|
أرهابيون لكن ظرفاء
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 1589 - 2006 / 6 / 22 - 09:19
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
هناك ارهابيون خفيفي الظل كما يقال بالعربية الفصحى ، وهناك ارهابيون مهضومين كما يقول الاهلون في لبنان ، وخفيفي الدم كما يقول المصريين ، واريحية كما يقولون في العراق ، وهناك ارهابيون ، لكن بدم بارد وثقيل ، ومتعجرفين ، ومغرورين ، طبعا الصنف الاخير ينطبق على مستعمرينا الجدد ، الارهابيين الامريكان ، فتجدهم ، يكذبون مع ان الارهابي يجب ان يكون صادقا ! وتجدهم شواذ ومدمنين ويخافون من خيالهم ، والمفروض بالارهابي ان يكون عكس ذلك ، انهم حتى في الارهاب شاذين ، فأرهابهم يتقصد اكبر قدر من الابرياء وعن بعد ، ارهاب ليس فيه فروسية النبلاء ! تجدهم بعيون وقحة تذرف دموعا من الارهاب ، هي لا تبكي ضحاياها ، انما لديها حساسية تجاه سخونة الجو ، وتحديدا المغبر منه ، لديهم حساسية تجاه كل من لا يمضي بهم ارهابهم ، رهبة القتل قد تجاوزوها منذ ان استوطنوا ارض الهنود الحمر بعد ان ابادوهم بارهابهم الاسود ، وعندما يرهبهم الاخرون ، بما استطاعوا من قوة ورباط الخيل ، فتحمر عيونهم وتدمع تحرقا للقتل ، لكنهم يدعون البكاء على ضحاياهم ! بشر القاتل بالقتل ، وسيسلط الله بعضهم على بعض وهم لا يعلمون !.
بشرهم بان من يرهب الناس يُرهب ، ومن يدق ابواب الناس سيُدق بابه ، وليس بين الناس ودولهم معصوم ام مكفول ام محصن ام مميز بحقوق مكتسبة او مسروقة الامر سيان ! وليس في الارهاب او الانتقام او الترويع او قل ماشأت ، مجلس أمن ، وفيتو ، واعضاء ثابتون واخرون متحولون ، ليس في الارهاب مصالح حيوية ، ودول عظمى ودول صغرى ، الارهاب سلاح ذوحدين يستخدمه الظالم والمظلوم ، الضحية والجلاد ، الكبير والصغير ، الصادق والكاذب ، الفاعل والمفعول به ، المرأة والرجل ، السيد والعبد ، الارهاب نعمة ونقمة ، الارهاب، غريزة من غرائز الطبيعة والانسان ، حتى كلام الله نفسه فيه ما يرهب قلوب الكافرين ، اذن كلمة الارهاب بحد ذاتها لا تعني شيئا سيئا ، مثلها مثل كلمة القوة ، الخوف ، الجنة النار ، وهكذا ، اما من يستخدمها بتحديد يتضمن معاني يريدها هو وعن قصد قد يخالف المعنى الحقيقي لاستخدامها ، فمن الافضل مواجهته باطلاق المعنى المحايد للارهاب حتى لا تصبح مجرد ترديد اللفظة بعينها ارهابا لمن يتهم بها ، اولمن يشتغل عليها ، من الافضل تعويمها واعتبارها خير وشر في ان واحد ، حتى يضطر من يتاجر بها ويصادر معانيها ، الى الاتفاق مع الاخرين على تعرفيها وتحديد معانيها البعيدة والقريبة ! انت حبيبي ، انت ارهاب قلبي ، رهيب والله رهيب ! اكلة الارهاب مثل اكلة الكباب ! الرهبان ارهب الناس للاحساس ، الطارد للوسواس الخناس ، فترهبوا وتطهروا بالارهاب ! الارهاب شيبة وشباب ، حب وعبادة وعمل ، هو الارهاب ! كلنا ارهابيون ياعزيزي ! لكل ارهاب طريقة ومشيخة وعقيدة ! الارهاب انواع منه الاصغر والاكبر ! الارهاب صنو العذاب قاتل و جذاب ، الارهاب حلو ومر اسود وابيض ! ليس هناك ارهاب نص نص، كما تقول نانسي عجرم في اغنيتها الارهابية : حبيبي ارب حبيبي جرب حبيبي اهرب نص نص ، حبييبي لا ترهبني حبيبي بس جربني ، نص نص ، انها فعلا قد ارهبت البصر والبصيرة ! ارهاب ايه الي انت جاي تقول عليه ، قبلا عارف انت معنى الارهاب ايه ، قبل ما تتكلم عليه ، ارهاب ايه ايه ، انت ما بينك وبين الارهاب دنيا ، دنيا ما تلاقيها ، ولا حتى بخيالك ؟ ارهاب ايه ؟ من غير ليه ! السابقون في الارهاب :
الطبيعة بقواها العمياء هي الارهاب الاول ، والارهاب الازلي الذي يعاني منه الانسان ومنذ وجوده ، والارهاب الثاني هو ارهاب الانسان للانسان ، الذي اتخذ اشكالا مختلفة ، مثل الارهاب التنافسي عند هابيل وقابيل ، وارهاب اخوة يوسف ليوسف بدافع الغيرة ! وارهاب النبي موسى لقومه في صحراء سيناء عندما ابقاهم 40 عاما بانتظار جيل جديد منهم يتخلص من بقايا اخلاق العبيد التي حملوها معهم من بلاد مصر الفرعونية ! وارهاب يزيد للحسين وصحبه في واقعة كربلاء ! وارهاب الكنيسة الكاثوليكية في عصور اوروبا الوسطى ، بصكوكها الغفرانية ! وارهاب محاكم التفتيش ، وارهاب وجنكيز خان هولاكو ، وتيمورلنك ! التاريخ بمعظمه ارهاب بارهاب ، كل طبقة تسود ترهب الطبقة المسودة ، وكل حاكم جديد يرهب انصار الحاكم المخلوع ! والمالك يرهب المملوك ! لم يتغير كثيرا هذا الواقع مع كل مظاهر المدنية والحضارة في العصر الحديث ، وفي زمن العولمة الفاعلة اصبح الارهاب اشد عمقا واكثر خطرا ، لكنه اقل وضوحا ! الامبريالية العالمية ترهب الطبقات والناس والدول الصغيرة بجبروتها الاكثر قدرة على التدمير من اي مرحلة مرت على البشرية بالاطلاق !
مغالطات ارهابية :
الارهاب الفكري يعد واحدا من اتعس وابغض واخس وابشع انواع الارهاب ، بعد الارهاب الجسدي طبعا ، وتمارسه قوى الهيمنة الاحتكارية الارهابية على العالم ، وبكل الوسائل الشريفة وغير الشريفة ! لقد اسقطوا ما فيهم على الاخرين ، واخذوا يغسلون الادمغة ليحشوها مفاهيم تبايع سطوتهم وتكرسها ، قال فطاحلتهم : الشيوعية لما تدعو اليه من خروج على السائد هي عقيدة الارهاب الاول في عصر عولمة راس المال وان كارل ماركس وفريدريك انجلز هم شيوخ هذه الطريقة الارهابية ، وان كتاب راس المال هو كتابها المقدس وبيانها الشيوعي هو تلمودها ! ثم استدرك الفطاحلة قولتهم بقولة مضافة بعد ان غاب قط الشيوعية : ان الاسلام هو محرك للارهاب ، والقرأن فيه ما يعزز ذلك ! لم يقولوا مثلا ان بروتوكولات حكام صهيون هي عقيدة خطرة للارهاب الخفي حول العالم ، لم يقولوا ان الانظمة الظلامية والديكتاتورية حول العالم هي الاب الروحي للارهاب ، كيف يقولوا هذا ومثل هذه الانظمة حليف لها ولكل جرائمها ؟ لم يقولوا ان الاستبداد والتفرد في حكم العالم هو محرك لكل هواجس الارهاب في العالم ! لم يقولوا ان الفقر والتخلف والجهل والمرض ، هي البيئة المحرضة على الارهاب ، كيف يقولوا هذا ، وهم من يقف وراء افقار العالم ليغتنوا هم ؟ اما حربهم بعد الاسلام والمسلمين فستكون على من يطالبوهم بالحجة العلمية والميدانية بالتوقف عن تخريب البيئة وصحة الانسان بالتوقف عن نهم الربح بذبح السلام والتوازن البيئي ، انها حرب قادمة ولا شك ! بعد ان يتمكنوا من اجهاض الشحنات الطاردة لهيمنتهم في عالم الاسلام ، يعدون العدة للانتقام من اصحاب النزعة الخضراء ، من اصدقاء البيئة وسلام الطبيعة ، لاعتبار مفاهيمهم ، وحركتهم قاعدة الارهاب الاول في العالم التي تعيق التقدم البشري ومدنيته !! كانت محاكم التفتيش الامريكية الشهيرة بلجان مكارثي عينة نوعية اثناء نزاعات الحرب الباردة لملاحقة وارهاب من يشكون في افكاره ، وكان رونالد ريغان واحدا من انذال هوليود الذين تملقوا اللجنة وعملها ومارس معها ارهاب ذوي الافكار الحرة من المشتغلين في مجالات الابداع الادبي والفني ، وعندما اصبح رئيسا لامريكا كان بنفس الحماس مندفعا للوصول الى غاية تدمير الراي لاخر وباي وسيلة كانت ، حتى لو كانت حرب نجوم قوة تدميرها تمتد الى السماء السابعة !! عليهم اللعنة ارهابيون من الطراز الاول ، وثقيلي الدم ، ويكذبون ايضا ، اية وضاعة ، اما من يتهمونهم بالارهاب فهم عكسهم تماما بالافعال قبل الاقوال وهم خفيفي الظل ايضا ! .
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كذب الامريكان وان صدقوا ! يريدون الزرقاوي قميص عثمان لجرائمه
...
-
هجوم امريكي مضاد لتثبيت افرازات الاحتلال ! خمس ساعات من التو
...
-
عصيان مدني على الموت
-
ماذا بعد الزرقاوي ؟
-
عراقيات مع سبق الاصرار
-
مجانين امريكا وبريطانيا يقاتلون في العراق
-
هولوكست اطفال العراق
-
بصرتنا لم تعذب محب ، لكن النفط عذبها
-
في حاج عمران حصان طروادة امريكي يترصد ايران
-
اربيل وبغداد شهدت (مولد) حكومي صاخب ، صاحبه غائب
-
دولة الفشل المذهل !
-
من هم الارهابيون ؟ من المطالب بتزكية نفسه ، المقاومة ام الاح
...
-
هنري كسينجر يطالب بالانتقام من العراق
-
المقاومة الرقم الاصعب في المعادلة العراقية
-
في داخل العراق ازمة شعر وشعراء
-
حزورة المليشيات في العراق
-
البنتاغون يتأبط حربا جديدة
-
الطبقة العاملة العراقية العدو الاول للاحتلال
-
لقطات
-
القيادات الكردية العراقية مدمنة على التصيد في المياه العكرة
المزيد.....
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|