أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - أبي في متحف اللوفر














المزيد.....

أبي في متحف اللوفر


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1593 - 2006 / 6 / 26 - 11:31
المحور: الادب والفن
    


أبي يحب لوحات ديلاراكوا وهذا شيء طبيعي ، لأنه من سكنة أور ، ويوما ما كانت أور سيدة الجهات الأربع ..
أبي يحب أن يقرأ فقط لجان جنيه وفولتير ولامارتين ، ويتمتع حد القهقهة بشاعرية جاك بريفر ، وحين يشعل غليونه الحجري أمي تعرف انه يريد كتابا لروائي من أمريكا اللاتينية ، فتجري مسرعة إلى الرف لتجلب له رواية لفارغاس ، فهو يتمتع بحبكة هذا القاص البيروني حين تغط في دخان تبغه الكردي المعتق . وليلا أبي يحب سماع فاكنر ، ومارشات حروب نابليون ، وحين ينتهي الليل من نصفه الأول يستمع أبي إلى نشرة الأخبار من المونت كارلو ويتناول قطعة جبنة بالدبس ثم يتحرك مثل آمر فيلق إلى فراشه ، يعطس عطستين ثم يغمض عينيه ، ولم اسمع مرة أبي كان يشخر في منامه .
مات أبي ذات يوم وهو غارق في متعة أخيلة إغريقية حين شحط ( شحطته الأخيرة ) وهو يعيد قراءة قصائد كافافيس بلغتها اليونانية . ولا اعرف أين تعلم والدي لغة إسبرطة وأثينا ؟ ولكنه كان يتحدث حتى بمفرداتها المنقرضة ، وتفاخر أبي ذات يوم بأنه من أنبئ كمال أتاتورك بضرورة التخلص من الأبجدية التركية بنواركيلها المشرقية وسعال ولاتها الأميون وإبدالها بأبجدية لاتينية للتقرب من أوربا ولكنها حد هذه اللحظة لم تلحق بالركب اللاتيني بسبب أزمة عبد الله أوجلان وآذان جوامع اسطنبول.
صار أبي بفضل تقادم الأزمنة ذكرى لوالد طيب مارس طقوسه بصرامة تترية داخل البيت وقرا مالم يقراه غيره .
سافر إلى مدن لا تحصى ، ومارس الغوص في أعمق الشعاب المرجانية وقيل انه تزوج فتيات من جزر القمر والكناري وهونولولو والواق واق ..ولا ادري لماذا أبي يتزوج من نساء الجزر فقط ؟
فيما كنا نعتقد إن في زياراته الباريسية كان يعاشر نساءً بالجملة ولكنه حين يعود إلى أحضان بيتنا السومري نراه ينظر إلى أمي بنظرة اشتهاء كمن لم يذق امرأة منذ ألف عام وكنا نسمع همسهُ الموسيقي على مسامع أمي منتصف الليل كمن يعزف في قيثار غجري كان لوركا قتيل الحب الأسباني يكتب على أنغامه قصائده .
ذات يوم بعد عشرين عاما على رحيل أبي . اخبرني احد الآتين من زيارة لباريس انه شاهد لوحة لأبي على جدران متحف اللوفر مرسومة بعناية فائقة وهو مستلق على أريكة ويقرا في كتاب ومن فمه يتلى غليونا حجريا قاتم السواد ..
قلت : نعم هو غليون أبي . وتساءلت من رسم اللوحة .؟
قال آلاتي من باريس : ديلاركوا نفسه .
فرحت . وذهبت صوب صورة أبي المعلقة في الجدار وكان يرتدي عقالا وبوجه الكئيب المليء بندب الكد والبحث عن الخبز حتى ولو في آخر المجرات . فجأة انتبهت وتساءلت عن أي لوحة كان يتحدث زائر باريس .
فلقد قضى أبي رحمه الله كل حياته لا يعرف حتى التوقيع أو كتابة اسمه فقد كان يبصم ، وكان كلما يشاهد كتابا كبيرا قال : أعطوني إياه لأجعله وسادة فلقد تعبت من البحث عن رزقكم . أكبروا بسرعة واصنعوا كدكم بذراعكم ..



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوزُ الخريفيُ والأكورديُون المندائيُ وأقراطُ القمرْ
- التخيل لن يُعيد مانفقدهُ
- أحمرُ شفاهْ .. أنوثةٌ وشهوةٌ وتروتسكي
- خدك أمم متحدة ..وجفنكِ مشكلة !
- والكهرباء مفقودة ... عريانة وتتمنى أوربا
- المندائيونَ .. قلقٌ وأزلٌ رافدينيٌ عَريقْ
- سقراط وغبار أجفانكِ
- وزارة التربية..وحلم مدرسة في قضاء الجبايش
- موسم الهجرة إلى الموت
- حفلة تخرج تركية..حفلة تخرج عراقية
- دهشة ولها قدمين
- أغنية شعبية لأنوثة القطة البيضاء .
- إيروتيكيا لليلة في المطار...
- موسيقى مندائية. الماء كيتار،والسمكة كونترباص..وأنتِ لحظة الإ ...
- ثوب، به عطر. وعطر، به قبلة، وقبلة ، بها سعادة مفلس
- جفن الوردة أجمل مظلة مطر ، ودمعة أمي مآذنه
- الجنوب والشعراء ونساء خلق الله أجسادهن من الكعك
- حوار مع التشكيلية والكاتبة العراقية أمل بورتر
- في عينيك المندائيتين ..عطر برتقالة وقميص نوم سلمى الحايك
- عشتار ..فقط . أو لنسمي القصيدة قلب سهام


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - أبي في متحف اللوفر