محمد جبار فهد
الحوار المتمدن-العدد: 6598 - 2020 / 6 / 21 - 21:56
المحور:
الادب والفن
قصة واقعية..
...............
حدّثتني أُمّي عن صديقتها التي جاءها أحد الأشخاص يطرقُ بابها..
فصاحت صديقة أمي بتردد؛ من هناك؟؟.. قال: أنا فلان رسامٌ تشكيلي..
ردّت بنبرة تعلوها الشفقة.. وماذا تريد يا ابني؟.. قال لها؛ ان تشتري احدى لوحاتي، لكي أستطيع أن أملأ معدتي ومعدة أهلي..
قالت؛ ألست موظفا؟.. أنت رسام ولوحاتك جميلة.. فسكت واستنشق الدمعة، ثمّ زفر ويلات الظلم والجور واللامساواة.. وقال بصوت مملوء قروح؛
يا أماه إن في بلدي الرسمُ حرام.. الفنُّ يا أماه في مسقطي غير شرعي لا فضائل فيه..
فالرسّامون والنحّاتون والموسيقيون والشعراء والكتّاب والأحرار أمواتٌ في بلدي.. وكلّهم في جهنم تكتنفهم ﴿نَارًا تَلَظَّىٰ﴾..
الحرية في بلدي حرامٌ يا أماه..
فقالت؛ ماذا افعل يا ابني؟.. هذا قضاء الله وقدره..
فحنا رأسه ونظر إلى حذائيه المُمزقين.. وراح يقصد البيوت الأخرى مشيا على الآمال وهو يقول في سرّهِ؛ .....
إنه ليس القضاء والقدر.. إنه انعدام الضمير..
انه ليس إله المحبة.. انه خليفته الحقير..
إنه ليس الدين.. انه القلب الأسود الضرير..
انه حامل الرسالة الذي طالما كتب عن بول البعير..
ما زلنا إرهابيون.. لأننا ما زلنا مؤمنون..
مؤمنون بالتعسف والبغض والقتل وإبرُ التخدير..
مؤمنون بالخرافات والتناقضات..
مؤمنون لأننا في الواقع أموات..
مؤمنون لاننا ننظر من زاوية واحدة..
ملحدون لاننا لا نريد حروب الإبادة..
ملحدون لاننا نحبُّ الحياة والحرية والإرادة..
بعض المؤمنين محقّين.. بعض الملاحدة مؤمنين..
غريب هذا الكوكب.. يتألم من دون صوتٍ وأنين..
يمسح دموعه بالسكين..
ويقتل نفسه جرّاء أهل اسوداد الجبين..
ماذا يريد الإنسان؟..
ماذا يريد أكثر من موسيقى وبعض الأمان؟..
ماذا يريد هذا الكائن المُتعدّد الألوان؟..
ماذا يريد أكثرُ من حُبٍّ بريءٍ وألحان؟..
#محمد_جبار_فهد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟