أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حنان محمد السعيد - حراس على باب جهنم














المزيد.....


حراس على باب جهنم


حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)


الحوار المتمدن-العدد: 6609 - 2020 / 7 / 3 - 21:09
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كان جدي يقطن في الطابق الأخير في مبناه السكني، ويزرع على سطح المنزل العديد من النباتات العطرية والمزهرة، فكان مما يسعد زواره قضاء بعض الوقت في حديقته الصغيرة واحتساء الشاي معه وتبادل أطراف الحديث.

في أحد الأيام كنت في زيارة لمنزل جدي وصعدت إلى سطح المنزل، وبعد دقائق جائت سيدة – أو هكذا اعتقدت – وأشارت لي بأنها ترغب في جمع الغسيل فسمحت لها، وبعدها صعدت خالتي وسألتني عما إذا كان أحدهم قد جاء قبلها فقلت لها ما حدث، فابتسمت إبتسامة صغيرة وقالت لي إنه فتى في الخامسة عشرة من العمر وليس امرأة!

ولأني أعمل في التحاليل الطبية وتحاليل الأمراض الوراثية قلت لها أن على أهل هذه الفتى إجراء بعض الفحوصات الطبية له فربما كان يعاني من خلل ما.

إلى هنا ونسيت القصة، وحتى قال لي في أحد الأيام قريب من أقاربنا أن مشكلة كبيرة حدثت بسبب هذا الفتى، فبعد وفاة والديه وزواج إخوته، إستغله بعض الشباب جنسيا ما أثار حفيظة السكان في المبنى وفي المنطقة فطالبوا بطرده وقد تم لهم ذلك بالفعل.

توقفت كثيرا عند هذه المشكلة، فالفتى كان ضحية على طول الخط، ضحية لمشكلة صحية فسيولوجية أو جينية، وضحية لظروف قاسية افقدته السند والعائل، وضحية لبعض الشباب ممن فقدوا الشرف والأخلاق قاموا باستغلاله جنسيا، وأخيرا كان ضحية لمجتمع يتنمر على الضعيف ولا يقف في وجه المجرم، مجتمع يلوم الضحية ولا يرفع إصبعه في وجه الجناة، مجتمع لا يتجاوز دينه الحناجر ولا يستقر لديه في القلب.

حكاية سارة

تذكرت هذه الواقعة بعد انتحار الناشطة الحقوقية سارة حجازي، فحياتها كانت نموذجا مؤلما لما يمكن أن يفعله المجتمع بإنسان يتمتع بالإحساس والضمير، فأولا تنمروا عليها بسبب مواصفاتها الجسدية من الصغر، وعندما صدقتهم واتجهت ميولها نحو نفس الجنس الذي تنتمي إليه كفروها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ولكنها أصبحت هدفا في مرمى النظام بسبب إهتمامتها الحقوقية، ما عرضها للتعذيب والتحرش، وحتى عندما تركت لهم البلد وذهبت إلى أقاصي الأرض لاحقتها الكراهية، وكأن المجتمع لم يكتفي بكل ذلك فلاحقوها بعد انتحارها للتأكد من أنها ستستقر في الجحيم وأنها مطرودة من رحمة الله غير أهل لعفوه!
فهذا المجتمع يمكنه أن يخرج الإنسان عن جنسه ودينه ويجعله يتخلى عن جنسيته وحياته ذاتها، ثم يعمل جاهدا على التأكد من أن المنتحر لن يدخل الجنة وإنما سيخلد في النار.

هذا المجتمع لا يفكر لحظة في الأسباب التي تجعل إنسانا ما يتخلى عن جنسه أو جنسيته أو حياته وما إذا كانت هذه الأسباب أقوى من أن يتحملها إنسان أو أنهم قد يكونوا في وقت من الأوقات ضحية لنفس الظروف وأسراء لنفس العوامل وبالطبع لا يفكر هؤلاء في سبل عملية لحل المشكلات أو مساندة الضعيف والبائس ومن ضاقت به الدنيا، ولكنهم يكتفون بإدانة الضحايا الذين يتساقطون حولهم وبيدهم في كل يوم وكل لحظة بل أنهم يهاجمون من يدافع عن الضحية وقد يجد المدافع عن الأخرين نفسه في مرمى سهام هذا المجتمع، فإذا كنت تدافع عن حقوق فئة ما فلابد أنك منهم أو ترغب في أن تفعل مثلهم، هكذا يفكرون!

أرض النفاق

إن المجتمع الذي إنشغل بتشييع جثمان سارة حجازي باللعنات، وانتفض ضد فتيات التك توك، هو نفسه المجتمع الذي لم يهتز له جفن عندما ألقى رجل بزوجته من الطابق الخامس لإصابتها بفيروس كورونا أو بسبب الرجل الذي أحضر صديقه لاغنصاب زوجته حتى يطلقها بدون إعطائها حقوقها ولم ينتفض للشخص الذي اغتصب عشرات الفتيات والفتيان أيضا اعتمادا على مساندة أسرته التي تحتل مراكز مرموقة في المجتمع.

نفس هذا المجتمع قد يثير حفيظته عريس وعروس يمسك أحدهما بيد الأخر في وسائل المواصلات بينما لا يحرك ساكنا إذا ما كان الزوج يضرب زوجته أو إذا كان هناك متحرشا يقوم بمضايقة بعض الفتيات!
مجتمع يركع لمن لديه المال والنفوذ ويتقبل كل جريمة يقترفها أصحاب السلطة دون أن ينبس ببنت شفه بل أنه يسعى في خدمتهم وتنفيذ رغباتهم مهما كانت هذه الرغبات شاذة ومريضة وخارجة عن الشرائع والقوانين.



#حنان_محمد_السعيد (هاشتاغ)       Hanan_Hikal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعوب ومهيضة الجناح
- فيروس كورونا ونظرية المؤامرة
- عزل ترامب
- المواطن الصوفيا
- في دعم الحراكين اللبناني والعراقي
- شعب بدون كتالوج
- ثورة لا تحكم .. تكسر
- تعديلات لم يخلق مثلها في البلاد
- لا تثريب عليكم
- عصر ما بعد التعديلات الدستورية
- بين براثن العسكر
- الاخواني والمجنون
- ندوات تثقيفية
- مخربون
- اتركوا خلفكم كل أمل في النجاة
- ثمن المبادئ
- ليس دفاعا عن القتلة
- نحو المزيد من الفشل
- تنمر أنظمة
- الاحتفاء بالتنمية حرقا وشنقا وتحت عجلات المترو


المزيد.....




- بين القابلة والطبيبة النسائية.. قيود اجتماعية تعيق وصول النس ...
- مقتل سيدة على يد شريكها.. إسبانيا تسجل أول ضحية للعنف ضد الن ...
- من تعدد الزوجات الى التطاول الجنسي على الأطفال
- “رابط متاح” التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 بال ...
- بالصور| وقفة احتجاجية في ساحة الفردوس ضد تعديل قانون الاحوال ...
- رابط مُفعل للتسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 بالج ...
- ضجة فيديو ممرضة ترقص فوق رأس مريض.. شاهد ماذا كان مصيرها
- استمتع بأجمل اغاني الاطفال على قناة كراميش بترددها الجديد 20 ...
- قافلة الاطفال الجرحى والمرضى وعائلاتهم تتجه الى معبر رفح للع ...
- فادي الخطيب يرد بـ”تصريحات كاذبة”.. ضبط رسائل تهديد في هاتفه ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حنان محمد السعيد - حراس على باب جهنم