|
صون التراث الفلسطيني وإعادة تقديمه
مهند عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 1590 - 2006 / 6 / 23 - 08:06
المحور:
الادب والفن
شعب هُجّر من وطنه وتآمرت عليه أمم الأرض كاملة، وسُرق منه أغلى شيء حتى الابتسامة. وحاولت إسرائيل سرقت الدبكة الفلسطينية (الرقصة الشعبية)، وأخذت تعرضها للعالم في عدة مناسبات على أنها تراث إسرائيلي. إنَّ لصوص الأوطان يحاولون سرقة زي المرأة الفلسطينية، ولا عجب من قُطّاع الطرق أن يأخذوا الثياب والأموال والوطن، بعدما يقتلوا ويُهّجروا أصحاب الحق، وهذه المرة الشعب الجبّار والصابر على فقدان وطنه، وعلى مرارة العيش بعيداً عنه، لم ينتظر موقف الحكومات العربية وتنديداتها وشجبها. صاحبة الأحلام المؤجلة إلى حقبة ما بعد الحياة الدنيا. فأنشأ الفلسطينيون في بلدان عدة مراكز لتعليم التراث الفلسطيني سواءً الرقص الشعبي أو الفن الشعبي حتى كافة المهن اليدوية، ومن بين هذه المهن فن التطريز وصناعة الثوب الفلسطيني القديم، وراحت هذه المراكز تُري العالم كله الفن الفلسطيني الراقي وتعرفهم على حقوق شعبها المسلوبة. فما هي القوى الفلسطينية التي تقيم هذه المراكز؟!!.. وكيف يقيمون المعارض وما العقبات التي تعترضها؟!! وإلى من تعود أموال هذه المراكز؟!! وما دور المرأة الفلسطينية في الدفاع عن تراثها. وأسئلة عديدة طُرحت في مركز حلوة زيدان الواقع في مخيم اليرموك، وأجابنا القائمون على هذا المركز. دور جيش التحرير الفلسطيني في حفظ التراث الفلسطيني قالت فاطمة سالم مديرة مركز حلوة زيدان: إنَّ جيش التحرير الفلسطيني له دور أساسي في المحافظة على التراث الفلسطيني وإبرازه بشكل لائق يتناسب ومعركتنا ضد الكيان الصهيوني المحتل لأرضنا، والذي يحاول سرقة تاريخ شعب بأكمله كي يشوه التاريخ ويطمس حقنا وهويتنا التاريخية. فمركز الشهيدة حلوة زيدان برئاسة هيئة الأركان لجيش التحرير الفلسطيني يقيم معارض داخلية وخارجية بشكل سنوي، وهدفنا التعريف بالفلكلور الفلسطيني لدول العالم وللوطن العربي أيضاً. أما أ. خالد السقا المسؤول عن فرع مركز حلوة زيدان في سوق المهن اليدوية في التكية السليمانية بدمشق يقول: تنصّب اهتماماتنا كلها على المحافظة على الفلكلور الأصيل والذي يعني استمرارنا في الحياة، ومواجهة إسرائيل وتجاوزاتها المستمرة من خلال سرقة رقصتنا الشعبية والإدعاء بأنها تراثه، ومروراً بسرقة الأزياء الشعبية المتنوعة للمدن الفلسطينية، ومعارضنا الداخلية أكثر من الخارجية، وسنوياً لدينا معرض في فندق المريديان نعرّف من خلاله عن التراث والفلكلور الفلسطيني، ونُري العالم أجمع الفن والإبداع الفلسطيني، وندعو جميع السفارات الأوروبية والعربية للمعرض. القوى الفلسطينية المقيمة للمراكز يقول الأستاذ خالد السقا: كل الفلسطينيون يساهمون في المراكز ليس في مركز حلوة زيدان، وليس جيش التحرير وحده من يأخذ هذه المهمة، فهناك نادي فتيات فلسطين ليس للجيش دور فيه، فالمحافظة على التراث هي هُمٌ شعبي ولا يوجد بيت فلسطيني يخلو من صورة بيت المقدس وخارطة فلسطين أو الثوب الفلسطيني القديم، فهم المساهمين الأساسيين في استمرار عمل مركزنا وباقي المراكز. أما أ.فاطمة سالم تعتبر الشعب الفلسطيني بأطيافه المختلفة تقيم مثل هذا المراكز. فكل فلسطيني يدافع عن تراثه وأرضه بطريقة تختلف عن الآخر، وكلٌ بحسب مركزه وأين يوجد؟.. فالمواطن الفلسطيني في الأراضي المحتلة يقيم مراكز ويقيم معارض داخلية وخارجية، فنحن الفلسطينيون رضعنا حب الوطن من أمهاتنا، ونُعبّر عن انتمائنا للوطن بطرق كثيرة. عقبات تواجه مراكز التراث الفلسطيني توضح أ. فاطمة سالم أن قلة المعارض في دول العالم يهدد التراث الفلسطيني من محاولات السلب والانتحال التي تقوم بها إسرائيل، وأيضاً قلة الأيدي العاملة حيث مركز حلوة زيدان فيه حوالي 25 فتاة موظفة فقط وريع أعمال المركز تعود إلى أسر الشهداء بالدرجة الأولى، والقليل يرجع إلى المركز. أما أ. خالد السقا فيقول: في أعمال المهن اليدوية وخصوصاً الثياب المطرزة تأخذ وقت كبير من شهرين إلى سنة في عملها فأعمال المركز قليلة ولذلك نحتاج سنة كاملة من العمل لنجمعها ونعرضها في معرض واحد أحياناً، ونحن بحاجة إلى فتيات متدربات على فن التطريز، وهذا ما يقوم به المركز حالياً من خلال تعليم هذه الفنون والمهن اليدوية. وهذا ما يدل على إمكانيات المركز المتواضعة، وكيف أنّ الفلسطيني كالوردة الحمراء في الصحراء، مهمته صعبة وهو بحاجة إلى مساعدة أخوته العرب الذين يبعدون عنه يوماً بعد يوم، نتيجة جهلهم وتخلفهم وخذلانهم المتكرر. دور المرأة الفلسطينية في الدفاع عن التراث تُعبّر أ. فاطمة المرأة الفلسطينية هي أول من يدافع عن فلسطين، فلقد قدمت الابن الشهيد والأخ الشهيد والزوج الشهيد فداء للوطن، والآن تعمل وتتأهل مهنياً لتساهم بالقدر المستطاع في الحفاظ على التراث وما تحيكه الأنامل الفلسطينية يدل على النفس المتألمة الحزينة، وعلى الحزن القديم والجرح النازف على الوطن المسروق، وأغلب ما تصنعه هذه الأيدي البارعة فيه رموز فلسطينية من بيت المقدس إلى قبة الصخرة وانتهاءً بخريطة فلسطين. وكثير من الأحيان تقام في المراكز الثقافية ندوات حول هذه المسألة. وأ. خالد السقا يوضح كيف تقوم المرأة الفلسطينية بتعليم الأطفال وتربيتهم على حب الوطن، وهذا أهم شيء، وهي المسؤولة عن أمور المنزل فالصور الفلسطينية والرموز الفلسطينية سواءً الأماكن أم الشخصيات القيادية هي من تجلبهم، كيف أنّ الفلسطينية تعرف الأخرى من خلال تطريزة ثوبها، فهي تذكر باستمرار الشباب والأُسر بوطنهم على الرغم من أنهم لن ينسوه أبداً، فهي البطلة والشهيدة وهي كالأرض معطاءة دائماً. ويجب على الفتاة فلسطينية أن تتعلم إحدى المهن اليدوية القديمة وإعادتها إلى الناس للتداول والوقوف في وجه الاحتلال وسرقاته المتكررة لخيرات وثمرات وإبداعات هذا الشعب العريق بماضية وحاضره ومستقبله. وحالياً على الرغم من ظهور الموضى الدارجة والثياب الحديثة إلا أنّ مركز حلوة تزيدان يضع عليها التطريزات الفلسطينية والزخارف عند الطلب. وهذا ليس بغريب على الأم الأرض وارتباطها بعشتار آلهة الخصب والجمال الفلسطينية، ولا تقل وطنية وخبرة في النضال عن المجاهد الفلسطيني أو الكاتب والشاعر، فهي تنسج ثوباً بارع الجمال في زمن الموضات والثياب الحديثة المسيئة للعادات والتقاليد ولكافة الأديان السماوية، وأشبهها لكاتب قصيدة في زمن الرياح والذّرة على أنه يخلق الأنبياء كما يقول شاعر الأرض المحتلة محمود درويش. دلالة الثوب التراثي الفلسطيني يقول أ. خالد السقا: كما التمسك بالتراث والوطن نحن متمسكون بتراثنا، وتطريزات ثيابنا نقول مُصرّين على الحياة والتفاؤل والأمل وعلى عودة الوطن إلينا. أما أ. فاطمة سالم فتوضح لما للثوب الفلسطيني دلالات ورموز لمدن فلسطينية محتلة، وتشير إلى أي بلد من فلسطين ينتمي هذا الشخص أو آخر، والثوب يدل على هذا الوطن المحتل. نعم كما تقول الآنسة فاطمة الثوب كالوطن، كالبيت الذي يأوي إليه الشخص، وما الشعب الفلسطيني المُهجّر من أرضه إلا شعب مشرد، ومسلوب من أبسط حقوقه.. والأستاذ قصي جركس يقول: الثياب القديمة الفلسطينية هي آخر ما تبقى لنا من وطننا الحبيب، فهو الدلالة والتذكير بالوطن. أما الأستاذ كرم شحادة فيرى أنّ بعض الشباب ينظرون إلى التراث بأنّه شيء مخجل، وبالتالي نشأت حالة عدم ثقة بالإرث الذي نمتلكه، ونزوع اتجاه تقليد كل ما يأتينا من الخارج. والأزياء الشعبية الفلسطينية لها في نفسه حالة خاصة بالوضع الفلسطيني، فهي تمثل حالة تمسك بالوطن، ولها رمزية معينة من خلال تمثيل الأمة الفلسطينية التي لم يعايش تجربتها إلا من خلال الصور التلفزيونية من داخل الأراضي الفلسطينية، وتعطيه الشعوب بالتحدي والثورة والغيرة من أجل الوطن المحتل. وقال مستشهد بقول الشاعر محمود درويش: كان جرحي عندهم معرضاً لسائح يعشق جمع الصور... بعض ما يميز ثياب المدن الفلسطينية ترى أ. فاطمة سالم أنَّ القطبة الفلسطينية معروفة بقطبة الضرب وإنّ الثوب الذي تشتهر به مدينة يافا هو ثوب يغلب عليه اللون الأحمر مع الأصفر والأخضر والأسود، كل ذلك من خلال رسومات وعروق ورد جميلة على القبة وبكثافة ملحوظة عند أسفل الثوب. أما ثوب مدينة القدس فيغلب عليه الأحمر الناري ويضاف إليه القليل من اللون الأصفر، وفيه غرزة تسمى غرزة المناجل، وفيه زخرفات بشكل معينات. والثوب النابلسي المميز بقبته التي على شكل 7، والتطريز بشكل عروق من الورد، وينفذ هذا الثوب بقطبة التحريري والبريم، وهي أقدم قطبة تطريز استعملت في فلسطين. أما بئر السبع وثوبه المميز بالألوان ذات الجاذبية، وكيف يأخذ التطريز أشكال الورد والريش والوحدات الهندسية وسعف النخيل. وأجمل ثوب هو الثوب الصفدي الذي غالباً ما يكون أسود مطرز بقطبة الصليب الفلاحية وثوب رام الله المتميز بالتطريز الأحمر على أرضية بيضاء أو سوداء، وله زنار ولباس الرأس المسمى بالصفة التي يصف عليها النقود. ويتميز الثوب في مدينة الخليل بالزخرفة على شكل مربعات أو أقمار ونجوم أو أزهار أو الصور. والثوب الغزاوي يطرز بقطبة فلاحية ويزخرف عليه شجر النخيل والمربعات والورد والرسوم الهندسية وعدد من أشكال 7 الموجودة في تطريز الصدر. فالمطلوب منا جميعاً أن نكون يداً واحداً لنواجه عدو الإنسانية جمعاء المحتل الصهيوني، ونساهم في صون التراث الفلسطيني، راجين من الحكومات العربية الحكمة والحنكة السياسية وكفانا فقدان الأوطان.
#مهند_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل الوطن غايتنا ؟
-
هل تضيع الحرية مجدداً ؟
-
المعارضة السورية ... ووهم السلطة.
-
الزعامة ركيزة أساسية في ثالوث الاصلاح - زعيم-مواطن-وطن
المزيد.....
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
-
صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
-
إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م
...
-
مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
-
كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|