بقانون الطوارىء واحترام الدستور وإطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية .. إلخ.
رابعا: برامج الأحزاب السياسية
تضمنت البرامج العامة للأحزاب السياسية والبرامج الانتخابية الصادرة خلال فترة الطوارىء مبدأً أساسياً هو المطالبة بإلغاء حالة الطوارىء.
خامسا: أنشطة مشتركة للأحزاب السياسية ضد الطوارىء
لم تتوقف الأحزاب السياسية عن عقد مؤتمرات وتنظيم أنشطة وإصدار بيانات مشتركة برفضها حالة الطوارىء ومطالبتها بإلغائها منذ عام 1982 وحتى عام 2005 ..منها مثلا:
-إصدار الميثاق الشعبى للاصلاح الديمقراطى الذى تضمن ثلاثة مطالب أساسية هى إلغاء حالة الطوارىء وضمان سلامة الانتخابات العامة وإطلاق تأسيس الأحزاب وإصدار الصحف.
-عقد مؤتمر جماهيرى جبهوى يوم 5 فبراير 1987 تحدث فيه رؤساء أحزاب المعارضة أعلنوا فيه مطالبهم وعلى رأسها إلغاء حالة الطوارىء.
-بيان أحزاب المعارضة المقدم لرئيس الجمهورية حول الاصلاح السياسى فى 18 يونيو 1991 والذى تضمن أيضا المطالبة بالغاء حالة الطوارىء .
- مؤتمر الأحزاب والقوى السياسية دفاعا عن الدمقراطية والحريات وحقوق الإنسان المنعقد فى ديسمبر 1997 فى ذكرى مرور خمسين عاما على إصدار الاعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى شاركت فيه كل الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والمفكرين والمثقفين المصريين والذى كان من أهم موضوعاته استمرار العمل بحالة الطوارىء وكان فى مقدمة مطالبه إلغاء حالة الطوارىء.
ومن هذا العرض يتضح أن كافة القوى السياسية فى مصر تضامنت فيما بينها للمطالبة بإلغاء حالة الطوارىء ومارست أنشطة متنوعة جماهيرية وفكرية وإعلامية وسياسية وبحثية لتعزيز مطالبها بإلغاء حالة الطوارىء وربطت بين التطور الديمقراطى للبلاد وهذا المطلب وأدركت الأحزاب السياسية مدى خطورة الاستمرار فى تطبيق قانون الطوارىء على فاعليتها ومستقبلها وعلى مستقبل البلاد فكان نضالها المستمر ضد حالة الطوارىء حتى يومنا هذا.


بحث بقلم : عبد الغفار شكر
نائب رئيس مركز البحوث العربية والأفريقية
عضو المكتب السياسى لحزب التجمع
كتبه خصيصاً للمؤتمر العلمى الأول للحريات
(الطوارىء وأزمة الحريات العامة فى مصر)



#لجنة_الدفاع_عن_الحريات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ نظام الطوارئ فى مصر
- الطوارئ وضمانات الإجراءات الجنائية
- الطوارىء وضمانات الاجراءات الجنائية
- توصيات المؤتمر الأول لأعضاء هيئات التدريس
- ثلاثمائة معتقل يضربون عن الطعام فى سجن مصرى منهم ستون مشرفون ...
- قرارات مؤتمر الطوارىء والحريات ... فى طريقها للتنفيذ
- الإعلان الختامى للمؤتمر العلمى الأول للحريات بحزب التجمع ـ ا ...
- كل الأفكار والاتجاهات فى مؤتمر الحريات لمناقشة الطوارىْ وأزم ...
- ارحموا مصر.. وارحموا الشفافية
- دستور .. يا أسيادنا
- الحرية للمعتقلين السعوديين
- حزب التجمع يكرم رجال القضاء والمحامين إحياء لذكرى إنتفاضة ين ...
- كلمة خالد محى الدين فى إحتفالية حزب التجمع المهداه إلى روح ا ...
- التعذيب والموت .. مستمر فى أقســـام الشـــرطة
- حزب التجمع يتذكر أحداث 18 و19 يناير 1977 .
- هذا التحفظ يفضح حقيقة موقف الحكومة المصرية
- - نعم للحرية .. لا للبلطجة -
- الحوار بالخطف والبلطجة
- سياسة الرهائن .. جريمة فى حق الشعب
- اوقفوا الحكم باعدام الكاتب هشام أغاجري


المزيد.....




- تفاعل على ترحيب أصالة بأحلام في جلسات موسم الرياض ورحيل صادم ...
- النرويج تقفل تحقيقها بشأن أجهزة -بيجر حزب الله- التي انفجرت ...
- -سي إن إن-: الحكومة الإسرائيلية ستصوت على اتفاق وقف إطلاق ال ...
- برلماني روسي: -أوريشنيك- أظهر حتمية اقتصاص روسيا ممن يعتدي ع ...
- وزير الخارجية الإيطالي: إيطاليا لن ترسل عسكريا واحدا إلى أوك ...
- المتحدث باسم ترامب: إسقاط القضايا الفيدرالية ضد الرئيس بمثاب ...
- شولتس بعد ترشيحه رسميا: هدفنا تصدر المشهد وأن نصبح الحزب الأ ...
- حرب غزة.. أول إبادة جماعية بالبث المباشر
- أفرزتها حرب مدمرة.. غزة تحت وطأة مجاعة وأمراض وحصار لا هوادة ...
- خبراء أمميون: إسرائيل مسؤولة عن سلامة مصور الجزيرة فادي الوح ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - لجنة الدفاع عن الحريات - الطوارىء والأحزاب السياسية