|
تأملات في العدم
معتصم الصالح
الحوار المتمدن-العدد: 6597 - 2020 / 6 / 19 - 22:07
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
#تأملات_في_العدم
كل ما نراه، نسمعه، نشعر به - مجرد وهم الواقع، الذي أنشأه دماغنا بناء على إشارات وردت من حواسنا. في الواقع - لا توجد ألوان واطياف محددة : هناك اهتزازات فقط بأطوال مختلفة. في الواقع لا توجد أصوات - هنالك فقط تقلبات لمويجات في المدى، لا يوجد شي اسمه وقت، لا توجد مشاعر بذاتها ولا احساس يعتد به، كلها لا معنى لها. الحروف والكلمات والاشارات والايحاءات امور مبهمة تم الاتفاق على معنى معين لها، وتبقى مختلف عليها،
يعيش كل واحد منا في عالمه الخاص، وهو نفسه يخلق ويملأ معناه ... الجميع يبحث عن واقع، لكن دعونا ننظر إليه دون زيارة او تزويق او نقصان.
لنبقْ في الافتقار.. العدم ..
الافتقار هو العدم نفسه ،فلسفة مرادفة للوجود وليست نقيضة عنه. وهو ايضا لا يعني نفي الشيء نفسه..
العدم، انعدام الالوان، لنرى الاشياء من دون الوان ..! في الصمت وافقارنا للصمت، لنرهف السمع للصمت و ما سوف نسمع بانعدام الصمت نفسه!! في اللحظة او الآن، و في عدم وجود لحظة،
المعنى لهذه الاشياء يعتمد الأرقام الصغيرة والاشكال المحددة- نحن، الأشخاص الذين يخلقون، تلوين، ملء معناهم وحقائقهم في هذا الوجود، ونحن من يؤمنون بشكل رائع في واقع الأحداث الحقيقية، فاذا لم يكن وضع الجنة تحسنا لوضع الجحيم، و نحن مثلنا دور الجنة بالجائزة او المكافأة.
الجحيم ليس هو السقوط في تلك اللحظة، وما مثلناه -نحن- بالخطيئة، او العقاب.
عندما يتم تدمير الجحيم بداخلنا، بمعنى تفكيك التمثيل لشكله ومعناه في الذهن، ستختفي الحاجة لمعناه نفس اللحظة، و حيث أن الجنة هي مجرد حلم او أمل لمعاناة "عقل الجحيم". ففي كون هذه هي رغبتنا . في تفكيك "فكرة المعنى" و وعدم الحاجة لذلك المعنى، اذن سينتهي عندنا الجحيم، بالمقابل، هناك أيضا ستختفي الرغبة في الوصول إلى الجنة.
الانفصال عن القطبية، والشيء ونقيضه - والضد وضده النوعي- هذا هو النمط المألوف لدى الإنسان في تصوير كل ما هو جيد والسيء.من خلال خبرات متعلمة او ملقنة او اقتضت لها الحاجة ، و هذه الصور نحن - من قمنا بإنشاؤها ووضعنا انفسنا في تلك الصورة والصورة المشابهة لها -
هذه الآلية قد لا تشبه اللوفيات او الصور المثالية او تصاوير الآلهة والملائكة او الخوارق ، ولكنها تشبه القاء نظرة " سكوب او زووم " او بقعة الضوء من على مشهد في مسرحية على لحظة حركة ما او سكون ..مثلا ..الساقين او اليدين او تعابير الشفاه- بسبب نظرة "الزوم" هذه، كل الآراء والخيالات والتصورات ستذهب في اتجاه واحد وتركز فيه، و مع حركة العدسة إلى لحظة اخرى و أخرى وهكذا ..هكذا ننتقل بفهمنا للواقع ..
للآلهة على مختلف العصور والازمنة دور ما في تحديد ماهية هذه الصور ..هل هذه الصورة سيئة لان الآلهة او الآله اخبرنا بذلك..ام لانها سيئة اساسا والآلهة والآله قدر ذلك ..
اعتادت الناس في انه لا يوجد وقت لفقدان الآلهة، او حتى استبادلها، لم نسمع بوفاة آله في مجتمع، وفاة الآله مرحلة حاسمة في العدم او فرصة ذهبية لاعادة تشكيل وجود جديد.. الآله او الرب الذي نعنيه هنا هو ليس المفهوم الشامل والمطلق للكون، بل هو نظام حكم، او فلسفة ما، او تعاليم معينة في تحديد صور الواقع، لا اكثر ولا اقل ..
الناس كثير منها قامت ب مراعاة عوالمها من خلال معانيها الخاصة، لكن لدينا الكثير من الذين يدارون -كل شيء او يعملون له حسابا عندما يجلسون ، ويقومون وعندما ينامون و يستيقظون.. والاهم في الانتقال من مستوى اعلى او الى مستوى آخر،والبقية لا تكترث ولا تعمل حسابا ولا تشعر بالأسف،لاي شيء..
هولاء فسيكونون في طاحونة لحوم البشر من وتلوكهم الالسن و تعاديهم النفوس البشرية قبل الدخول في مستوى آخر، او حتى قبل ان يقرروا ماهو المستوى الاخر لهذا المستوى من الفهم، ان لم يجدي واقعهم الان نفعا...
قبل كل هذا، قبل ليس عليك ان تختار، ان تكون في اي من الفريقين ..، اختر اولا وجهتك انت حيث تنظر.. ابحث عن نفسك انت لا عن من يقود حركة الانارة تجاه الاشياء ويلونها وفق معانيه هو..
او ان يقع تحت رحمة طاحونة لحوم البشر ان اختلف او اختط طريقا مخالفا عنهم...
كن انت! وكيف ما ترى الاشياء !واعادة تشكيلها! بعد ان تمر بمرحلة العدم ..الشيء وعدمه ..وجوده او عدم عدم الحاجة اليه .. هناك شيء واحد لا وجود للعدم معه هو ان ترى كل شيء، من حولك علىى إنه "حب " وفي الوقت نفسه، تراه يتدفق الى حياتك انت! وكيف يلونها! او يكسبها معانيها. !
ليس هناك ما هو أسوأ من سجن بنيته في رأسك انت! و الاسوء انه لا وجوده له أبدا سوى في مخاوفك.. ان تسجن نفسك وراء الحدود المستحيلة وهي بالحقيقة لا وجود لها .. انها وهم ...
#معتصم_الصالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وهم القطيع
-
يوم التدوين العالمي
-
وادي السيلكون
-
المسموط
-
الهَبّة
-
العنف الاسري
-
اياد راضي
-
ام شاؤول
-
كورونا وتكنولوجيا الحظ السعيد
-
الظل
-
الأرنب ينبش حفرته عميقاً
-
الكلوروكوين الرصاص السحري لفايروس كورونة القصة الكاملة ..
-
الجسر
-
بائعة المناديل
-
كيلو عدس
-
تساؤلات
-
التجربة السنغافورية للشاي
-
النوروز ..اصل التسمية
-
رسالة الى رئيس الوزراء الافتراضي
-
كًوم انثر الهيل
المزيد.....
-
إسرائيل توسع عملياتها في الضفة الغربية والسلطة الفلسطينية تت
...
-
-هجوم- أوروبي مضاد في وجه أطماع ترامب التوسعية
-
السجن 14 عامًا لجندي بريطاني سابق مُدان بالتجسس لصالح إيران
...
-
كيف وقع حادث اصطدام الطائرة والمروحية في واشنطن؟ - بي بي سي
...
-
حرب -لا رابح- فيها... أوروبا تتوحد سياسة ترامب الجمركية
-
الاستخبارات الروسية: -الناتو- يستعد لحملة تشويه بزيلينسكي
-
-حماس- تعلق على إمكانية عودة إسرائيل إلى الحرب في قطاع غزة
-
رسميا.. جورجيا تسحب وفدها من الجمعية البرلمانية الأوروبية
-
ملتقى سلطنة عمان للسياحة يدعو لتفعيل التأشيرة السياحية الخلي
...
-
مبادرة المشري وتكالة.. هل تضع حدا لانقسام مجلس الدولة في ليب
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|